share
arabic.china.org.cn | 24. 01. 2025

اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يمثل هدنة وليس نهاية للحرب

arabic.china.org.cn / 10:57:16 2025-01-24

بقلم شو منغ*

23 يناير 2025 / شبكة الصين / توصلت إسرائيل وحماس في 15 يناير الجاري إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة ويشمل وقف إطلاق النار على مراحل وتبادل الأسرى وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة وتكثيف المساعدات الإنسانية وغيرها من البنود الحاسمة. وبعد 18 شهرا من اندلاع هذه الجولة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023، ألحق الصراع ضررا كارثيا بالجانبين. ولم يكسر اتساع رقعة الصراع المتواصل موازين المعادلة السياسية في المنطقة فحسب، بل فاقم تعقيد الوضع في الشرق الأوسط.

وبعد مفاوضات شاقة وطويلة، توصل الجانبان إلى اتفاق وقف إطلاق النار في نهاية المطاف، وخفف ذلك حدة التوترات والمواجهات بين إسرائيل وحماس. وفي المفاوضات المبكرة، نشبت خلافات كبيرة بينهما، حيث أصرت إسرائيل على استئصال حركة حماس بشكل كامل والسيطرة على قطاع غزة على المدى الطويل، بينما طالبت حركة حماس بوقف دائم للقتال وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة بشكل كامل. وبسبب انعدام الثقة المتبادلة، كانت عمليات التفاوض محفوفة بصعوبات وتحديات جمة.

وأظهرت الحكومة الإسرائيلية رغبة في إعادة النظرفي التسوية السلمية بسبب الضغوط السياسية داخليا وخارجيا، في حين أبدت حركة حماس- إلى حد ما- توجها لتقديم تنازلات. وفي الوقت نفسه، دعا الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الأطراف المعنية بالصراع للتوصل إلى اتفاق حول وقف إطلاق النار قبل 20 يناير الجاري. وأسهمت عوامل عديدة في تشجيع الجانبين على التوصل إلى هذا الاتفاق السلمي.

ورغم أن هذا الاتفاق ضغط زر "الإيقاف المؤقت" لهذه الجولة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فمازال مدى إمكانه جلب السلام الدائم للمنطقة غير مؤكد.

وهناك تشابه بين هذا الاتفاق والعديد من اتفاقات السلام التي وُقعت بين فلسطين وإسرائيلفي الماضي، ولكنه يتضمن قيودا كثيرة. وصيغت بنود من هذا الاتفاق بعبارات غامضة ومبهمة، قد تتسبب في نشوب خلافات بين الجانبين. وتعوز الاتفاق أيضا آليات متابعة فعالة لضمان سير تنفيذ بنودهفي المرحلة المقبلة، وليس هناك خطوات تنفيذبة مفصلة أو تدابير مراقبة قوية لخطتي انسحاب القوات وإعادة الإعمار. وإذا نشبت خلافات بين الجانبين حول القضايا الرئيسية، مثل موعد انسحاب القوات والمسؤولية عن إعادة الإعمار، فمن السهل أن يصل تنفيذ الاتفاق إلى طرق مسدود ويتعذر استمرار الالتزام بالهدنة.

وبعد الجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي التي دامت لأكثر من عام، ازداد شعور الشعب الفلسطيني بالمقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي. ولم تعُد المقاومة المسلحة تنادي بها المنظمات الإسلامية مثل حماس وحدها، بل أصبحت مطلبا ملحا نابعا من قلوب أبناء الشعب الفلسطيني. وتقلصت مساحة العيش للشعب الفلسطيني بشكل متواصل بسبب الاحتلال الإسرائيلي الطويل الأمد وتوسعه، ولم يغير اتفاق وقف إطلاق النار هذه الوضعية. ومازال شعور الشعب الفلسطيني بالاستياء والغضب يتنامى بعد وقف إطلاق النار، ليصبح حافزا محتملا لإشعال الصراع المقبل.

وقد انخفض إحساس الجماهير الإسرائيلية بالأمن والأمان تجاه أنفسهم وبلادهم بشكل كبير بعد هذه الجولة من الصراع. وانطلاقا من القلق السائدمن هجمات فلسطينية محتملة، تدعم الجماهير الإسرائيلية حكومتها في اتخاذ سياسات أكثر صرامة والتصدي للعنف بشن هجمات استباقية. ومع ذلك فإن استراتيجية مواجهة العنف بالعنف لم تفشل في النفاذ إلى جذور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وبالتالي إيجاد حلول له فحسب، بل بالعكس قد تتسبب في توسيع دوامة الصراع. وعلاوة على ذلك، قد تلقى هذه السياسات القوية استنكارا واسع النطاق من المجتمع الدولي، وتتسبب في عزلة إسرائيل بالمنطقة وزيادة التهديدات الأمنية التي تواجه البلاد خارجيا، مما يوقعها في حلقة مفرغة من المعضلات الأمنية.

وبالنسبة إلى المنطقة، فمازالت الأوضاع فيها بالغة التعقيد. وبعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فمن المرجح مواصلة الولايات المتحدة انتهاج سياساتها الموجهة لمصالحها الخاصة في المنطقة، وتعزيز دعمها وانحيازها لإسرائيل، الأمر الذي قد يتسبب في تهميش القضية الفلسطينية بشكل متزايد، وإضعاف صوت فلسطين في المجتمع الدولي. وفي ظل ذلك، يُرجح انخراط الشعب الفلسطيني في المقاومة مجددا أو اتخاذه إجراءات أقوى للدفاع عن حقوقه ومصالحه.

وانطلاقا من ذلك، يمكن القول إن طبيعة اتفاق وقف إطلاق النار هذا تمثل تعليقا مؤقتا للتناقضات بين الجانبين. ولم يضع الاتفاق في اعتباره المطالب الأساسية للشعب الفلسطيني بالسيادة والاستقلال ومساحة العيش المعقولة وغيرها، كما لم يطرح حلا جذريا للمشاكل العميقة الأبعاد والمتشابكة والمتداخلة وراء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وإن الأسباب الجذرية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي واسعة ومعقدة، حيث تتشابك وتتداخل التناقضات بين الجانبين من حيث الأراضي والمجموعات العرقية والأديان. ومن المستبعد تحقيق السلام الدائم في المنطقة بسهولة.

ويتعين على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إجراء حوار بصدق على قدم المساواة، وتبادل تقديم تنازلات معقولة. وفي الوقت نفسه، يجب على المجتمع الدولي الالتزام بموقف عادل وموضوعي، وإجراء أعمال التوسط، وبناء جسور التواصل بين الجانبين. وفي حال الاعتماد على اتفاق وقف إطلاق النار وحده وصرف النظر عن التناقضات العميقة الأبعاد، سوف يندلع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مجددا حتما. ويقتصر دور هذا الاتفاق على تحقيق هدنة، بل هناك طريق طويل أمام الهدف الحقيقي المتمثل في وقف الحرب.

_______________________

* تعمل الكاتبة باحثة مساعدة في معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة شانغهاي للدراسات الدولية.

- الآراء الواردة في المقالة لا تعكس بالضرورة موقف موقع شبكة الصين الإخباري.


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号