منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم: نسر يحلق فوق السهوب (صور)

قبل عشرين عاما ، وبالتحديد في يونيو عام 1987 ، قال السيد دنغ شياو بينغ كبير مهندسي الإصلاح والانفتاح في الصين في لقائه مع الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر :" تمتاز المنطقة بسعة السهوب وصغر الكثافة السكانية ، فمن الممكن جدا أن تتقدم غيرها إذا أتيحت لها فرصة التنمية.

المنطقة التي تحدث عنها دنغ هي منطقة منغوليا الداخلية ذات الحكم الذاتي التي تتربع في شمال أرض الصين ، وتمتد حوالي 2400 كم من الشرق الى الغرب ، وتلتحم مع أرض روسيا ومنغوليا شمالا على خط حدود طوله 4200 كم واكثر . في أول مايو من هذا العام ، تحتفل المنطقة بذكرى مرور ستين سنة على تأسيسها.

المنطقة تكبر الجمهورية بعامين

بعد انتصار حرب المقاومة ضد اليابان ( 1937 – 1945 ) ، أنشأ الحزب الشيوعي الصيني اتحاد حركة الحكم الذاتي لمنغوليا الداخلية استجابة لمطالب شعب منغوليا الداخلية في نوفمبر عام 1945 ، مما أنهى وضع انفصال الجزأين الشرقي والغربي للقومية المنغولية على مدى عدة قرون . وفي الفترة من 23 إبريل الى 3 مايو عام 1947 ، عقد مندوبو القوميات المختلفة لمنغوليا الداخلية مؤتمرا شعبيا في وانغ يه مياو ( مدينة أولانهوت اليوم )، وأجازوا (( المنهج الإداري لحكومة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم ))، وانتخبوا رئيس الحكومة ومسؤوليها الآخرين ، ايذانا بتأسيس حكومة الحكم الذاتي رسميا ، الأمر الذي يدل على ولادة أول منطقة ذات حكم ذاتي اقليمي قومي تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني ــ منطقة منغوليا الداخلية ذات الحكم الذاتي . وبعد اكثر من عامين من ذلك ، أي في أول اكتوبر من عام 1949 ، تأسست جمهورية الصين الشعبية ، فأصبحت منطقة منغوليا الداخلية جزءا هاما لا يتجزأ من الصين الجديدة .

حضارة عريقة للمنطقة

وصل الرحالة الإيطالي ماركو بولو ( 1254 - 1324 ) الى الصين في عام 1275 . وبعد عودته الى بلده عرَّف أبناءَ أوروبا على حضارة الصين لأول مرة في كتابه ، مما أثار اهتمام الأوروبيين الشديد بالصين الساحرة . كانت فترة مكوث ماركو بولو بالصين لعهد اسرة يوان (1271 - 1368) ، اي فترة حكم سلف القومية المنغولية الحالية للصين .

تسمي القومية المنغولية نفسها "Mon-gol "، وتعني الكلمة في اللغة المنغولية " النار الخالدة ". ظهرت هذه الكلمة أول ما ظهرت في عهد أسرة تانغ ( 618 – 907 ) . في بداية الأمر ، كانت " المغول" اسما لقبيلة من القبائل العديدة في حوض نهر إرقونه الذي هو المهد التاريخي للمغول . وفي القرن السابع الميلادي تقريبا ، أخذت قبيلة المغول تنتقل من حوض نهر إرقونه الى سهوب منغوليا الغربية . وفي ربيع عام 1206 ، قام جنكيزخان زعيم قبيلة المغول بتوحيد القبائل المختلفة بعد معارك كثيرة ، ومن هنا أصبحت " المغول " اسما عاما لكل القبائل في هضبة منغوليا ، وتشكلت القوميةالمنغولية الموحدة .

لكونها قومية بدوية راحلة قديمة في شمال الصين ، عُرفت القومية المنغولية أيضا بأنها " قومية على ظهر الخيل ". ظل أبناؤها يعيشون على رعي الحيوانات رئيسيا والزراعة ثانويا . وتم لهم إبداع عدد كبير من المؤلفات الكلاسيكية الثمينة عن التاريخ والأدب والطب والفلك والجغرافيا ، من ضمنها (( تاريخ المغول السري )) الذي اعتبر أقدم الوثائق التاريخية والأعمال الأدبية المدونة باللغة المنغولية في الصين ، وقد ادرج في قائمة " التراث الثقافي العالمي" لمنظمة اليونسكو للأمم المتحدة . وتعد ملحمة (( جيانغار )) البطولية اشهر عمل أدبي شعبي شفوي للقومية المنغولية ، وهي تصور مجتمع وتاريخ المغول في زمن الحرب القبائلية بشكل ملخص وحيوي ، فتعتبر من اهم ثلاث ملاحم بطولية في تاريخ الأدب الصيني .

أبناء القومية المنغولية مهرة في الغناء والرقص . والأغاني الشعبية المنغولية تضم نوعين :الألحان الطويلة والألحان القصيرة . وتمتاز الألحان الطويلة بنغمات موسيقية طويلة وكلمات قليلة ، وهي رنانة صافية تشيع عادة في المناطق الرعوية . أما الألحان القصيرة ، فلها إيقاع منتظم ووزن ثابت وتنتشر في المناطق شبه الزراعية وشبه الرعوية على وجه العموم . ورقص القومية المنغولية سريع الإيقاع ونشيط الحركات يظهر شهامة أبنائها وشجاعتهم بتعبير رائع . يكن المنغوليون حنينا خاصا للحصان . لذا ينحتون تمثال رأس الحصان على آلة طرب وترية تقليدية لديهم ويطلقون عليها اسم " ربابة رأس الحصان .

تعد حضارة السهوب المتوارثة لأبناء القومية المنغولية ، على غرار غيرها من حضارة نهر اليانغتسي وحضارة النهر الأصفر ، جزءا هاما من الحضارة الصينية ، كما أن منطقة منغوليا الداخلية التي يعيش ويتكاثر فيها شعب القومية المنغولية أحد مهود الحضارة الانسانية الصينية القديمة . ففي العصر الحجري القديم والحديث قبل عشرات الآلاف من السنين ، ترك أسلاف الأمة الصينية آثار أقدامهم في هذه الأرض، وخلقوا " ثقافة ختاو" ( تتمثل في الأحافير الأثرية المكتشفة في نهر سالا اوسو داخل ولاية اوكسين بمنطقة منغوليا الداخلية اليوم )، و" ثقافة داياو" ( اكتشفت في قرية داياو بشمال شرق مدينة هوهيهوت ، حيث عثر على أطلال لنشاطات الإنسان القديم في العصر الحجري القديم يعود تاريخها الى ما قبل 500 ألف عام ) ، و" ثقافة هونغشان" ( ثقافة هامة للعصر الحجري الحديث في شمال الصين )، و" ثقافة شياجيا ديان" ( ثقافة في عصر الأواني البرونزية في شمال الصين ) الخ . فساهموا مساهمة خالدة في إنشاء الحضارة القديمة للأمة الصينية .

 

1   2   3    


China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000