وان سه

خبيرة في السياسة الدولية

1 مايو 2021 / شبكة الصين / في إطار مواصلة الصين جهودها في مكافحة الفقر والترويج لتجربتها الخاصة في القضاء على الفقر المدقع، أصدر مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني في 6 أبريل 2021 "الكتاب الأبيض" تحت عنوان "التخفيف من حدة الفقر: تجربة الصين ومساهمتها"، وهذا الكتاب يسعى إلى تصدير النموذج الصيني إلى بقية العالم، من خلال الكشف عن تفاصيل مسيرة الصين خلال سنوات طويلة في القضاء على الفقر بمجهودات كل الأطراف في الحكومة والشعب والحزب الشيوعي الصيني، حيث كافح الجميع من أجل نجاح "الحلم الصيني" وإعلان الفوز الأساسي على الفقر في البلاد في نهاية 2020.

يتكون الكتاب من خمسة أقسام ركزت على كيفية نجاح التجربة الصينية الفريدة في هذا الكفاح الذي أبهر كل العالم، فالصين قبل عقود ليست بالبعيدة كان أغلب سكانها من بين الفلاحين وكانت العديد من المناطق في البلاد تعاني من الفقر وعدم قدرة سكانها على التمتع بكماليات الحياة الرغيدة، لكن منذ توجه الدولة إلى إقامة "تحدي العصر" من خلال الإعلان عن خطط واستراتيجيات عديدة للقضاء التام على الفقر في الصين، فقد بدأت مظاهر الحياة الرغيدة تتجلى في كامل المناطق الصينية وحتى الفلاحية والقرى الصغرى. وقد تحقق ذلك من خلال تطبيق جاد من قبل الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية لكن الخطط التنموية في كل المناطق دون استثناء، لذلك أورد الكتاب الأبيض قسما كاملا يبيّن "الالتزام الجاد للحزب الشيوعي الصيني" ومساهمته في نجاح التجربة الصينية ضد الفقر، وعرضت أجزاء "النصر النهائي في مكافحة الفقر المدقع" واستراتيجية التخفيف الموجه من حدة الفقر" واستكشاف مسار جديد للتخفيف من حدة الفقر" المنهجية الصينية الناجعة لتحقيق هذا النجاح ليبرز مفهوم "الحياة الرغيدة للبشرية جمعاء" في قسم "بناء مجتمع المستقبل المشترك الخالي من الفقر للبشرية" من الكتاب.

كان هدف القضاء على الفقر المدقع على رأس الخطط الصينية في السنوات الأخيرة، وصولا إلى نهاية الخطة الخمسية الـ13 في 2020 حيث تم الإعلان على التزام الصين بتحقيق هدفها المحدد فيما يخص القضاء على الفقر، وذلك يعود إلى اتباع خطة شاملة في البلاد تشمل كل المجالات وكل المناطق، حيث عملت الصين على تعزيز التنمية عالية الجودة، من خلال تحسين الهيكل الاقتصادي وإصلاح جانب العرض، وتوسيع الانفتاح لتحقيق حياة أفضل للشعب الصيني، بذلك تحسن الدخل الصافي للفرد من الفقراء من 6079 يوان صيني  عام 2013 إلى 12588 يوان في عام 2020 بمعدل متوسط زيادة يقدر بأكثر من 11%، كما حققت المناطق الريفية نموا في اقتصادها بشكل سريع.

يبدو نجاح الصين في حربها ضد الفقر بسيطا في الوهلة الأولى، لكن مع التمعن جيدا لم يكن أمرا هيّنا لولا مثابرة الحزب الشيوعي والشعب الصيني، فلولا الحكمة الصينية لما كان من السهل التتبع الدقيق لكل المناطق ولكل القرى والمقاطعات وكل الأسر في البلاد. إذ أقام الحزب لجانا خاصة في كل المناطق للتقرب أكثر من مشاغل الشعب، كما توجهت الحكومة إلى رسم مسار اقتصادي يساعد المناطق الفقيرة على الخروج من ظروفها، من خلال ضخ قروض لدعم تخفيف حدة الفقر وتسهيل البيع والشراء على المنصات الالكترونية الصينية لكل المناطق، بذلك لم تعد هناك قرى نائية أو منعزلة عن بقية المناطق الحضرية.

 من حين لآخر نلاحظ في الصين دفعا كبيرا لمنتجات فلاحية أو يدوية خاصة بالقرى الصغرى على كبرى المنصات الالكترونية ويتابع عشرات ومئات الملايين من الناس البث المباشر لعرض هذه المنتوجات من قبل "الفلاح البسيط" الذي وفرت له منطقته تدريبا خاصا وتسهيلات للتعامل عبر هذه المنصات. من جهة أخرى شجعت الدولة على الاستهلاك الداخلي، وعلى إصلاح كل القطاعات في الأرياف بداية من البنية التحتية والمشاكل البيئية وصولا إلى التنمية الريفية الشاملة لتحقيق الازدهار المعتدل. لتنتصر الصين بشكل كامل على الفقر لأول مرة في تاريخها، وهو ما وصفه الكتاب الأبيض أيضا بـ"الثورة العظيمة" في الريف الصيني، حيث أكد الكتاب على أن الصين من خلال هذا الانتصار ودعت "تخلف المناطق الفقيرة وحفزت التنمية الريفية الشاملة ووضعت أساسا صلبا لبناء الصين دولة اشتراكية حديثة".

إن نجاح الصين في حربها ضد الفقر هو نجاح للعالم أيضا، وخاصة أن سكان الصين يمثلون جزءا مهما من بين سكان العالم، فهذا النجاح يمثل مسيرة انتصار خُمس سكان العالم، وهذه الإنجازات هي "علامة فارقة في تاريخ الأمة الصينية وتاريخ البشرية"، وكما أن التجربة الصينية في الحرب على الفقر والتي وردت في الكتاب الأبيض هي عبارة على مرجع أساسي لكل العالم ولكل الجهات التي تعمل على تحقيق هذا الانتصار، وقد أعلنت الصين عبر هذا الكتاب عن استعدادها مشاركة بقية الدول تجربتها الناجحة من خلال التبادلات والتعاون العميق مع الدول الأخرى في مجال التخفيف من الفقر. وكل ذلك يتماشى مع المبدأ الصيني الذي يدعو إليه الرئيس الصيني شي جين بينغ في أهم المناسبات والمحافل الدولية وهو "مصير مشترك وحياة رغيدة للبشرية جمعاء".