Home |
arabic.china.org.cn | 03. 12. 2016 |
بقلم محمد عبد العزيز
3 نوفمبر 2016 / شبكة الصين / بوجهه الطفولي، وجسمه المستدير، وتصرفاته في بعض الأحيان بشكل اخرق باتت دببة الباندا من اكثر الحيوانات جاذبية حول العالم، ولهذا الافتتان الشديد بدببة الباندا تفسيره لدى أهل العلم؛ إذ يقولون إنه عندما نرى هذه المخلوقات، فإننا نتأثّر من حيث لا ندري بما يصفه خبراء علم الأحياء النَمائي باسم "استدامة المرحلة الطفولية"، أي احتفاظ الكائن الحيّ البالغ بمواصفات معيّنة كان يتمتع بها وهو صغير. فذلك الوجه الطفولي البريء والسلوك الشبيه بالأطفال وهم يمشون على أربع، يعزّزان إنتاج أجسامنا لهرمون "الأوكسايتوسين" الذي يجعلنا عطوفين وذوي شفقة ورحمة، لذلك انشغل العالم بجهود الصين للحفاظ على هذا الحيوان المحبوب من الانقراض.
اعادة تأقلم
حمل شهر سبتمبر الماضي خبرا سار للمهتمين بالحياة الطبيعية عامة، وعشاق الباندا على وجها خاص بعد أعلن ان الباندا لم تعد تواجه خطر الانقراض، بعد ارتفاع أعداد هذه الحيوانات مؤخراً، بفضل الجهود التي بذلتها الصين في السنوات الأخيرة لإنقاذه، وبات عدد الباندا العملاقة البالغة، 1864 حيواناً على ما تظهر التقديرات الأخيرة، ويصل إلى 2060 في العالم مع إضافة صغار الباندا، وقال الاتحاد الدولي لصون الطبيعة ان الباندا باتت مصنفة في "قائمة خطر انقراض أدنى"، الا ان خبراء صينيين رفضوا الخطوة واعتبروا انها سابقة لاوانها، وأشاروا الى أن "الارتفاع في عدد الباندا لن يكون إلا لفترة وجيزة وذلك بسبب التغييرات المناخية حيث من المتوقع أن يُقضي على ثلث عدد الباندا خلال الثمانين عاماً المقبلة.
برامج طموحة
منذ سنوات تعلقت أنظار العالم بمجهودات الصين في المحافظة على الباندا من الانقراض والتي تكلّل بعض جوانبها بنجاح غير مسبوق، ومن الأولويات الاستراتيجية الصينية لإنقاذ هذه الحيوانات الثديية البيضاء والسوداء إعادة زرع الخيزران في الغابات، كونها توفر موطناً طبيعياً للباندا ومصدراً لقوتها، كما سمحت سياسة «إعارة الباندا» في مقابل مبالغ من المال إلى دول أخرى، للصين باستثمار الأموال في حماية الأنواع البرية.
وكشأن كثير من الحيوانات المهدّدة بالانقراض، فإن أعداد الباندا تناقصت بفعل استيلاء البشر المتزايد على البراري، ومازالت هذه المشكلة قائمة منذ ان وُصِفت هذه الدببة بأنها مهدّدة بالانقراض عام 1990. إلاّ أن الصينّيين ظلوا يسعون طيلة 25 سنة الماضية إلى تحسين أساليبهم في استيلاد هذه الحيوانات في مراكز للابحاث في موطنها الأصلي بمقاطعة سيتشوان، قبل أن تقوم بإطلاقها داخل براري والجبال النائية.
لكن العلماء الصينيون تنبهوا قبل إطلاق الدببة، التي تم تكاثرها داخل أسوار حدائق الحيوان، إلى ضرورة ألا تعتاد هذه المخلوقات الخجولة على وجود البشر حتى لا تتعرض للمخاطر في الطبيعة؛ لذلك طلبوا من الخبراء المشرفين على رعايتها إرتداء ملابس تحاكي شكل الباندا وتحمل رائحته. كما وضع العلماء برنامجاً صارماً يتضمن عدم إطلاق أي حيوان باندا في البرّية، إلا بعد خضوعه لاختبارات خاصة تؤكد امتلاكه مهارات الحياة الضرورية وقدرته على رعاية نفسه.
وقال تشانغ هي مين مدير "مركز الصين لبحوث حفظ الطبيعة"، إن دببة الباندا تتمتع بقدرة فائقة على التأقلم. "فنحن البشر معتادون تغيير بيئتنا لتناسب حاجاتنا الطبيعية؛ أما دببة الباندا فقد تغيّرت هي لتناسب بيئتها".
الخروج للعلن
ثمة قصة مثيرة بتسمية الباندا حيث سميت " ماو شيونغ " التي تعني بالصينية "القط الدب"، بسبب ان وجه الباندا يشابه القط، وقد كتب اسمها أفقيا من اليسار إلى اليمين وفقا لأسلوب الكتابة باللغة الصينية الحديثة، ولكن الناس في ذلك الوقت لم يعرفوا إلا اللغة الصينية القديمة وطريقة قراءتها من اليمين إلى اليسار، لذلك أخطأوا قرأوا اسم الباندا بشكل معكوس "شيونغ ماو" ثم انتشر الاسم الخاطئ على نطاق واسع وأصبح مستخدما حتى الان .
ولم يَدرِ الغربيّون عن الباندا شيئا إلا في العام 1869، عندما زار مبشّرٌ فرنسي يدعى "أرمان دافيد"، الصينَ فوقع نظره صدفةً على فروة مميزة بلون أبيض وأسود، ومن ثم اشترى باندا نافقاً من صيّادين محلّيين. بعدها، كتب عالم حيوان في باريس توصيفاً رسمياً للباندا.
وفي عام 1929، عرض "متحف فيلد" في شيكاغو دبَّي باندا محنّطين كانا مِنحةً من الأخوَين روزفيلت. وكان الرجلان هما نجلَي "فرانكلين رزوفيلت" -الرئيس السادس والعشرين للولايات المتحدة. فبمساعدةٍ من بعض أهالي مقاطعة سيتشوان الصينية، جلب الأخوين إلى بلادهما أول دبّ باندا يُقتل بالرصاص على يد رجل أوروبيّ، كي يُعرضَ في الجناح الآسيوي الجديد آنذاك في المتحف.
وإذْ أخذت تلك الدببة النافقة تفقد جاذبيتها، تغيّرت دفة الاهتمام باتجاه جلب باندا حيّة من الصين. ففي ديسمبر عام 1936، وصل إلى الولايات المتحدة صغيرُ باندا برّي -اسمه "سو لين"- من ميناء شانغهاي في سلّة من الخيزران حملتها امرأة اسمها "رُوث هاركنيس"، وبتصريحٍ للتصدير كُتِب فيه "كلبٌ واحد، عشرون دولاراً". كانت هاركنيس امرأةً بارزة في مجتمع سان فرانسيكو، وقد هامت حبّاً بالحيوان الصغير وكانت ترضعه بزجاجة حليب. لكنها ما لبثت أن باعته لـ"حديقة حيوان بروكفيلد" في شيكاغو. وهناك انطلقت شرارة الشغف بالباندا في الحال؛ إذ حضر أكثر من 53 ألف زائر لرؤية هذا الحيوان يوم ظهوره العلني الأول.
ولقد ظل ذلك الشغف مستمراً حتى يومنا هذا؛ فحالياً يتباهى ما لا يقلّ عن 20 حديقة حيوان خارج الصين بوجود أجنحة لعرض الباندا العملاقة، وتتصدّر أخبار ولادات الباندا ونُفوقها الأخبار العالمية. أما المقاطع المصوّرة التي تظهر فيها، فتحظى بانتشارها واسع.
رمز وطني
ولا تعتبر الباندا مجرد حيوان محبوب، بل باتت تمثل شعارا وطنيا للصين، ولا توجد ارفع منها كهدية تقدم لقيادات العالم، حيث ترمز الباندا للسلام والصداقة الحميمة، وقد تم اهدائها لنحو 60 زعيما عالميا حتى الان، أما اليوم فإن الصين تؤجّر أزواجاً منها بمليون دولار في السنة الواحدة وتحتفظ بملكيّة جرائها المولودة خارج البلاد.
وتفضل الباندا بشكل عام التنقل في غابات البامبو الرطبة، وتعتبر جبال جنوب غرب الصين الموطن الأصلي للباندا حيث تعيش على ارتفاعات تتراواح بين ألفي و3 آلاف قدم، وتتمتع الباندا التي يزن الواحد منها مئة كليوغرام في المتوسط، ويصل طولها الى متر و80 سنتيمترا بامكانية الرؤية الليلية، حيث ان حدقة عينيها بيضاوية، وهي أكثر ملائمة للتكييف مع الأضواء من الحدقة الدائرية، وقد اكتشف الباحثين أن عدد الخلايا العضوية في حدقة عين الباندا يبلغ أضعاف عدد الخلايا المخروطية.
ويمثل البامبو الغذاء الرئيسي للباندا التي تعيش في البيئة البرية، وتصيد فأر البامبو أحيانا، أما في بيئة التربية الاصطناعية، فأصناف غذاء الباندا متنوعة تشمل البامبو والخبز والبطيخ والتفاح والجزر وفأر البامبو والطيور الصغيرة وغيرها. وتحتاج الباندا إلى أكل البامبو لمدة 14 ساعة متصلة يوميا من أجل تلبية احتياجات جسمها من السعرات، وتتمتع الباندا بشهية جيدة، حيث يمكن للباندا البالغ أن يأكل 8-10 كيلوغرامات من البامبو أو براعم البامبو الطازجة بكمية تصل لنحو 38-40 كيلوغراما يوميا.
لا تحب الباندا حياة القطيع الا في فترة التزاوج في الربيع، فتجتمع مؤقتا وبعد التزاوج، تعود منفردة، ولا تشتعل غريزة التزاوج عند أنثى الباندا إلا مرة واحدة في السنة وفي مدة تتراوح بين 24 و72 ساعة فقط، بين شهري فبراير ومايو. ولذا تتسلّح الذكور لهذه الفترة من خلال تعبئة "خزاناتها" بمزيد من الهرمونات الجنسية، بدءًا من فصل الخريف، حتى إن حجم الخصيتين لديها قد يتضاعف بواقع مرتين او ثلاث مرات.
-----------------------------------------------
الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، و ليس الشبكة
انقلها الى... : |
|
||
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |