标题图片
Home
arabic.china.org.cn | 09. 03. 2016

خطة الصين الخمسية الثالثة عشرة للتنمية: فرص وتحديات

بقلم: أشرف السيد محمد

9 مارس 2016 / شبكة الصين/ هناك أسباب عديدة للاهتمام العالمي بخطة الصين الخمسية الثالثة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (2016- 2020) ، فالصين ليست فقط ثاني أكبر اقتصاد في العالم من حيث حجم الناتج المحلي الإجمالي، وإنما أيضا من أهم محركات نمو الاقتصاد العالمي، كما أن الصين، التي ستصبح عملتها (الرنمينبي) ضمن سلة عملات حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي اعتباراً من شهر أكتوبر هذا العام، 2016، تشهد منذ عامين تباطؤاً في نمو اقتصادها، فقد تراجع معدل نمو اقتصاد الدولة الأكثر سكاناً في العالم في سنة 2015 إلى أقل من 7% (9ر6% تحديدا) لأول مرة منذ عام 1990، هذا التراجع يفرض مزيداً من الضغوط على الحكومة الصينية، وله تأثيره على الأسواق العالمية.

إن الحكومة الصينية، إدراكاً منها لأهمية أن يفهم المجتمع الدولي السياسات الصينية خلال السنوات الخمس المقبلة، حرصت على ترجمة نصوص الخطة الخمسية الثالثة عشرة إلى سبع لغات، منها اللغة العربية، لأن أي تطور فى صياغة سياسة اجتماعية واقتصادية جديدة بالصين يجذب اهتمام الرأي العام الدولي، ويحفز مختلف الدول لتعزيز تعاونها مع الصين لتحقيق المزيد من المنافع المتبادلة.

وإذا كانت الخطة الخمسية الأولى للتنمية في الصين، والتي بدأت عام 1953، قد حملت أهمية تاريخية خاصة، إذ تم خلالها تأسيس القواعد الصناعية ووضع أسس صناعة الدفاع الوطني وتحسين الزراعة والإصلاح الزراعي، وغيرها من الإجراءات التي أسست للبناء الاشتراكي في الصين، فإن الخطة الثالثة عشرة لا تقل أهمية عنها، كونها أول خطة خمسية يتم وضعها في عهد الرئيس الصيني الحالي شي جين بينغ، وتأتي في مرحلة تواجه الصين خلالها تحديات جمة؛ بعضها جديدة وبعضها من تداعيات نمط التنمية الذي اتبعته الصين منذ تبني سياسة الإصلاح والانفتاح في عام 1978.

ومع إقرار مجلس نواب الشعب الصيني، في شهر مارس 2016، للخطة، ستقوم الوزارات والسلطات المحلية المعنية بإعلان خططها الخمسية الفرعية، والتي تعتبر كل منها بمثابة خارطة طريق خاصة بها لتنفيذ الأهداف التي وضعتها الحكومة المركزية.

وتتمثل الأهداف الرئيسية للخطة الصينية الخمسية الثالثة عشرة، وفقا لمقترحات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في اجتماعها خلال شهر نوفمبر 2015، في ما يلي: الحفاظ على نمو اقتصادي مستقر وسريع نسبياً، رفع دخل الفرد بشكل عام، تعزيز البناء الاجتماعي بشكل ملحوظ، تحسين نظام الطاقة، تعميق الإصلاحات الضريبية والمالية، تحسين القدرة التنافسية الدولية، تعميق إصلاحات الأراضي الزراعية، اعتماد التنمية على أسس الابتكار.

ومن الملاحظ أن الخطة الجديدة تضع الإبداع والابتكار على قمة أولويات التنمية الصينية خلال السنوات الخمس المقبلة، وهو الأمر الذي يؤكد عزم الصين على تحويل نمط تنميتها، وتكييف الاقتصاد الصيني في وضع طبيعي جديد، يتسم بمعدل نمو أقل ولكن بكفاءة وجودة أعلى. وقد أكد نائب رئيس مجلس الدولة الصيني، تشانغ قاو لي، على أهمية بذل المزيد من الجهود خلال فترة الخطة الخمسية الثالثة عشرة، وقال: "إن التنمية يجب أن توضع على قمة الأولويات، ويجب القيام بالمزيد من العمل لدعم التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال تحسين السيطرة الاقتصادية الكلية، والسماح للاستهلاك والاستثمار أن يقوما بأدوارهما، وأضاف: "ستواصل الصين استراتيجيتها لتحقيق التنمية عن طريق الابتكار، والحفاظ على نمو بسرعة من متوسطة إلى عالية، وستواصل الصين تنسيق التنمية الريفية- الحضرية، وتفتح مجالاً جديداً للتنمية وتعزز محركات جديدة للتنمية، وستواصل الإصلاح والانفتاح لإزالة معوقات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما يجب إبراز الحماية البيئية من خلال دعم التنمية المنخفضة الكربون ومكافحة تلوث الهواء والمياه والتربة." وأكد تشانغ على مكافحة الفقر لضمان أن تعود الإصلاحات بالنفع على المزيد من المواطنين بطريقة عادلة.

في مقالة نشرتها صحيفة ((The Telegraph)) البريطانية في الثالث والعشرين من نوفمبر 2015، لخص أندرو مودي، المتخصص في الشؤون الصينية، السمات التي تميز الخطة الخمسية الثالثة عشرة في ما يلي:

في مجال الحوكمة: تحديث أنظمة إدارة الحكم (الحوكمة) على المستوى الوطني، وتعزيز الجهود الرامية إلى تحسين آليات الديمقراطية، وسيادة القانون، والمصداقية القضائية، وحماية حقوق الإنسان وحقوق الملكية، تعزيز التنسيق الدولي لسياسات الاقتصاد الكلي والقيام بدور نشط في وضع القواعد في مجالات جديدة، مثل الإنترنت، أعماق البحار والمناطق القطبية والفضاء الخارجي.

في مجال التعليم: إعطاء الجامعات ومعاهد البحوث مزيداً من الاستقلالية، والسماح لقادة المشروعات بمزيد من حرية اتخاذ القرارات الاستراتيجية، بما في ذلك الإدارة المالية وشؤون العاملين، تعزيز القدرات في مجال التدريس المبتكرة لضمان أن يستوفي عدد متزايد من الجامعات المعايير العالمية، وإنشاء نظام المدارس المهنية الحديثة، وتشجيع بعض الجامعات لتصبح مؤسسات للتعليم المهني، تشجيع التعاون بين المدارس والمؤسسات لتدريب العمال المهرة، ورفع رواتب العمال المهرة.

في المجال الاجتماعي: طرح وتعزيز نمط جديد للتحول الحضري يركز على تحسين سبل العيش، وتعميق إصلاح نظام القيد العائلي، تحسين نظام الضمان الاجتماعي ليشمل جميع المقيمين بصفة قانونية، وخفض أسعار التأمين إلى مستوى معقول، إجراء تعديلات معقولة لصندوق التقاعد، وزيادة قنوات الاستثمار للصندوق، ورفع العائد على الاستثمار، ووضع سياسات لرفع سن التقاعد تدريجياً، وتحقيق تقدم في التأمين التجاري للرعاية الصحية لكبار السن وخطط التقاعد للشركات، زيادة الاستثمارات من الحكومة المركزية والحكومات المحلية لدمج قنوات تخفيف الفقر، واستكشاف المزيد من القنوات المالية لمكافحة الفقر.

في مجال الرعاية الصحية: الدعوة إلى التنفيذ الكامل لسياسة تنظيم الأسرة والسماح للزوجين بإنجاب طفلين، تحسين الخدمات الصحية والصحة الإنجابية للمرأة والرعاية الصحية للأطفال وخدمات التمريض، إصلاح شامل في المستشفيات العامة وإنهاء النظام الذي يقوم على الربح، وإنشاء نظام للعاملين وأجور مناسبة في قطاع الرعاية الصحية يقوم على التوزيع الأمثل للموارد.

في مجال التكنولوجيا : توسيع اقتصاد الإنترنت وتطبيق خطة الإنترنت+ وزيادة سرعة الشبكة العنكبوتية وتخفيض الرسوم، زيادة الدعم لابتكارات الفضاء الإلكتروني في الصناعات وسلاسل الإمداد والتوريد والخدمات اللوجستية، تنظيف بيئة الإنترنت وتشجيع ثقافة الفضاء الإلكتروني، وتعزيز التنمية المختلطة لوسائل الإعلام التقليدية والجديدة وتسريع الرقمنة.

في مجال البيئة: إدخال نظام التدقيق والمحاسبة للمسؤولين الذين تنتهي فترة عملهم، أخذاً في الاعتبار حماية البيئة، وجعل حماية الموارد الطبيعية جزءاً من تقييم أداء المسؤول، تعزيز الإنتاج النظيف، وإقامة نظم الصناعة الخضراء ومنخفضة الكربون، وتعزيز التمويل الأخضر، وإنشاء صندوق للتنمية الخضراء، تشجيع استخدام السيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة ومواصلة بناء قطاع السيارات الكهربائية، إقامة نظام وطني للرصد البيئي على الإنترنت، ونظام الانبعاثات المسموحة والذي يغطي الشركات ذات مصادر التلوث الثابتة.

في مجال الاقتصاد: تحسين المنافسة في القطاعات الاحتكارية مثل الكهرباء والاتصالات والنقل والبترول والخدمات العامة، تعزيز الإصلاحات المالية ومسؤوليات الحكومة المركزية والسلطات الأخرى للموافقة على تخصيص عائداتها، تسريع الإصلاح المالي وتحسين نظم إصدار وتداول الأسهم والسندات، فتح الأسواق المالية والاستفادة من إدراج العملة الصينية في سلة حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد لتحقيق حساب رأس المال القابل للتحويل.

في مجال الزراعة: تعزيز نمط جديد من المزارعين المهنيين، وإصلاح نظام الأراضي في المناطق الريفية وتشجيع الانتقال المنظم لحقوق إدارة الحقول الزراعية.

في المجال العسكري: تسريع الإصلاحات العسكرية وإقامة جيش حديث ذي خصائص صينية.

وتأكيداً على الفرص التي تتيحها الخطة الخمسية الصينية لتعاون الصين مع الدول النامية، قال عضو مجلس الدولة الصيني، يانغ جيه تشي، فى حفل افتتاح المنتدى الثانى لتعاون الحكومات المحلية بين الصين وأفريقيا الذي عقد في بكين في الحادي عشر من نوفمبر 2015، إن الخطة بتأكيدها على مفهوم التنمية "الابتكارية والمنسقة والخضراء والمنفتحة، تقدم فرصاً للتعاون بين الصين وأفريقيا وتحقق ربحاً مشتركاً للطرفين، وفي رسالة، وجهها وزير خارجية الصين وانغ يي، من خلال صحيفة ((الشعب اليومية)) إلى الدول العربية قبيل الزيارة التي قام بها الرئيس شي جين بينغ إلى كل من السعودية ومصر في يناير 2016، قال: "إن الخطة الخمسية الثالثة عشرة للصين طرحت مفهوم التنمية الابتكارية والمتناسقة والخضراء والمنفتحة، والتشاركية، والتي ستدفع الاقتصاد الصيني لتحقيق معدل نمو أكثر استدامة بين المتوسط والعالي، وأعتقد أن هذا سيفتح آفاقاً مشرقة للتعاون الودي بين الصين والدول العربية."

--

أشرف السيد محمد، باحث مصري متخصص في الشؤون الآسيوية

 

---------------------------------------

الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، وليس الشبكة

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

الترتيب للأخبار

تعليق

تعليق
مجهول
الاسم :
(0) مجموع التعليقات :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号