الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

تعليم اللغة العربية في الصين


ينتمي المسلمون الصينيون إلى عشر أقليات قومية، أكبرها قومية هوي التي تعتبر، إلى حد كبير، القومية الرمز للمسلمين الصينيين ثقافيا واجتماعيا ودينيا.

تعود أصول أبناء قومية هوي إلى بلاد العرب والفرس ودول أخرى في آسيا الوسطى، حيث جاء أسلافهم إلى الصين قبل أكثر من ألف سنة لأهداف عسكرية وتجارية وغيرها. وقد استطاع هؤلاء القادمون، عبر جهود جبارة، اتخاذ الصين وطنا لهم وانخرطوا في المجتمع الصيني، وشكلوا تدريجيا قومية هوي المسلمة في الصين، وأطلقوا على أنفسهم أبناء "هوي هوي".

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الصين بها خمس وخمسون أقلية عرقية تعيش جنبا إلى جنب مع قومية هان التي ينتمي إليها الغالبية العظمى من الصينيين. قومية هوي من أكثر قوميات الصين تميزا، فأبناء هوي موجودون في كل أرجاء الوطن، وإن كانت لهم تجمعات في أحياء أو مناطق خاصة بهم. وهم يعيشون مع أبناء هان والقوميات الأخرى في إنسجام، ويباشرون أعمالهم معهم بشكل وثيق، ولكنهم يحافظون على تميزهم العرقي ومنظومة حياتهم الاجتماعية الفريدة، ولم يذوبوا في قوميات أخرى كما حدث لبعض الأقليات في تاريخ الصين. ولعل أهم أسباب ذلك الوعي القومي الراسخ لدى أبناء "هوي هوي"، هذا الوعي الذي يمنح مجتمع "هوي هوي" قوة هائلة للتصدي للتأثيرات الخارجية التي قد تحتويه، وليس من شك أن هذا الوعي المميز هو نتيجة التعليم الإسلامي.

تقع محافظة تونغشين في جنوبي منطقة نينغشيا شمال غربي الصين، حيث يشكل مسلمو المحافظة 80 في المائة من إجمالي عدد سكانها. وتأسست كلية اللغة العربية في مارس من عام 1985 في هذه المحافظة، وقد أصبحت منصة هامة لتدريب وإعداد الكوادر المتخصصين في مجال اللغة العربية هناك. وحتى العام الماضي، تخرج أكثر من 2000 طالب من هذه الكلية ومعظمهم يعملون في مجال تدريس اللغة العربية وأعمال الترجمة في المؤسسات والأجهزة الوطنية. زار مراسلنا مؤخرا هذه الكلية، وحول ما يتعلق بسبب اختيار دراسة اللغة العربية في هذه الكلية، قال الطالب خه ياو الذي قد درس فيها لمدة سنة قال لمراسلنا:

"جاءت رغبتي لدراسة اللغة العربية لكوني مسلما. وبالإضافة إلى ذلك، أعيش في شمال غربي البلاد، مما أدى إلى أن تكون أفكاري محدودة نسبيا. لذلك، إذا أردنا أن نضيق الفرق بيننا وبين أبناء شرقي البلاد، فيجب علينا أن نتمسك ونطور ما تمتاز به قوميتنا. لذلك، قررت دراسة اللغة العربية في هذه المدرسة."

بعد التطور والتحسن لمدة سنوات، اشتهرت كلية اللغة العربية في محافظة تونغشين بتعليم اللغة العربية في منطقة نينغشيا وحتى في البلاد بأسرها، وجذبت العديد من الأصدقاء الأجانب لزيارتها. نظرا للمساهمات التي تقدمها الكلية في تطوير التعليم القومي في منطقة نينغشيا، منحت الحكومة المحلية لها لقب "زهرة في التعليم القومي". تجدر الإشارة إلى أن هذه الكلية تعمل دائما على تحسين مستواها في التعليم. ويتمتع معظم أساتذة اللغة العربية في الكلية بخبرات وافرة في العمل بالدول العربية. وبالإضافة إلى ذلك، تدعو الكلية دائما الخبراء الصينيين والأجانب في مجال اللغة العربية لإلقاء محاضرات فيها. وكل ذلك جذب العديد من الطلاب من أنحاء البلاد للدراسة في هذه الكلية

في الوقت الحالي، تلعب هذه الكلية دورا متزايد الأهمية في إعداد الكوادر المتخصصين في مجال اللغة العربية والتعليم القومي. وقال رئيس الكلية إنه يثق بأن تشهد الكلية المزيد من التقدم في المستقبل، وتقدم مساهمات أكبر في أعمال التعليم في محافظة تونغشين.

بنيت المدرسة الثانوية المهنية الإسلامية بمدينة تيانجين عام 1996، على مساحة 30 ألف متر مربع. وفي عام 1999 أصبحت مدرسة هامة على مستوى المقاطعة، وفي عام 2004 حصلت على شهادة المدرسة الهامة على المستوى الوطني.

تجدر الإشارة إلى أن البنك الإسلامي للتنمية قدم للمدرسة معونات مالية مرتين، بإجمالي 587 ألف دولار أمريكي على دفعتين، 312 ألفا في المرة الأولى، و275 ألفا في المرة الثانية.

يبلغ عدد العاملين في المدرسة حاليا 106 أفراد، ويربو عدد طلابها على ألف وسبعمائة، نصفهم تقريبا من أبناء المسلمين من قوميات هوي ومنغوليا ودونغشيانغ وسالار والويغور والتتار، والنصف الآخر من خارج تيانجين.

تدرس المدرسة المنهج التعليمي الذي يدرس في غيرها من المدارس الثانوية المهنية بالصين، ولكنها تنفرد بتعليم اللغة العربية، فيجيد خريجها لغتين أجنبيتين هما الإنجليزية والعربية، خاصة مع وجود معلم عربي بالمدرسة. واستجابة لرغبة الطلاب المسلمين في مزيد من دروس اللغة العربية، تنظم المدرسة فصولا إضافية للعربية في عطلة نهاية الأسبوع يدرس فيها المعلم العربي. وإذا كانت المشكلة الأكبر في تعلم اللغات الأجنبية عموما هي الاهتمام بالقواعد اللغوية على حساب اللغة الشفوية، فإن المدير شي رو شان أكد أن هدف المدرسة ليس تخريج خبراء في اللغة فقط وإنما تعليم الطلاب المهارات اللغوية التي يمكنهم استخدامها في أعمالهم بعد التخرج.

ومع تعزز التبادلات والاتصالات بين الصين والدول العربية، بدأ المزيد من الطلاب الصينيين بدراسة اللغة العربية. ومن المؤكد أن تعليم اللغة العربية في الصين سيشهد أكبر تقدم في المستقبل.

 

شبكة الصين / 19 أغسطس 2009 /





تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :