الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

تقرير سنوي: في عام 2013... خطر الإرهاب يستفحل مع تواصل تدهور الأوضاع السياسية في العالم العربي

arabic.china.org.cn / 12:41:11 2013-12-27

بكين 27 ديسمبر2013 )شينخوا( جثث متفحمة وأشلاء وآثار دماء وبقايا بشرية وهياكل سيارات وحافلات محترقة ورجال إنقاذ ومسعفون يبحثون وسط الحطام عن ناجين أو مصابين... مشهد تكرر كثيرا في بقاع كثيرة في العالم عقب كل انفجار، لكن أعين المواطنين في العالم العربي قد ألفته بشده في عام 2013.

ويسلط العنف الإرهابي المتكرر الضوء على التحديات الأمنية الخطيرة التي تواجه المنطقة في السنوات الأخيرة ولا سيما بعد ما يعرف بالربيع العربي وتدهور الأوضاع السياسية والأمنية في عدد من الدول، وهي الأوضاع التي أدت إلى تصاعد منحنى الإرهاب من ناحية وتعقيد طرق مكافحته من ناحية أخرى، حسبما قال خبراء أمنيون إقليميون.

وأكد الخبراء أن التقدم في مواجهة الظاهرة مرهون بعودة الاستقرار السياسي بين أمور أخرى لا تقل أهمية مثل دفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتصدي للمد التكفيري المتصاعد، مشددين على ضرورة التضافر الدولي والاقليمي في هذه القضية العالمية من أجل تحقيق نتائج ملموسة.

تصاعد في المنحنى

في ساعة مبكرة من يوم الثلاثاء، استهدف انفجار هائل، استخدم في تنفيذه عشرات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة، مديرية أمن الدقهلية بمدينة المنصورة في دلتا مصر. خلّف الحادث، الذي يعتبر واحدة من أكثر الهجمات الإرهابية دموية منذ عزل الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو الماضي، نحو 17 قتيلا وأكثر من 140 مصابا وفقا لآخر حصيلة، هذا فضلا عن الأضرار الجسيمة التي لحقها بمبنى المديرية والمنشآت المجاورة والسيارات، والتي لا تقارن بالطبع بالأذى النفسي والمجتمعي الذي تسبب فيه الحادث.

حادث المنصورة الإرهابي لم يكن الأول من نوعه في مصر أو حتى في نفس المكان في المدينة، وإنما هو سيناريو تكرر كثيرا أيضا بنفس الأسلوب والطريقة في دول أخرى مثل لبنان وسوريا والعراق وتونس واليمن وليبيا والجزائر وغيرها من الدول العربية. واللافت في عام 2013 هو تزايد وتيرة الهجمات وتوسع نطاقها الجغرافي.

ما بين عوامل داخلية وخارجية تتنوع الأسباب وراء تفاقم الظاهرة في المنطقة، كما تختلف من بلد الى أخر، على ما يقول المحللون.

يقول طلعت مسلم، الخبير الاستراتيجي المصري، لوكالة انباء ((لشينخوا))، إن الإرهاب في مصر وصل إلى أقصى مراحله بعد ثورة 30 يونيو وأصبح يستخدم أسلحة ووسائل جديدة لم يكن يستخدمها في السابق مثل السيارات المفخخة والعبوات الناسفة فضلا عن تركيزه على منشآت الشرطة.

وكان الإرهاب في الماضي يعتمد على الدراجات النارية المفخخة أو تنفيذ الاغتيالات. وارجع مسلم أسباب تفاقم الارهاب في مصر الى أسباب عقائدية والتمويل الخارجي وتدفق السلاح بكثافة عقب ثورة25 يناير التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك.

بيد أن الخبير الأمني محمد عبد الحليم عمر، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب سابقا، عزا الإرهاب في مصر الى جماعة الإخوان المسلمين التي تنفذ مخططات الولايات المتحدة، بحسب قوله.

وقال "الإرهاب يرتبط بالمخابرات الأمريكية والأوربية التي تعتبر مصر مطمعا، وإن كل الجماعات الموجودة على الساحة حاليا، سواء جماعة أنصار بيت المقدس أو تنظيم القاعدة أو غيرهما، خرجت من عباءة تنظيم الأخوان الذي تشعب وأصبح هناك دول تسانده".

