标题图片
Home
arabic.china.org.cn | 07. 03. 2016

قراءة موجزة لتقرير عمل الحكومة الصينية لعام 2016

بقلم: عباس جواد كديمي

7 مارس 2016 / شبكة الصين/ في مطلع شهر مارس من كل عام، تسود الصين أجواء مميزة مع انعقاد اجتماعات دورتي المجلس الوطني لنواب الشعب(البرلمان)، والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني(المستشارون)، أو ما باتت تُسمى اختصارا "الدورتان"، حيث تشهد البلاد طابعا سياسيا وتشريعيا وتشاوريا يتجسد في أهم الأحداث السنوية في الصين، وتتم مراجعة ومناقشة وإقرار السياسات الهامة، في وقت لم تعد فيه هذه الأحداث مهمة للصين فحسب بل للعالم أجمع، بسبب ما أضحت عليه الصين من مكانة لها تأثير متزايد في العالم. ولعل أبرز فعاليات الدورتين تقرير عمل الحكومة لاستعراض ما حققته خلال العام الماضي، وما تستهدفه في العام المقبل. إن مراجعة تقرير عمل الحكومة ومناقشات نواب الشعب الصيني ومقترحات مستشاريه، أضحت تحظى باهتمام كبير لاسيما في المجال الاقتصادي. منذ عام 2008 والعالم يعاني من تباطؤ اقتصادي يلقي بظلاله على اقتصادات العالم ومنها الاقتصاد الصيني، الذي ظل يحقق معدلات نمو قياسية على مدى العقود الثلاثة المنصرمة، منذ بدء الصين سياسة الإصلاح والانفتاح عام 1978. وبفضل حيويته ودوره المتزايد الأهمية في الاقتصاد العالمي، أصبح الاقتصاد الصيني، الثاني عالميا حاليا، قاطرة الاقتصاد العالمي، ويحظى بالاهتمام الذي نراه يوميا، ولكن هذا الاهتمام يتزايد مع الموسم السياسي والتشريعي للصين خلال فترة الدورتين. وفي ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، من الطبيعي أن تكون المتابعة دقيقة غير عادية للاقتصاد الصيني، وتجذب السياسات الصينية اهتمام العالم، وهذه السياسات أكثر ما تبرز وتتحدد في تقرير عمل الحكومة الذي يلقيه رئيس مجلس الدولة الصيني أمام نواب الشعب الصيني والمستشارين السياسيين.

هدف نمو واقعي قابل للتحقيق

لقد جاء تقرير عمل الحكومة لهذا العام واثقا ومُدركا للتحديات في آن واحد. في العام الماضي، كانت الحكومة الصينية قد حددت هدفا لنمو إجمالي الناتج المحلي عند رقم محدد هو 7%، وكانت تأمل في تحقيقه، ولكنه لم يتحقق تماما، بل جاء الرقم عند 6.9%، وهو الأدنى على مدى 25 سنة مضت. وإدراكا منها لمسئولية الصين كدولة كبيرة، حددت الحكومة الصينية هذا العام هدفا للنمو يتراوح ضمن نطاق معين، وليس رقما محددا كما بالماضي. وبعد الأخذ بالاعتبار كافة الظروف الداخلية والخارجية المحيطة بالاقتصاد الصيني الذي دخل "الوضع الطبيعي الجديد"، وضعت الحكومة هدف النمو بين 6.5-7%. المتابعون والمراقبون والمعنيون بتحليل ظروف الصين وإمكانياتها ومشاكلها والتحديات التي تواجهها، يرون أن سبب وضع هذا الهدف ضمن مدى وليس رقما محددا كما في الماضي يعود إلى النظرة الواقعية للظروف الاقتصادية في الصين وخارجها، وسعي الصين لتحقيق تنمية نوعية وليس مجرد أرقام، وهذا الأمر يعطي الحكومة فسحة من المرونة لتحقيق هذا الهدف وأهداف أخرى هامة مثل تحسين معيشة الشعب. إنه هدف واقعي يمكن تحقيقه، على ضوء عوامل عديدة، منها مثلا:

استمرار عملية الإصلاح والانفتاح والتنمية السلمية

لا يخفى على أحد أن القوة الدافعة المميزة لقاطرة الاقتصاد الصيني هي إجراءات الإصلاح والانفتاح، وما تلا ذلك من حيوية تفاعلية للصين مع العالم. يمكن القول إن الصين تتميز عن غيرها بأنها تتمتع بمساحات شاسعة، أي سوق كبيرة جدا، وتعداد سكان هائله الأكبر عالميا، وموارد كبيرة وافرة، والأهم من كل هذا هو الطبيعة المسالمة لهذا الشعب، والتي تسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي، وكذلك الاستقرار السياسي، وهي الأرضية الصلبة اللازمة لتحريك عجلة الاقتصاد والحفاظ على زخم التحرك وجذب الحيوية من الداخل والخارج خاصة الاستثمارات وتشاطر الخبرات والتجارب الناجحة، والتفاعل الضروري في عالم اليوم. عملية الإصلاح والانفتاح تعني أن الصين قد فتحت أبوابها للتعاون المتبادل المنفعة، بما يتماشى ويتلاءم وينفع البلاد والمتعاونين معها، ولا رجعة عن هذا الانفتاح. ورغم برودة الاقتصاد، ورغم ما قد يثيره بعض المتشائمين من الشكوك حول الاقتصاد الصيني، ولكن المعرفة الواقعية للصين، مساحة وسكانا وموارد وإمكانيات، تعزز الثقة بالنمو المستقبلي لاقتصاد الصين. فإذا تأثرت الصين بتباطؤ الاقتصاد العالمي، وشهدت صادراتها انخفاضا، فموارد السوق الصينية الداخلية الهائلة كفيلة بتحفيز النمو الاقتصادي، وهذا ما أكده رئيس مجلس الدولة الصيني في تقرير العمل لهذا العام، حيث قال إنه رغم المصاعب والتحديات، ولكن الصين عازمة على المضي قدما بالإصلاحات وتعديل الهياكل بما يسهم في ترقية الصناعات، وتوفير السياسات وحفز الطلب الاستهلاكي المحلي. إنها عمليات مترابطة توفر محفزات اقتصادية أكيدة للنمو في الصين، وتؤكد الثقة فيه.

الخطة الخمسية الـ13

من العوامل الواقعية الأخرى المحفزة لتحقيق هدف الحكومة الصينية بنمو إجمالي الناتج المحلي ضمن مدى 6.5-7%، هي المشاريع الطموحة للخطة الخمسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد(2016-2020)، وهذا العام هو الأول لتطبيقها. خلال السنوات الخمس المقبلة، سيتحول الاقتصاد الصيني من اقتصاد يعتمد على الصناعات والاستثمار إلى اقتصاد تقوده الخدمات والابتكار والاستهلاك. ومن بين مشاريع كبيرة عديدة، يمكننا الإشارة لمشروعين كبيرين فقط يوضحان مدى الطموح والإمكانية لتوفير قوى دافعة للتنمية في الصين، وهما مشروع بناء خطوط السكك الحديدية العالية السرعة التي تمتد لأكثر من 10 آلاف كم، لربط أكثر من 80% من المدن الكبيرة بالصين، ومشروع تطوير شبكة الطرق السريعة في عموم البلاد، وهذه المشاريع في مجالات البنية التحتية المواصلاتية على سبيل المثال لا الحصر، إضافة إلى مشاريع الحضرنة الجديدة، توفر محفزات اقتصادية هائلة.

هدف المئوية الأولى

إن ما تسعى إليه الصين حاليا يختلف عما مضى، حيث تسعى اليوم إلى بناء مجتمع ذي معايير أعلى، وهو ما وضعته الصين ضمن مهمة بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل بحلول عام 2020، أي الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني عام 1921. هذا الهدف واسع وطموح يتضمن تطوير وترقية برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية والخدمات الطبية والخدمات المجتمعية ومنها الخدمات لكبار السن، والعمل على تحسين دخل المواطنين وتحرير قوتهم الشرائية، وخطط حفز الاستهلاك والطلب المحلي وتعزيز دور قطاع الخدمات، وبرامج التطوير والإبداع والابتكار، وتعزيز البرامج الثقافية للمواطنين، وتحفيز تطور التعليم على نحو عادل ورفع نوعيته، وحماية البيئة وفكرة بناء الصين الجميلة. وهدف تحقيق التصنيع من حيث الأساس، ومنه برنامج "صنع في الصين 2025" وهو برنامج واسع داخليا وله علاقات شراكة تعاونية مع العديد من الخطط والبرامج العالمية. وهذه الأهداف والمشاريع المرتبطة بها ستسهم بلا شك في مساعدة الحكومة الصينية لتحقيق هدفها بتوفير فرص العمل للمواطنين، ومنهم ملايين الخريجين الجامعيين كل عام، وهذه السنة بالذات 2016، تستهدف الحكومة توفير 10 ملايين فرصة عمل جديدة، وهو هدف ليس عصيّا، على ضوء ما تحقق خلال الأعوام الماضية بالمناطق الحضرية. وهذه بعض من العوامل الواقعية الكثيرة التي تؤكد أنه لا داعي للقلق على اقتصاد الصين.

مبادرة الحزام والطريق

إنها مبادرة واسعة ترتبط بالحلم الصيني والنهضة العظيمة للأمة الصينية، أطلقتها الصين عام 2013 على لسان رئيسها شي جين بينغ، لإحياء طريق الحرير القديم الذي أثرى التعاون التجاري والترابط الثقافي للصين والعالم قبل مئات السنين، وتفعيل طريق الحرير البحري للقرن الـ21. هذه المبادرة أصبحت تعرف اختصارا بـ(الحزام والطريق). إنها تشمل آسيا الوسطى وشمال أفريقيا وغربي آسيا وأوروبا الوسطى والشرقية، ويمكن أن تتوسع أكثر، فهي ليست محصورة بمناطق معينة، وتغطي 65 دولة، وتعداد سكان يصل لـ4.4 مليار نسمة، واقتصادات يصل حجمها الإجمالي لنحو 21 تريليون دولار، أي أنها تغطي سوقا هائلة توفر فرص تعاون مزدوج المنفعة لكل من يريد المشاركة فيها. الصين تربط حلمها مع الحلم العالمي، وقد أكدت الرغبة للتعاون، وخصصت الإمكانيات والأموال اللازمة لتمويل المشاريع المعنية، وأسست مع الدول المعنية البنك الآسيوي للاستثمار بالبنية التحتية، رأسماله الأولي 50 مليار دولار، يموّل مشاريع كبيرة مفيدة لتوفير الأساس لمزيد من التعاون، وتوفير فرص العمل لملايين الناس. ومرة أخرى نقول إن هدف الحكومة الصينية يمكن تحقيقه، ولا يوجد مبرر للقلق، ولكن يوجد إدراك لحجم المسئولية والتحديات، وهو ما أشار إليه رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ حين اعترف في تقرير عمل حكومته أن الصين تواجه المزيد من الصعوبات والتعقيدات في مسيرة تنميتها هذا العام، الأمر الذي يوجب عليها الاستعداد لذلك.

 

-------------------------------------

الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، وليس الشبكة

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

الترتيب للأخبار

تعليق

تعليق
مجهول
الاسم :
(0) مجموع التعليقات :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号