share
arabic.china.org.cn | 19. 05. 2025

لماذا لم تشمل جولة ترامب في الشرق الأوسط زيارة إسرائيل؟

arabic.china.org.cn / 16:49:53 2025-05-19

بقلم: تشو تشاو يي*

19 مايو 2025 / شبكة الصين / أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الفترة ما بين 13 و15 مايو الجاري زيارة رسمية إلى دول خليجية ثلاث، هي السعودية وقطر والإمارات، بوصفها أول زيارة خارجية له في ولايته الثانية. واختلافا عن زيارته إلى المنطقة خلال ولايته الأولى قبل 8 سنوات، لم تشمل هذه الجولة الحليف الأمريكي التقليدي إسرائيل. وأثار هذا التحول انتباها واسعا من قبل وسائل الإعلام الدولية.

ولم يتلق ترامب خلال جولته هذه حسن ضيافة فحسب، بل نال تعهدات الدول الخليجية الثلاث بضخ استثمارات تتجاوز تريليونات الدولارات وصفقات "خيالية" تُقدّر قيمتها بمليارات الدولارات. وفي حين بذل ترامب جهودا نشطة لتطوير العلاقات مع دول الخليج، يبدو أنه ضرب بإسرائيل عرض الحائط. فهل أصبحت قصة "أوثق حليف للولايات المتحدة في المنطقة" شيئا من الماضي؟

غياب إسرائيل من جدول زيارة ترامب

تتجسد زيارة دونالد ترامب الخارجية الأولى خلال فترة رئاسته الأولى في عام 2017 التي شملت السعودية وإسرائيل والفاتيكان، موقفه المتوازن بين العالمين الإسلامي والمسيحي والدولة اليهودية، كما تبرز نواياه الإستراتيجية في دفع "اتفاقيات أبراهام".

ولكن ترامب استبعد إسرائيل التي كان يدعمها بشكل كامل من جولته هذه إلى الشرق الأوسط. وأثار هذا التحول تكهنات عديدة، إذ إن معظم رؤساء الولايات المتحدة زاروا إسرائيل في بداية ولاياتهم، كما أبدى كل من بيل كلينتون وجورج بوش وباراك أوباما وجو بايدن، دعمهم الكامل والواضح لإسرائيل أثناء فترات رئاستهم. وغياب إسرائيل من جولة ترامب هذه لم يخرق عادات ترامب الشخصية فحسب، بل يُعد إشارة رمزية إلى تقليل أولوية إسرائيل في الإستراتيجة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.

فهل يشير هذا التحول إلى عزم ترامب إعادة تشكيل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية؟ أم إلى انتقال السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط من "دعم إسرائيل وحدها" إلى "التوازن بين عدة أطراف في الشرق الأوسط" في ظل الاستقطاب السياسي والضغوط المالية في الداخل الأمريكي وانتقال مركز ثقل إستراتيجياتها إلى الشرق؟ وقد أثارت هذه الاحتمالات قلقا إستراتيجيا كبيرا لدى إسرائيل.

استياء إسرائيل الصامت وحذرها

رغم العلاقات الوثيقة التي تربط بين ترامب واليمين الإسرائيلي المتطرف، وخاصة العلاقات الشخصية الجيدة بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فمن الواضح أن استبعاد إسرائيل من جولة ترامب هذه قد فاجأ الجانب الإسرائيلي. ولم تدل الحكومة الإسرائيلي بأي تصريح بشأن ذلك، ولكن كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي نيتنياهو العلنية التي ألقاها مؤخرا خلال جلسة برلمانية حول مواصلة ثبات التعاون الدائم بين إسرائيل والأحزاب الأمريكية تكشف إحراجا ضمنيا يعانيه الجانب الإسرائيلي.

وكان من الصعب على وسائل الإعلام الإسرائيلية الرئيسية إخفاء خيبة أملها الواضحة، وقد تساءل بعض مؤيدي اليمين في إسرائيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي "هل أصبحت إسرائيل منبوذة من قبل ترامب؟".

ويعكس ذلك قلقا سائدا لدي النخبة السياسية والرأي العام في إسرائيل بشأن بدء تحويل ترامب، الذي كان يقدم دعما غير مشروط لإسرائيل، اهتمامه إلى دول الخليج "الأكثر قدرة على التمويل". وفي ظل إعادة تشكيل القيم الاقتصادية والإستراتيجية تدريجيا، فهل مازالت إسرائيل تحتفظ بمكانتها التي توُصف بـ"لا بديل لها" كما في السابق؟

ترامب يطور الدبلوماسيتين "الاستثمارية والتكنولوجية" مع دول الخليج

تباينا واضحا مع ما بدا في إسرائيل، استقبلت الدول الخليجية الثلاث ترامب بكرم ضيافة واضح ومراسم مهيبة، وتنافست على عقد صفقات كبيرة مع الولايات المتحدة. وكانت المهمة الرئيسية لترامب خلال زيارته هذه تتمحور حول مبدأ "أمريكا أولا". وقد تمثل ذلك أولا، في مطالبة السعودية وقطر والإمارات بزيادة استثماراتها في الولايات المتحدة، وخاصة في مجالات البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا الفائقة. ثانيا، تشجيع الدول الخليجية الثلاث على شراء المنتجات الأمريكية، بما في ذلك طائرات بوينغ والسلاح، وتعزيز استثماراتها في شركات التكنولوجيا الأمريكية، مثل أوبن أيه آي وبالانتير.

واختلافا عن الصفقات التي عقدت مع دول الخليج بشأن السلاح والنفط في عام 2017، حاول ترامب خلال زيارته هذه إلى الشرق الأوسط، التوصل إلى نموذج تعاون تكاملي يجمع بين "التكنولوجيا ورأس المال والقدرات العسكرية"، مؤكدا بشكل خاص أن الولايات المتحدة تأمل في توثيق دول الخليج ارتباطها بالشركات الأمريكية في مجالات التكنولوجيا الرئيسية، مثل الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والطاقة النظيفة، لتشكيل "جبهة تكنولوجية مشتركة".

وفي اجتماع مغلق، حث ترامب السعودية والإمارات على تسريع توقيع صفقات شراء كبيرة مع الولايات المتحدة، مع التهديد بـ"فرض تعريفات عقابية على الدول التي ترفض شراء المنتج الأمريكي في المستقبل". وأفادت مصادر أن الإمارات تعهدت بتعزيز شراء مقاتلات أمريكية ومساعدة الشركات الأمريكية على بناء "ممر تكنولوجي" في أبوظبي.

وفي هذا السياق، تتزعزع مكانة إسرائيل، بوصفها أكبر مستقبل للأسلحة الأمريكية وأقوى حليف تكنولوجي للولايات المتحدة، وحلت محلها دول الخليج الأثري والأكثر ميلا إلى الإنفاق.

ومع تعميق التعاون بين الإمارات وشركات التكنولوجيا الأمريكية، أصبحت الشراكة الإستراتيجية الأمريكية أكثر تنوعا في مجال التكنولوجيا الفائقة. ومن الجلي أن هذا التحول سوف يضعِف مكانة إسرائيل الخاصة بوصفها "الحليف التكنولوجي الوحيد في المنطقة".

إسرائيل ما زالت حليفا ولكن ليس "الحليف الوحيد"

رغم أن زيارة ترامب هذه إلى الشرق الأوسط التي لم تشمل إسرائيل أثارت ضجة كبيرة في الرأي العام، فقد حافظت الولايات المتحدة على تحالف إستراتيجي قوي مع إسرائيل. ولم يتزعزع الإطار الأساسي الأمريكي لدعم إسرائيل من حيث تقاسم المعلومات الإستخبارية وتقديم المساعدات العسكرية والدعم من جانب الكونغرس. ولذلك، فمن السابق للأوانة التوصل إلى استنتاج ظهور شقاق في التحالف الأمريكي الإسرائيلي.

ومع ذلك، فإن الإشارات التي حملتها زيارة ترامب هذه تظل مثيرة للتأمل. فمن جهة، بدأت الولايات المتحدة إيلاء المزيد من الاهتمام للتعاون التكنولوجي والاستثماري مع دول أخرى، مثل السعودية وقطر والإمارات. ومن جهة أخرى، يبدو أن مكانة إسرائيلية "الفريدة والوحيدة" في معادلة الشرق الأوسط بدأت تتزعزع. وتسعى الولايات المتحدة إلى "تحقيق التوازن بين عدة ركائز"، ومن الأرجح أن يكون ذلك عاملا متغيرا حاسما في تطور العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في المستقبل.

وبالنسبة إلى إسرائيل، فإن الأكثر صعوبة في القبول ليس "عدم زيارة ترامب إسرائيل"، بل احتمال القبول الأمريكي بانعدام الحاجة إلى إسرائيل في الشرق الأوسط. ورغم أن هذه الاحتمالات لم تتحول إلى واقع ملموس، فقد ظهرت علامات جديرة بالحذر.

وفي المقابل، بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فإنها قد تجعل وضع الشرق الأوسط عرضةً لمزيد من التغيرات والتقلبات في حال ميلها إلى تبني نهج عملي وأكثر اقتصادية في التعامل مع الشرق الأوسط، وخاصة مع دول الخليج.

*باحث في قضايا الشرق الأوسط

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة موقف موقع شبكة الصين


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号