الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
الصين والعرب ومرحلة ما بعد أمريكا
بقلم: يلينا نيدوغينا
في الحراكات الأمريكية، حاليا، نشهد كثافة في سعي لمحاصرة الصين الشعبية، ومحاربتها، في بلدان الشرق الأوسط العربية، وغير العربية، وفي القارة السمراء كذلك.
وفي حقيقة الأمر، فإن واشنطن قد بدأت منذ أكثر من عقد بالتفكير الجدي في هذه المسألة، بل كانت بدايات البحث فيها في حقبة سبعينات القرن المنصرم، تزامنا مع وقف إمدادات الطاقة العربية للولايات المتحدة، احتجاجا على العدوانية الأمريكية وتحالفها العضوي والاحتلالي مع الكيان الصهيوني في حرب تشرين 1973 وما قبله، وهبوب أزمة النفط الشاملة على الأراضي الأمريكية والأوروبية الغربية، وتدشين بداية سقوط الدولار ووقف مساواته بالذهب، فكان إن شرعت واشنطن في رسم مخططات بديلة لأمنها وسيطرتها الدهرية على العالم، ووضعت استراتيجية قبر الاتحاد السوفييتي والصين العشبية، لمنع تفوقهما عليها، بداية بتحريك الطوابير الخامسة وما بعدها في هذه الدول، وتثوير القوميات والطوائف واختراق الاحزاب السياسية والمنظمات المجتمعية والبيئية حتى، وبالطبع الصهيونية، المباشرة وغير المباشرة، من خلال تمويلها وربطها بعجلة واشنطن.
لكن " الأزمة السورية "، إن صح التعبير عنها، قد ألحت لجهة نقل الأزمة إلى البيت الأمريكي نفسه، وفي عقر دار الأمريكيين. فكانت أزمة مستفحلة في النظام الأمريكي ذاته، ماتزال متواصلة، بعدما ردت السياسة الأمريكية الارهابية على أعقابها وهي تطرد بنجاح من الأراضي الشامية، وبعدما أوقف التغول الأمركي على إيران الصامدة والجزائر المقاومة والعراق والذبيح الخ.
وفي المخططات الأمريكية، السرية، لمستقبل آسيا وأفريقيا، تحييد الصين عن العرب والعروبة وجعل البلدين قوميتين المتضادتين ومتنافرتين. كذلك روسيا والروس، برغم الارتباط التاريخي بين " الضاد الشعبية " والسلافين الشعبيين ". لذا تشن الحروب الإعلامية التي لا هوادة فيها لتسويد صفحة هذين البلدين الصديقين، ومحاولة شيطنة صورتهما في أعين العرب إلى الأبد. لكن الصمود السوري، في الأساس، سيبقي داعما لوضع الصين وروسيا في آسيا ومن ثم في أرجاء العالم، وفي أعين العرب والبشرية، وآمالها وأحلامها. أمريكا وفي سياقات الهجمة على العرب، أدركت نقطة ضعفها، وهي دعمها الكامل لاسرائيل لتفريغ العرب والعروبة من الأراضي العربية، على حساب كل شيء عربي وإسلامي، لذا باشرت بتوظيف أصدقائها في سعي لمساندتها وتلطيف صورتها تارة، وفي أخرى لإدخال هؤلاء الأصدقاء والحلفاء في دائرة الصراع الأوسطي للتخفيف عنها والضغط على العرب، وللحلول محل الصين وروسيا، وهنا يأتي دور نظام الامبرطورية اليابانية المهزمة في الحرب العالمية الثانية شر هزمة، وفي مواجهاتها مع الصين، تاريخيا، وحول مجموعة حزائر دياويو، التي فشلت منذ خواتيم الحرب الكونية الثانية بالتوسع في آسيا الشرقية، لتتوسع بضوء أخضر أمريكي في آسيا الغربية.. في العالمين العربي والإسلامي الواسعين والمتسعين سنة في إثر سنة.
المطلوب الآن وقبل انعقاد قمة بوتين أوباما المنتظرة، إيلاء دور سياسي لليابان مع العرب، إضعافا لنفوذ الصين وروسيا ووجودهما في الأوسط العربية، وعلى الأرض العربية، وفي العرب أنفسهم وتطلعاتهم وذواتهم، برغم المصاهرة التارخية، على مثال المصاهرة الروسية الأردنية والعربية، والعائلات والدم المختلط للطرفين وفي الطرفين، واللغة الروسية، الثانية ترتيبا، المحكية أردنيا بعد الانجليزية، وبرغم مواقف الصين التاريخية العظيمة والمشرفة جدا إلى جانب القضية الفلسطينية، والقضايا العربية برمتها، ومنها الاقتصادية، ناهيك عن السياسية والعسكرية، من ألفها إلى يائها..
في الملف السوري، تراجعت أمريكا قليلا عنه لتسليم بعضه إلى دول المتربول التقليدية السابقة في العالم العربي الاسلامي، لصالح قيامها بدور عسكري هجومي مركز في شرقي آسيا، يضمن تسريع وصولها إلى البر الصيني وسيبيريا النفطية الغازية، وستترافق الاندفاعة الامريكية هناك كما يهدفون إلى إفتعال قلاقل داخلية في روسيا، وتثوير الإيغور في غرب الصين، وتعظيم النفوذ والنشاط التركي الأردوغاني " الناتوي " استثماريا وتجاريا واقتصاديا، ومن ثم إثنيا قوميا وطائفيا في غربي الصين، وكذا الأمر في روسيا، بل وفي المناطق التي تعتبر قلب روسيا النابض بالحياة.
الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، و ليس الشبكة
انقلها الى... : |
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |