تحليل إخباري: سياسات الاغاثة من آثار الزلزال تهدف إلى مواساة الاباء المكروبين
تشنغدو 31 مايو (شينخوا) يوشك اليوم العالمي للطفل على الاقتراب - إذ يُحتفل به غدا (الاحد) - وعلى الفور أصدرت الحكومة الصينية سياسات خاصة بالآباء الذين قتل زلزال 12 مايو أولادهم .
وفقا لبيان صدر عن المركز الرئيسي لأعمال الاغاثة من الزلزال بمجلس الدولة أمس (الجمعة)، يجب أن تعطى الأسر التي قتل أطفالها أو تعرضوا لعجز ما جراء الزلزال " أهتماما مناسبا في ضوء السياسات الخاصة بمواليدها القادمين".
وقد تم اتخاذ هذه الخطوة لمواساة آلاف الآباء الذي فقدوا أبناءهم الوحيدين في الزلزال المدمر الذي هز مقاطعة سيتشوان ومقاطعتي قانسو وشنشي المجاورتين من بين مناطق أخرى.
جلست وانغ ون يينغ، البالغة من العمر 26 عاما، وهي فاقدة الاحساس بما حولها في إحدى الخيام بمدنية ميانتشو تهمهم باسم ابنها الفقيد تسينغ يوى.
وقالت" بالفعل، سوف يخفف ميلاد طفل آخر ألمنا تجاه الفاجعة"، وأضافت أنه ما زال من السابق للآوان أن تفكر في الأمر، وهي وزوجها يحتاجان إلى بعض الوقت لتهدئة روعهما.
كان تسنغ وجده يستقلان حافلة عندما ضرب زلزال مروع المنطقة الجبلية في جنوب غرب الصين، ولم يعثر عليهما منذ ذلك الحين.
قالت وانغ: "إن اليوم التالي لليوم العالمي للطفل سوف يكون عيد ميلاده الخامس... لقد كان رائعا وغاليا بالنسبة لنا، وهناك مكان فى قلبي سيستكن فيه للأبد".
وقد خلف الزلزال حتى الآن 68977 قتيلا و 17974 مفقودا.
وقدر وانغ تساي يان، رئيس لجنة سيتشوان للسكان وتنظيم الأسرة، أن نحو 7000 قتيل و 16 ألف جريح من الأطفال كانوا الأطفال الوحيدين لأسرهم، رغم أن العدد الدقيق لم يُحص بعد.
يذكر أن سيتشوان التي يبلغ عدد سكانها ما يزيد على 87 مليون نسمة، فرضت سيطرة صارمة على ميلاد الأطفال. وفي نظمها الخاصة بتنظيم الأسرة هناك 13 بندا يحق فيها للآباء الحصول على أكثر من طفل ولكن ليس من بينها مقتل الأطفال في الزلازل.
قال وانغ: "سوف نناقش مع مجلس المقاطعة لنواب الشعب بعد غد (الاثنين) مسألة تعديل النظم في أقرب وقت ممكن".
وأضاف تشانغ مين كاي، الأمين العام لرابطة سكان الصين، إن "تعديل سياسة تنظيم الأسرة في المناطق المتضررة من الزلزال أمر موائم إلى حد ما، إذ قد يهدئ من كرب بعض الآباء".
إن سياسة "طفل واحد" الصينية يجرى تطبيقها منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، وقد منعت ما يقدر بميلاد 400 مليون طفل، كما قيدت عدد مواليد معظم الأزواج الحضريين بطفل واحد والريفيين بطفلين.
واضاف تشانغ أن "هذه السياسة نشأت في عصر معين عندما كان كبح جماح النمو السكاني هدفا ساميا، بيد أنها يجب أن تتأقلم مع الوضع الحقيقي".
غير أن بعض رواد الانترنت أعربوا عن قلقهم .
فقال شخص لم يذكر اسمه من مقاطعة خبي الوسطى إنه " في كثير من مثل هذه الأسر لا تسمح سن الابوين الكبيرة بإنجاب طفل ... وفي الواقع، يجب أن يخير الآباء من أصحاب الأعمار المتوسطة بين أن يتبنوا طفلا أو أن يلجأوا الى اجراءات عالية التكنولوجيا لانجاب طفل آخر".
قال البيان انه يجب توفير استشارات وخدمات تكنولوجية وثيقة حول انجاب الاطفال بشكل مجاني.
فإذا كانت تلك الأسر ترغب في تبني أطفال ممن تيتموا جراء الزلزال، فيجب أن تعطى الهيئات المعنية أولوية لهذا، حسبما جاء في البيان.
واقترح أحد رواد الانترنت من مقاطعة قوانغدونغ الجنوبية أن يعطى الآباء كبار السن أول فرصة للتبنى.
ووفقا لبيان من المركز الرئيسي لاعمال الاغاثة من الزلزال بمجلس الدولة (مجلس الوزراء)، فيجب أن يتم تقييم جميع منشآت المدارس في المنطقة المتضررة من الزلزال. أما المباني التي يعد تصميمها وانشاؤها مخالفا لمعايير البناء، فيجب أن يتم التعامل معها حسب القانون.
وقالت سيدة شاحبة ذات شعر أشعث لم تدل بإسمها: " أظن أن الحكومة يجب أن تعطينا اجابة مرضية عن وفاة إبنتي".
وكانت ابنتها من بين 127 قتيلا في مدرسة فوشين الابتدائية رقم 2 بمدينة ميانتشو. وقد سوى المبنى بالأرض في غضون 10 ثوان، ومع ذلك ظل معظم المبانى المحيطة قائمة بما فيها تلك التي بنيت في الستينيات.
وقد لاحظ مراسل "شينخوا" أن أسياخ الحديد المدعمة داخل مبنى المدرسة المنهار "أقل سمكا من قش القمح".
في 25 مايو تظاهر ما يزيد على 100 من آباء الأطفال القتلى في انهيار مبنى المدرسة، في وسط المدينة رافعين شعارات مكتوب عليها: "نحتاج إلى رد لمن لم يستحقوا أن يكونوا ضحايا"، كما حملوا صورا لأطفالهم. وشكك الآباء في جودة انشاء المبنى وطالبوا السلطات بفتح تحقيق في الأمر.
لقد كانت التظاهرة هادئة، واعتزم المتظاهرون الوصول إلى وسط مدينة ديانغ الذي يبعد أقل من 50 كم.
وجثا جيانغ قوه هوا، أمين سر مدينة ميانتشو، أربع مرات على ركبتيه محاولا اقناع المتظاهرين بألا يواصلوا المسيرة .
وقال " أعد بالتوصل إلى حل في غضون شهر، وإذا كان السبب في الانهيار مشكلات في الانشاءات، سوف نتعامل بحزم مع الأمر وفق القانون. وسوف ننزل عقوبات ملائمة بالمسئولين عن هذا، وتعويض أسر الضحايا".
وقالت الام التى لم تذكر اسمها التى جفت عيناها إثر ذرفها الدمع:
"نريد أن نحصل على استجابة لما حدث في ديانغ".
وأكد تشن باو شنغ، وهو خبير بجامعة تونغجي - ومقرها شانغهاي - وعضو بفريق تحقيق تابع لوزارة الانشاءات، على التكهنات بخصوص المشكلات في جودة مبنى مدرسة جويوان الاعدادية بمدينة دوجيانغيان. وقد دفن 900 طفل في هذا الانهيار.
وقال إن أسياخ الدعامات الحديدية في خرسانة المبنى كانت نحيلة للغاية".
وقال دينغ يوان تشو خبير العلوم الاجتماعية بجامعة بكين"إنني أشعر بأسى تجاه ذلك. فالأطفال مستقبل بلدنا، ويجب أن تكون معايير جودة منشآت المدارس عالية".
وقال احد رواد الانترنت تحت اسم مستعار ليو لي سوى يويه " إذا استطعنا العودة بالزمن للوراء ووفرنا اهتماما أكبر بجودة مباني المدارس، لكان المزيد من الأطفال في عداد الناجين.. لكننا نرجو أن تؤدى هذه المأساة إلى جعل الناس يركزون على قضية الجودة".
وأشار وو تشونغ مين، وهو أستاذ جامعي بمدرسة الحزب التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، إلى أن اعادة بناء الأفكار أمر مهم أيضا في اطار اعادة بناء المناطق المتضررة من الزلزال.
وقال إن "مثل هذه السياسات تسهم في دعم ثقة الناس في المجتمع.. لاسيما وأنها تتعلق بالأطفال. إن الاحساس بالأطفال في أي بلد يعكس مبدأ الحكم فيه".
شبكة الصين / 1 يونيو 2008 /
|