الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

تحليل اخباري : ازمة الانبار تهدد بتعميق الانقسام الطائفي في العراق

arabic.china.org.cn / 03:03:00 2014-01-06

بغداد 5 يناير 2014 (شينخوا) تعيش مدن محافظة الانبار ذات الغالبية السنية غربي العراق منذ أيام على وقع عمليات عسكرية وأعمال عنف واشتباكات عززت معها المخاوف من تعميق هوة الصراع الطائفي المتنامي في البلاد.

ويخشى مراقبون من أن تتسع دائرة الازمة والمتراكمة منذ سنوات،اذا لم يتم تداركها بسرعة، خصوصا مع اقدام السلطات العراقية على جلب قوات من محافظات ذات غالبية شيعية للتعامل مع احداث الانبار التي تشكل ما يعادل ثلث مساحة العراق.

اطراف الصراع

اندلعت شرارة المواجهات في مدن الانبار بين مسلحي العشائر وقوات الامن يوم الاثنين الماضي بعد فض الاخيرة اعتصاما بمدينة الرمادي مركز المحافظة يقيم فيه محتجون على سياسة الحكومة منذ أكثر من عام .

واقام محتجون من السنة خياما للاعتصام في الرمادي للاحتجاج على ما يعتبرونه تهميشا لهم من جانب الحكومة التي يقودها التحالف الشيعي ويتزعمها نوري المالكي.

ودخلت القاعدة على خط الازمة بعد ان سيطر مسلحوها على اجزاء واسعة من مدينتى الرمادي والفلوجة بالانبار وقيامهم بالاستيلاء على مراكز الشرطة فيهما واطلاق سراح السجناء في وقت كانت تشن فيه السلطات عمليات أمنية ضد التنظيم في صحراء المحافظة.

ومع احتدام المواجهات،بدت الصورة معقدة جدا حيث تدور اشتباكات عنيفة، بين مسلحي العشائر والقوات الامنية العراقية تارة وبين العشائر ومقاتلي القاعدة تارة أخرى فضلا عن تواجد مجاميع مسلحة أخرى.

وفي ظل هذا الخليط غير المتجانس من الاطراف المتصارعة في الانبار ، بدا ان لكل من طرف من اطرافه اولوياته واجنداته الخاصة به ، بحسب المحلل السياسي صباح الشيخ.

وقال الشيخ لوكالة أنباء ((شينخوا)) ان رئيس الوزراء نوري المالكي يبحث بشكل اساسي عن نصر كبير ربما يعيده وحزبه بقوة الى سباق الانتخابات المقبلة ويزيد من رصيده الشعبي.

اما مسلحي العشائر ، الذين يرفضون دخول القوات الحكومية الى مدنهم ، فهمهم الاساسي ينصب كما يقول الشيخ ، على اعادة الاستقرار الى محافظتهم والخروج باقل الخسائر من لعبة خلط الاوراق التي تمارس فيها ، وتساندهم في ذلك الشرطة المحلية.

في جانب آخر من المشهد ، يبرز تاريخ طويل من الصراع بين قوات الصحوة وقياداتها مع تنظيم القاعدة وكل منهما يريد النيل من الطرف الاخر في هذه الازمة. وتشكلت قوات الصحوات في عام 2006 في الانبار ، وبعد نجاحها في طرد عناصر القاعدة من المحافظة عممت تجربتها في عدد من المحافظات السنية.

وتحاول القاعدة بشكل او بآخر العودة الى مدن الانبار التي سيطرت عليها لسنوات طويلة قبل ظهور الصحوة واضطرار مقاتليها الى التوجه للمناطق الصحراوية نتيجة القتال بين الجانبين.

وفي خضم الازمة ، ابدى رئيس الحكومة نوري المالكي تصميما على بقاء القوات العراقية في مدن الانبار حتى القضاء على المجموعات المسلحة فيها واعادة الاستقرار اليها.

لكن المحلل السياسي صباح الشيخ يرى ان استقدام المالكي لقوات من الشرطة الاتحادية من محافظات الجنوب ذات الغالبية الشيعية للمشاركة في العمليات القتالية بالانبار يمكن ان يزيد من هوة الخلاف الطائفي الذي تعاني منه البلاد ويعزز الاراء التي تتحدث عن وجود دوافع طائفية وراء الحملة التي يقودها على المحافظة، رغم نفيه القاطع لهذه الاتهامات.

جذور الازمة

لاتبدو الاحداث في الانبار وليدة اللحظة وانما جاءت نتيجة لعدة عوامل في مقدمتها شعور ابناء هذه المحافظة بانهم مهمشون من قبل الحكومة ، بحسب ما يقول المحلل السياسي الدكتور عبدالعزيز اللهيبي.

واوضح اللهيبي ان اهالى الرمادي يشعرون ان سلسلة من المظالم لحقت بهم خلال السنوات الماضية حيث تغص السجون والمعتقلات بابنائهم كما ان فرص التوظيف في الدوائر الحكومية محدودة جدا بالنسبة لهم، " وحتى النواب والوزراء الذين خرجوا من محافظتهم ليس لديهم الصلاحيات لمساعدتهم او تقديم الخدمات لهم".

