افتتاح البنك الآسيوي للبنية التحتية يدشن حقبة جديدة من تاريخ مؤسسات التمويل الدولية arabic.china.org.cn / 09:58:56 2016-01-18
بقلم يحيى مصطفى 18 يناير 2016 / شبكة الصين / وسط اهتمام كبير من الأوساط المالية والإعلامية المحلية والدولية أُعلن عن افتتاح البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية رسمياً يوم السبت 16 يناير الجاري ليقدم إسهامات في تطوير الاقتصاد الآسيوي بصفة خاصة والاقتصاد العالمي بصفة عامة، وتصبح المبادرة التى أعلنتها الصين فى أكتوبر 2013، حقيقةً ماثلةً على أرض الواقع، وتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ مؤسسات التمويل الدولية بمباشرة هذه الهيئة المالية المتعددة الأطراف أعمالها التى ستعتمد على معايير عالية من الجودة والكفاءة والفعالية وتقوم على مبادئ الشفافية والنزاهة وتعمل فى سبيل تعزيز البنية التحتية الإقليمية والتنمية الاقتصادية، وبالتالي دعم الانتعاش الاقتصادى العالمى. ويضم البنك الذى يبلغ رأسماله المُكتَتَب المبدئى 50 مليار دولار أمريكى ثم يزداد بعد ذلك ليصل إلى 100 مليار دولار، يضم ستة من الأعضاء المؤسسين من الدول العربية، وهي وفقاً لترتيب تاريخ الانضمام، الكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والأردن ومصر، بجانب معظم الدول الآسيوية وعدد من الدول الأوروبية الكبرى ودول أمريكا اللاتينية وأستراليا. ووصف مسؤولون صينيون في وقت سابق إنشاء البنك الأسيوى للاستثمار في البنية التحتية بأنه يمثل خطوةً مهمةً بالنسبة للصين حيث تعتبرها وفاءً منها بجزء من مسئولياتها الدولية المتنامية وتعهداتها بتحسين واستكمال النظام الاقتصادى الدولى القائم. وسيعمل البنك على تحفيز الاقتصاد العالمى الذى يشهد انتعاشاً بطيئاً وضعفاً فى النمو منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، وإذا كان الاستثمار يلعب دوراً أساسياً في تحفيز الانتعاش الاقتصادي والنمو، فإن الاستثمار في البنية التحتية، على وجه الخصوص، يعد حجر الزاوية الذي يرسخ النمو الاقتصادى المستدام على المدى الطويل. وسيعمل البنك بشكل مُكمِل للهيئات المالية العالمية الأخرى مثل البنك الدولى وبنك التنمية الآسيوى لسد العجز فى الفجوة التمويلية بالنسبة لمشاريع البنية التحتية على المستوى العالمى. ويشكل افتتاح البنك أهمية خاصة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي توقعت تقارير إعلامية مؤخراً أن تشهد انتعاشاً ملحوظاً مع تسجيل معدل نمو نسبته 3.8% في عام 2016 مقارنة بمعدل نمو نسبته 2.3% في عام 2015، ويحتاج اقتصاد هذه المنطقة المهمة لكي يحقق توقعات عام 2016 إلى جذب مزيد من الاستثمارات من سائر أنحاء العالم، وهنا يأتي دور هذا البنك الآسيوي الجديد ليتيح فرصاً أمام المنطقة عبر ما سيمنحه من قروض وتمويلات في مجالات عدة. وأعلن رئيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية جين لي تشون مؤخراً أن تأسيس البنك يهدف إلى دعم وتمويل أعمال البني التحتية في الدول الآسيوية من أجل تعزيز التبادلات والترابط في المنطقة ودفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية على الصعيد الإقليمي عبر ضخ استثمارات في هذا القطاع. وقارة آسيا التي تضم عدداً من الدول العربية تتمتع بتناغم مستمر، وهو ما سيخلق أسواقاً واسعة أمام مؤسسات قادرة على المنافسة في أنحاء العالم وسيصب أيضاً في صالح دفع التنمية المستدامة للاقتصاد العالمي من خلال التعاون الوثيق مع مؤسسات التنمية الثنائية والمتعددة الأطراف من أجل مواجهة تحديات التنمية. وفي بعض دول منطقة الشرق الأوسط التي شهدت تراجعاً اقتصادياً وتسعى جاهدةً إلى تحقيق الانتعاش الاقتصادي، ليس هناك شك في أن المساعدات المالية ستساعد على تحفيز الاقتصاد الذي يعاني تباطؤاً فيها منذ اندلاع الاضطرابات السياسية والاجتماعية في عام 2011 . وتشمل المجالات الاستثمارية ذات الأولوية للبنك الطاقة والكهرباء والنقل والاتصالات السلكية واللاسلكية والبنية التحتية في المناطق الريفية والمياه والصرف الصحي وحماية البيئة وتنمية الحضر والخدمات اللوجستية. ومن المقرر أن تتم الموافقة على أول برنامج قرضي في منتصف العام الحالي تقريباً، حيث سيجرى البنك عمليات تمويل مستقلة لبعض المشروعات فيما سيقوم بعمليات تمويل مشتركة لمشروعات أخرى بالتعاون مع البنك الدولي وبنوك تنمية أخرى متعددة الأطراف. وتحتاج منطقة الشرق الأوسط في الوقت الراهن إلى تمويلات ضخمة لمشروعات كبرى تسهم في تنميتها الاقتصادية، ويرى مسؤولون في المنطقة أن توفير التمويل الكافي لمشاريع الطاقة أمر مهم حيث تحتاج هذه المشاريع في الشرق الأوسط إلى تمويل يقدر بنحو 700 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة، كما أن المنطقة بحاجة إلى الاستثمار في مختلف المراحل الصناعية البترولية لاستمرار النمو الاقتصادي ولتحقيق متطلبات الحياة الأساسية. وسيعمل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية على تغطية احتياجات التمويل والاستثمار التي تحتاجها المنطقة، حيث أن جذب الاستثمارات الخارجية ليس أمراً صعباً ولاسيما في مجال الطاقة الذي يلقى اهتماماً من العالم أجمع. ويعتزم فريق الإدارة بالبنك وضع سياسات بشأن قروض الطاقة ونقلها إلى مجلس إدارة البنك ليتخذ قراراً بشأنها، ومن المتوقع أن يتخذ البنك قراراً مناسباً في ضوء مطالب الدول الأعضاء وعوامل أخرى. ورحبت إدارة البنك الآسيوي للاستثمار بانضمام مزيد من دول الخليج للبنك وتكثيف التعاون فيما يتعلق بالموارد والتمويل لخلق آسيا أكثر استقراراً. ولأن الصين ودول الخليج لهما ميزاتهما الخاصة، فإن التعاون المالي بينهما يحمل قوة كامنة ضخمة، وسيصبح البنك منصة تمويل مهمة فى الترابط المالي والبنية التحتية الإقليميين. وفى ظل تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وضعف الطلب على الطاقة واستمرار تراجع أسعار النفط واضطراب المناخ السياسي في الشرق الأوسط، باتت الحاجة إلى تفادي المخاطر المالية عبر التعاون المالي الإقليمي والترابط البيني بين الصين ودول الخليج مسألة أكثر إلحاحاً. واقترح خبراء على البنك السعي لجذب صناديق الثروة السيادية لدول الخليج العربي للمشاركة في مجال البني التحتية الآسيوية موضحين أهمية دور دول الخليج التي تمتلك احتياطيات كبيرة من النقد ولديها قوة التحام ممتازة مع المؤسسات المالية الدولية. ويرى خبراء أن انضمام دول الخليج إلى البنك لن يعزز من عملية تشييد البنية التحتية في هذه الدول فحسب، وإنما سيساعد أيضاً على دفع تطوير البنية التحتية والتنمية الاقتصادية فى آسيا برمتها. وأوضح خبراء ماليون أن الهدف الأساسي لهذا البنك يكمن في دعم البنية التحتية بالدول الآسيوية وغيرها وضخ استثمارات في المجالات الإنتاجية، ويسهم ذلك في دفع عجلة تنمية اقتصاد المنطقة الآسيوية وتعضيد التعاون الاقتصادي الإقليمي. وتهدف الدول الآسيوية من وراء تأسيس البنك إلى رفع مكانتها في عملية التكامل الاقتصادي الإقليمي عبر تحقيق الترابط والتواصل البيني في الإقليم على نحو يوسع من الإمكانات الكامنة للأسواق هناك، إذ أنه خلال الأعوام العشرة المقبلة، سينفذ في المنطقة الآسيوية زهاء 1077 برنامجا للترابط الإقليمي باستثمارات تقدر بحوالي 300 مليار دولار أمريكي. ويركز البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية بصفته بنكاً جديداً للتنمية الإقليمية المتعددة الأطراف يركز على شتي المجالات، بالمقارنة مع مؤسسات قائمة مثل البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي، فالعلاقات بين أعضائه تكاملية وليست تنافسية على الإطلاق لأن البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوى يركزان على الحد من الفقر، أما محور عمل البنك الآسيوي للاستثمار فمن المقرر أن يركز على مجال البنية التحتية، حيث أعلن رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم أن "البنك الآسيوي يعد بمثابة شراكة جيدة في دعم الاستثمار العالمي في البنية التحتية، ولابد من التعامل معه من منظور واقعي في ضوء نقص الاستثمارات في البنية التحتية وعدم قراءته من زاوية سياسية". ولا شك أن افتتاح البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية يشكل فرصة لاختبار فكرة ضرورة إضفاء الطابع التعددي في مجال تمويل التنمية وتدفق المساعدات ويمكن وصف تأسيس هذا البنك ونجاحه المستقبلي بأنه يمثل نهاية لحقبة من تاريخ التمويل الدولي بمواصفاته الإنفرادية السابقة ويفتح تاريخاً جديداً يبرز فيه التعاون القائم على قدم المساواة والعدالة والاحترام والاستقرار.
الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، و ليس الشبكة
|
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |