قفزة اقتصادية في التبت

 26 مارس 2015، قام أكثر من ثلاثين راهبا من معبد سيرا بمدينة لاسا بزيارة معرض تخطيط وبناء المدينة في مدينة لاسا.

 

بقلم لو مينغ ون

16 نوفمبر 2015 /شبكة الصين/ منذ تأسيس منطقة التبت الذاتية الحكم في عام 1965، حققت منطقة التبت خلال الخمسين سنة المنصرمة إنجازات باهرة. عندما تأسست منطقة التبت الذاتية الحكم في عام 1965، كان إجمالي الناتج المحلي للمنطقة 327 مليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 3ر6 يوانات)، أما في عام 2014، فقد بلغ 92 مليار و800 ألف يوان، أي أنه تضاعف ثلاثمائة مرة. ومنذ الدورة الثالثة لندوة أعمال التبت التي عقدتها الحكومة المركزية في عام 1994، حافظ إجمالي الناتج المحلي لمنطقة التبت على تحقيق زيادة سنوية بمعدل 4ر12%، وهذه الزيادة المتواصلة غير مسبوقة في تاريخ تطور منطقة التبت.

 

زيادة الناتج المحلي ثلاثمائة ضعف

قال تشن بو، الباحث المساعد بمركز البحوث الاستراتيجية الاقتصادية في أكاديمية التبت للعلوم الاجتماعية، إن سياسات الحكومة المركزية تجاه منطقة التبت خلال العشرين سنة من عام 1959 إلى عام 1979، تميزت بثلاث سمات، وهي: أولا، إسقاط نظام العبودية الإقطاعي الذي تجسد في الجمع بين الدين والسياسة، وإقامة النظام الاشتراكي؛ ثانيا، شق طريق التحديث الاشتراكي في منطقة التبت؛ ثالثا، إصدار السياسات المحورية والسياسات الإضافية لضمان تنفيذ ما جاء في أولا وثانيا.

لقد كان لكل دورة من ندوة أعمال التبت تأثيرات عظيمة على تنمية التبت الاقتصادية والاجتماعية في المرحلة التالية، مما يجسد الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة المركزية لأعمال التبت. وفي الدورات الخمس لندوة أعمال التبت: في عام 1980 وعام 1984 وعام 1994 وعام 2001 وعام 2010، قامت الحكومة المركزية بوضع خطط مساعدة التبت وظهرت تغيرات ملحوظة في الأفكار المرشدة للبناء الاقتصادي في التبت، فتحولت تدريجيا من "مساعدة منطقة التبت في البناء" إلى "الإسراع في التنمية الاقتصادية لمنطقة التبت"... وكل هذه الإجراءات عززت التنمية الاقتصادية والاجتماعية في التبت. في الدورة السادسة لندوة أعمال التبت التي عقدتها الحكومة المركزية في أغسطس 2015، أصدرت الحكومة المركزية سياسات تجاه التبت مثل مواصلة تقديم المساعدة والسياسات التفضيلية الخاصة وزيادة استثمار الحكومة المركزية وتعزيز الدعم المالي وتعزيز مساعدة الشركاء لها .

في عام 2007، شارك تشن بو في مشروع "استطلاع وبحث التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمائة قرية النموذجية الواقعة في منطقة الصين الحدودية في العصر الحديث"، واختار فريق البحث قرية ليووو موضوعا للدراسة. تقع قرية ليووو في جنوبي مدينة لاسا، وبفضل بناء محطة قطار لاسا وبناء منطقة ليووو الجديدة، اشتهرت ليووو، حيث التهم هاذان المشروعان كل أراضي القرية تقريبا. كانت مشكلة استيلاء الدولة على الأراضي وتأثيرات بناء محطة قطار لاسا على القرية السبب الرئيسي لاختيار فريق البحث هذه القرية كموضوع للدراسة. قام تشن بو وثلاثة زملاء آخرون له بالاستطلاع والبحوث في قرية ليووو لمدة شهر، فكانوا يعيشون مع أبناء القرية ويعرفون الأحوال المحلية بشكل عميق.

تسيغيل داوا واحد من أبناء قرية ليووو. استولت الحكومة على بيته القريب من محطة قطار لاسا، وحقل له مساحته اثنا عشر مو (الهكتار يساوي 15 مو)، وعوضته بخمسة عشر ألف يوان عن كل مو، إضافة إلى مائة وخمسين ألف يوان تعويضا عن بيته القديم. الآن، السيد تسيغيل داوا لديه ثلاث شقق سكنية، يقيم في واحدة منها، ويؤجر اثنتين تدران عائدا شهريا له يبلغ ثلاثة آلاف يوان. قال تسيغيل داوا: "بيتي الحالي قريب من مدينة لاسا، وأذهب إلى لاسا كثيرا. أنا راض عن حياتي الحالية المريحة." الآن، لا يقيم أبناء قرية ليووو مثل تسيغيل داوا في مساكن أوسع وأفضل فحسب، وإنما أيضا يمارس بعضهم أعمالا تجارية، فأسسوا شركات لنقل البضائع ويعيشون حياة ثرية.

منذ الدورة الرابعة لندوة أعمال التبت التي عقدتها الحكومة المركزية في عام 2001، تقدم الحكومة المركزية لمنطقة التبت معونة مالية للاستثمار في الأصول الثابتة، فتم إنجاز مشروع سكة حديد تشينغتسانغ (تشينغهاي- التبت) وغيره من الدفعة الكبيرة من المشروعات الهامة المتعلقة بتنمية التبت الاقتصادية والاجتماعية، مما جعل التبت تحقق تطورات عظيمة، كما أتاح فرصة لإثراء الفلاحين والرعاة العاديين بعد وضعهم على طريق أوسع للثراء.

 

تحويل نمط الاقتصاد

منذ تسعينات القرن الماضي حتى الآن، تحول نمط اقتصاد التبت من اقتصاد ريفي صغير النطاق إلى الزراعة وتربية الحيوانات بالطرق الحديثة.

في عام 2007، قام تشن بو بالاستطلاع والبحوث في القرية رقم 22 لناحية مندي ببلدة ناغتشو في محافظة ناغتشو، فعرف هذا التحول معرفة واضحة. قبل تسعينات القرن العشرين، كان الهيكل الإنتاجي في هذه القرية أحاديا ومنخفض الفائدة، وكان الاقتصاد الجماعي فيها ضعيفا، وكان متوسط الدخل السنوي للفرد فيها لا يتجاوز 1800 يوان. كانت الزراعة ضعيفة ولا وجود للصناعة والخدمات. بعد تسعينات القرن العشرين، قامت كوادر لجنة الحزب الشيوعي بالقرية ولجنة إدارة القرية باستعراض أحوالها ووضع أفكار تنميتها، وتوصلوا إلى أن نهوض وتنمية اقتصاد القرية يعتمد على المدينة وإطلاق العنان لتفوق القرية، فنظموا أربعين أسرة لتكوين بضع عشرة منظمة تعاونية بين الرعاة لإدارة تجارة المنتجات الخاصة في منطقة الرعي، مثل الحليب الطازج والزبادي، استفادة من التفوق الجغرافي للقرية الواقعة في ضاحية المدينة وعلى طريق تشينغتسانغ (تشينغهاي- التبت) العام. وبفضل دعم لجنة الحزب للناحية والبلدة والحكومة، عمل أبناء القرية لفتح مقاصد استجمام صغيرة وبيع البضائع الصغيرة وغيرها. في السنوات الأخيرة، تطورت صناعة تربية المواشي التي شاركوا فيها ودفعوها، وأصبحت نقطة لامعة جديدة لتنمية منتجات المواشي في محافظة ناغتشو. وفي الخطوة التالية لتنمية الاقتصاد، وضعت لجنة القرية خطط تنمية متوسطة وطويلة المدى للاستفادة من تفوق القرية الجغرافي لتطوير الاقتصاد على طريق تشينغتسانغ العام وسكة حديد تشينغتسانغ لتنمية بيع البضائع بالجملة وبالتجزئة والسياحة وصناعة التخزين وإيجار الشقق وصناعة الطعام وغيرها.

في عام 2003، أجازت حكومة منطقة التبت الذاتية الحكم ((خطة تنمية الصناعات المميزة للزراعة وتربية الحيوانات في منطقة التبت الذاتية الحكم))، التي طرحت فيها الأفكار الأساسية والمتطلبات العامة لتنمية المنطقة، وبدأ تنفيذها رسميا في عام 2004. وفقا للإحصاءات المعنية، حققت الصناعات المميزة حتى عام 2014 زيادة في دخل السكان قيمتها 1315 مليون يوان، وبلغ عدد المستفيدين منها مليون و756 ألف شخص، وحققت زيادة لدخل الأسرة قدرها 3305 يوان في المتوسط، وزيادة الدخل الفرد بمتوسط 748 يوانا، وبلغ متوسط الزيادة السنوية 5ر24%، الأمر الذي قدم مساهمات إيجابية في تعزيز زيادة دخل الفلاحين والرعاة في كل المنطقة.

 

"الحزام والطريق" فرصة جديدة

في الثامن عشر من يناير عام 2015، قدم لوسانغ جامتسان رئيس منطقة التبت الذاتية الحكم تقرير عمل حكومة التبت في الاجتماع الثالث للدورة العاشرة لمجلس نواب الشعب في منطقة التبت، والذي تضمن الإسراع في بناء ممر جنوبي آسيا الكبير في عام 2015، والارتباط بـ"الحزام مع الطريق" والممر الاقتصادي بين بنغلاديش والصين والهند وميانمار لدفع بناء حزام التعاون الاقتصادي لجبال الهيمالايا.

قال تشن بو، إن منطقة التبت جزء هام من طريق الحرير الجنوبي وطريق تانغبو (تشانغآن- لاسا) القديم وطريق تشاما القديم في التاريخ، وتجاور منطقة شينجيانغ ومقاطعة تشينغهاي ومقاطعة سيتشوان ومقاطعة يوننان وغيرها من المقاطعات الواقعة بالحزام الاستراتيجي لـ"الحزام والطريق"، بينما تجاور الهند والنيبال وميانمار وبوتان وغيرها من دول جنوبي آسيا. فضلا عن كونها مركزا هاما يربط داخل الصين بخارجها، وبوابة هامة للتبادلات بين الصين ودول جنوبي آسيا، فينبغي انتهاز الفرصة الهامة التي أتاحتها مبادرة "الحزام والطريق" لتحقيق تطور عظيم في مجالات المواصلات والتجارة والمال والسياحة والطاقة ونقل البضائع والمواد وغيرها، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية السريعة.

بفضل الدعم الكبير من حكومة وشعب الصين، استكشفت منطقة التبت طريقا للتنمية ذا خصائص صينية وتبتية، وحققت قفزة كبيرة في نظامها الاقتصادي وهيكلها الإنتاجي والحجم الكلي لاقتصادها، وعبرت من حافة الفقر والتخلف إلى الرخاء والحضارة. الآن، تطل على العالم التبت الجديدة، الاشتراكية ذات الخصائص التقليدية والحديثة. (المصدر: الصين اليوم)