标题图片
الصفحة الأولى | حجم الخط    أ أ أ

الصين تعقد "الدورتان" في ظل ظروف وتحديات صعبة

arabic.china.org.cn / 09:36:19 2017-03-13

بقلم: عباس جواد كديمي

 

13 مارس 2017 /شبكة الصين/ الصين، الأكبر في تعداد السكان بالعالم، وثاني أكبر اقتصاد بالعالم، والأولى في التصنيع، والقاطرة الاقتصادية الأقوى، والأولى في احتياطيات النقد الأجنبي، وراعية أكبر مبادرة تنموية بالعالم، مبادرة الحزام والطريق التي تشمل 65 دولة حتى الآن، و4.4 مليار نسمة أي 63% من إجمالي سكان العالم، واقتصادات حجمها الإجمالي يقدر بنحو 21 تريليون دولار أمريكي، أي 30% من الإجمالي العالمي. الصين تعقد دورتين سنويتين في مطلع ربيع كل عام، هما الدورة الخامسة لكل من المجلس الوطني الـ12 لنواب الشعب الصيني، والمؤتمر السياسي الاستشاري الـ12 للشعب الصيني، واللتان تسميان أيضا "الدورتان"، وغالبا ما يُطلق على هذه الفترة تسمية الموسم السياسي بالصين.

وعلى قدر الأهمية المتزايدة للصين باعتبارها لاعبا رئيسيا بالشئون العالمية، يزداد الاهتمام بهاتين الدورتين، لأنهما تناقشان وتقرّان الكثير من السياسات الهامة محليا ودوليا، سياسيا واقتصاديا ومجالات أخرى.

الدورتان لهذا العام تتمتعان بأهمية خاصة كونهما تعقدان في نفس العام الذي سيشهد في النصف الثاني له تقريبا، انعقاد المؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني.

في الحقيقة، وعلى مدى نحو عقدين مضيا، ينصب الاهتمام على السياسات الاقتصادية والسياسية بالمقام الأول، والسبب واضح كما أشارت الفقرة أعلاه. ولكن في هذا العام 2017، تعقد الدورتان، ونواب الشعب الصيني ومستشاروه يركزون نقاشهم على قضايا أخرى، لا تقل أهمية عن السياسة والاقتصاد، بل ربما أكثر حساسية.

وبما أن معظم العالم يتناول بالتفصيل القرارات الاقتصادية والسياسية للصين حزبا وحكومة، لننتهز هذه الفرصة، ونتطرق لقضايا هامة أخرى، تناقشها الدورتان حاليا، وتحظى باهتمام المتابعين الأجانب.

الدورتان تعقدان في عالم يدخل اضطرابا سياسيا واقتصاديا

في تقرير عمل الحكومة الذي ألقاه رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ، يوم الأحد 5 مارس، أشار إلى التحديات الكبيرة التي تواجه الصين محليا وعالميا. ولكن هناك تحذير جاء في كلمته، وتناقلته وسائل الإعلام العالمية باهتمام واضح، وهو تأكيده على أن العالم يدخل فترة من الاضطراب السياسي والاقتصادي. وكما قلت، فإن فترة انعقاد الدورتين بالصين، تحظيان بالاهتمام والمتابعة عالميا، لكل ما يصدر عن قادة الصين، لأن العالم يأخذه بجدية ويحلله عدة تحليلات.

من الجدير بالذكر هنا أن الصين من المؤيدين لأوروبا موحدة، ومن المؤيدين للانفتاح ومعارضة الحمائية، ومن المستعدين تماما للتعاون مع الإدارة الأمريكية الجديدة وفتح أبواب الفرص، بشرط مهم هو أن يكون التعامل على قدم المساواة وعلى أساس قوتين كبيرتين تعملان معا من أجل مصالحهما ومصالح العالم.

أهداف المئويتين بالصين

تحظى هذه الأهداف وسبل تخطيطها وتحقيقها في الصين، بأهمية واضحة في العالم، ومنه العالم العربي. ومنذ انعقاد المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني أواخر عام 2012، والاستعداد لانعقاد المؤتمر الوطني الـ19 الذي سيعقد النصف الثاني لهذا العام، يتابع العالم خطوات الصين وسياساتها لتحقيق الرخاء لأكثر من 1.3 مليار نسمة من مواطنيها.

خلال العقد الماضي، بذلت الصين جهودا كبيرة وجادة في مجالات مكافحة الفقر والتغلب عليه بإجراءات ابتكارية فعالة. وهذه الجهود تحظى باهتمام عالمي، لأنها تمثل نموذجا يمكن تطبيقه في الكثير من دول العالم وخاصة العالم النامي، ولهذا تحظى باهتمام ومتابعة عالميا.

وفي موسم انعقاد الدورتين لهذا العام، يرى المتابعون أنه أمام نواب الشعب الصيني ومستشاريه السياسيين، مسئوليات وواجبات جسيمة لبحث سبل المضي قدما بالإصلاح الشامل، ودفع التنمية الاقتصادية بشكل مستدام في ظل دخول اقتصاد الصين وضعه الطبيعي الجديد، وسبل العمل على تحقيق التوازن بالتنمية في مناطق البلاد، وخلق أكبر قدر ممكن من العدالة الاجتماعية والتناغم، ومحاربة الفساد، وتعزيز الجهود لتخليص المواطنين الفقراء من فقرهم بإجراءات أكثر استهدافا وفعالية وابتكارية.

المقصود بهدف المئوية الأولى هو تحقيق مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل بحلول عام 2021 وهو الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني الذي تأسس عام 1921. وهدف المئوية الثانية هو جعل الصين دولة حديثة متميزة بالرخاء والقوة والديمقراطية والتحضر والانسجام والنهوض العظيم، بحلول عام 2049 الموافق الذكرى المئوية للاحتفال بتأسيس الصين الجديدة عام 1949.

كيف سترد الصين على استفزازات القوى الأخرى

مما لا شك فيه أن مجموعة واسعة من نواب الشعب الصيني ومستشاريه السياسيين، يتابعون ويركزون اهتمامهم على تصرفات استفزازية صدرت من قوة عالمية كبرى، تتصرف إدارتها وفق عقلية الحرب الباردة، وتناصب الصين الخصام. القوة الكبرى هي الولايات المتحدة الأمريكية، وإدارتها الجديدة برئاسة دونالد ترامب.

الرئيس الأمريكي الجديد المثير للجدل، وجّه اتهامات للصين بأنها "متلاعبة بالعملة"، وحاول المسّ بسياسة أمريكية ظلت مستقرة منذ سنوات، تتعلق بـ"الصين الواحدة"، وهدد بإجراءات ورسوم جمركية مضادة للبضائع الصينية، ثم أنه أمر مؤخرا بتعزيز التواجد الأمريكي في المحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي، وبالأمس قامت قواته بنشر منظومة ثاد الصاروخية بجوار الصين. كل هذه التصرفات تهدف إلى استفزاز الصين التي أظهرت حكمة وهدوءا بالغين، وربحت معركة شد الأعصاب. الهدوء صفة أساسية تقليدية لدى الصينيين، ولكن إذا تعلق الأمر بالسيادة الوطنية، فيرى محللون أن الهدوء يمكن أن يصبح إعصارا قالعا.

الإنفاق الدفاعي للصين

خلال هاتين الدورتين لهذا العام، ولكافة الأعوام التي تلت تأسيس الصين الجديدة عام 1949، هناك اهتمام واضح بتخصيصات الميزانية الدفاعية للصين. هذا العام، أعلن رئيس مجلس الدولة الصيني في تقرير عمل الحكومة، أن الزيادة في مخصصات الإنفاق الدفاعي ستكون 7%، وهي الأقل على مدى 6 سنوات مضت.

هذا إعلان جاذب للاهتمام، ففي الشهر الماضي، كان الرئيس الأمريكي ترامب قد اقترح ضخ زيادة هائلة في الإنفاق العسكري الأمريكي، وتوقع البعض أن الصين ستحذو حذوه، ولكنها لم تفعل والتزمت الواقعية وجعلت مخصصاتها وفقا لأحوال التنمية بالبلاد، ولم تنظر بحساسية مفرطة تجاه مقترح ترامب الذي ركز الزيادة على تطوير الأساطيل البحرية، رغم أن تلك الأساطيل قوية أصلا، وكثيرة بحيث يمكنها أن تنشر تدخلاتها في كل بحار ومحيطات الدنيا، لا سيما غربي المحيط الهادئ وفي بحر الصين الجنوبي.

هل هذه مصادفة؟ أم استفزاز؟ إنها استفزاز واضح. ورغم هذا، تواصل الصين هدوءها، وترصد مخصصاتها وفق خطة مدروسة وليس ردا على إعلانات استفزازية، وتخصص النفقات على ضوء إمكانيات ما يتحقق من تنمية اقتصادية في البلاد، وعلى ضوء المتطلبات الفعلية للدفاع الوطني.

خلال ربع قرن مضى، شهدت الصين تنمية سريعة مثمرة جدا، وكان لها من الإمكانيات الهائلة ما ساعدها على تطوير قوات مسلحة جبارة بإمكانها تحقيق النصر في أية معركة، مهما كان نوعها، خاصة إذا تعلق الأمر بالدفاع عن السيادة الوطنية والأمن القومي، وحدود البلاد وحقوقها كافة، ومنها البحرية.

لا بد من الإشارة هنا إلى الفارق الاستراتيجي في تفكير الصين، وتفكير الإدارة الأمريكية التي تريد من خلال الزيادة الهائلة بالإنفاق العسكري، أن تبقى صاحبة الدور المهيمن على العالم.

نشر منظومة ثاد الصاروخية الأمريكية في كوريا الجنوبية

التدخل الأمريكي في منطقة آسيا يتخذ أشكالا عديدة، هدفها خلق عدم الاستقرار، بحيث تكون قوات الإدارة الأمريكية مطلوبة من البعض بالمنطقة. الظروف المتوترة في شبه الجزيرة الكورية مفتعلة، وتسويتها ليست مستحيلة إذا توفرت الإرادة السياسية للأطراف المعنية من أهل المنطقة. ولكن هناك مَن لا يريد توفر هذه الإرادة، ويدفع نحو تفاقم الوضع المتأزم فعلا. لقد بدأت الولايات المتحدة نشر منظومة الدفاع الصاروخي المتطورة (ثاد) في كوريا الجنوبية، بحجة احتمال قيام كوريا الشمالية بإطلاق صواريخ على جارتها الجنوبية.

الصين تعارض بقوة نشر هذه المنظومة، لأنها ليست للدفاع الجوي فقط، بل تتكون من رادارات قوية بإمكانها التجسس على معظم مواقع الصين، وهذا بنظر الصين، إخلال بالسيادة الوطنية، وإضرار بالأمن القومي. الصين حازمة في هذا الصدد، ولديها خطوط حمراء شديدة الحساسية تتعلق بالسيادة والأمن القومي، ويرى المحللون أن اللعب بالنار له عواقب مقلقة جدا.

الكوريتان جارتان للصين، وللشعوب علاقات طيبة جدا، والعلاقات الثنائية بمستوى عال، والصين لا توافق أبدا على أي فعل استفزازي بالمنطقة، وندّدت صراحة بتصرفات بيونغ يانغ، وحذرت بالوقت نفسه سول من مغبة المضي قدما بنشر هذا النظام الصاروخي المثير لقلق الصين. يرى المتابعون أن تحذيرات الصين ستنعكس فعلا بشكل سلبي على أوجه كثيرة للعلاقات مع سول، إذا لا تعيد الأخيرة النظر في هذا الأمر، وتستمع لنداءات ملايين الكوريين، وتهتم أيضا ببواعث القلق لدى جيرانها الصينيين.

هناك معارضة من الكثير من المواطنين الكوريين، ضد نشر هذه المنظومة، ولكن سول لا تأبه حتى الآن، لمثل هذه الاعتراضات؛ وهذا أمر حساس جدا، يحظى باهتمام بالغ خلال الدورتين هذا العام.

مسألة العملة الصينية الرنمنبي

هذه نقطة اهتمام كبيرة مؤخرا، لها علاقة طبعا مع التنمية الاقتصادية بالصين، وبعوامل محلية وخارجية. وخلال دورتي مجلسي نواب الشعب والمستشارين السياسيين، تحظى هذه المسألة بأهمية بالغة لأنها تؤثر فعلا في مجريات عملية التنمية وفي السوق ومحركات التنمية الأخرى محليا وخارجيا. أكدت الحكومة الصينية عزمها الثابت على إبقاء عملتها (الرنمنبي، أو اليوان) مستقرة، وستواصل الإصلاح النقدي الموجه للسوق فيما يتعلق بآلية معدل صرف الرنمنبي، بما يساعد في الحفاظ على العملة الصينية بوضع مستقر في النظام النقدي العالمي خلال هذا العام 2017.

الصين تؤكد أنها لن تدخل أبدا في حرب عملات، ولن تعمل أبدا على خفض قيمة اليوان الصيني بهدف دفع الصادرات، كما يروّج البعض، وذلك لأنها أولا وأخيرا دولة مسئولة، وتعمل على اتجاه عام يتمثل في جعل معدل الصرف مستقرا أساسا، وضمن مدى معقول، وهذا كله على أساس عوامل السوق المحلية وظروف التنمية الاقتصادية ومعدل الأسعار.

الصين والعرب ومبادرة الحزام والطريق

مبادرة الحزام والطريق تحظى باهتمام عالمي متزايد، لأنها تمثل فرصة تنموية تشاركية.

الصين تعتبر المنطقة العربية عنصرا هاما وحيويا في مبادرة الحزام والطريق، وعلى ضوء هذه الحقيقة التي تدركها معظم الدول العربية، فقد أعلنت الدول العربية، تأييدها ودعمها واستعدادها للمشاركة بهذه المبادرة، وبالآليات المرتبطة بها، مثل بنك الاستثمار الآسيوي في البنية التحتية، وصندوق طريق الحرير. الجانبان العربي والصيني يدركان أهمية المشاريع التنموية ضمن هذه المبادرة، ولكن الاهتمام يتركز حاليا على ما هي المشاريع التي ستنفذ فعلا ضمن المبادرة.

على سبيل المثال لا الحصر، فقد بدأ فعلا العمل بقطارات نقل بضائع تبدأ من الصين، من مدينة إيوو تحديدا، وتمر بالعديد من دول آسيا الوسطى وأوروبا وصولا إلى لندن. وبدأ العمل أيضا بخط سكك حديدية يصل إلى إيران. والعرب المتابعون للعلاقات مع الصين، خاصة الشباب، يركزون اهتمامهم وطموحهم حاليا على متى وكيف ستبدأ مشاريع التنمية بالمنطقة العربية، ضمن هذه المبادرة. يرى المتابعون أن هذه طموحات مشروعة، ويؤكدون أهمية الجهود المشتركة من الجانبين العربي والصيني لتفعليها على أرض الواقع.

المنطقة العربية حيوية بشبابها وقوية بإمكانياتها، ومعززة بأساس من الصداقة التقليدية مع الصين، ومن الطبيعي أن يركز الناس اهتمامهم وتطلعهم للمشاريع المشتركة التي توفر فرص العمل وتدفع مشاريع التنمية وترتقي بمستوى العلاقات.

اهتمام العرب وتطلعاتهم للعلاقات مع الصين وخاصة مبادرة الحزام والطريق، جديرة بالاهتمام أيضا، وتنتظر التجسيد الفعلي بجهود مشتركة من الجانبين العربي والصين.

 

• الآراء الواردة بالمقال تعكس آراء كاتبه فحسب وليس الشبكة



   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين

 
انقلها الى... :
تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号