arabic.china.org.cn | 12. 02. 2025 | ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
بقلم: شو منغ*
11 فبراير 2025 /شبكة الصين/ اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهوأثناء مؤتمر صحفي مشترك في 4 فبراير الجاري خطة أثارت جدلا واسعا، وهو استحواذ الولايات المتحدة على غزة بعد انتهاء الحرب وإعادة توطين السكان المحليين في مكان آخر. وفور إعلانها، أثارت هذه الخطة ضجة في المجتمع الدولي ولقيت اهتماما كبيرا وانتقادات حادة.
وتُعتبر هذه الخطة لا مثيل لها في التاريخ، وتتجاوز أي حل سابق مطروح لتسوية القضية الفلسطينية. وفي حال نجاح الولايات المتحدة في الاستحواذ على قطاع غزة وإعادة توطين السكان المحليين في دول أخرى، فسوف تتغير طبيعة غزة من جذورها، بوصفها بقعة ظل الشعب الفلسطيني يقيم فيها على الدوام، وحلقة حاسمة من البنية الجيوسياسية في الشرق الأوسط، حتى لا يمكن أن تكون منطقة خاضعة للإدارة المشتركة من قبل المجتمع الدولي، ولا شك أن ذلك يتسبب في انتكاسة تاريخية خطيرة.
واستعراضا لمسيرة التاريخ، كانت الولايات المتحدة قد أدت دورا حاسما في عملية السلام بالشرق الأوسط، وخاصة أنها قدمت إسهامات كبيرة في توقيع اتفاقية أوسلو ودفع عملية السلام بالشرق الأوسط في عام 1993. ولكن، في حال إصرار ترامب على تنفيذ الخطة غير الواقعية، فلن تضفي قوة دافعة إيجابية على عملية السلام في الشرق الأوسط، بل قد تتسبب أيضا في تطور عكسي للعملية التاريخية وتفاقم حدة التوتر والمواجهة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
ونظرا لأن هذه الخطة تتحلى بصفات متطرفة وغير واقعية، فتظل احتمالية تنفيذها واهية وضئيلة. ومازالت غزة جزء لا يتجزأ عن الأراضي الفلسطينية، وإن حل الدولتين هو الهيكل المحوري لتسوية القضية الفلسطينية، ويمثل ذلك إجماع توصل إليه المجتمع الدولي على نطاق واسع.ويمثل إعلان الولايات المتحدة من جانب واحد عن رغبتها في الاستحواذ على غزة بعد الحرب انتهاكا لسيادة فلسطين بشكل خطير، وتحدي الخط الأدنى للنظام الدولي. وقد أظهرت السعودية ومصر والأردن وغيرها من دول الشرق الأوسط مواقفها الواضحة الرافضة لتلك الخطة الأمريكية، مؤكدة على دعمها لـ"حل الدولتين". وترى هذه الدول أن إيواء عدد كبير من النازحين الفلسطينيين لا يمس قضية السيادة الحساسة فحسب، بل قد يتسبب في جلب وضع عدم الاستقرار الناجم عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى بلدانها، مما يحمّلها أعباء ثقيلة اقتصاديا وعدم الاستقرار اجتماعيا وتهديدات أمنية. وحتى في الداخل الأمريكي، لقيت هذه الخطة معارضة شديدة.وفي الحقيقة، فإن هذه الخطة غير الواقعية تكمن فيها اعتبارات ترامب الاستراتيجية المتعددة الجوانب والمعقدة.
وبالنظر من زاوية السياسة الداخلية في الولايات المتحدة، يأمل ترامب في تسوية هذه الجولة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بسرعة بعد توليه السلطة، لاعتبار ذلك إنجازات سياسية مهمة له بعد تسنمه الرئاسة. وفي حال نجاحه في تهدئة الصراع بسرعة، فلن يسهم ذلك في كسبه رأسمالا سياسيا فحسب، بل يظهر أمام الجماهير العامة كفاءته الإدارية وتكتيكه الدبلوماسية، مما يرسي أسسا متينة لتخطيطاته السياسية اللاحقة.
وبالنظر من زاوية العلاقات الخارجية، قد ينوي ترامب زيادة أوراق مساومة له من خلال طرح مطالب متطرفة، لإجبار الأطراف المعنية على قبول حل قد لا يكون عادلا ولكنه الأسهل قبولا إلى حد ما، مما يكسبه مزيدا من الهيمنة والصوت في عملية السلام بالشرق الأوسط، لتلبية مطالب المصالح الجيوسياسية للولايات المتحدة.
وعلاوة على ذلك، تمثل البيئة السياسية المعقدة داخل الولايات المتحدة عاملا مهما لا يستهان به. ولقيت إدارة بايدن انتقادات واسعة النطاق بسبب دعم إسرائيل من ناحية، ومن ناحية أخرى، كانت غير قادرة على تلبية كافة مطالب إسرائيل. ولذلك، تعمد ترامب طرح حل جديد بشأن غزة، بهدف إبراز قدرته من خلال التنصل من سياسة إدارة بايدن تجاه الشرق الأوسط.
ومهما كانت النوايا الحقيقية لترامب، فقد بعثت إجراءات الرئيس الأمريكي الجديد وتصريحاته بإشارة سلبية ومدمرة بالنسبة إلى الاستقرار والسلم الطويلي الأمد في الشرق الأوسط، وخاصة إلى الشعب الفلسطيني. ولا تشوش هذه الخطوة على عملية السلام في الشرق الأوسط فحسب، بل تُفاقم معضلات الشعب الفلسطيني في السيادة والحقوق والمصالح وغيرها من الأصعدة. وفي الوقت الراهن، تجري مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بشكل متعثر، ومن الحتمي تعرض تصريحات ترامب لمعارضة شديدة من حركة حماس وغيرها من المنظمات. وقد تؤدي مشاعر هذه المنظمات المعادية إلى دخول المفاوضات طريقا مسدودا، واعتراض سير اتفاق وقف إطلاق النار، حتى إشعال جولة جديدة من الصراعات.
واستعراضا لأسلوب إدارة ترامب وطريق تعامله مع القضية الفلسطينية في الماضي، فليس من الصعب التنبوء بأن طريق حل القضية الفلسطينية سوف يكون حافلا بالعثرات والصعوبات. وفي ظل السياسات الأمريكية المتحيزة إلى إسرائيل، فمن الصعب للغاية التوصل إلى حل عادل يمكن للجانب الفلسطيني قبوله.
وتكمن المهمة الأكثر إلحاحا لحل مأزق غزة في تسوية قضية السيادة للشعب الفلسطيني من جذورها، وجعل غزة ملكا حقيقيا للشعب الفلسطيني. ولذلك، يُعتبر مبدأ "حكم فلسطين من قبل الفلسطينيين" وحده مفتاح إدارة غزة بعد الحرب، وإن الشعب الفلسطيني له وحده الحق لتقرير مصيره. وأيه خطة تتجاهل الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة لن تنجح ولن تفضي إلى سلام حقيقي. ولا تتمثل إعادة غزة إلى فلسطين وتمكينها من تحقيق تنمية مستقلة على أراضيها إلا في طريق حيوي لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط.
________________________
* تعمل الكاتبة باحثة مساعدة في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية
- الآراء الواردة في المقالة لا تعكس بالضرورة موقف موقع شبكة الصين الإخباري.
![]() |
![]() |
![]() |
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |