"صفعة على الوجه" لباريس
يبدو أن ما حدث في تتابع الشعلة بباريس قد أثار موجة من الجدل في بعض وسائل الإعلام الفرنسية، حيث أعلن العنوان الرئيسي لصحيفة الفيجارو اليومية "فشل تام لتتابع الشعلة في باريس". وتحدثت "التحرير" وهي صحيفة فرنسية أخرى عن "هزيمة" الصين في نبرة ساخرة.
وهل هذه هي الصحيفة التي تميزت على مدى طويل بالمهنية والموضوعية؟ وهل هذه هي الأمة التي تدعو الى التسامح والكياسة ؟
ومن المؤكد أن بكين هى المدينة التي ستستضيف الألعاب الأولمبية، والصين هي البلد المُستضِيف للألعاب الأولمبية. ولكن على الشعب الفرنسي أن يتذكر أن باريس في هذا الوقت، كجزء من مسار الشعلة، هي المسؤولة عن مرحلة باريس من التتابع. وكان القصد أن تستضيف قاعة مدينة باريس واللجنة الأولمبية الفرنسية هذا الحدث هذه المرة. ومع ذلك فإن هذا الحدث، الذي كان ينبغي أن يشكل مناسبة مُبهِجة، قد انحدر الى هوة الفوضى وانتهي الي شئ يدعو للأسف والشفقة. كيف يمكن أن يكون بعض الفرنسيين بلا استيحاء أو حرج بما فيه الكفاية ليجدوا الفرحة في المشاجرات؟ .
وحسب وسائل الإعلام الفرنسية ورأى مختلف الزعماء السياسيين، في باريس فإن كل مواطن له الحق في التجمع، والتظاهر، والاحتجاج. ولكن كما أشار العديد من الناس فإنه من خلال محاولة انتزاع الشعلة وإطفاء اللهب، لم يكن الموالون للمتطرفين للتبت يعبرون بشكل من أشكال التظاهر والاحتجاج الشرعية. ولم ينتهكوا فقط حرية الناس الآخرين، بل داسوا بالأقدام أيضاً علي روح الألعاب الأولمبية، التي ينبغي احترامها من قبل الناس في جميع أنحاء العالم. وينص إعلان حقوق الإنسان والمواطن بوضوح على أن الحرية تعني الحق في فعل كل شيء لا يضر بالآخرين.
ويعلم الفرنسيون بالتأكيد أن إكمال مسيرة تتابع الشعلة يأتي لنشر الروح الأولمبية وأيضاً هو حق مقدس لكل مُنظِم ومُشارِك في مسار تتابع الشعلة. وخلال جميع مراحل مسيرة تتابع الشعلة الأولمبية في باريس، فعل العديد من الصينيين الذين يعيشون في فرنسا ما بوسعهم لحماية الشعلة والترحيب بها. وهو أيضاً حقهم المقدس أن يفعلوا ذلك. وأعربوا عن آرائهم بصوت عالٍ، ولكن من المُدهِش أن أصواتهم خُففت من قبل بعض وسائل الإعلام الفرنسية والسياسيين. ومن الواضح أن بعض الفرنسيين محتارين بالفعل. ويري العديد منهم أن مشهد استعراض الانفصاليين التبت مشروع ولكنهم ينسون قدسية الشعلة الأولمبية. وإذا كان مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة بيير دي كوبرتان لا يزال على قيد الحياة فسيغضبه ما يحدث.
والفرنسيون لهم حضارة أسهمت الى حد كبير في العالم في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة. ولنكون صادقين، فالشعب الصينى ظل دائماً يحترم الشعب الفرنسي. وعندما يتحدثون عن أوروبا ، فإن اسم أول بلد يخرج من أفواههم في كثير من الأحيان هو فرنسا. ومع ذلك، هذا لا يعني أن العاملين في وسائل الإعلام الفرنسية يمكن أن يزدروا بالصينيين، ناهيك عن التعليق على ما يسمي بسجل الصين البائس في حقوق الإنسان. لقد أعمى الفخر والتحامل أبصارهم، وحجب أيضاً نور هذه الحضارة الجميلة.
وقالت وسائل الإعلام الفرنسية إن شأن تتابع الشعلة بباريس كان هزيمة أو صفعة. وعلي كل حال، فهي صفعة لعدد قليل من الفرنسيين. وعندما تمضي وتختفي جميع عناوين الأنباء، فسيعلم الجميع أنه لا يوجد فائز في هذا الشأن، ولكن باريس كانت الخاسر الأكبر.
شبكة الصين / 11 ابريل 2008 /
|