وأثارت عملية اعتقال النائب عن القائمة العراقية أحمد العلواني أحد أشد الداعمين لاعتصامات الانبار ، في عملية أمنية قتل فيها شقيقه وثلاثة من افراد حمايته "أزمة جديدة وتوترا متصاعدا" بالانبار.

وينتمي العلواني الى القائمة العراقية، التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق اياد علاوي ، وقد صدر بحقه عدة مذكرات اعتقال، بسبب تصريحات وانتقادات وجهها للحكومة وبعض قادة العملية السياسية.

ولفت اللهيبي الى ان هناك شعورا بالاقصاء يشترك فيه معظم السنة في العراق وليس اهل الانبار فقط، حيث ان ابناءهم لا يتولون مراكز مهمة وحساسة في الدولة وان حصل لهم مثل هذا الامر يكونون عرضة للاتهام بالارهاب.

وضرب مثالا على ذلك بما حدث مع نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الموجود حاليا في تركيا والصادر بحقه حكم بالاعدام وكذلك وزير المالية رافع العيساوي الذي اتهم بالارهاب واعتقل افراد حمايته وصولا الى اعتقال النائب احمد العلواني.

واندلعت بنهاية عام 2012 ، شرارة تظاهرات واعتصامات من محافظة الانبار للمطالبة باطلاق سراح السجينات والسجناء الابرياء والغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الارهاب واصلاح العملية السياسية وتحقيق التوازن الوطني في مؤسسات الدولة.

ويرى اللهيبي ان هذه الفعاليات جاءت لتعبر بشكل صريح عن المظالم التي يعاني منها السنة عامة واهالي الانبار منهم ولذلك سرعان ما انتقلت الى محافظات صلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك والاحياء السنية في العاصمة بغداد.

الوضع على الارض وأفق الحل

يبدو الوضع الميداني في مدن الانبار وخصوصا في الرمادي والفلوجة معقدا جدا خاصة في ظل وجود انقسام بين عشائر المحافظة وتنوع في ولاءاتها ، بحسب الخبير السياسي والامني العميد نافع ابراهيم.

وأوضح ابراهيم ، وهو ضابط سابق في الجيش العراق،ان هناك عشائر تقاتل المسلحين الى جانب قوات الشرطة ولاتجد حرجا في دخول قوات الجيش الى ساحة الاشتباكات، فيما لا زالت عشائر اخرى ترفض بشكل قاطع تدخل الجيش وقوات مكافحة الارهاب والشرطة الاتحادية وقوات (سوات) وتخوض معها اشتباكات مسلحة عند محاولتها دخول المدن.

يضاف الى ذلك حالة الغموض التى تكتنف الاحداث في الانبار، بسبب التعتيم الاعلامي وقطع الاتصالات وشبكة الانترنت في المحافظة، فضلا عن عدم وجود مصادر مستقلة يمكن الحصول على معلومات موثوقة منها.

ولفت ابراهيم الى ان عشائر الانبار المتهمة بالارهاب من قبل الحكومة هي التي طردت القاعدة من مدنها عام 2006،ولذلك فهي لن تقبل بان يعود التنظيم مرة ثانية ليحكم مدنها ويتحكم بمصير اهلها.

ولكن هذه العشائر في المقابل لن تقبل بان يسيطر الجيش الحكومي على مدنها في ظل ما تعتبره تصرفات طائفية يقوم بها عناصر هذا الجيش تجاه ابناء المحافظة ولذلك فان المعادلة في الانبار صعبة جدا ويصعب حسمها عسكريا من اي طرف من هذه الاطراف.

ومع استمرار مسلسل العنف ، تعلو اصوات مطالبة بالتهدئة وطمأنة أهالي الانبار واستبعاد استخدام القوة لانهاء الازمة .

ويقول المحلل السياسي ابراهيم العامري ان استخدام القوة لانهاء الازمة لن يولد الا المزيد من الخسائر البشرية والمادية والاحتقان الطائفي وهذا ما اثبتته الايام القليلة الماضية.

وتابع " لابد من التهدئة وارسال رسائل اطمئنان لاهالي الانبار ياتي في مقدمتها اطلاق سراح النائب احمد العلواني وسحب القوات الامنية التي تم جلبها من خارج المحافظة وخصوصا من مدن الجنوب والتي اعطت بعدا طائفيا للعملية العسكرية في الانبار".

ويرى العامري ان هناك ضرورة لخلق نوع من التوازن الوطني في الاجهزة الامنية والعسكرية، والنظر بموضوعية الى مطالب المتظاهرين والعمل على تحقيقها وتعويض المتضررين من العمليات العسكرية.

وعبر العامري عن مخاوفه من ان يؤدي استمرار الاشتباكات المسلحة في الانبار الى توسعها لتشمل مدنا ومحافظات اخرى، وان يؤدي هذا الصراع الى تعميق الخلافات الطائفية في البلاد وتفكيك التلاحم الاسري والتماسك الاجتماعي الذي عرف به العراق على مر العصور.




 
انقلها الى... :

تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :