share
arabic.china.org.cn | 18. 10. 2024

هل تضرب إسرائيل إيران من "دون خوف" بعد نشر منظومة ثاد الأمريكية؟

arabic.china.org.cn / 14:49:20 2024-10-18

تشو تشاو يي*

18 أكتوبر 2024 / شبكة الصين / أعلنت البنتاغون في 13 أكتوبر الجاري عن نشر منظومة ثاد للدفاع الجوي في إسرائيل وإرسال جنود أمريكيين للمساعدة في تقوية قدرات إسرائيل على الدفاع الجوي. وقال المتحدث باسم البنتاغون إن هذه الخطوة تهدف إلى مساعدة إسرائيل على مواجهة الضربات الإيرانية المحتملة، وتجسد عزيمة الولايات المتحدة على حماية إسرائيل والمواطنين الأمريكيين في إسرائيل.

ولا شك أن هذا الخبر سار بالنسبة إلى إسرائيل، لكنه أثار رفضا شديدا من إيران. وحذر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في تغريدة على موقع "أكس" (تويتر سابقا) من أن الولايات المتحدة ترسل الجنود مباشرة إلى إسرائيل لمساعدتها على تشغيل منظومة ثاد، ما يُعد بمثابة إعلان خوضها الحرب بشكل مباشر، مؤكدا على أنه رغم جهود إيران المبذولة لتجنب اندلاع حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط، لكنها لن تتنازل ولن تتراجع عن حماية شعبها والدفاع عن مصالحها.

وفي الواقع، فهذه ليست المرة الأولى التي تنشر الولايات المتحدة فيها منظومة ثاد في منطقة الشرق الأوسط. ففي عام 2019، نشرت هذه المنظومة في إسرائيل خلال مناورتهما المشتركة، بغرض تدريبات على الدفاع الجوي. وبعد اندلاع الجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيل في أكتوبر العام الماضي، أمر الرئيس الأمريكي جو بايدن بنشر منظومة ثاد في منطقة الشرق الأوسط، لحماية الجيوش الأمريكية ومصالحها في هذه المنطقة.

ونظرا لقدرات الدفاع العسكري الإسرائيلية الناضجة حاليا، يبدو أن خطوة الولايات المتحدة لنشر ثاد غريبة جدا في فترة لا توجد فيها مناورات عسكرية. ومن هنا، يمكن القول إن الولايات المتحدة مازالت تدعم إسرائيل بحزم "فعليا"، رغم دعوتها "شفويا" إلى تهدئة حدة توتر الوضع في المنطقة عبر الطرق الدبلوماسية.

الحسابات الإستراتيجية الأمركية وراء نشر ثاد

تعتبر "ثاد" منظومة صاروخية قابلة للتنقل، تُستخدم دائما لاعتراض الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى. كما أنها مزودة بنظام راديو متقدم يبلغ مدى كشفه أكثر من 2000 كيلومتر، ما يعني قدرتها على تغطية معظم الأراضي الإيرانية، ما يشكل ذلك ردعا كبيرا للإيران.

وفي ظل الضربات الصاروخية المكثفة على إسرائيل من حزب الله اللبناني وجماعة الحوثي اليمنية والحرس الثوري الإيراني في آن واحد، لا شك أن نشر منظومة ثاد تُعتبر بمثابة "هدية من الحطب في ليلة باردة" لإسرائيل.

ورغم امتلاكها منظومات مضادة للصواريخ، إلا أن معظمها موجهة للتصدي لتهديدات الصواريخ القصيرة المدى، ما يجعل إسرائيل تفتقر إلى القدرة على اعتراض الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى الإيرانية. لذلك، ستساعدها منظومة ثاد على رفع قدرتها على الدفاع الجوي، ومعالجة نقائضها الحالية في الدفاع.

وفي الوقت نفسه، تهدف الخطوة الأمريكية إلى ردع إيران. فقد ظلت الولايات المتحدة وإسرائيل تحافظان على حذرهما تجاه البرنامج النووي الإيراني وتوسعها العسكري، وخاصة بعد أن شنت قوى "محور المقاومة" هجمات على الحدود الإسرائيلية. ولا تمثل منظومة ثاد عنصرا يساعد إسرائيل على مواجهة التهديدات الآنية فحسب، بل يهدف إلى احتواء العمليات العسكرية الإيرانية المستقبلية، لضمان قدرة حليف الولايات المتحدة على الدفاع عن التهديدات الإيرانية.

