شيجينغشان-- من خبث الحديد إلى المنتزهات والابتكارات (صور)

مصور يلتقط صورا لورش شركة شوقانغ للحديد والصلب التي نقلت خارج بكين في الحادي عشر من ديسمبر سنة 2010

ارتبط اسم حي شيجينغشان بالحديد ومنتجاته بسبب وجود شركة شوقانغ للحديد والصلب به ردحا طويلا من الزمن. كان ستون في المائة من إجمالي الناتج المحلي للحي يأتي من شركة شوقانغ. من أجل حماية وتحسين بيئة العاصمة، قررت الحكومة الصينية نقل هذه الشركة المسببة للتلوث إلى منطقة تساوفيديان بمقاطعة خبي، خارج الكتلة السكنية. بمجرد أن بدأ العمل في نقل مصانع وورش الشركة، شرع هذا الحي الواقع في غربي بكين، يغسل يديه من خبث حديد المصانع ويتأهب لإنشاء "منطقة المنتزهات الرئيسية" في العاصمة الصينية.

بدأت فكرة تغيير صورة شيجينغشان قبل سبع سنوات. خلال تلك الفترة أنشئت بنايات تجارية في الحي على مساحة عشرين مليون متر مربع، تتجمع فيها العديد من مؤسسات وشركات تطوير الألعاب الإلكترونية على الإنترنت، الرسوم المتحركة، وسائط الاتصال الرقمية، أمن المعلومات، التصميم الصناعي، خدمة المعلومات الذكية، أعمال المال والتكنولوجيا وغيرها من المؤسسات التي تعمل في مجال الإبداع الثقافي وخدمات التكنولوجيا العالية، والتي ستساهم في جذب استثمارات تقدر بأكثر من مائتي مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي 63ر6 يوانات) ودعم خطط تحويل الحي وتطويره إلى منطقة ثقافية ترفيهية راقية.

حاليا، يوجد في "منطقة المنتزهات الرئيسية" بحي شيجينغشان، أكثر من 2700 شركة متخصصة في الإبداعات الثقافية والترفيهية الرقمية، يعمل بها حوالي خمسة وعشرين ألف فرد، وتشمل نشاطاتها الألعاب الإلكترونية على الإنترنت، الرسوم المتحركة، ألعاب الهاتف النقال، خدمات الجيل الثالث للاتصالات النقالة، الموسيقى الرقمية، النشر الرقمي، المسلسلات التلفزيونية، وغيرها. ومن أبرز هذه الشركات وأشهرها شركة سوهو تشانغيو وشركة لانقانغ للألعاب الإلكترونية على الإنترنت؛ شركة هوالو وشركة شنبي للرسوم المتحركة؛ شركة باوفنغ وانغجي وشركة تشيانشيانغ هودونغ (Oak Pacific) لوسائط الاتصال الرقمية، ويبلغ إجمالي إنتاج هذه الشركات أكثر من ثلاثة عشر مليار يوان.

وقد بذلت الهيئات المعنية جهودا مضنية لإتمام نقل كافة ورش ومصانع شركة شوقانغ قبل حلول سنة 2010، من أجل استخدام مقر الشركة الذي تبلغ مساحته 56ر8 كيلومترات مربعة في تنمية وتطوير صناعات إبداعية، من المتوقع أن تدر عائدا سنويا يربو على مائة مليار يوان سنويا!

في سنة 2009، بدأ العمل في بناء "المدينة الصينية للكاريكاتير والرسوم المتحركة والألعاب"، وهي أكبر مشروع يقام في "منطقة المنتزهات الرئيسية" حتى الآن. تستخدم المدينة مائتي ألف متر مربع من البنايات الصناعية القديمة لشركة شوقانغ، وستضاف إليها بنايات ملحقة على مساحة مائتي ألف متر مربع أخرى، بحيث تتشكل في النهاية منطقة متعددة الوظائف تشمل حديقة للملاهي وفنادق وشقق فندقية، وتقدم خدمات المواصلات والتجارة، تطوير الإنتاج والتعليم والأبحاث، الخدمات التجارية العامة، البرامج الرقمية. حسب الخطة، ستصبح هذه المدينة، بعد اكتمال بنائها، حديقة وطنية نموذجية لصناعة الرسوم المتحركة ومركزا تجاريا وقاعدة تجريبية لإبداع رسوم الكاريكاتير ومقصد ترفيه وتنزه رائعا. في نوفمبر سنة 2010، افتتح أول محل نموذجي في "المدينة الصينية للكاريكاتير والرسوم المتحركة والألعاب" في موقع المصانع القديمة لشركة شوقانغ. وبعد أن كان يتردد على هذا المكان عمال الحديد والصلب، صار يتردد عليه المصممون المعاصرون في مجال الترفيه الرقمي الحديث.

الصناعات الرقمية هي عماد "منطقة المنتزهات الرئيسية" التي تسعى إلى تطوير "قاعدة وسائط الاتصال الجديدة" و"ساحة بكين لخدمات الإصدارات الرقمية"، بهدف جذب المؤسسات الصينية والأجنبية العاملة في مجال وسائط الاتصال التقليدية والحديثة. والحقيقة أن أكثر من سبعمائة شركة من الألفي شركة العاملة في "منطقة المنتزهات الرئيسية" شركات متخصصة في الألعاب الإلكترونية على الإنترنت ووسائط الاتصال الرقمية، من بينها أقوى عشر شركات صينية في هذا المجال، ومنها شركة سوهو للألعاب الإلكترونية، التي نقلت مقرها الرئيسي إلى "منطقة المنتزهات الرئيسية" في يونيو سنة 2008، وسُجلَت في بورصة ناسداك في إبريل سنة 2009، وارتفع مؤشر أسهمها بنسبة 25% بعد فترة قليلة من تسجيلها في البورصة، لتصبح أول شركة تحقق أسهمها أرباحا في بداية تسجيلها في ناسداك منذ الثاني والعشرين من نوفمبر سنة 2008، رغم الأزمة المالية العالمية.

من الشركات الصينية المشهورة التي تمارس أعمالها في "منطقة المنتزهات الرئيسية" شركة يونغشين شيبوه (Novel Supertv)، شركة هنغدا ونهوا، شركة شينغباو قوجي (Starburst)، شركة تشنغتيان شيكونغ وغيرها من شركات الابتكار المشهورة؛ وشركة موقنشيده، شركة ينغجيانغ كجي (Enjoyor)، شركة تشونغقوانغ شوتسي وغيرها من شركات التكنولوجيا العالية الرائدة. وترغب العديد من الشركات المدرجة في قائمة مجلة فورتشن لأقوى خمسمائة مؤسسة في العالم فتح فروعٍ لها في "منطقة المنتزهات الرئيسية" بغربي بكين.

شهدت "منطقة المنتزهات الرئيسية" ولادة اللعبة الإلكترونية "تيان لونغ با بو"، والمسلسل التلفزيوني "الإمبراطور هانوودي"، والمسلسل الكارتوني المجسم الفائق الوضوح "سان قوه يان يي (قصص الممالك الثلاث)"، والنسخة الجديدة للمسلسل التلفزيوني "هونغ لو منغ (حلم القصور الحمراء)" وغيرها. في سنة 2010، فاز فيلم الكارتون الصيني "ميلو وانغ" (ملك أيل ميلو) بجائزة "البلورة الذهبية" لمهرجان أوروبا الدولي للأفلام الثلاثية الأبعاد، وفاز فيلم "مغامرات هاو هاو في دولة الكلمات" بجائزة "أفضل فيلم تعليمي غير ناطق بالإنجليزية" في الدورة الخامسة عشرة لمهرجان هوليود للأفلام الاجتماعية. ومن أبرز الشخصيات امتيازا في هذه المجال: تشن يي تشو، مؤسس الخدمات الشبكية الاجتماعية؛ فنغ شين، مجمع الفيديوهات القصيرة؛ وانغ فنغ، رائد صناعة الألعاب الإلكترونية؛ تشن قونغ لياو، مؤسس الماركات الصينية للصور المتحركة؛ لي تشين، الحائز على جائزة ((إيمي)) الأمريكية، وغيرهم.

وفي الوقت نفسه، بدأ العمل في حي شيجينغشان لبناء أول منطقة ابتكارات خاصة للصينيين الدارسين في الخارج بعد عودتهم، لتكون قاعدة لتطوير صناعة الترفيه والتسلية الرقمية. وتشمل قاعدة لصناعة وسائط الاتصال الجديدة على مساحة 260 ألف متر مربع وقاعدة لصناعة الأفلام والمسلسلات التلفزيونية على مساحة 130 ألف متر مربع وقاعدة لصناعة الخدمات التكنولوجية على مساحة 310 آلاف متر مربع.

في سنة 2010، أصدرت إدارة حي شيجينغشان العديد من السياسات التفضيلية لجذب المزيد من الشركات المبدعة، ومن هذه السياسات منح مكافآت ومعونات مالية لدعم تطوير شركات الألعاب الإلكترونية؛ تقديم تسهيلات للمتخصصين التقنيين المتميزين الذين تستقدمهم الشركات للعمل في بكين مثل إلحاق أولادهم بمدارس بكين ومنحهم التأمين الطبي. ويقدم حي شيجينغشان للشركات العاملة في"منطقة المنتزهات الرئيسية" "بطاقات خضراء" تتيح لها إنهاء إجراءات إقامة الشركات في وقت قياسي. كذلك يقدم الحي مكاتب مجانية أو معونات مالية لبعض شركات الألعاب الإلكترونية. في العام الماضي، بلغ عدد الشركات العاملة في المنطقة 1280، أكثر من 50% منها تعمل في مجال الألعاب الإلكترونية، وساهمت صناعة الثقافة الإبداعية بنسبة 11% في إجمالي الناتج المحلي للحي، ومن المتوقع أن تتجاوز هذه النسبة 12% في السنة الحالية. ويسعى الحي إلى الوصول بهذه النسبة إلى أكثر من 15% في السنوات الخمس المقبلة.