arabic.china.org.cn | 21. 10. 2025 | ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
بقلم لي تسي شين*
21 أكتوبر 2025 / شبكة الصين / بعد عامين من استمرار الجولة الأخيرة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، احتضنت شرم الشيخ المصرية في 13 أكتوبر الجاري مؤتمر سلام حول غزة، أكد رسميا وقف إطلاق النار في القطاع في هذه المرحلة، برئاسة مشتركة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، وبحضور عدد كبير من قادة الدول العربية والغربية، إلى جانب 20 مسؤولا من الأمم المتحدة.
وتم خلال القمة توقيع وثيقة إنهاء الحرب في غزة، إلا أن اللافت أن طرفي الصراع الأساسيين - إسرائيل وحركة حماس- غابا عن هذه القمة لأسباب متعددة، الأمر الذي جعل ما تم توقيعه في هذه القمة "وثيقة أبرمها الوسطاء والدول الضامنة المعنية لدعم وقف إطلاق النار في غزة"، بدلا من "اتفاق شامل" بشأن وقف إطلاق النار.
وقبل وصوله إلى مصر، أجرى ترامب زيارة خاطفة إلى إسرائيل، وأكد في خطابه أمام الكنيست على الدور الحاسم الذي لعبته الولايات المتحدة في الوساطة لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة، حيث نال إشادة كبيرة من كبار المسؤولين الإسرائيلين.
محدودية مؤتمر شرم الشيخ للسلام حول غزة
أتت هذه القمة تتويجا للجهود الدبلوماسية والسياسية المبذولة لتثبيت وقف إطلاق النار من خلال منصة متعددة الأطراف وتهيئة الظروف لإعادة إعمار غزة لاحقا. غير أن أعمال القمة جاءت قصيرة ومحدودة النتائج مقارنة بالتوقعات. ووصفت وسائل إعلام دولية المؤتمر بأنه لم يكن سوى "ملتقى دبلوماسي متسرع" لم يتناول القضايا الجوهرية. أما غياب إسرائيل وحماس فقد أضفى عليه طابع الغرابة، إذ إن اتفاق وقف إطلاق النار من المفترض أن يوقعه الطرفان المعنيان مباشرة، لكنه تحوّل إلى "وثيقة دعم" وقّعها الوسطاء، مما يعكس أن التناقضات العميقة بين الجانبين لم تُحلّ بعد.
كما كشفت قائمة الحضور عن محدودية التأثير السياسي للمؤتمر. فقد حضر ترامب بصفته الراعي الرئيسي معتمدا على نفوذ الولايات المتحدة وساعيا لتأكيد إنجازاته الدبلوماسية الشخصية، فيما وقّعت كل من مصر وقطر وتركيا، بوصفها دول وساطة، على الوثيقة دعما لها، بينما عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن قلق أوروبا تجاه استقرار الشرق الأوسط. أما مشاركة السلطة الوطنية الفلسطينية فكانت رمزية أكثر منها فاعلة.
وقد جرت أعمال القمة بسرعة واختصار، واكتفت بالتأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار، دون التطرق إلى قضايا أساسية مثل استمرار الرقابة الأمنية الإسرائيلية على غزة، أو مطلب نزع سلاح حماس، أو إعادة التأكيد على مبدأ "حل الدولتين".
ورغم أن هذا المؤتمر المتعجّل يعكس سرعة ما يُعرف بـ"وساطة ترامب"، فإنه تجاهل القاعدة الجوهرية لتحقيق السلام الدائم، وهي بناء الثقة المتبادلة بين الأطراف.
ومع ذلك، فقد ساهمت القمة في ترسيخ الجدية الدولية حيال وقف إطلاق النار، وقدّمت غطاءً سياسيًا لـ"خطة النقاط العشرين" التي اقترحها ترامب. غير أن مستقبل غزة لا يزال غامضًا، إذ تواجه عملية إعادة الإعمار عجزًا تمويليًا هائلًا، ولم تظهر بعد أي مؤشرات على تخفيف إسرائيل للقيود المفروضة على دخول المواد الإغاثية، فضلا عن التسارع في إعادة تشكيل موازين القوى الإقليمية. وإذا استمرت إسرائيل في تمسكها بمبدأ "الأمن أولًا"، فسيظل خطر اندلاع جولة جديدة من الصراع قائمًا بدرجة كبيرة.
استعراض ترامب الشخصي
من زيارته الخاطفة إلى إسرائيل حتى حضوره قمة شرم الشيخ، شكّلت جولة ترامب في الشرق الأوسط تجسيدًا لأسلوبه الشخصي في السياسة الخارجية.
ففي تل أبيب، استُقبل ترامب بحفاوة بالغة، وألقى خطابًا في الكنيست استعرض فيه بالتفصيل "إنجازاته" في التعامل مع صراع غزة منذ توليه الرئاسة، مشيدًا بعدد من الشخصيات الإسرائيلية، ومستخدمًا عبارة "انتهت حرب غزة" لتأكيد تفوقه على أسلافه مثل جورج بوش الابن وباراك أوباما، في محاولة لترسيخ صورته كـ"رئيس السلام".
وفي شرم الشيخ، ترأس ترامب حفل التوقيع معلنا "بداية حقبة جديدة في الشرق الأوسط"، وهو امتداد للرؤية التي عرضها في خطابه بإسرائيل، والتي تتمحور حول تعريف الولايات المتحدة باعتبارها المحرك الوحيد للجهود الرامية إلى تحقيق السلام في المنطقة.
ورغم أن هذه الجولة أسهمت في بناء إرث دبلوماسي شخصي لترامب، فإنها كشفت أيضا محدودية النهج الأمريكي الأحادي في الوساطة. فإغفال المطالب الفلسطينية من شأنه أن يزرع بذور أزمات مستقبلية. وبرغم ما يبدو من ثقة ترامب بنفسه، إلا أن مقاربته تتجنب التعامل مع هشاشة وقف إطلاق النار، ولا تعالج التحديات البنيوية التي تواجه عملية السلام في الشرق الأوسط، ما يتطلب حوارًا أشمل وأكثر توازنًا لتعويض هذا القصور. وربما يعزز هذا النهج شعبية ترامب داخليا على المدى القصير.
وفي الوقت الراهن، تسير المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة بصورة مقبولة، لكن وقف النار لا يعني المصالحة بين الأطراف، ولا يقود بالضرورة إلى سلام دائم. فبينما انتهت قمة السلام في شرم الشيخ، لا يزال الطريق نحو سلام حقيقي ومستدام طويلاً وشاقًا.
*باحثة مساعدة في معهد الصين للدراسات الدولية
الآراء الواردة في المقالة لا تعكس بالضرورة موقف موقع شبكة الصين الإخباري
![]() |
![]() |
![]() |
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |