الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

تعليق: سياسة التدخل الأمريكية في الشرق الأوسط وراء مأزق أوربا بشأن اللاجئين

arabic.china.org.cn / 10:32:42 2015-09-07

بقلم ندى تشن

بكين 7 سبتمبر 2015 (شينخوا) لم تبدأ أزمة اللاجئين بمصرع الطفل السوري الغريق عيلان كردي ولم تنته بانتشال جثته على شواطئ تركيا. فالأزمة ترجع إلى الحربين العالميتين عندما اضطر الملايين من اللاجئين إلى السفر بعيدا عن بلدانهم ليفروا من نيران الحرب. وعانت ولا تزال تعاني دول العالم وخاصة في أوربا من موجات اللاجئين غير الشرعيين والمشاكل الناجمة عنها منذ ذلك الوقت. وفي هذه المرة صدمت صورة عيلان البالغ من العمر 3 سنوات ضمير العالم لأنه ذكر الذين يتجاهلون من وقت لآخر الأزمة طويلة الأمد مجددا بقسوة الحرب.

ووفقا لأحدث الأرقام من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، خلال الفترة من يناير إلى أغسطس هذا العام، دخل أكثر من 300 ألف لاجئ ومهاجر غير شرعي إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، وهذا العدد يعتبر أكبر من العدد المسجل في العام الماضي، 80 بالمئة منهم جاءوا من سوريا، وتجاوز عدد الوفيات الناجمة عن حوادث على الطرق 2500.

استقبال اللاجئين أم لا؟ هو السؤال الذي يحاصر الدول الأوروبية في المأزق الآن. ولام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السياسة الغربية الخاطئة في المنطقة. وحفلت بعض وسائل الإعلام وخاصة الإعلام الأمريكي بانتقادات للسياسة الأوروبية وانتهاكات لحقوق اللاجئين.

وبعيدا عن الأسباب وراء تفاقم الأزمة في أوربا وهي عديدة، بدأ المحللون يدركون أن جذر المشكلة يكمن في فشل السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ، والتي تميل إلى التدخل والحرب دائما.

وكما قال لايارد جلال ، الخبير في سياسة الشرق الأوسط، لهيئة خدمات الأصدقاء الأمريكية، إن السوريين والعراقيين والليبيين تركوا ديارهم ليس بسبب الكوارث الطبيعية وعلى الولايات المتحدة أن تفهم أنه -إلى حد ما- أدت تحركاتها في المنطقة إلى هذه الأزمة.

ولكن الطرف الأمريكي نفى مسؤوليته تماما بل لن يقوم بتعديل سياسته المعنية قريبا وفقا لما ذكره المتحدث باسم البيت الأبيض جوش أرنست حيث قال أن الولايات المتحدة "تثق بقدرة أوربا على معالجة المشكلة"، وأوضح أيضا أن الولايات المتحدة قدمت مساعدات بمئات الملايين من الدولارات للسوريين منذ اندلاع الحرب الداخلية.

وعلى النقيض، أشارت فيليس بينيس، الخبيرة بمعهد دراسات السياسة بواشنطن، إلى أنه بالمقارنة مع حجم اقتصاد الولايات المتحدة، فإن مساعدتها الإنسانية كانت بعيدة عما يجب. وتعتقد أن البلد لم تسهم بشكل كاف لتلبية طلب الأمم المتحدة الأساسي للمساعدة الإنسانية.

واتفق معها يعقوب الحلو، المنسق المقيم للأمم المتحدة في سوريا، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة أنفقت 68 ألف دولار أمريكي خلال ساعة في عمليات القصف على المنطقة في ظل نقص المساعدة المالية في صندوق الأمم المتحدة لمساعدة السوريين.

وبالرغم من أن الخطة التي أعلنتها الحكومة الأمريكية لتوسيع حجم استقبال اللاجئين السوريين، كشف بيان وزارة الأمن الداخلي الأمريكية أنه في عام 2013، منحت الولايات المتحدة وضع اللاجئ لـ36 سوريا فقط، بينما تعهدت ألمانيا باستقبال 800 ألف لاجئ قبل نهاية هذا العام.

لا شك أن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط التي تميل إلى الحرب بدلا من المصالحة والهدم بدلا من البناء والتدخل بدلا من احترام سيادة الآخرين هي عامل رئيسي وراء اندلاع أزمات عدم الاستقرار واللاجئين وتوسع نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية ) داعش(. ويعتبر تجاهل تحمل المسؤوليات سببا مهما وراء تفاقم هذه الأزمات. وما يثير القلق أكثر، حتى الآن، هو استمرار دعم بعض السياسيين الأمريكيين سياسة التدخل العسكري في سوريا.

وفي هذا الإطار، يرى المحللون أن إعادة الاستقرار إلى سوريا والعراق يعتمد على خلق بيئة صالحة لعودة اللاجئين إلى ديارهم كحل نهائي، لا مجرد توفير المساعدة الإنسانية.

واتفاقا مع فكرة إقامة مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية من أجل السلام والتي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال الذكرى الـ70 لانتصار حرب المقاومة للشعب الصيني ضد العدوان الياباني، أعلنت الدول الأوربية واحدة تلو الأخرى عن استقبال اللاجئين بعد مصرع الطفل السوري إنطلاقا من روح الإنسانية. ويتعين عليها أن تفكر جيدا وتدرك أن ما يحدث حاليا في أوربا يرجع الى سياسة التدخل العسكري في المنطقة ومن الأفضل ألا تتبع الآخرين بشكل ممنهج وخطير عند اتخاذ السياسات الخارجية فيما بعد.




 
انقلها الى... :

تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :