إحياء عالم ما تحت الأرض

باحة دار محفورة تحت الأرض في شانشيان

 

إعداد: لي يي تشوان ولي سونغ ون

 

 

5 فبراير 2016 /شبكة الصين/ الطوب الأحمر والآجر الرمادي والأشجار الذابلة بجانب الجدران، والقرويون الذين يتجاذبون أطراف الأحاديث على مقربة من نعير الماشية، ذلك هو مشهد عالم ما فوق أرض قرية بيينغ بمحافظة شانشيان في مقاطعة خنان خلال فصل الشتاء. ولكن، مقارنة مع العالم المزدهر فوق الأرض، يكون عالم البيوت المحفورة تحت أرض القرية هادئا ساكنا.

المرور بمغارة البوابة، التي يبلغ طولها بضعة عشر مترا، والوصول إلى باحة دار العجوز جينغ جيان تشانغ تحت الأرض في قرية بيينغ، تجربة ساحرة لمن تعودوا الحياة فوق الأرض.

تتميز البيوت المحفورة تحت الأرض بالنظافة وحُسن الترتيب، وتوضع الأحطاب بشكل متناسق داخل المغارة، وفي باحة البيت مغارة للبطاطا الحلوة وحظيرة للدجاج وبعض ثمار الكاكا المغطاة بالقش، وبئر لتخزين الأمطار وصرف المياه المستعملة. وقد بني أيضا جدارا واقيا مكون من خمس طبقات من القرميد، يشبه رموش العين. هذا الجدار يمنع تسرب ماء المطر من التدفق إلى داخل الكهف.

قال العجوز جينغ جيان تشانغ إن مساحة داره أكثر من مو قليلا (الهكتار يساوي 15 موا)، وإن أفراد أسرته أمضوا أكثر من سنتين لبنائها.

أكبر ميزة للدار المبنية تحت الأرض أن جوها دافئ في فصل الشتاء ولطيف في فصل الصيف، حيث أن درجة الحرارة في باحة الدار تكون حوالي عشرين درجة مئوية طوال السنة. وداخل المغارة موقد المطبخ المرتبط بسرير كانغ (مصطبة مجوفة من الداخل تُحمى بالحطب)، فيصبح الجو دافئا فوق سرير كانغ في الشتاء.

بيد أن الأهم في بناء هذا النوع من المساكن هو بيئتها الروحية، لاعتقاد المحليين أن الدار ترتبط بازدهار وانحطاط الأسرة. لهذا، تدعو الأسرة عرّافاً لتحديد البيئة الروحية والمساحة واختيار اليوم المناسب لبدء البناء.

في محافظة شانشيان عشرات الآلاف من هذا النوع من البيوت في القرى الموزعة المنتشرة مثل نجوم السماء أو قطع الشطرنج، وتقع قرية بيينغ في شمالي محافظة شانشيان.

معظم سكان بيت الحفر الأرضية ينتمون لأسرة واحدة، ويقيم الشخص الأرفع مقاما منهم في المغارة الرئيسية الأوسع، بينما تكون باحة الدار المكان الذي يتناول فيه كل أفراد الأسرة طعامهم.

قال البروفيسور تشنغ دونغ جيون، الأستاذ بكلية الهندسة في جامعة تشنغتشو، والمتخصص في بحوث دور الحفر الأرضية: تتميز دار الحفرة الأرضية بالدفء في الشتاء والجو المنعش في الصيف. ولكن، من عيوب هذه الدار ضعف التهوية والإضاءة، وارتفاع نسبة الرطوبة، خاصة بعد سقوط المطر. فضلا عن ذلك، وبعد أن أصبح لدى الكثير من أبناء القرية سيارات ودراجات نارية، لا يمكنهم قيادتها إلى باحات دورهم. وتحت تأثير الحضارة الحديثة القوي، يهجر كثير من الناس دور الحفر الأرضية."

جين شنغ يوي، هو واحد من أبناء القرية، قال: "منذ عام 1990، انتقل كثيرون من دور الحفر الأرضية، فصار لدينا عالمان مختلفان، واحد فوق الأرض وآخر تحت الأرض."

قال تشانغ تشي، مدير متحف الثقافة لمحافظة شانشيان: "تختفي المئات من دور الحفر الأرضية في محافظة شانشيان كل سنة."

حاليا، تعكف حكومة محافظة شانشيان على تنفيذ مشروع لإحياء بيوت الحفر الأرضية والحفاظ عليها. ففي ولاية شانتشو التابعة للمحافظة، يجري العمل في بناء منطقة سياحية لدور الحفر الأرضية، وتم بالفعل بناء الحديقة الثقافية لدور الحفر الأرضية، باعتبارها الجزء المحوري للمنطقة السياحية. وحسب الخطة، سيتم بناء فندق بيوت الحفر الأرضية ومركز لخدمات السياح وشارع للأطعمة الخفيفة.

قال با ليانغ شيوي، مدير مشروع بناء المنطقة السياحية لدور الحفر الأرضية بولاية شانتشو: تضم هذه الحديقة الثقافية أكثر من عشرين دارا من بيوت الحفر الأرضية، ترتبط معا بأنفاق سرية، ولكل دار نوافذ وأبواب بديعة وفوانيس حمراء معلقة، وفي داخل كل منها بعض الأدوات القديمة لتشكل موضوعا خاصا، مثل باحة الزراعة وباحة الغزل والنسيج ومعمل المطحنة الحجرية وغيرها.

يانغ يي تشونغ، وهو سائح من مدينة شيآن بمقاطعة شنشي، قال إن دار الحفرة الأرضية في بيئتها الأصلية ذات جاذبية كبيرة. لا يزال في جنوبي الحديقة الثقافية لدور الحفر الأرضية، بضع عشرة دارا أصلية من هذا النوع، وجد فيها السيد يانغ المشاعر التي يتطلع إليها.

من أجل المحافظة على حيوية وأصالة دور الحفر الأرضية، تقدم الحكومة المحلية معونات لأبناء القرية لحماية البيئة الأصلية لدار الحفرة الأرضية، وتشجع السكان على الإقامة فيها.

في الوقت الحالي، هناك أكثر من مائة قرية فيها بيوت الحفر الأرضية، وتجتهد الحكومة المحلية في البحث عن سبل حمايتها. (المصدر: الصين اليوم)

 

 

----------------------------

لي يي تشوان ولي سونغ ون، صحفيان بجريدة ((داخه)) في مقاطعة خنان.