بقلم محمد عبد العزيز

16 أغسطس 2016 / شبكة الصين / تحكي الأسطورة قصة عشق بين المثقف شيوي شيان وجنية الثعبان الأبيض، بدأت عندما كانت الجنية التي تتحول لفتاة جميلة تتنزه مع أختها بجانب البحيرة الغربية في مدينة هانغتشو جنوب شرقي الصين فالتقت بفتى من أسرة أرستقراطية، فوقعا في الحب من النظرة الأولى وتوثقت علاقتهما، لكن راهب محلي يقوم بإبعادهما عن بعضهما مسافة كبيرة لأنه يظن أنها روحا شريرة، وفي النهاية من دون إطالة تتخلى الأميرة عن قوتها السحرية وتصبح بشرية بالكامل لتثبت للعالم حبها الحقيقي، إلا أن الأمر لم ينتهي سعيدا حيث انتهى الأمر بحظر جنية الثعبان الأبيض في حفرة تحت برج ليفنغ، وفراق شيوي شيان زوجته وابنه.

قصة الحب الأسطورية تلك أصبحت مصدر إلهام للأزواج الصينيين الذين يحرص الكثيرون منهم على أخذ الصور التذكارية في محيط البحيرة، اعتقادا منهم أن ذلك سيجعل حياتهم مليئة بالحب والسعادة، الأمر الذي جعل البحيرة الغربية تصنف بأنها ثالثة أكثر وجهة جذبا للسياح في الصين حيث تجتذب ما يصل إلى 300 ألف سائح يوميا، وقد قيل "لم ير هانغتشو من لم يزر البحيرة الغربية".

أقام نحاتون صينيون بتجسيد الأسطورة عبر منحوتات أضحت مزارا سياحيا يقصده المعجبون بقصة الحب التي مزجت بين الواقع والخيال، لتوحد الشعوب حينما يقفون عاجزين عن إدراك بعض الروايات والقصص التي تشبع نهم البعض منهم للحب الخالد.

وتعد هانغتشو واحدة من أجمل المدن الصينية حيث ردد الصينين منذ القديم :"في السماء، وفي الأرض سوتشو وهانغتشو"، اعتقادا منهم بأن هاتين المدينتين هما أجمل مدن العالم كله، ويكمن جمال هانغشو في مائها الذي يشكل 8% من مساحتها.

يردد الصينيون أن الماء هو روح هانغتشو، ليس فقط لأن بها البحيرة الغربية وحديقة شيشي الوطنية للأرض الرطبة، وإنما أيضا لأنها تطل على بحر الصين الشرقي، ويمر بها نهر تشيانتانغ، أكبر نهر بمقاطعة تشيجيانغ، بالإضافة إلى قناة بكين – هانغتشو الكبرى، التي تصب في نهر تشيانتانغ عند جسر قونغتشن.

وقد بذلت هانغتشو عاصمة مقاطعة تشيجيانغ جهودا كبيرة في معالجة مياه البحيرة والنهر والقناة والبحر والجدول حتى صارت مدينة ماؤها نظيف وأنهارها صافية وهواؤها نقي ومناظرها خضراء جميلة. لذا، لم يكن غريبا على هذه المدينة أن تحظى بلقب "المدينة النموذجية في معالجة البيئة المائية بالصين" وأن يقال إن أهلها "أكثر السكان سعادة في الصين"، كما إنها تسمى بـ " جنة الدنيا " منذ العصور القديمة.

وبالرغم من أن مساحة مدينة هانغتشو لا تتجاوز 17 ألف كيلومتر مربع إلا أنها تعد مدينة سياحية بامتياز حيث تضم أكثر من ثلاثين موقعا سياحيا، معظمها في الأماكن المحيطة بالبحيرة الغربية التي تبلغ مساحتها 313 كيلومترا مربعا. ولأن جبال ومياه البحيرة الغربية هبات طبيعية فإنها تتبدل مع الفصول الأربعة، وعندما تطوف بالبحيرة تنتشي بمناظرها الخلابة وتجد نفسك شاعرا أو رساما، وليس عجيبا أن خصها الكثير من المثقفين والشعراء منذ القديم بمقالات وقصائد خالدة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بممر سودي الممتد من جنوب البحيرة الغربية إلى شمالها، وهو بطول 3000 متر، عليه ستة جسور، وعلى جانبيه الصفصاف وأشجار الخوخ التي تتفتح زهورها الحمراء في الربيع.

أما قنطرة "دوانتشياو تسانشيويه" الحجرية التي تسمى "جسر العشاق" فيقال إن قصة الحب بين جنية الثعبان الأبيض والمثقف شيويه شيان بدأت من هنا، ويردد الأهالي أن تأثير تلك اللحظات ما زال ماثلا هناك فعندما تضيء أشعة الشمس على الثلج في الجسر، يذوب الثلج في الناحية المقابلة للشمس، في حين يظل متجمدا في الجهة الأخرى.

ولمدينة هانغتشو أهمية تاريخية أيضا فهي واحدة من بين أقدم 7 عواصم صينية، حيث يعود تاريخ تأسيس المدينة إلى أسرة تشين الملكية ما قبل 2200 سنة، وكان الرحالة الإيطالي ماركو بولو قد وصفها بأنها " أجمل وأفخر مدينة في العالم" خلال أسرة يوأن الملكية.

هانغتشو مدينة ساحرة تغوي زوارها بفتنتها التي لا تقاوم، إنها موطن المناظر الجميلة والمياه والنساء الساحرات، مما جعلها مدينة أسطورية بقدرتها على الإيحاء بالخيال والقدرة على الانطباع في تلافيف الذاكرة الى الأبد.

 

 

-----------------------------------------------

الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، و ليس الشبكة