الأدبية الصينية بينغ شين وجبران خليل جبران

في 6 سبتمبر 2001 رافقت وفد الكتاب اللبنانيين قاعة بينغ شين للأدب في تشانغله بمقاطعة فوجيان.

حيث رأيت صورة تذكارية لتقديم السفير اللبناني السابق وسام الارز اللبناني للأديبة الصينية بينغ شين، فشعرت بنوع خاص من الدفء في قلبي.. حضرت كأحد العاملين مراسم تقديم الوسام، فعرفت أن رئيس لبنان اصدر الأمر رقم 6146 لتقديم هذا الوسام، يقول الأمر: بسبب ترجمة الأديبة الصينية بينغ شين بعض أعمال جبران خليل جبران إلى اللغة الصينية، تقدم لها وسام الأرز على درجة الدولة ثناء على إسهامها في نشر الثقافة اللبنانية.

بعد ظهر 7 مارس 1997، كانت قاعة الاجتماع على الطابق الثالث فمستشفى بكين تفيض منها رائحة الزهور الذكية، حيث اجتمعت الشخصيات البارزة من مختلف الأوساط، وعلق السفير اللبناني فريد سماحة الوسام على صدر بينغ شين وقبل يدها وفقا للعادات العربية. كانت بينغ شين تجلس على مقعد ذي عجلتين مبتسمة. قال السفير اللبناني إن السيدة بينغ شين قد سمعت نداء فلسفة وشعر المفكر والأديب اللبناني الكبير جبران خليل جبران عندما كانت شابة صغيرة. اليوم تجتمع في هذا المستشفى لإقامة هذه المراسم لها. إنها حولت هنا إلى قاعة ثقافية ومنبرا أدبيا.. بعد ذلك قرأت السيدة وو تشينغ أبنة بينغ شين كلمة بينغ شين نيابة عن والدتها التي تقول إني أحب أعمال جبران خليل جبران، وأحب فلسفتها حول الحياة وسعيه وراء الحب خاصة. إنه قال إن "الحب لا يمتلك ولا يملك"، و"الرجل العظيم الحقيقي لا يظلم الآخرين ولا يظلم".. جبران خليل جبران ليس للبنان فقط، بل للصين وللشرق وللعالم كله.

ولد جبران خليل جبران 6 يناير 1883 في بشري بلبنان، ثم هجر إلى الولايات الأمريكية مع أهله وعمره 12 عاما، هو ذو المواهب المتعددة، كتب القصص والروايات والنثر والمسرحيات الشعرية بالعربية والإنجليزية، كما أنه حقق نجاحا في الرسم.

سافرت بينغ شين إلى بوستن في أغسطس 1923. لكن جبران خليل جبران قد سافر من بوستن إلى نيويورك للإبداع الأدبي، ونشر <<النبي>> عام 1923.

كتبت بينغ شين في مقدمة ترجمتها الصينية لت<< النبي>>: قرأت كتاب <<النبي>> عند أحد أصدقائي الأمريكيين في شتاء 1927، تركت تلك الفلسفة والكلمات السلسة المفعمة بالجو الشرقي انطباعا عميقا في قلبي.. في مارس 1930 لم أجد ما يمكنني أن أعمله بسبب مرضي، فتصفحت هذا الكتاب مرة أخرى واكتشفت قيمة ترجمته، فبدأت الترجمة، وانتهيت من الترجمة في هذا الصيف…

قرأت بينغ شين في العام الرابع بعد نشر كتاب <<النبي>>. كان جبران خليل جبران لا يزال في نيويورك عندما بدأت بينغ شين هذه الترجمة. عندما انتهت من الترجمة وبدأت كتابة المقدمة للترجمة عام 1931، قد توفي جبران خليل جبران بسبب المرض، فنقل أهله جثته إلى مسقط رأسه (22 أغسطس 1931).

لم يزر جبران خليل جبران الصين، ولم تزر بينغ شين لبنان، فلم يتقابلا ولم يتراسلا، لكن <<النبي>> ربط قلبيهما. قالت بينغ شين إن هذا الكتاب الفلسفة والكلمات السلسة المفعمة بالجو الشرقي، وقال الكاتب اللبناني حنا فخوري إن <<النبي>> ذو روح الصوفية الشرقية..وقدم كثيرا من التوجيهات الفلسفية السامية.. أسلوبه جميل وسلس مثل جدول رقراق يعطي نغمات موسيقية ساحرة.. من ذلك يمكننا أن نجد الدقة والعمق اللذان تتميز بهما معرفة بينغ شين وفخوري.

لكن الكتاب اللبنانيين لم يعرفوا بينغ شين ولا تقديم الحكومة اللبنانية الوسام لبينغ شين. كانوا معجبين بمعرفة الكتاب الصينيين عن جبران خليل جبران واحترامهم له وحبهم به في ندوة الكتاب الصينيين واللبنانيين. كان معظم الكتاب اللبنانيين يعرفون الأدب الروسي والفرنسي والبريطاني والأمريكي، بينما لم يعرفوا شيئا عن الأدب الصيني والأدب الصيني والحديث خاصة. هناك غربة بين الأوساط الأدبية في البلدين بسبب العوائق اللغوية وتباين العادات والتقاليد والمسافة الجغرافية. فأخبرتهم أن بينغ شين ترجمت << النبي>> في العام الثامن بعد نشر هذا الكتاب، كانت ولا تزال هذه الترجمة رائجة في أسواق الكتب الصينية. لقد نشرت كثير من النسخ المستقلة لقصص جبران خليل جبران في الصين، و أنواع من المختارات من أعماله. لكننا لا نعرف كثيرا عن الأدب اللبناني الحديث بما فيه أعمال الكتاب الذين يزورون الصين حاليا، لذلك سنقتفي اثر قدمي بينغ شين لنتبادل الزيارات دائما. فلقي كلامي ردا حارا منهم.

بعد زيارة قاعة بينغ شين للأدب، أخذنا صورة تذكارية أمام تمثال السيدة بينغ شين وكتبوا كلمات على سجل الزوار: يحييكم أصدقاؤها اللبنانيون، وه معجبون بإخلاصكم للأدب. نقدم احترامنا للأديبة الإنسانية الراحلة بينغ شين. إنها ليست أديبة عظيمة للصين فقط، بل للعالم كله.

(بقلم: مراسل صحيفة الشعب اليومية )

شبكة الصين / 28 يناير 2002 /



China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-68326688