1- الخيار‭ ‬الحتمي‭ ‬للتطور‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتاريخي‭ ‬في‭ ‬الصين
 

 

عاشت‭ ‬الصين‭ ‬زمنا‭ ‬طويلا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المجتمع‭ ‬الإقطاعي‭. ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬1840،  ‬وبسبب‭ ‬الاعتداء‭ ‬الوحشي‭ ‬الذي‭ ‬شنته‭ ‬الدول‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الغربية‭ ‬وفساد‭ ‬وتدهور‭ ‬الكتل‭ ‬الإقطاعية‭ ‬الحاكمة،‭ ‬تحولت‭ ‬الصين‭ ‬تدريجيا‭ ‬إلى‭ ‬مجتمع‭ ‬شبه‭ ‬مستعمَر‭ ‬وشبه‭ ‬إقطاعي،‭ ‬فواجهت‭ ‬الأمة‭ ‬الصينية‭ ‬خطرا‭ ‬داهما‭ ‬لفترة‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬وعشر‭ ‬سنوات،‭ ‬ولم‭ ‬يتمتع‭ ‬أبناؤها‭ ‬بأي‭ ‬حق‭ ‬ديمقراطي‭. ‬

من‭ ‬أجل‭ ‬تغيير‭ ‬المصير‭ ‬الحزين‭ ‬للدولة‭ ‬والأمة،‭ ‬نهض‭ ‬الصينيون‭ ‬جيلا‭ ‬بعد‭ ‬جيل،‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬تنقذ‭ ‬بلادهم‭ ‬وأبناءها‭. ‬في‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬سعى‭ ‬رائد‭ ‬الثورة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الصينية‭ ‬د‭.‬‭ ‬صون‭ ‬يات‭ ‬صن‭ ‬للبحث،‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬الغربية،‭ ‬عن‭ ‬سبيل‭ ‬لإنقاذ‭ ‬البلاد‭ ‬والشعب،‭ ‬فأطلق‭ ‬وقاد‭ ‬ثورة‭ ‬شين‭ ‬هاي (عام 1911)  ‬الديمقراطية‭ ‬البرجوازية،‭ ‬للإطاحة‭ ‬بالنظام‭ ‬الإمبراطوري‭ ‬الاستبدادي‭ ‬الذي‭ ‬استمر‭ ‬عدة‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬السنين‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬وأقام‭ ‬جمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الوطنية،‭ ‬وطبق‭ ‬النظام‭ ‬البرلماني‭ ‬ونظام‭ ‬الأحزاب،‭ ‬مثل‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭. ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬اعتبر‭ ‬تقدما‭ ‬تاريخيا‭ ‬للنظام‭ ‬الإمبراطوري‭ ‬الاستبدادي،‭ ‬باء‭ ‬بالفشل‭ ‬بسرعة‭ ‬نتيجة‭ ‬لهجوم‭ ‬القوى‭ ‬الرجعية‭ ‬الصينية‭ ‬والأجنبية،‭ ‬ولم‭ ‬يستطع‭ ‬تحقيق‭ ‬الرغبة‭ ‬الملحة‭ ‬للشعب‭ ‬الصيني‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬استقلال‭ ‬الدولة‭ ‬والحقوق‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وقد‭ ‬لخص‭ ‬د‭. ‬صون‭ ‬يان‭ ‬صن‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬بقوله‭ ‬إن‭ ‬مجتمع‭ ‬الصين‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬ألا‭ ‬يمكن‭ ‬تقليد‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬وإدارة‭ ‬المجتمع‭.‬

في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1927‭ ‬إلى‭ ‬قبيل‭ ‬تأسيس‭ ‬الصين‭ ‬الجديدة‭ ‬عام 1949،‭ ‬كانت‭ ‬عصبة‭ ‬تشيانغ‭ ‬كاي‭ ‬شيك‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬الكومينتانغ‭ ‬الصيني‭ ‬تطبق‭ ‬نظام‭ ‬حكم‭ ‬الحزب‭ ‬الواحد‭ ‬الاستبدادي‭ ‬للسيطرة‭ ‬منفردا‭ ‬على‭ ‬سلطة‭ ‬الدولة،‭ ‬وتضرب‭ ‬وتضطهد‭ ‬القوى‭ ‬التقدمية‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬مخالفا‭ ‬بذلك‭ ‬تيار‭ ‬تطور‭ ‬السياسة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ورغبة‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬التاريخ‭ ‬ينبذها‭ ‬في‭ ‬النهاية‭.‬

اقتضى‭ ‬تطور‭ ‬السياسة‭ ‬الصينية‭ ‬الحديثة‭ ‬وجود‭ ‬نظام‭ ‬حزبي‭ ‬جديد‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬ظروف‭ ‬الصين،‭ ‬وقد‭ ‬تحمل‭ ‬هذه‭ ‬المسؤولية‭ ‬التاريخية‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬ومختلف‭ ‬الأحزاب‭ ‬الديمقراطية‭.‬

جمع‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬الذي‭ ‬تأسس‭ ‬عام‭ ‬1921‭ ‬بين‭ ‬الماركسية‭ ‬اللينينية‭ ‬وواقع‭ ‬الصين،‭ ‬وطرح‭ ‬منهاج‭ ‬الثورة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الجديدة،‭ ‬والتضامن‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬طبقات‭ ‬الثورة‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الكفاح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقلال‭ ‬الوطني‭ ‬وتحرير‭ ‬الشعب‭ ‬وازدهار‭ ‬وقوة‭ ‬البلاد‭ ‬وسعادة‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭. ‬ وكان‭ ‬الأساس‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للأحزاب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬رئيسيا‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬حرب‭ ‬المقاومة‭ ‬ضد‭ ‬العدوان‭ ‬الياباني (1937-1945) ‬وفترة‭ ‬حرب‭ ‬التحرير (1945-1949). ‬هو‭ ‬طبقة‭ ‬البرجوازية‭ ‬الوطنية‭ ‬وطبقة‭ ‬البرجوازية‭ ‬الحضرية‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمثقفون‭ ‬الذين‭ ‬لهم‭ ‬علاقة‭ ‬بهاتين‭ ‬الطبقتين‭ ‬والعناصر‭ ‬الوطنية‭ ‬الأخرى،‭ ‬والتي‭ ‬جمع‭ ‬بينها‭ ‬هدف‭ ‬سياسي‭ ‬هو‭ ‬مقاومة‭ ‬الإمبريالية‭ ‬وحب‭ ‬الوطن‭ ‬وتحقيق‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وكانت‭ ‬جميعها‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬التقدمية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الصيني‭. ‬أقام‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬علاقات‭ ‬تعاون‭ ‬وثيقة‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬الأحزاب‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وثابر‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬تلك‭ ‬العلاقات‭ ‬خلال‭ ‬مسيرة‭ ‬النضال‭ ‬المرير‭ ‬لتحقيق‭ ‬السلم‭ ‬والديمقراطية‭ ‬في‭ ‬الصين‭. ‬في‭ ‬فترة‭ ‬حرب‭ ‬مقاومة‭ ‬العدوان‭ ‬الياباني،‭ ‬اشتركت‭ ‬الأحزاب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬بنشاط‭ ‬في‭ ‬الجبهة‭ ‬الوطنية‭ ‬المتحدة‭ ‬لمقاومة‭ ‬العدوان‭ ‬الياباني،‭ ‬وقامت‭ ‬بحركات‭ ‬ديمقراطية‭ ‬لمقاومة‭ ‬اليابان‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬متضامنة‭ ‬مع‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬لمتابعة‭ ‬مقاومة‭ ‬العدوان‭ ‬الياباني‭ ‬والتضامن‭ ‬الوطني‭ ‬والتقدم،‭ ‬والتصدي‭ ‬لمحاولات‭ ‬الاستسلام‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬المتشبثون‭ ‬بالباطل‭ ‬في‭ ‬حزب‭ ‬الكومينتانغ‭ ‬وانقسامهم‭ ‬وتراجعهم‭. ‬وبعد‭ ‬الانتصار‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬مقاومة‭ ‬اليابان،‭ ‬تصدى‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬مع‭ ‬الأحزاب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬لسياسة‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬والحكم‭ ‬الاستبدادي‭ ‬التي‭ ‬انتهجتها‭ ‬عصبة‭ ‬تشيانغ‭ ‬كاي‭ ‬شيك‭ ‬وحزب‭ ‬الكومينتانغ‭.‬

أثناء‭ ‬قيادته‭ ‬للنضال‭ ‬العظيم‭ ‬للثورة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الجديدة‭ ‬نحو‭ ‬الانتصار‭ ‬العظيم،‭ ‬رسخ‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬مكانته‭ ‬القيادية‭ ‬المحورية‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬القوى‭ ‬الثورية‭. ‬وبعد‭ ‬المقارنة‭ ‬في‭ ‬الممارسة‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة،‭ ‬اختارت‭ ‬مختلف‭ ‬الأحزاب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والشخصيات‭ ‬غير‭ ‬الحزبية‭ ‬من‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬قيادة‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬واعية‭ ‬وجادة‭. ‬في‭ ‬إبريل 1948، ‬دعا‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬استشاري‭ ‬سياسي‭ ‬جديد‭ ‬وإقامة‭ ‬حكومة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬مشتركة،‭ ‬ولقيت‭ ‬دعوته‭ ‬استجابة‭ ‬حماسية‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الأحزاب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والشخصيات‭ ‬غير‭ ‬الحزبية‭ ‬من‭ ‬الديمقراطيين،‭ ‬التي‭ ‬عبرت‭ ‬علنيا‭ ‬عن‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬الكفاح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تأسيس‭ ‬صين‭ ‬جديدة‭ ‬معا‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭. ‬وقد‭ ‬عقد‭ ‬المؤتمر‭ ‬الاستشاري‭ ‬السياسي‭ ‬للشعب‭ ‬الصيني‭ ‬في‭ ‬سبتمبر 1948،  ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬بمثابة‭ ‬التدشين‭ ‬الرسمي‭ ‬لنظام‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬والتشاور‭ ‬الاستشاري‭ ‬السياسي‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني،‭ ‬فبدأ‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬ومختلف‭ ‬الأحزاب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والشخصيات‭ ‬غير‭ ‬الحزبية‭ ‬من‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬المشاركة‭ ‬معا‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬سلطة‭ ‬الدولة‭ ‬للصين‭ ‬الجديدة‭.‬‭ ‬

بعد‭ ‬تأسيس‭ ‬جمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية،‭ ‬سعى‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكمه‭ ‬للبلاد،‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬التضامن‭ ‬والتعاون‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬مختلف‭ ‬الأحزاب‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬ودفع‭ ‬النظرية‭ ‬المبتكرة‭ ‬للتعاون‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬وتطورها‭ ‬أثناء‭ ‬الممارسة‭. ‬بعد‭ ‬إنجاز‭ ‬الإصلاح‭ ‬الاشتراكي‭ ‬أساسيا‭ ‬عام 1956، ‬وتماشيا‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭ ‬العميقة‭ ‬التي‭ ‬شهدها‭ ‬الوضع‭ ‬الطبقي‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬طرح‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬مبدأ‭ " ‬التعايش‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬والمراقبة‭ ‬المتبادلة"، ‬لتوضيح‭ ‬أن‭ ‬بقاء‭ ‬الأحزاب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬سيستمر‭ ‬مع‭ ‬بقاء‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني،‭ ‬ويجوز‭ ‬للحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬أن‭ ‬يراقب‭ ‬الأحزاب‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬كما‭ ‬يجوز‭ ‬للأحزاب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬أن‭ ‬تراقب‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني؛‭ ‬وحيث‭ ‬أن‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬المكانة‭ ‬القيادية‭ ‬وفي‭ ‬الحكم،‭ ‬فإن‭ ‬الأحزاب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تراقب‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬رئيسيا‭. ‬وبذلك‭ ‬تشكل‭ ‬الوضع‭ ‬الأساسي‭ ‬للتعاون‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الاشتراكية‭ ‬الصينية‭. ‬ بعد‭ ‬عام‭ ‬1957‭ ‬وأثناء‭ ‬فترة‭ "‬الثورة‭ ‬الثقافية‭" (‬1976-1966‭) ‬خاصة،‭ ‬تعرض‭ ‬نظام‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬الصيني‭ ‬لنكسات‭ ‬خطيرة‭.‬

