رئيس هيئة قناة السويس: للصين دور أساسي في تحقيق التوازن الإقليمي والدولي

21 يناير 2016 / شبكة الصين / بمناسبة زيارة الرئيس شي جين بينغ، رئيس جمهورية الصين الشعبية لمصر في يناير 2016، أجرت ((الصين اليوم)) مقابلة خاصة مع الفريق مهاب مميش، تحدث فيها عن أهمية ودور الصين في مشروعات تنمية محور قناة السويس، وأوجه التعاون بين هيئة قناة السويس والمؤسسات الصينية.

((الصين اليوم)): نرجو أن تحدثنا عن الأهمية التاريخية والاستراتيجية لقناة السويس إقليميا ودوليا

الفريق مهاب مميش: كانت قناة السويس على مر العصور، ولا تزال وستظل إن شاء الله، شريان الخير والسلام ليس لمصر وحدها ولكن للدنيا كلها. وها هي مصر تعيد صنع التاريخ من جديد لتضيف شريانا جديدا للرخاء ورفاهية الأسرة الإنسانية، ولتيسير حركة التجارة العالمية عبر قناة السويس. وقبل أن نشرع في سرد تفاصيل مشروع قناة السويس الجديدة، لا بد أن نبين أمراً في غاية الأهمية لإغلاق الباب أمام كل من يشكك في أهمية هذا المشروع الحيوي لمصر ولحركة النقل البحري في العالم، وهو أن قناة السويس الجديدة ضرورة حتمية لرفع القدرة التصريفية لقناة السويس (الطاقة العددية) والحفاظ على مكانة قناة السويس وأهميتها العالمية، بصفتها أكبر وأهم ممر ملاحي لحركة التجارة العالمية. كما أن مشروع القناة الجديدة يعتبر بمثابة البنية التحتية لمشروع التنمية بمنطقة قناة السويس لاستيعاب الزيادة الكبيرة المتوقعة في أعداد وحمولات السفن العابرة للقناة، التي تقوم بنقل تجارة العالم وكذلك نقل مستلزمات الصناعة والإنتاج الكمي المنتظر من مشروع التنمية القومي. لذا، كانت الضرورة تتطلب سرعة البدء فى المشروع والانتهاء منه في هذا الزمن القياسي، الذي يؤكد على قدرة الإنسان المصري على الإنجاز مهما كانت الصعوبات.

((الصين اليوم)): كيف يمكن أن تساهم الصين في مشروعات تنمية محور قناة السويس؟

الفريق مهاب مميش: الصين دولة كبرى ولها وزنها في السياسة والاقتصاد الدولي، وهناك علاقات تاريخية بين مصر والصين. وهناك تبادل للأفكار والمبادئ، حتى أننا نرى توافقا كبيرا بين آراء الحكيم الصيني العظيم كونفوشيوس في الحكمة والأخلاق وبين آراء حكماء مصر القديمة مثل بتاح حتب وأخناتون وغيرهما.

ويمكن للصين المساهمة بفاعلية في مشروع تنمية منطقة قناة السويس، حيث تعد الصين الشريك التجاري الأول لأفريقيا ومن أكبر المستثمرين في القارة السمراء. ونظرا للبعد الاقتصادي لمشروع تنمية محور قناة السويس، فإن المشروع يوفر العديد من الفرص الاستثمارية التي قد تثير اهتمام الجانب الصيني، حيث تنعم الصين بخبرة عالمية في عدة مجالات صناعية، منها على سبيل المثال لا الحصر تصنيع الألواح الشمسية، وتتمتع مصر بامتلاك أجود أنواع الرمال التي يمكن أن تستخدم في تصنيع تلك الألواح، وهو ما يمثل فرصة استثمارية هائلة، خاصة في ظل تزايد الاعتماد على المصادر المتعددة للطاقة. كما تمتلك الصين خبرة هائلة في مجال النقل البحري، والذي يعد أحد محاور مشروع تنمية منطقة قناة السويس، حيث يمكن أن يساهم الجانب الصيني في الاستثمار في ذلك المحور، في بناء السفن وخاصة في ظل وجود شركات مصرية متخصصة تعمل في بناء السفن، بحيث يمكن عقد شراكات مع الجانب الصيني من أجل نقل المعرفة الخاصة ببناء السفن وتطوير الصناعة المحلية في مصر. وتعد شركة الصين الدولية لحاويات النقل البحري أكبر مجمع للحاويات على مستوى العالم. وفي الوقت الذي يستهدف فيه المخطط العام لمشروع تنمية قناة السويس تطوير الخدمات المتعلقة بالنقل البحري، فإن الجانب الصيني قد يستفيد من تلك الفرصة للتوسع في نشاط تصنيع وصيانة الحاويات، خاصة في ظل تزايد معدلات تداول الحاويات في الموانئ المصرية بشكل عام وفي ميناء شرق بورسعيد بشكل خاص. كما ينعم الجانب الصيني بخبرة هائلة في إدارة محطات تداول البضائع بأشكالها المتعددة وهو ما يمثل فرصة هائلة لتوسيع أنشطة الجهات العاملة في تلك الأنشطة مثل شركة الصين القابضة الدولية للتجارة china merchant Holdings international، خاصة في ظل عملية التطوير الحالية التي يشهدها ميناء شرق بورسعيد لإنشاء عدة أرصفة لتداول الحاويات وتداول البضائع غير المُهواة سواء الجافة أو السائلة.

((الصين اليوم)): ما هو حجم تجارة الصين العابرة لقناة السويس؟

الفريق مهاب مميش: تبلغ حصة الصين من إجمالي الحاويات المحملة العابرة لقناة السويس حوالي 23%، حيث بلغ عدد الحاويات القادمة من أو المتجهة إلى الصين عبر قناة السويس عام 2014 حوالي 12ر8 ملايين حاوية، وبلغ عدد سفن الحاويات التابعة لشركة الحاويات الصينية أربعمائة واثنتين وخمسين سفينة، بحمولة صافية بلغت حوالي سبعة وأربعين مليون وتسعمائة ألف طن صافي، وبإجمالي بضاعة بلغ حجمها خمسة وثلاثين مليون وتسعمائة ألف طن، تمثل حوالي 3ر8% من بضائع سفن الحاويات التي عبرت القناة عام 2014. أما الناقلات التي تحمل البترول الخام أو منتجاته والغاز المسال أو الكيماويات، فبلغ عددها مائة وثماني عشرة سفينة بحمولة صافية حوالي ستة ملايين ومائتي ألف طن بإجمالي بضاعة حوالي ثمانية ملايين طن. أما سفن الصب الجاف فبلغ حجم تجارة الصين العابرة للقناة حوالي 25% من إجمالي بضائع الصب العابرة للقناة. وبلغ حجم تجارة الصين من البضائع العامة العابرة لقناة السويس حوالي 7ر10% من إجمالي البضائع العامة العابرة للقناة.

((الصين اليوم)): ما هي السياسات التفضيلية التي تقدمها هيئة قناة السويس للمنتجات الصينية والتجارة العابرة لهذا الممر المائي الدولي الهام؟

الفريق مهاب مميش: مع تعاظم قوتها، باتت الصين الشريك التجاري الرئيسي لمعظم الأسواق في العالم؛ سواء في أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا أو في آسيا. نفوذ الصين التجاري يأتي من حجم اقتصادها الضخم. وتظهر قوة الصين في قدرة اقتصادها على تحقيق معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي هو الأكبر في العالم، فحتى في ظل التباطؤ الاقتصادي الذي يمر به حاليا الاقتصاد الصيني حقق نموا لم يقل عن 7%، في حين تكافح الاقتصادات المتطورة مثل الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة اليورو لتحقيق معدل نمو لا يتجاوز 3%.

مشروع "طريق الحرير الجديد" الذي أطلقته الصين عام 2013، يستهدف ربط مصانع الصين بممرات التجارة في أنحاء العالم، لتكون بذلك منشأ تدفق السلع إلى الأسواق العالمية. كما أطلقت الصين أيضا البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، كما أعلن مؤخرا صندوق النقد الدولي إدراج العملة الصينية (اليوان) ضمن حقوق السحب الخاصة، لتكون العملة الصينية اعتبارا من عام 2016 هي الثالثة بين عملات الاحتياطي النقدي للصندوق؛ بعد الدولار الأمريكي والعملة الأوروبية الموحدة (اليورو). وعلى خريطة الطاقه العالمية، تعاظمت أهمية الصين في منطقة الخليج حيث زادت دول المنطقة صادراتها النفطية إلى الصين، في تغير واضح لسياستها السابقة التي كانت تعتمد على التصدير للسوق الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي. وقد حرصت الصين على توطيد وتعزيز العلاقات مع مصر لتعود المنفعة المتبادلة بالخير على البلدين. وبرغم المتغيرات التي شهدتها مصر في الفترة الأخيرة، فإن الشركات الصينية حرصت على الاستمرار في مشروعاتها وزيادة استثماراتها. كما تحرص مصر على تذليل العقبات التي تواجة المستثمرين الصينيين، وهناك التجربة الناجحة في مشروعات خليج السويس.