نظام الحكم الذاتي الاقليمي القومي في منغوليا الداخلية

إن الصين عائلة كبرى تتكون من 56 قومية، ووجدت في بحثها المستمر طريقاً ناجحاً لحل مسألة الأقليات القومية بتطبيق سياسة الحكم الذاتي الإقليمي للأقليات القومية وحققت التضامن القومي والاستقرار الاجتماعي، وكان هذا التطبيق قد بدأ رسمياً مع تأسيس منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم قبل 60 سنة والتي شكلت علامة بارزة له.

ظهور نظام الحكم الذاتي الإقليمي للأقليات القومية

الصين كدولة متعددة القوميات، ظلت معالجة مسألة الأقليات القومية بصورة جيدة فيها موضوعا مهما يواجه كل السلطات الصينية عبر الحقب التاريخية المختلفة. واهتم الحزب الشيوعي الصيني منذ تأسيسه بمسألة الأقليات القومية اهتماما كبيرا، وظل يواصل بحثه عن سبل لحل مسألة الأقليات القومية بجد واجتهاد، وبعد بحوث شملت وسائل مختلفة، حدد أخيرا سياسة الحكم الذاتي الإقليمي للأقليات القومية التي تتفق مع واقع أوضاع الدولة.

وبعد انتصار حرب المقاومة ضد اليابان (1937م – 1945م) ، أنشأ الحزب الشيوعي الصيني /إتحاد حركة الحكم الذاتي لمنغوليا الداخلية/ استجابة لمطالب مواطني منغوليا الداخلية في نوفمبر عام 1945، مما أنهى وضع انفصال الجزأين الشرقي والغربي للقومية المنغولية الذي ساد على مدى عدة قرون . وفي الفترة من 23 إبريل الى 3 مايو عام 1947، عقد مندوبو القوميات المختلفة بمنغوليا الداخلية مؤتمراً شعبياً في مدينة أولانهوت، وأجازوا "المنهج الإداري لحكومة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم"، وانتخبوا رئيس الحكومة ومسؤوليها الآخرين ، إيذانا بتأسيس حكومة الحكم الذاتي رسميا ، الأمر الذي يدل على ميلاد أول منطقة حكم ذاتي إقليمي للأقليات القومية تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني،وهي منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم. وأعلن تأسيس حكومة منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم بمدينة أولانهوت رسميا في الأول من مايو عام 1947، وبعد أكثر من عامين من ذلك ، أي في أول اكتوبر من عام 1949 ، تأسست جمهورية الصين الشعبية ، فأصبحت منطقة منغوليا الداخلية جزءا هاما لا يتجزأ من الصين الجديدة.

وعلى ضوء سياسة الحكم الذاتي الإقليمي للأقليات القومية، تأسست في منغوليا الداخلية ثلاث ولايات ذاتية الحكم للأقليات القومية على التوالي وهى داهانآر وأونك وألونتشون و19 محافظة للأقليات القومية وساهمت في تأسيس نظام الحكم الذاتي الإقليمي للأقليات القومية وتشكيله وتحسينه في بلادنا، وقامت بالبحث المستمر في عملية الإدارة القانونية لمناطق الأقليات القومية.

ووفقا لرئيس لجنة شؤون القوميات بالمنطقة السيد أديا ، فإن المنطقة الذاتية الحكم بالإضافة الى ممارسة الصلاحيات الإدارية العادية، تمارس أيضاً سلطات الحكم الذاتي بجدية من حيث التشريع والتعديل واللغة وتربية الكوادر وفي مجالات الإقتصاد والمال والثقافة والتربية والتعليم وغيرها منذ سنوات. مثلا وضعت وأجازت المنطقة 449 لائحة محلية على التوالي، وبينها 72 لائحة أدخلت بعض التغييرات للتكيف مع الظروف الفعلية لممارسة صلاحيات إجراء التعديلات الصحيحة في المناطق القومية الذاتية الحكم. ويشكل عدد السكان من الأقليات القومية 21.6% من اجمالي عدد السكان في منغوليا الداخلية، وتشكل الكوادر من أبناء الأقليات القومية 30.59% في الحكومة والحزب والهيئات الحكومية، وهي أعلى من نسبة عدد السكان من الأقليات القوميات في المنطقة.

60 عاماً من التطبيق والتطور

كانت منغوليا الداخلية منطقة فقيرة ومتخلفة قبل 60 سنة. وبعد تأسيس المنطقة الذاتية الحكم، شهدت تطورات مستمرة اقتصاديا واجتماعيا، وظهرت منغوليا الداخلية الجديدة أمام العالم.

وبعد تطبيق سياسة الاصلاح والانفتاح في الصين، دخل اقتصاد المنطقة الى مرحلة تطور سريع تدريجيا، وظهر وضع جيد لاستقرار اجتماعي طويل المدي. وخاصة بعد حلول القرن الجديد، استنجدت منغوليا الداخلية بميزاياتها في سياسة الحكم الذاتي الإقليمي في مناطق الأقليات القومية، وانتهزت فرصة تنمية المنطقة الغربية الكبرى لدفع عملية الصناعة والزراعة والبناء الحضري، وحدثت تغيرات هائلة تاريخية في معيشة السكان بالمدن والأرياف، وكشفت طريقا جيدا وسريعا للتنمية يتفق مع واقع منغوليا الداخلية.

وجعلت منطقة منغوليا الداخلية في الوقت الحالي، كل البلاد حتى العالم يشعر بتطورها اقتصاديا واجتماعيا. فبين كل أربع مصابيح إضاءة في بكين ينتج واحد منها في منغوليا الداخلية، وتشكل علامتا ييلي ومنغنيو التجاريتان وغيرها من المؤسسات أكثر من نصف سوق منتجات الحليب في البلاد، وقد أنشأ مطعمها "شياوفييانغ" بأطعمته اللذيذة فروعاً له في أنحاء البلاد حتى في أوربا وأمريكا، وعلامة "أردوس" التجارية وغيرها من العلامات التجارية المشهورة لملابس منسوجة من زغب الغنم قد وجدت ترحيبا من الذبائن في العالم.

وحسب إحصاء في عام 2006، فقد بلغ اجمالي الناتج المحلي للمنطقة 479 مليار يوان صيني، ومعدل نصيب الفرد من اجمالي الناتج المحلي 2513 دولاراً أمريكياً، والدخل المالي 71.29 مليار يوان صيني. وفي السنوات الخمس الأخيرة، سجل اجمالي الناتج المحلي للمنطقة معدل نمو بواقع 16.6% سنويا، وظل معدل النمو هذا في المرتبة الأولي في كل البلاد لسنوات متتالية.

بحث طريق حل لمسألة الأقليات القومية

اتخذت الصين أسلوب الحكم الذاتي الإقليمي للأقليات القومية لمعالجة مسألة هذه القوميات. أي أنه خاضع لقيادة الدولة الموحدة ويقتصر أساسا على الأقاليم التي تقيم فيها الأقليات القومية، بحيث تُؤسس أجهزة الحكم الذاتي لممارسة سلطات الحكم الذاتي.

ولاتساع مساحة الصين، فإن كل قومية من القوميات تتحلي بخصائص مختلفة في التطور التاريخي والحياة الاقتصادية والثقافية والعادات والتقاليد. وتتمتع الأقاليم التي يطبق فيها الحكم الذاتي الإقليمي للأقليات القومية بحقوق حكم ذاتي كثيرة في التنمية الاقتصادية. وتتمثل في قيادة ومساعدة الدولة لها في دفع التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي. وفقا لإحصاء، فإنه منذ تطبيق السياسة المالية النشطة، تم تدبير استثمارات بالسندات الوطنية بقيمة 2ر110 مليار يوان، شكلت ثُمن مجمل قيمة الاستثمارات للسندات الوطنية، لخمس مناطق ذاتية الحكم هي: شينجيانغ والتبت ومنغوليا الداخلية وقوانغشي ونينغشيا. وتستخدم بصورة رئيسية في بناء منشآت البنية الأساسية للزراعة وتربية المواشي والتحريج والري وسكك الحديد والطرق العامة، ومنشآت البنية الأساسية المتعلقة بمعيشة السكان في المدن والأرياف وتحويل الأراضي الزراعية إلى غابات وامدادات المياه في المدن والبلدات ومعالجة المياه الملوثة والنفايات وإصلاح الشبكات الكهربائية الريفية وغيرها. الأمر الذي أرسى قاعدة جيدة لرفع مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق المأهولة بالأقليات القومية.

وبالإضافة إلى ذلك، وضعت الصين بالنسبة إلى 22 أقلية قومية، يقل عدد سكان كل منها عن 100 ألف ومستواها العام من التنمية الاقتصادية والاجتماعية متخلف لأسباب تاريخية وطبيعية، ومشاكل الفقر وسطها لا تزال بارزة حتى الوقت الراهن، وضعت الصين ((خطة التنمية لمساعدة الأقليات القومية القليلة العدد 2005 – 2010)). بحيث، قررت بذل جهود لوصول مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه المناطق إلى مستوى متوسط في المنطقة ذاتها أو فوق المتوسط خلال خمس سنوات، من خلال زيادة الاستثمارات والمساعدات من المناطق المتطورة الساحلية والمدن المتوسطة والكبيرة والمؤسسات الكبري.

وفي الوقت الراهن، تم إنشاء 155 إقليما ذاتي الحكم للأقليات القومية في الصين ، منها 5 مناطق و30 ولاية و120 محافظة، تشكل مساحتها 64% تقريبا من مجمل مساحة الصين. إن تطوير وإكمال وتحسين نظام الحكم الذاتي الإقليمي للأقليات القومية قد لعب دورا هاما في ضمان الحقوق المتكافئة لمختلف القوميات ودفع التنمية والازدهار المشتركين وحماية وحدة البلاد والقوميات.

لقد برهنت الممارسات على أن نظام الحكم الذاتي الإقليمي للأقليات القومية قد حقق منجزات رائعة. وكان خياراً صحيحاً وملائماً لأحوال الصين والمصالح المشتركة للقوميات المختلفة.

 

شبكة الصين / 18 يوليو 2007 /

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000