منذ‭ ‬انتهاج‭ ‬سياسة‭ ‬الإصلاح‭ ‬والانفتاح‭ ‬عام 1978، ‬وتماشيا‭ ‬مع‭ ‬تغير‭ ‬الوضع‭ ‬والمهام،‭ ‬أوضح‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬أن‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬هو‭ ‬سمة‭ ‬خاصة‭ ‬بل‭ ‬تفوق‭ ‬للنظام‭ ‬السياسي‭ ‬الصيني،‭ ‬وحدد‭ ‬مبدأ‭ " ‬التعايش‭ ‬لفترات‭ ‬طويلة،‭ ‬والمراقبة‭ ‬المتبادلة،‭ ‬والمصارحة،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬السراء‭ ‬والضراء‭ " ‬المدون‭ ‬بستة‭ ‬عشر‭ ‬مقطع‭ ‬كتابة‭ ‬صينيا،‭ ‬وطرح‭ ‬حزمة‭ ‬كاملة‭ ‬من‭ ‬النظريات‭ ‬والسياسات‭ ‬حول‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬والتشاور‭ ‬السياسي،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬التمسك‭ ‬بظام‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬وتحسينه‭ ‬وإكماله‭ ‬جزءا‭ ‬هاما‭ ‬من‭ ‬نظرية‭ ‬وممارسة‭ ‬الاشتراكية‭ ‬ذات‭ ‬الخصائص‭ ‬الصينية‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬1989‭ ‬وضع‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬الآراء‭ ‬حول‭ ‬التمسك‭ ‬بنظام‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬والتشاور‭ ‬الاستشاري‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬وتحسينه‭ ‬وإكماله،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬نظام‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬والتشاور‭ ‬السياسي‭ ‬يسلك‭ ‬طريقا‭ ‬نظاميا‭ . ‬في‭ ‬عام 1993،‭ ‬أثناء‭ ‬الدورة‭ ‬الأولى‭ ‬للمجلس‭ ‬الوطني‭ ‬الثامن‭ ‬لنواب‭ ‬الشعب‭ ‬أضيف‭ ‬للدستور‭ ‬الصيني‭ ‬نص‭"‬أن‭ ‬نظام‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬والتشاور‭ ‬السياسي‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬سيبقى‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬ويتطور‭"‬،  ‬مما‭ ‬أوجد‭ ‬سندا‭ ‬دستوريا‭ ‬لنظام‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬في‭ ‬الصين‭. ‬بعد‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوطني‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬للحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬عام 2002، ‬وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬الحضارة‭ ‬السياسية‭ ‬الاشتراكية،‭ ‬وضع‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬الآراء‭ ‬حول‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬نظام‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬والتشاور‭ ‬الاستشاري‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬للجنة‭ ‬المركزية‭ ‬والآراء‭ ‬حول‭ ‬تعزيز‭ ‬أعمال‭ ‬المؤتمر‭ ‬الاستشاري‭ ‬السياسي‭ ‬للشعب‭ ‬الصيني‭ ‬للجنة‭ ‬المركزية،‭ ‬بهدف‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬معياريا‭ ‬ومنهجيا‭.‬‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬الصين‭ ‬الجديدة،‭ ‬رسخ‭ ‬وتطور‭ ‬نظام‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬بلا‭ ‬انقطاع،‭ ‬ولعب‭ ‬دورا‭ ‬هاما‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬للبلاد‭.‬

لقد‭ ‬أثبت‭ ‬تاريخ‭ ‬وممارسة‭ ‬التطور‭ ‬السياسي‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬أن‭ ‬بناء‭ ‬السياسة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الصينية‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬ظروف‭ ‬الصين‭ ‬الأساسية،‭ ‬وأن‭ ‬نقل‭ ‬نظام‭ ‬سياسي‭ ‬ونظام‭ ‬حزبي‭ ‬من‭ ‬بلد‭ ‬آخر‭ ‬بصورة‭ ‬عمياء‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينجح؛‭ ‬وأن‭ ‬الحكم‭ ‬الاستبدادي‭ ‬مصيره‭ ‬الفشل‭ ‬حتما‭ ‬لأنه‭ ‬يخالف‭ ‬قانون‭ ‬التطور‭ ‬التاريخي‭ ‬وإرادة‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭. ‬لقد‭ ‬ثبت‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬وتطور‭ ‬نظام‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬الصيني‭ ‬اختيار‭ ‬حتمي‭ ‬لتطور‭ ‬تاريخ‭ ‬الصين‭ ‬الحديث‭ ‬والمعاصر،‭ ‬ونتاج‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬الماركسية‭ ‬اللينينية‭ ‬وواقع‭ ‬الصين،‭ ‬وبلورة‭ ‬لذكاء‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬ومختلف‭ ‬الأحزاب‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وأنه‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬ظروف‭ ‬الصين‭ ‬وواقع‭ ‬الثورة‭ ‬والبناء‭ ‬والإصلاح‭ ‬الصيني،‭ ‬ويتفق‭ ‬مع‭ ‬المتطلبات‭ ‬الجوهرية‭ ‬للسياسة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الاشتراكية،‭ ‬ويجسد‭ ‬التقاليد‭ ‬الثقافية‭ ‬الحميدة‭ ‬للأمة‭ ‬الصينية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ "‬وجود‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬الوحدة‭ ‬والتوفيق‭ ‬والجمع‭ ‬بين‭ ‬الأفكار‭ ‬المتنوعة‭"‬، ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإنه‭ ‬ذو‭ ‬خصائص‭ ‬صينية‭ ‬واضحة‭. ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬تيار‭ ‬تطور‭ ‬العصر‭ ‬ويجسد‭ ‬المتطلبات‭ ‬الداخلية‭ ‬للتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬الصين‭.‬