إعداد وتصوير: أمينة بانغ

2 يوليو 2019 / شبكة الصين / تعتبر الملكية الفكرية دعامة هامة لبناء دولة مبتكرة، بينما تُعد المحاكم القضائية "الحلقة المركزية" لحماية الملكية الفكرية. وبوصفها قاضية كبيرة واسعة الخبرة، شاركت سونغ يوي شويه، نائبة رئيس محكمة بكين للملكية الفكرية، في تطوير أعمال التقاضي الخاصة بحقوق الملكية الفكرية في الصين.

وترى سونغ أن الحماية القضائية للملكية الفكرية في الصين شهدت تطوّرا مستمرا على مدى 70 عاما منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية وبشكل خاص بعد تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح قبل 40 عاما، الأمر الذي أسهم في بناء منظومة الابتكار الاجتماعي.

وأكدت أن السلطات القضائية للملكية الفكرية في الصين تعامل الشركات الصينية والأجنبية على قدم المساواة وتحمي ابتكاراتها وتنميتها.

 

ارتفاع قضايا الملكية الفكرية

شهد عدد قضايا الملكية الفكرية في الصين نموا سريعا خلال العقود القليلة الماضية. وقالت سونغ يوي شويه، إنه في أوائل التسعينيات، كان عدد قضايا الملكية الفكرية التي قبلتها المحاكم الشعبية في بكين قليلا نسبيا. وفي عام 2001، بعد انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية، دخلت الحماية القضائية للملكية الفكرية في الصين مسار التطور السريع، وبدأ عدد القضايا في الازدياد بشكل سنوي. وفي السنوات الأخيرة، ومع التطور القوي للعلوم والتكنولوجيا، شهد عدد قضايا الملكية الفكرية في الصين مرحلة من النمو السريع.

وأضافت سونغ أنه على الرغم من أن محكمة بكين للملكية الفكرية تأسست قبل أقل من خمس سنوات، إلا أنها نظرت أكثر من 50,000 قضية متعلقة بحقوق الملكية الفكرية، وزاد عدد القضايا بمعدل سنوي قدره 30%. مشيرة إلى أن عدد القضايا زاد أكثر من الضعف منذ إنشاء المحكمة، صدرت أحكام في 40 ألف قضية مختلفة بزيادة سنوية بنسبة 50%.

ومع ارتفاع عددها، أصبحت القضايا أكثر تخصصا وتعقيدا بشكل متزايد. وقالت سونغ إن القضايا المتعلقة بالملكية الفكرية كانت تركز أساسا في الماضي على انتهاك الحقوق المتعلقة بالسلع المادية. وفي السنوات الأخيرة، ارتفعت نسبة القضايا المتعلقة بالتكنولوجيا، حيث وصلت إلى أكثر من 20%، كما بدأ عدد كبير من القضايا التي تنطوي على صناعات ناشئة في الظهور.

وبالإضافة إلى ذلك، بلغت نسبة القضايا المتعلقة بالأجانب حوالي 30%. ولم يشهد عدد الدعاوى التي يرفعها أصحاب الحقوق الصينيون ضد الأطراف الأجنبية زيادة فحسب، بل ظهرت قضايا طرفاها من الشركات الأجنبية.

حماية الشركات المحلية والأجنبية على السواء

مع تعميق العولمة، برز دور الصين كسوق مستهلك عالمي هام بشكل متزايد، كما شهد نظام حماية الملكية الفكرية في الصين تحسنا تدريجيا، حيث بدأ عدد متزايد من الشركات الأجنبية في اختيار الصين كبلد ترفع فيه دعاوى الملكية الفكرية.

وفي أكتوبر 2017، رفعت شركة "كوالكوم" دعوى قضائية في محكمة الملكية الفكرية في بكين، ضد شركة "آبل" واتهمت الأخيرة بانتهاك براءات الاختراع ذات الصلة، وطالبت بحظر بيع هواتف آبل في الصين، الأمر الذي جذب انتباها عالميا واسعا لدور الصين المتصاعد في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية.

وفي بداية عام 2019، خاضت اثنتان من كبريات شركات إضاءة الليد في العالم، وهما "إيفرليت إلكترونك" في تايوان و"نيتشيا" اليابانية، في نزاع قضائي ببكين حول إضاءة مصابيح الليد البيضاء وبراءات اختراع جهاز العرض.

ويرى خبراء وباحثون أن عددا متزايدا من الدعاوى الدولية المتعلقة بالملكية الفكرية يجري نظرها في محاكم الصين، ما يدل في الواقع على أن الحماية القضائية الصينية لحقوق الملكية الفكرية جديرة بالثقة.

وحول قضايا الملكية الفكرية المتعلقة بالشركات الأجنبية، قالت سونغ إنه عندما ينظر القاضي في الدعاوى المرفوعة، فإنه لن يميز بين شركات صينية وأجنبية. لذلك، تعامل محاكم الملكية الفكرية في الصين الشركات الصينية والأجنبية على قدم المساواة.

وبعبارة أخرى، لا تحمي السلطات القضائية للملكية الفكرية في الصين حقوق الملكية الفكرية للشركات الصينية فحسب، بل تحمي كذلك حقوق ابتكارات الشركات من جميع أنحاء العالم.

 

قضاء الملكية الفكرية يعزز بناء الابتكار الاجتماعي

ترى سونغ أن تحسين نظام الحماية القضائية للملكية الفكرية يتمتع بأهمية كبيرة في دفع التنمية الاقتصادية وتشجيع الابتكار التكنولوجي. ونظرا لأن المحاكمة القضائية المتعلقة بالملكية الفكرية لا تصدر الاحكام في المنازعات فحسب، ولكن الأهم من ذلك، تساعد في دفع تطوير صناعة الابتكار ورسم قواعدها.

وقالت سونغ "في الماضي كان فهم العديد من الشركات لقيمة الملكية الفكرية ضعيفا للغاية، حيث لا يدرك كثير من الناس أهمية حماية حقوق الملكية الفكرية، ولا تملك العديد من الشركات الكبيرة مواهب متخصصة في الملكية الفكرية". ومع مواصلة تطوير وترقية نظام حماية الملكية الفكرية في الصين، استفاد عدد متزايد من الشركات من حماية حقوق الملكية الفكرية كما عزّز النظام القضائي جهوده لحماية الملكية الفكرية ليتمكن المزيد من الشركات من سلك طريق الابتكار بثقة.

ولاحظت سونغ أنه خلال السنوات الأخيرة رفعت المزيد من الشركات استثماراتها في مجال الملكية الفكرية، وبدأت في امتلاك التكنولوجيا الخاصة بها، والمواهب الخاصة بها للبحث والتطوير، كما أنشأت بعض الشركات معاهد بحوث تقنية ومراكز فكر لدعم تطويرها من خلال الابتكار.

وفي يونيو 2008، أصدرت الصين الخطوط العريضة للاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، حيث أدرجت تعزيز نظام الحماية القضائية وتفعيل الدور الريادي للحماية القضائية لحقوق الملكية الفكرية ضمن أولويات الاستراتيجية الوطنية لحماية الملكية الفكرية. وبعد أكثر من عشر سنوات من التنمية، حققت الحماية القضائية للملكية الفكرية في الصين نتائج رائعة للغاية.

وحول المستقبل، قالت سونغ إنها تأمل في زيادة الاستثمار في مجال حماية الملكية الفكرية، وتعزيز جهود تأهيل الكفاءات المعنية، وبناء فرق أكثر احترافية، وتوفير خدمات وضمانات قضائية عالية الجودة من خلال العمل الجاد والجهود المتواصلة، ما يسهم في بناء دولة قوية من حيث حماية الملكية الفكرية والعلوم والتكنولوجيا.