وفي تونس، التي انطلقت منها شرارة الربيع العربي، اغتنمت الجماعات الإرهابية أزمة سياسية تعرضت لها البلاد في أعقاب حادثي اغتيال سياسي في توسيع نفوذها من المناطق النائية إلي العاصمة والمناطق المتطورة اقتصاديا.

وشهد لبنان أيضا العديد من الحوادث الارهابية المرتبطة بالعنف الطائفي على خلفية النزاع السياسي المستمر منذ أكثر من عامين ونصف في سوريا المجاورة، استهدفت بعضها الضاحية الجنوبية ببيروت التى يسكنها غالبية شيعية.

وقال الدكتور مازن الشريف، الخبير بالمركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، إن نشاطات التهريب المتفشية على الحدود قدمت أموالا وافرة للتنظيمات الإرهابية فضلا عن تدفق السلاح من ليبيا.

واعترف محمد العروي، الناطق باسم وزراة الداخلية التونسية، في مطلع الشهر الجاري بأن " المجموعات الإرهابية في تونس تحولت من مرحلة الخلايا النائمة إلى مرحلة العمليات النوعية والفردية أو ما يعرف باسم الذئاب المنفردة".

الخطر مستمر

وفي ضوء تطور الأحداث في مالي وسوريا وليبيا وغيرها من الدول التي تعاني من اضطرابات مرتبطة بالنزاع السياسي، توقع الخبراء أن يظل خطر الإرهاب قائما في المدى القريب على الأقل إن لم يستمر في التفاقم.

وبينما تحقق الجزائر، الركيزة الأساسية في مكافحة الإرهاب في شمال إفريقيا، نجاحا في مكافحة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وفروعه لإعادة الاستقرار في المنطقة، إلا أن الأوضاع في مالي وليبيا جعلت التحديات الأمنية على الحدود الجزائرية أكثر خطورة، على ما يقول المحلل السياسي الجزائري مروان لوناس.

وكشفت خلية المساعدة القضائية المكلف بتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية عن مقتل 220 إرهابيا في ظرف 11 شهرا من عام 2013. ورفعت الجزائر موازنة الأمن والدفاع إلى 20 مليار دولار أمريكي لعام 2014 من 15 مليار دولار في 2013.

عزا لوناس الارتفاع المتزايد في موازنة الدفاع الى "الهاجس الأمني المتزايد للسلطات الجزائرية، ولاسيما بعد الربيع العربي الذي أوجد تربة خصبة للمجموعات المتشددة لتنظيم صفوفها".

لكن تكرار التجربة الجزائرية الناجحة في مكافحة الإرهاب في مصر وتونس وسوريا وغيرهما من الدول العربية الأخرى ، يتوقف على مدى التقدم في العملية السياسية ومعالجة أهم العوامل التي أدت إلى تفاقم الإرهاب في الفترة الأخيرة ألا وهو الفراغ الأمني الناجم عن الاضطراب السياسي.

ويعتقد المصري طلعت مسلم أن "مستقبل الإرهاب يتوقف على الوضع السياسي لا سيما الاستفتاء على الدستور، إذا خرج الشعب بكثافة فأتوقع أن تستقر مصر ويضعف الإرهاب، لكن إذا رفض الشعب الدستور فان الإرهاب مرشح للتزايد".

ومن المقرر أن يجرى الاستفتاء على مشروع الدستور المصري الجديد يومي 14 و15 يناير المقبل، وهي الخطوة الأولي في خارطة طريق وضعها الجيش المصري وتتضمن أيضا انتخابات تشريعية ورئاسية وصولا إلى استكمال البناء الديمقراطي للبلاد.

وتشن قوات الجيش والشرطة حملة أمنية واسعة في سيناء حققت الكثير من النتائج الايجابية لكنها لم تنجح تماما بعد في كسر شوكة الإرهاب الذي تجاوزت ضرباته الحدود السيناوية إلى الدلتا والعاصمة القاهرة.

وأكد عبد الحليم عمر انه "لا مستقبل للإرهاب في مصر"، لكنه توقع حدوث عمليات ارهابية أثناء الاستفتاء على الدستور .

وفي تونس، الذي بدا تأثير العمليات الإرهابية على الوضع السياسي جليا، اعتقد ا لخبراء أيضا أن نجاحها في إجراء الانتخابات العامة في النصف الأول من العام المقبل من شأنه أن يوفر وضعا سياسيا مستقرا يقلل من فرص الإرهابيين.

وشهدت تونس خلال عام 2013 عدة عمليات إرهابية نسبت الى التيار السلفي الجهادي منها تنظيم أنصار الشريعة لعل أخطرها اغتيال المعارضين شكري بلعبد في فبراير ومحمد براهمي في يوليو، وارتفعت حدة العمليات الإرهابية بوتيرة مقلقة في الأشهر القليلة الأخيرة من العام . وفي نهاية شهر أكتوبر اقدم انتحاري على تفجير نفسه بحزام ناسف في أحد الفنادق السياحية بمدينة سوسة.

وتشير تقارير استخبارتية الى ان خطر الارهاب في تونس ما زال قائما بل أنه في طور التفاقم في ضوء عدد التونسيين الذين يحاربون في صفوف المعارضة السورية.

وقال العميد مختار بن نصر إن "جهادي سوريا ومالي من التونسيين يشكلون خطرا على أمن تونس في حال عودتهم لأنهم تدربوا جيدا على السلاح وأتقنوا فنون القتال".

التعاون ضروري على المستويين الاقليمي والدولي

اتفق المحللون ان خطر الإرهاب في تصاعد وتنتشر التهديدات الإرهابية مثل "شبكة عنكبوتية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

ورأى المراقبون أن تنظيم القاعدة ربما خفت هجماته خارج المنطقة العربية، لانه يسعى لبناء إمارات إسلامية ، ما يشغله عن توجيه هجمات في مناطق أخري، محذرين من أن أولوياته قد تتبدل بحال تراجع مشاريعه.

وقال الكتور بسام ابو عبد الله، مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية، ان المجموعات الارهابية التي تقاتل على الارض السورية والمدعومة من الخارج لا تقبل بوجود دولة ومؤسسات وهي تعمل على صنع إمارة اسلامية ، خاصة ان الحكومة السورية أعلنت أن حوالي 83 جنسية تقاتل على أرض سوريا خاصة في غوطة دمشق.

وحذر المحللون من أن الجماعات الارهابية لن تتردد في توجيه سهامها إلى أي مكان في العالم، ما لم يكن هناك إجماع دولي على ضرورة تجفيف منابع التمويل المالي لهذه الجماعات، وتوحيد الجهود لتدمير بؤرها وتضييق الخناق على تحركات عناصرها.

وأما في تونسف فأشار ميشيل إياري، الباحث بمجموعة الازمات الدولية، الى ان الارهاب في تونس لا يبدو مستقلا عن ما يحدث في ليبيا أو مالي ، وكذا ما حدث في لبنان لا يمكن فصله عن ما يجري في سوريا، لكن الاستثناء في تونس هو أن وقوع حادثة إرهابية كبيرة فيها يؤدي الى ازمة سياسية ويضعف نفوذ الحكومة وتلحق ضررا بالتنمية الاقتصادية.

وأكد اياري على أهمية التضافر الدولي والإقليمي في مكافحة الإرهاب على المستويين الدولي والاقليمي لقطع طرق التمويل وتعزيز إدارة الحدود.

وفي زيارته الأخيرة الى الصين في نوفمبر، قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إن " الإرهاب أصبح على مستوي دولي، ووجد في اليمن نظرا للمشاكل الموجودة، ونظرا لأن الاقتصاد منهار وفقير جدا"، ما يؤكد على أهمية دفع التنمية الاقتصادية بالتوازي مع الجهود الأمنية.

وهذه النصيحة لا تتفق فقط مع الواقع اليمني، بل وتبدو مفيدة أيضا لجميع دول المنقطة التي تعاني من سهام الإرهاب.




 
انقلها الى... :

تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :