الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

تقرير سنوي: سوريا المضطربة تودع العام 2013 نحو مؤتمر دولي لتسوية أزمتها المستمرة

arabic.china.org.cn / 04:28:34 2013-12-29

بقلم : منذر الشوفي

دمشق 28 ديسمبر 2013 (شينخوا) تودع سوريا التي تشهد نزاعا دمويا منذ ما يقرب من ثلاث سنوات عام 2013 نحو مؤتمر دولي من المقرر عقده في الثاني والعشرين من يناير المقبل بمشاركة الأطراف الفاعلة بالملف السوري على أمل تسوية الأزمة التي تعصف بالبلاد عبر حل سياسي.

فقد شهد النصف الثاني من العام الحالي محطتين رئيسيتين على صعيد الأزمة في سوريا كانتا بمثابة إنعطافة هامة في مسار الأزمة التي وصفت بأنها "معقدة وشائكة" وتدفع البلاد نحو حرب أهلية مدمرة، كانت المحطة الأولى هي موافقة دمشق على تسليم ترسانتها من السلاح الكيماوي لمنظمة الأسلحة الكيماوية والانضمام لها بعد اتفاق روسي أمريكي جنبها ضربة عسكرية، فيما كانت المحطة الثانية هي تحديد موعد عقد مؤتمر دولي للسلام بشأن سوريا في 22 يناير المقبل بجنيف.

ففي الخامس والعشرين من نوفمبر أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون في بيان أن مؤتمر جنيف2 سيقام في 22 يناير المقبل، معربا عن تقديره للدول المبادرة بعقد المؤتمر، وهي روسيا والولايات المتحدة والدول الأعضاء الأخرى والمبعوث الأممي العربي الأخضر الإبراهيمي لعملهم الجاد.

وكان المؤتمر المنتظر قبل أشهر "مقترحا" من وزيري خارجية روسيا سيرجي لافروف، والولايات المتحدة الأمريكية جون كيري في مايو الماضي استنادا لنتائج مؤتمر جنيف الأول الموقع في 30 يونيو من العام 2012، والتي تتضمن خصوصا تشكيل سلطة انتقالية.

ولم تلمس نتائج مؤتمر جنيف الأول مصير أو مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد.

ويعد مؤتمر جنيف2 الذي من المرتقب أن يجمع الحكومة والمعارضة السورية حول طاولة تفاوض للمرة الأولى منذ اندلاع الصراع السوري، " آلية للنقل السلمي للسلطة "، حسب بيان الأمين العام للأمم المتحدة.

لكن دمشق التي سارعت فور تحديد موعد عقد المؤتمر الدولي إلى إعلان ترحيبها ومشاركتها بوفد رسمي، تقول إنها "لن تذهب لتسليم السلطة للمعارضة".

وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان في 27 نوفمبر " إن سوريا ستشارك بوفد رسمي في مؤتمر جنيف2 مزودا بتوجيهات الرئيس بشار الاسد، ومحملا بمطالب الشعب السوري، وفي مقدمتها القضاء على الإرهاب "، الذي تتهم مقاتلي المعارضة به.

وشددت على "أن الوفد ذاهب ليس من أجل تسليم السلطة لأحد".

في المقابل، لا تزال المعارضة السورية في الداخل والخارج منقسمة على نفسها حول المشاركة في المؤتمر الدولي الخاص بالسلام في سوريا.

وتضع فصائل معارضة، خاصة تلك المنضوية تحت لواء الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي اعترفت به دول غربية وعربية ممثلا شرعيا للشعب السوري، شروطا مسبقة، منها مسألة رحيل الرئيس بشار الأسد.

ومرارا قال أحمد الجربا رئيس الائتلاف السوري المعارض المظلة الرئيسية للمعارضة في الخارج، إن مشاركة الائتلاف مرهونة بتحقق رؤيته.

وتقوم رؤية الائتلاف المعارض على أساس أنه " ليس للأسد أي دور في المرحلة الانتقالية وضرورة وجود ممرات إنسانية آمنة ودائمة في المناطق المحاصرة في سوريا خاصة في دمشق وريفها وحمص وبعض المناطق التي تواجه مأساة إنسانية كبيرة ومحاصرة بشكل كامل ".

كما تتضمن أيضا إطلاق سراح معتقلات ومعتقلين وأطفال في السجون.

وترفض دمشق هذا الأمر، وتؤكد أن رحيل الأسد أمر يقرره الشعب السوري وصناديق الاقتراع.

وتعاني المعارضة أيضا من صعوبة الاتفاق على "وفد موحد" في حال مشاركتها.

لكن في ظل ما يبدو من خلافات بين الحكومة والمعارضة وفي داخل صفوف المعارضة نفسها تدور مجمل الجهود الدولية حول العمل على إنجاح عقد مؤتمر جنيف2، بعد أن تأجل مرارا بسبب خلافات حول مصير الأسد وحول المشاركين به، خاصة إيران.

وفي 20 ديسمبر الجاري عقد مندوبون من الأمم المتحدة وروسيا والولايات المتحدة اجتماعا تحضيريا في مكتب الأمم المتحدة بجنيف، استعدادا للمؤتمر الدولي.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن التحضيرات لمؤتمر جنيف الثاني "على الطريق الصحيح"، ودعا جميع الأطراف المعنية في النزاع السوري إلى الإشارة إلى نية " فتح الطريق لمستقبل جديد ".

وقد جاء هذا التوجه الدولي رغم تناقض بين الدول الغربية والعربية والإقليمية حول الأزمة السورية، وبعد تطورات في الملف السوري، تمثلت خصوصا في موافقة دمشق على تسليم ترسانتها من السلاح الكيماوي من أجل تدميرها.

وبناء على مقترح روسي سرعان ما تحول إلى اتفاق مع الولايات المتحدة تم إعلانه في سبتمبر، قبلت سوريا بتسليم أسلحتها الكيماوية لتدميرها، وذلك لتفادي ضربة عسكرية هددت واشنطن ودول غربية بشنها بعد اتهام دمشق بتنفيذ هجوم كيماوي على منطقة الغوطة الشرقية في ريف دمشق، ما أوقع مئات القتلى، بينهم أطفال في أغسطس الماضي.

وقد تسلم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في 12 ديسمبر الجاري تقريرا نهائيا لبعثة التحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، والذي خلص إلى "استخدام الأسلحة الكيماوية في النزاع الجاري بين الأطراف في سوريا".

ولم يحدد تقرير البعثة، وهي فريق منفصل عن عملية منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، هوية مستخدمي السلاح الكيماوي، خصوصا في الغوطة الشرقية بريف دمشق في أغسطس وفي بلدة خان العسل بريف حلب في مارس، في وقت تتبادل فيه الحكومة والمعارضة السورية الاتهامات باستخدام أسلحة كيماوية في النزاع الدائر.

فيما أصدر مجلس الأمن الدولي مؤخرا قرارا يقضي بتفكيك ترسانة الأسلحة الكيماوية في سوريا والسماح لخبراء دوليين بالوصول إلى مواقعها، وذلك عقب الاتفاق الروسي الأمريكي حول الكيماوي السوري.

ومنذ وصولهم مطلع أكتوبر الماضي لا يزال خبراء نزع الأسلحة الكيماوية يواصلون عملهم في سوريا.

ووفقا للتوقيت الزمني الذي وافقت عليه منظمة حظر انتشار الاسلحة الكيماوية سيتم نقل "أكثر المواد سمية" خارج سوريا بحلول نهاية العام الجاري وتدميرها على متن سفينة خاصة في البحر، في حين سيتم شحن الباقي في الخارج لتدميره في موعد أقصاه 30 يونيو القادم.

ورغم الانفراج الذي حصل في المشهد السياسي السوري دوليا وإقليميا وجنوح بعض الدول الغربية المتشددة ضد النظام السوري للحل السياسي للأزمة وتقلص فرص الحل العسكري، إلا أن مشهد العنف مازال مسيطرا على الساحة الميدانية.

ويأمل الطرفان المتصارعان في "تحقيق تقدم ميداني أو توازن على الأقل" قد يوظف في مؤتمر جنيف2 لتحسين شروط التفاوض على الطاولة.

ويشير خبراء إلى "تقدم" يحرزه الجيش السوري على الأرض في عدة محافظات وتراجع للمعارضة المسلحة عن مواقع كثيرة كانت تسيطر عليها، ما يعطي مؤشرات على " حظوظ أقوى" للنظام على طاولة المفاوضات في جنيف2.

ويقول الباحث السوري في الشؤون الاستراتيجية تركي الحسن في حديث لوكالة أنباء ((شينخوا)) بدمشق، إن معركة القلمون التي تشنها المعارضة المسلحة منذ عدة أسابيع، وخاصة بعد تحديد موعد عقد مؤتمر جنيف2 جاءت بهدف إحداث توازن على الأرض.

وتابع الحسن " أن التقدم في الميدان بات لصالح الجيش السوري، وهذا سيعزز قوة الحكومة السورية على طاولة التفاوض "، لافتا " إلى أن سقف المطالب للمعارضة الخارجية والمسلحة في الداخل قد انخفض كثيرا بعد أن خسرت عدة مواقع استراتيجية واستطاع الجيش السوري أن يحقق انتصارات ميدانيا ملموسة ".

لكنه رأى أن من أهم شروط عقد جنيف2 هو وقف العنف ووقف التمويل والتجييش الإعلامي من قبل الدول التي تدعم المعارضة المسلحة، معتبرا " أنه إذا لم يتوقف العنف فلا معنى لجنيف2 ولن يكون له أية نتائج إيجابية سوى أنه عقد شكلا دون مضمون فعلي ".

وتتهم دمشق السعودية وقطر وتركيا ودولا غربية بدعم مقاتلي المعارضة بالمال والسلاح.

فيما تتهم المعارضة إيران الحليف الإقليمي القوي لسوريا وحزب الله الشيعي اللبناني بمساندة النظام في القتال الدائر.

وثمة من يرى أن الاتفاق الذي أبرم بين طهران والدول الكبرى بخصوص الملف النووي الإيراني في الرابع والعشرين من نوفمبر الماضي سيكون له تأثيرات إيجابية على مستوى الأزمة في سوريا، خاصة أن إيران من الدول الداعمة لسوريا.

وقال عصام خليل النائب في البرلمان السوري، وهو أيضا باحث ومحلل سياسي مقرب من النظام ل(شينخوا) إن المرحلة القادمة هي مرحلة التوافقات الدولية، لافتا إلى أن الاتفاق النووي الإيراني كرس طهران كقوة نووية في المنطقة.

وأضاف أن العلاقات السورية الإيرانية تصب في مصلحة المنطقة وتعزز محور المقاومة.

ورغم السعي نحو حل سياسي لازال النظام والمعارضة في سوريا يخوضان نزاعا دمويا دون توقف في مناطق عدة بالبلاد.

وقد تسبب النزاع في سقوط أكثر من 100 ألف قتيل ونزوح ملايين السوريين داخل وخارج البلاد، فيما يعيش حوالي 10 ملايين شخص في الداخل بحاجة إلى مساعدة ماسة، وفقا لإحصائية المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.




 
انقلها الى... :

تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :