كلاب الصين..رفاهية بلا حدود

 

بقلم محمد عبد العزيز

25 أكتوبر 2016 / شبكة الصين / ما يلفت نظرك وانت تتجول في شوارع بكين حجم الانشطة التجارية المرتبطة برعاية الحيوانات الأليفة، لدرجة تشعرك أن ما تحظى به يفوق ما يحظى به البشر فى دول العالم الثالث، ففى بكين على سبيل المثال تنتشر عشرات المتاجر والمؤسسات المختصة برعاية الكلاب والتى تتبنى مفهوم الاهتمام بها وتوفير مختلف أنواع التسلية والرعاية لها.

أشارت أرقام أصدرها مركز الأبحاث في العاصمة بكين إلى أن الصينيين ينفقون نحو 65 مليار دولار سنويا على الاعتناء بالكلاب والحيوانات الأليفة، وأن نحو 50% من هذه المبالغ تنفق على شراء قبور فاخرة لها فقط.

وتقوم مؤسسات مختصة فى العادة بتوزيع الكلاب تبعاً لحجمها وسنها ونوعها، عبر مربين مختصين، فيما يقوم أشخاص آخرون بمهمة اصطحاب الكلاب للنزهة، وتعد "نزهة الكلاب" مهنة جديدة استحدثها طلاب صينيون في عطلة الصيف، فقد بادر عدد منهم بإنشاء صفحة على الإنترنت لتقديم هذه الخدمة للباحثين عنها، وتتراوح تكلفة رعاية الكلب لساعة واحدة بين 25 دولاراً للرعاية النهارية و50 دولاراً للرعاية الليلية، كما تتحدد الكلفة تبعاً لحجم الكلب ونوعه.

وقالت شن خونغ هوي احدى المستفيدات من هذه الخدمة إن وقت عملها لا يساعدها في الخروج للتنزه مع كلبيها الصغيرين كل يوم، لذلك اتفقت مع أحد الطلاب على أن يقوم بتسلية الكلبين مقابل 40 دولارا عن كل ساعة، وتلفت هوي إلى انها في كثير من الأحيان تتضطر لتغيير برنامجها اليومي والتخلي عن بعض التزامتها في حال تعثر وجود من يقوم بالخروج مع كلبيها في نزهة، وعلقت على ذلك بقولها:" ستتأثر حالتهما النفسية وقد يصابا بالاكتئاب".

كما تقدم بعض المؤسسات خدمات تعليمية للكلاب تتلخص فى تعليمها اصول اللياقة والاتكييت والتعامل مع البشر وطاعة الاوامر، بجانب التعليم للاغراض الخاصة كقيادة (الكفيف) والتامين والحراسة، وهذه الكلاب المدربة على درجة عالية من الذكاء يسمح لها بتمييز اشارات المرور، وتحديد اماكن عبور المشاة بل انها تتقدم صاحبها وسط المارة وقد تنظر لك بشئ من التقدير ان افسحت لها الطريق.

جذبت الزيادة الهائلة في أعداد مقتني الحيوانات الأليفة في الصين أنظار واهتمام التجار، فانتشرت المحلات التي تبيع ملابس الحيوانات الأليفة والاكسسورات بدءا من الأحذية التي تحمي حوافر وكفوف الحيوانات من البرد، أو قطع الزينة، وقد أصبحت أزياء الكلاب ظاهرة شائعة، ويمكن مشاهدة أزياء على أحدث موضة، تتناسب مع الطقس ومزاج صاحب الحيوان، فيما تتوفر صوالين خاصة للكلاب تقوم بقص الشعر او صبغه، كما أن هناك أنواع أخرى من خدمات الحيوانات على مواقع الإنترنت مثل المواد الغذائية والأدوية وملحقاتها ومجموعة كبيرة ومتنوعة أخرى من الخدمات.

ولم يتوقف الامر عند هذا الحد، ففي العام الماضي افتتح أول بيت لتقبل التعازي بالكلاب، أثارت هذه الفكرة شابة في الثلاثين من عمرها كان قد مات كلبها في حادث سير، فأقامت له مراسم جنائزية في بيتها، وأعجبت إحدى صديقاتها بالفكرة، فاتفقتا على استئجار غرفة في القرية لتقديم واجب المواساة لأصحاب الكلاب التي ماتت مقابل أجر مادي يصل إلى نحو مئتي دولار في الساعة.

وقد لاقت الفكرة استحسان سكان القرية، وسرعان ما دخلت أطراف أخرى في المشروع، وبعد الحصول على إذن من البلدية خصص لذلك بيت تقديم فيه الخدمات الخاصة بمراسم العزاء مثل إيقاد الشموع وأعواد البخور، وتقديم المشروبات، وعزف موسيقى خاصة بالمناسبة، بالإضافة إلى طباعة صور الكلب الميت، وجمعها في ألبوم يقدم في نهاية العزاء لذوي الفقيد.

وتمادى البعض في الاهتمام بحيواناتهم، لدرجة شراء قبور لها ان لم توجد مقابر للحيوانات بجوارهم، وفي جنوب العاصمة بكين توجد مقبرة خاصة للحيوانات الأليفة، تدفن فيها العائلات البرجوازية كلابها بطقوس ومشاعر لا يكاد المتابع لها يميز بينها وبين طقوس تشييع ودفن البشر، وفور موت الكلب تتوجه العائلة إلى وكالة خاصة، لشراء قبر لا يتجاوز مترا مربعا، يصل سعره إلى نحو عشرة آلاف دولار، وفي يوم الدفن تتوجه العائلة إلى المقبرة وتقام مراسم جنائزية وسط دموع ونحيب الحضور.

وفي المراسم تعد بعض المأكولات التي كان يفضلها الكلب في حياته وتعرض ثيابه وأشياؤه الخاصة، ولا ينتهي عند ذلك التأبين، فبعد ثلاثة أشهر من تاريخ الوفاة تعود العائلة لزيارة الضريح مرة أخرى، وإذا كان للكلب الميت زوجة أو أبناء فلا بد من اصطحابها إلى قبره.

 

 

-----------------------------------------------

الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، و ليس الشبكة