share
arabic.china.org.cn | 24. 09. 2025

من منظور صيني: غزة والبعد الإنساني الذي لا يغيب

arabic.china.org.cn / 13:50:31 2025-09-24

بقلم تشاو ون دان*

24 سبتمبر 2025 / شبكة الصين / أكد السفير الصيني تشن شيوي خلال الجلسة الـ60 لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن الصين مستعدة للمشاركة النشطة في عملية الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان، والعمل على استكمالها، بما يسهم في دفع التنمية الصحية لقضية حقوق الإنسان العالمية على أساس الاحترام المتبادل والمساواة. وهذا التصريح عكس بوضوح الموقف الأساسي للصين من قضية الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان.

ويصادف العام الجاري الذكرى الـ80 لتأسيس الأمم المتحدة، في وقت يواجه فيه العالم تحديات خطيرة في إدارة ملف حقوق الإنسان. فالجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي، التي تشهد تصاعدا متواصلا، أظهرت بوضوح أوجه الخلل العميقة التي يعانيها المجتمع الدولي في هذا المجال. فالاحتلال المستمر، وتكرار النزاعات، والتفاوت الصارخ في استخدام القوة، وتدهور الوضع الإنساني في غزة جميعها عوامل تحرم ملايين الفلسطينيين المدنيين، بشكل ممنهج، من حقوقهم الأساسية. وقد كشف واقع غزة بعمق ثلاث مشكلات رئيسية تواجه منظومة الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان:

أولا، انتهاك مبدأ المساواة في السيادة بشكل خطير. يُعتبر هذا المبدأ ركنا أساسيا في ميثاق الأمم المتحدة، وحجرا أساسيا في العلاقات الدولية في العصر الحديث. إلا أن هذا المبدأ يشهد انتهاكا صارخا. ومن المستبعد الحديث عن سلم وعدل حقيقين بدون معالجة هذا الخلل.

ثانيا، تفاقم الأحادية بشكل مفرط. مع اندلاع الجولة الأخيرة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، قدمت الولايات المتحدة دعما عسكريا ضخما لحليفها إسرائيل، وعطلت مرارا قرارات مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية، مما قوض الجهود الدولية لاحتواء النزاع. وتسببت هذه الممارسات الامريكية الأحادية في عرقلة عملية السلام ومفاقمة الأزمة الإنسانية وتقويض القواعد الدولية وهيبة الأمم المتحدة، وأثارت استياء واسعا في المجتمع الدولي، ليس فقط لأنها أعاقت فرص الحل السلمي للقضية الفلسطينية، بل لأنها قدمت أيضا نموذجا سلبيا في التعامل مع النزاعات الدولية.

ثالثا، ضعف كفاءة آليات الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان. لم تعد الآليات الدولية القائمة قادرة على التعامل مع التحديات الراهنة. فالصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي والأزمة الروسية ــ الأوكرانية استمرارا سنوات طويلة، ويتجهان نحو التمدد لمناطق أخرى بشكل متزايد. وقد تنتج عنهما سلسلة من التداعيات في العالم، مثل الطاقة والغذاء وتدفق اللاجئين، والتي تتجاوز حدودها الجغرافية لتتحول إلى تحديات إنسانية عالمية مشتركة.

وفي هذا السياق، برز موقف الصين من الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان واضحا وثابتا. فقد طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ في كلمته التي ألقاها في قمة منظمة شانغهاي للتعاون "مبادرة الحوكمة العالمية"، التي حدد اتجاها صحيحا لإصلاح أنظمة الحوكمة العالمية وبنائها، مما ضخ زخما قويا في جهود بناء منظومة حوكمة عالمية أكثر عدلا وإنصافا، تشجيع المضي قدما في سبيل بناء مجتمع مستقبل مشترك للبشرية.

ولم تكتف الصين بالدعوة إلى إصلاح الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان، بل تشارك أيضا بفعالية في تنفيذها. فهي تواصل دعمها الثابت للقضية الفلسطينية العادلة في استعادة حقوقها الوطنية المشروعة، وتظهر مسؤوليتها ورسالتها كدولة كبرى عبر طرح مبادرة من خمس نقاط لدفع مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة إلى عقد اجتماعات لمناقشة الوضع الفلسطيني وتوفير دفعات من المساعدات الإنسانية العاجلة. كما تتابع الصين باهتمام بالغ سلامة المدنيين في قطاع غزة وحقوقهم الأساسية، وتدعو الأطراف المعنية إلى تجنب أي خطوات تؤدي إلى التصعيد، ودعم تحقيق وقف فوري لإطلاق النار في غزة تفاديا لتفاقم كارثة إنسانية وتدهور حقوق الإنسان.

إن ما تدعو إليه الصين في مجال الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان يتمحور في جوهره حول العودة إلى ميثاق الأمم المتحدة، وتعزيز التعددية الحقيقية، وحماية الحقوق الأساسية للإنسان، خصوصا الفئات الأكثر ضعفا، في البقاء والتنمية.

ومن المستبعد تجاوز المعضلات القائمة، أو دفع قضية حقوق الإنسان العالمية نحو مسار أكثر صحة وعدلا ومساواة إلا بالتمسك بالعدل والإنصاف واتخاذ خطوات عملية ملموسة. وهذا لا يمثل فقط موقف الصين، بل هو الاتجاه الذي ينبغي للمجتمع الدولي بأسره أن يسعى إلى تحقيقه.

*الكاتبة باحثة في جامعة جنوب غرب الصين للعلوم السياسية والقانون


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号