share
arabic.china.org.cn | 12. 12. 2024

التغيير في سوريا لم يكن إلا بداية جولة جديدة من الاضطرابات

arabic.china.org.cn / 14:14:47 2024-12-12

بقلم: الأستاذ هان جيان وي*

11 ديسمبر 2024 / شبكة الصين / انهار نظام الأسد بسرعة تفوق كل التوقعات بعد الهجمات المكثفة التي شنتها فصائل المعارضة المسلحة، وتنحى بشار الأسد عن منصب الرئاسة وغادر مع أفراد عائلته إلى روسيا. ولكن، بالنسبة إلى سوريا، لم يكن ذلك إلا بداية جولة جديدة من الاضطرابات.

وبعد دخول العاصمة دمشق، أعلنت فصائل المعارضة المسلحة أنها شرعت في ترتيبات نقل السلطة، وقررت تكليف المهندس محمد البشير بتشكيل حكومة انتقالية. ولكن الخلاف الخطير والانقسام بين فصائل المعارضة العديدة منح فرصة للقوى الخارجية للتوغل في البلاد، ففي يوم إعلان سقوط نظام الأسد نفسه، واصلت القوات الإسرائيلية شن غارات جوية على أهداف عسكرية داخل حدود سوريا، لتدمير القواعد الجوية والمطارات العسكرية ومخازن الأسلحة والذخائر وغيرها من المنشآت المتروكة من قبل حكومة الأسد، كما توغلت في المنطقة العازلة بمرتفعات الجولان لأول مرة منذ عام 1974. ومن ناحية قالت إسرائيل إنها لن تتدخل في الشؤون الداخلية السورية، ومن ناحية أخرى، بدأت تخطط لتعزيز سيطرتها على مرتفعات الجولان، محاولة فتح جبهة رابعة في سوريا، الأمر الذي عكس حفاظ إسرائيل على يقظة تامة تجاه فصائل المعارضة المسلحة.

وهناك قول شائع "إن عدو العدو لا يكون بالضرورة صديقا". ورغم أن نظام الأسد عدو لدود لكلا من المعارضة السورية وإسرائيل، ولكن بالنسبة إلى إسرائيل، يبدو أن المعارضة المسلحة هي خصم أقوى وأخطر. وفي عصر حكم بشار الأسد، كانت إسرائيل قادرة على غزو الأجواء السورية في أي وقت وشن غارات جوية على أهداف داخل حدود سوريا بشكل تعسفي، حتى يمكنها عبور الأجواء السورية لشن قصف جوي على الأراضية الإيرانية. ويمكن القول إن حكومة سورية ضعيفة – إلى حد ما- كانت في صالح إسرائيل. ولكن سلطة سوريا تستولى عليها حاليا المعارضة المسلحة الأفضل تنظيما وتعبئة والأكثر تطرفا، وخاصة أن هيئة تحرير الشام كانت فرعا من تنظيم القاعدة وظلت مدرجة في لائحة الإرهاب الأمريكية، وتتسم بلون قاتم من مناهضة الدول الغربية. ورغم سقوط نظام الأسد، إلا أن استيلاء المعارضة المسلحة على سلطة سوريا يشير إلى نهضة قوة أقوى أخرى مناهضة لإسرائيل، وقد تشكل تهديدا أكبر للأخيرة مقارنة مع نظام الأسد، في حال ترسخ جذورها في المستقبل. ويبدو أن ذلك محرك عميق يدفع إسرائيل إلى تدمير القدرة العسكرية في سوريا وتوسيع المنطقة العازلة في ظل انشغال المعارضة بنقل السلطة.

وعلاوة على ذلك، يُعتبر سقوط نظام الأسد نتيجة لاتساع رقعة الصراعات الفلسطينية الإسرائيلية، ومن المحتوم أن يجلب تأثيرا عميقا على تطورات القضية الفلسطينية.

أولا، يمثل تغيير الخريطة السياسية في سوريا ضربة قاسية لقوى "محور الممانعة" التي تقودها إيران، وغيّر ميزان القوى بين إسرائيل ومعسكر إيران، وجعل كفة الميزان تميل إلى جانب إسرائيل على نحو متزايد. ويتسبب سقوط نظام الأسد في قطع شريان حياة تقدم إيران من خلاله الأسلحة والإغاثة لحزب الله اللبناني، حيث أصبح الأخير في وضع محاربة إسرائيل بشكل منفرد. ولكن هل يحفز ذلك إسرائيل لتمزيق اتفاق الهدنة مع لبنان وإعادة إشعال نيران الحرب؟ هي مسألة يجب علينا الانتظار لمتابعة تطوراتها.

وبسبب سقوط نظام الأسد، يتحول الشعار الذي رفعته إيران لدعم القضية الفلسطينية إلى لافتة وهمية وتعرضت تكتيكات "تصدير الثورة" الإيرانية لإحباط كبير، إذ إن ذلك لم يوجه ضربة قاسية للثقة التي يكنها الوكلاء المسلحون الآخرون لإيران فحسب، بل سيؤثر سلبا على استقرار الأخيرة وتنميتها. وقد تصبح إيران في المستقبل أقل ثقة وقدرة على شن حرب فعالة بالوكالة ضد إسرائيل، وفي الوقت نفسه، فمن المحتمل أن تعزز إسرائيل اختراقها لإيران من الداخل وضربها من الخارج.

وثانيا، أصبحت حركة "حماس" أكثر عزلة من أي وقت مضي، وسوف يمنح ذلك الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بعد صعوده إلى السلطة مزيدا من الظروف لتسهيل ضرب حماس من قبل إسرائيل. وهناك احتمالان ينتظران مصير حماس في المستقبل، الأول هو توقيع اتفاق الهدنة وإطلاق الرهائن المحتجزين وإنهاء أزمة غزة تحت الضغوط المفروضة من الولايات المتحدة وإسرائيل، والثاني هو تخلي حركة حماس عن المقاومة  المسلحة، بعد أن يتفرق أعضاؤها فرارا إلى دول أخرى وتصبح الحركة أكثر رخاوة. وفي كلا الاحتمالين، سوف تتبوأ إسرائيل مكانة متفوقة في المناطق الفلسطينية. وفي ظل تعزيز إدارة ترامب دعمها لإسرائيل، ستعوز الجهود الدولية الرامية لدفع "حل الدولتين" مزيدا من الأساس والمساحة لتنفيذها.

__________________

*الكاتب يعمل باحثا مشاركا في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية.


* الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة موقف موقع شبكة الصين الإخباري.


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号