وتمتلك إيران أكبر ترسانة صاروخية في منطقة الشرق الأوسط. ومنذ مطلع العام الجاري، شنت إيران هجومين صاروخيين على إسرائيل، أظهرا قدرة طهران القوية على الهجوم، رغم أنهما لم يسفرا عن خسائر واسع النطاق. وفي ظل هذا الوضع، باتت منظومة ثاد بمثابة رد مباشر للهجمات الصاروخية الإيرانية يظهر موقف الولايات المتحدة المتمثل في عدم السماح لإيران بتصعيد عملياتها العسكرية.

علاوة على ذلك، فمع تنامي تأثيرات روسيا وغيرها من الدول في المنطقة، تواجه الولايات المتحدة المزيد من الضغوط الجيوسياسية. لذلك، لم تظهر خطوتها لنشر منظومة ثاد تأييدها الحازم لإسرائيل فحسب، بل كذلك موقفها المتمثل في الدفاع عن مكانتها الريادية في المنطقة بحزم.

الرد الإسرائيل على هجوم إيران من دون خوف؟

بعد ترقية الولايات المتحدة حمايتها لإسرائيل، هل ستشن إسرائيل هجوما مضادا على إيران من دون خوف؟ يبدو أن الجواب ليس سهلا، فمنظومة ثاد لا ترفع قدرة إسرائيل على ضرب الأرضي الإيرانية، ولا يشجعها على تنفيذ عمليات عسكرية أكثر تطرفا، رغم تعزيز المنظومة قدرة إسرائيل على الدفاع، وخاصة الدفاع عن التهديدات الصاروخية من إيران.

وإذا شنت إسرائيل هجوما مضادا على إيران، وخاصة المنشآت النووية والنفطية فيها، فقد تشتعل صراعات إقليمية أوسع. وإذا نفذت إيران وحزب الله اللبناني والجماعات المسلحة في العراق واليمن ردا انتقاميا على الهجوم الإسرائيلي، فقد تتجاوز الضربات حدود قدرة منظومة ثاد على الدفاع.

لذلك، بمنظور الولايات المتحدة، تمثل خطوتها لنشر ثاد ردعا لإيران من حيث الأساس، بدلا من تشجيع إسرائيل على شن الهجوم.

منظومة ثاد لا تضمن تحقيق واشنطن أهدافها الإستراتيجية

رغم أن نشر الولايات المتحدة ثاد يساعدها على ردع القوى المعادية لإسرائيلية في المنطقة، إلا أنه من المحتمل خلق وضع أكثر تعقيدا. فبالنسبة إلى إسرائيل، فإن نشر ثاد يشير إلى تعميق التعاون الأمني مع الولايات المتحدة على نحو متزايد، ما يرفع قدرات إسرائيل على الدفاع عن التهديدات العسكرية من إيران وقوى "محور المقاومة"، ويعزز الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة.

ولكن حلفاء الولايات المتحدة لا يبدون ترحيبا لهذه الخطوة، حيث من المحتمل أن السعودية والإمارات وغيرهما من الدول العربية تستشعر بعدم الأمن تجاه رفع قدرات إسرائيل العسكرية، وتطالب الولايات المتحدة بتعزيز الدعم العسكري لها في المقابل، حتى عبر نشر أنظمة مماثلة على أراضيها. وفي حال رفض الولايات المتحدة، فقد تحاول البحث عن إمكانية تعزيز التعاون مع روسيا أو الصين في مجال الدفاع العسكري على غرار تركيا، مما قد يؤدي إلى توسيع تأثير روسيا والصين في المنطقة.

في الوقت نفسه، من المرجح تصعيد سباق التسلح بين إيران وإسرائيل. ورغم تشكيل منظومة ثاد- إلى حد ما- ردعا لإيران، لكنها قد تشجع طهران على دفع عجلة تطوير تقنياتها الصاروخية، والبحث عن وسائل أخرى لتجاوز منظومات الدفاع الإسرائيلية. كما قد تعزز إيران جهودها الموجهة للتوسع العسكري وأنشطة وكلائها، مما يفاقم حدة التوتر في المنطقة.

ولا شك أن منظومة ثاد تمثل خطوة أمريكية حاسمة لمواجهة التهديدات الأمنية واحتواء إيران في المنطقة، لكن نظرا للوضع المعقد في المنطقة، لا تساعد هذه الخطوة الولايات المتحدة على تحقيق أهدافها الإستراتيجية الطويلة الأمد، رغم إسهامها في رفع قدرات إسرائيل الدفاعية على المدى القصير.

_____________

*باحث مشارك بقسم الاقتصاد العالمي التابع لمعهد الاقتصاد الدولي في جامعة الأعمال والاقتصاد الدولي


الآراء الواردة في المقالة ليست بضرورة تعكس موقف موقع شبكة الصين الإخباري


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号