الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
القيادة الصينية ترسم خارطة طريق لإصلاح شامل (خاص)
بقلم: يحيي مصطفى *
21 نوفمبر 2013 / شبكة الصين / أعلنت قيادة الحزب الشيوعي الصيني عن خارطة طريق لإصلاح شامل في البلاد عقب اختتام أعمال الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية للحزب الأسبوع الماضي وسط اهتمام رسمي وشعبي وإعلامي محلي ودولي غير مسبوق جاء نتيجة للدور المتعاظم للصين كقوة اقتصادية كبرى أصبح لها تأثير على نمو الاقتصاد العالمي يتجاوز حدودها الجغرافية كما أن الاجتماع يكتسب أهمية خاصة لأنه يكشف اتجاهات القيادة الصينية الجديدة لدفع النمو الاقتصادي المستدام ورسم الموجهات العامة التي ستقود الأمة خلال السبعة أعوام المقبلة باتجاه تحقيق الحلم الصيني.
وصدرت في ختام هذه الاجتماعات التي عقدت بين يومي 9 و12 نوفمبر الجاري وثيقة هامة وهي "قرار اللجنة المركزية حول عدة مسائل مهمة تتعلق بتعميق الإصلاحات على نحو شامل" وجاءت الوثيقة شاملة حيث إن اللجنة المركزية قد أجازت ما يربو على 300 إجراء إصلاحي بالإجماع.
وتطرقت الوثيقة إلي مجالات واسعة واعتبرها مراقبون من أجرأ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية خلال ثلاثة عقود وتضمنت موجهات تراوحت من تحرير الأسواق بصورة أكبر لتعزيز استقرار ثاني أكبر اقتصاد في العالم وإصلاحات في السياسة الاجتماعية وتعهدات بتوحيد نظامي الضمان الاجتماعي الريفي والحضري وإلغاء "إعادة التعليم من خلال العمل" إلي تخفيف سياسة المواليد الصينية المعروفة بسياسة الطفل الواحد.
وبموجب الوثيقة فإن الصين ستوسع انفتاح اقتصادها من خلال توسيع فرص الوصول إلى الأسواق الصينية وتعزيز التعاون الإقليمي وانفتاح المدن الحدودية والداخلية وهي خطوة تعكس بجلاء رغبة القيادة في إجراء إصلاحات ضرورية لإعطاء الاقتصاد دفعة جديدة، بعد ظهور مؤشرات على تباطؤ النمو السريع الذي استمر على مدى ثلاثة عقود. وستعمل الصين بموجب هذه الإصلاحات الجديدة على تعزيز تنظيم تقسيم العائدات بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية وتتبني حكومة مبسطة من خلال الإصلاح وتعتزم تعزيز جودة التعليم في إطار حزمة من الإجراءات لتقليل الفوارق بين المجتمعات الحضرية والريفية.
وكان من أبرز الخطوات الإصلاحية ما كشف عنه الرئيس الصيني والأمين العام للحزب شي جينبينغ بشأن إصلاحات في النظامين المالي والضريبي تتضمن بشكل رئيسي تحسين هذين النظامين وإقامة آلية لجعل سلطات الأجهزة الحكومية تتوافق مع مسؤولياتها في الإنفاق أيضاً وستطبق الصين نظام ميزانية شامل وشفاف، وسيتم تعزيز سلطات ومسؤوليات إنفاق الحكومة المركزية باعتدال.
وأكدت القيادة الصينية أن مجالات الدفاع الوطني والشؤون الخارجية والأمن القومي والجوانب المرتبطة بقواعد السوق الوطنية والإدارة تدخل في نطاق سلطات الحكومة المركزية، وفي المجالات التي تتقاسم فيها الحكومة المركزية والحكومات المحلية السلطة، مثل الضمان الاجتماعي والمشروعات الرئيسية عابرة المناطق، فسيتم تعزيز تنظيم علاقات السلطة بينهما.
وألمحت القيادة الصينية إلي أنه بموجب هذه الاصلاحات قد تفوض الحكومة المركزية جزءاً من سلطاتها ومسؤولياتها في الإنفاق إلى الحكومات المحلية عبر تحويل الدفع وقد تتحمل أيضاً جزءاً من السلطات ومسؤوليات الإنفاق الخاصة بالحكومات المحلية المتعلقة بالأنشطة عابرة المناطق، والخدمات العامة المؤثرة. وتهدف عملية الإصلاح هذه إلى خلق نظام مالي حديث يدعم مبادرة السلطات المركزية والمحلية.
وأبدت وسائل الإعلام ومراكز الدراسات الاستراتيجية العالمية اهتماماً كبيراً بقرار اللجنة المركزية للحزب الخاص بتأسيس لجنة للأمن القومي من أجل تحسين أنظمة واستراتيجيات الأمن القومي وهي خطوة عكست الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الصينية للأمن القومي باعتبار أن "أمن الدولة والاستقرار المجتمعي هما شرطان مسبقان للإصلاح والتنمية" حسبما قال الأمين العام للجنة المركزية للحزب والرئيس الصيني في معرض شرحه للقرار المتعلق بالقضايا الكبرى الخاصة بتعميق الاصلاحات بشكل شامل حيث حدد المسؤوليات الرئيسية للجنة الأمن القومي في محاور تشمل إقامة نظام حكم القانون المتعلق بأمن الدولة وبحث قضايا الأمن القومي الكبرى وحلها ووضع مباديء وسياسات بالإضافة إلى وضع استراتيجيات وتنفيذها.
ويأتي تشكيل هذا الجهاز الجديد لإيمان القيادة الصينية بأنه عندما تكون البلاد آمنة والمجتمع مستقر، يمكن للاصلاح والتنمية أن يتقدما باستمرار. ووفقاً للزعيم الصيني فإن بلاده تواجه ضغطين: أولهما دولي، حيث تحتاج البلاد إلى حماية سيادتها وأمنها ومصالح تنميتها، والثاني محلي، حيث يجب ضمان الأمن السياسي والاستقرار المجتمعي. ولتأكيد دواعي إنشاء هذا الجهاز الجديد نُقل عن الرئيس الصيني قوله إن مختلف المخاطر المتوقعة وغير المتوقعة زادت بشكل ملحوظ، وان النظام لم يفِ بعد بمتطلبات حماية أمن الدولة. وهناك حاجة لمنبر قوى لتنسيق الأعمال الأمنية. وإن تأسيس لجنة للأمن القومي من أجل تقوية القيادة الموحدة لعمل أمن الدولة يمثل حاجة ماسة .
واتسمت الاصلاحات التي أعلنتها القيادة الصينية هذه المرة خلافاً للخطوات الأصلاحية التي اتخذتها في منعطفات سابقة في تاريخ جلسات اللجان المركزية الكاملة اتسمت بالشمول والتنوع حيث أنها تطرقت لمجالات اقتصادية واجتماعية وثقافية وقضائية وأمنية وعسكرية ولم يأت ذلك صدفة وإنما كان نتيجة عملية طويلة وبحوث ميدانية واستشارات واسعة انخرطت فيها القيادة الجديدة بعد انتخابها العام الماضي حيث اخطرت أجهزة الحزب والحكومات على المستوى المركزي وكل المقاطعات والبلديات ومناطق الحكم الذاتي والقوات المسلحة والمنظمات غير الحكومية بأن آرائهم ستوضع فى الاعتبار لذلك جاءت الوثيقة جامعة لخلاصة عدد كبير من المقترحات والأراء واهتمت بقضايا ظلت تشغل قطاعات واسعة في المجتمع الصيني.
وقد قوبلت الوثيقة الصادرة عن اجتماع الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية برضى وارتياح محلي كما وجددت إشادة عالمية لما حوته من قرارات تسهم في الحفاظ على النمو الاقتصادي في الصين التي أصبحت تلعب دوراً محفزاً للنمو الاقتصادي العالمي وستشهد المرحلة المقبلة تنزيل هذه الموجهات عبر إجراءات تنفيذية بواسطة الجهات المعنية لتحقيق أهدافها كاملة بحلول عام 2020.
الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، و ليس الشبكة
انقلها الى... : |
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |