الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
مقالة خاصة: رغم المبادرات الدولية... شبح الحرب المحتملة ضد سوريا يخيم بظلاله على الانتعاش الاقتصادي العالمي
كبح نمو الاقتصاد الأمريكي
وأفادت المقالة بأنه في وقت تسعى فيه واشنطن إلى العمل تدريجيا على وقف برنامج التيسير الكمي الذي لجأت إليه عقب إندلاع الأزمة المالية العالمية بغية تحفيز الوضع الاقتصادي، قد يعرقل تدهور الأوضاع في سوريا عملية تدعيم الوضع المالي في الولايات المتحدة ويزيد العبء على ديونها والضغوط على نموها الاقتصادي المستدام.
فقد أظهرت الإحصائيات الاقتصادية الأمريكية في فترة حرب الخليج عام 1991 وحرب كوسوفو عام 1999 أن الحربين تركتا بوجه عام آثارا سلبية على نمو الاقتصاد الأمريكي تتمثل في انكماش الاستثمار، وهو ضربة قاصمة للاقتصاد حتى ولو تم تعويضها جزئيا بالحوافز القصيرة الأمد الناتجة عن زيادة إنفاق الدفاع الوطني.
ولفت الخبير تشنغ إلى أنه في ظل ظروف حالية تشهد خروج الولايات المتحدة لتوها من كبوة الأزمة المالية واعتماد نموها الاقتصادي بشكل كبير على الاستثمار, فإنه إذا ما قامت واشنطن بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا، ستتعرض الاستثمارات للطمة كبيرة، ما سيخلف تداعيات سلبية على عملية تعافي الاقتصاد الأمريكي.
وبالإضافة إلى ذلك, فإن اقتران استعداد الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للانسحاب من برنامج التيسير الكمي مع ارتفاع أسعار الفائدة على المدى الطويل يزيد من الضغوط على نمو الاقتصاد الأمريكي في النصف الثاني من العام الجاري.
ومن ناحية أخرى، شدد تشنغ على أنه سوف يترتب على الضربة العسكرية المحتملة انعكاسات سلبية على الوضع المالي ومخاطر الديون، ولا سيما بعدما بعث وزيرالخزانة الأمريكي جاكوب ليو برسالة في 26 أغسطس 2013 إلى رئيس مجلس النواب جون بونير ليطلب موافقة الجمهوريين على رفع سقف الديون. فثمة مخاطر كبيرة ستتمخض عن العجز عن سداد الديون الأمريكية ما لم يتم التوصل إلى توافق في الوقت المناسب.
-- تفاقم أزمة الديون الأوروبية والانقسامات الداخلية
وكتب الخبير تشنغ يقول إن الاقتصاد الأوروبي يمر بمنعطف دقيق للغاية بعد خروجه من دائرة ركود هى الأطول على الإطلاق وكذا اقتراب الانتخابات الألمانية، مؤكدا على أن الوضع في سوريا قد يعرقل فرص تجاوز أزمة الديون الأوروبية ويفاقم الانقسامات الداخلية في الدول الأوروبية ويؤثر على تعافي الاقتصاد الأوروبي تماما.
فقد خفت حدة أزمة الديون الأوروبية تدريجيا منذ بداية عام 2013، وشهد الوضع الاقتصادي العليل للقارة العجوز تحسنا، لكنه لم يرق إلى مرتبة الشفاء التام. وتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع معدل الديون في منطقة اليورو من 93.62 في المائة عام 2012 إلى 95 في المائة عام 2013, ما يبرهن على أن مخاطر الديون ما زالت قابعة على نطاق واسع.
وأضاف الخبير في المقالة أن التطورات المتصاعدة بشأن الأزمة السورية مؤخرا ستؤدى إلى زيادة الإنفاق الحكومي للدول الأوروبية وإضعاف ثقة المستثمرين في الأسواق, ما سيتبعه ارتفاع مخاطر الديون واهتزاز أركان الأساس الضعيف للانتعاش الاقتصادي الأوروبي.
ومن ناحية أخرى، يعتمد تحسن أزمة الديون الأوروبية وإنعاش الاقتصاد الأوروبي إلى حد كبير على الوحدة الأوروبية واستمرار الأداء المستقر لاقتصاد ألمانيا التي كان لها حصة الأسد في خروج منطقة اليورو من حالة الركود.
وأوضح تشنغ أنه إذا ما وافقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على الانضمام إلى التحالف العازم على توجيه ضربة عسكرية لسوريا، فقد تمنى بالهزيمة في الانتخابات الألمانية المقرر إجراؤها في أواخر سبتمبر الجاري رغم ارتفاع حظوظها فيها حتى الآن. وفي حال عدم موافقتها على الحرب، فستنقسم ألمانيا وفرنسا في هذا الصدد. وللحالتين تبعات سلبية على الاستقرار الداخلي الأوروبي، وهو ما سيؤثر بدوره سلبا على الانتعاش الاقتصادي .
-- الركود التضخمي أمام الأسواق الناشئة
ويعبر تشنغ عن وجهة نظره قائلا إن اقتصادات الأسواق الناشئة تمر بمرحلة تباطؤ في النمو الاقتصادي وتقلبات مالية جزئية, وقد تواجه "ركودا تضخميا" ناجما عن الوضع المتدهور في سوريا، ما قد يؤدي إلى اتساع رقعة الأزمة الجزئية وانتشارها لتطال اقتصادات أخرى.
ومن منظور تاريخي، عادة ما يواجه الاقتصاد العالمي ضغوط الركود التضخمي بسبب ارتفاع أسعار النفط في حال تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط، بينما تقع الوطأة الكبرى لتلك التداعيات على كاهل الأسواق الناشئة بسبب استهلاكها الكثيف للطاقة.
ففي فترة حربي الخليج وكوسوفو, وصل معدل التضخم في الأسواق الناشئة إلى 49.89 و12.81 في المائة على التوالي. وفي الوقت الراهن, تشهد أسعار النفط ارتفاعا حادا إثر تدهور الوضع السوري, ما يجعل الأسواق الناشئة تواجه ضغوطا تضخمية دخيلة عليها.
وقال تشنغ إنه في حال ما إذا دب الضعف في أوصال النمو الاقتصادي وازدادت ضغوط التضخم، سترتفع إمكانية وقوع الأسواق الناشئة في محنة "الركود التضخمي"، مضيفا أنه إذا ما حدث ذلك, سينخفض مدي استقرار التنمية الاقتصادية على المدى الطويل لهذه الأسواق.
وعلاوة على ذلك، تبين التجربة التاريخية أن أسواق الأسهم في الدول الناشئة تواجه دائما خلال فترة الحرب مزيدا من الضغوط نتيجة هروب رأس المال، وهذا هو الحال الذي تشهده الأسواق الآن نتيجة محاولة الخروج من سياسة التيسير الكمي والذي سيزداد سوءا مع توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد.
واختتمت المقالة بقولها إن أسواق الأسهم في الدول الناشئة تعيش مؤخرا على وقع ارتفاعات وانخفاضات حادة مع عدم استقرار سيولة رأس المال لديها. ووسط التراجعات الحادة مؤخرا في عدد قليل من الاقتصادات الناشئة, قد يسرع المستثمرون الدوليون إلى التكيف مع خطط الاستثمار العالمي في سياق تدهور الوضع السوري عبر الانسحاب من الأسواق الناشئة، مما سيكون له تأثير "الدومينو" على اقتصادات ناشئة سليمة أخرى.
انقلها الى... : |
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |