الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
مقالة خاصة: أطفال العراق معاناة كبيرة وأحلام مؤجلة
بغداد 19 مارس 2013 (شينخوا) يمني العديد من اطفال العراق انفسهم باحلام كبيرة رغم المعاناة الكثيرة التي واجهوها خلال السنوات العشر الماضية، وخاصة في ظل الاحتلال الامريكي وما شاهدوه من مشاهد الحرب والعنف، في منازلهم أحيانا وفي شوارعهم أحيانا أخرى، فضلا عن انتشار امراض غامضة نتيجة الاسلحة المحرمة التي استخدمتها تلك القوات في غزوها للبلاد.
وقال محمود انور عبدالله، 13 سنة، لوكالة انباء ((شينخوا)) "لا اتذكر كيف دخلت القوات الامريكية الى العراق، لكني كنت ذات يوم ألعب مع اصدقائي في الشارع الفرعي بحينا وفجأة دخل الجنود الامريكيين وهم يطلقون النار في كل اتجاه، وقتها خفت كثيرا وظللت على هذا الحال فترة من الزمن ولم اخرج للعب".
واضاف "وبعد ان دخلت المدرسة شاهدت وسمعت الكثير من التفجيرات، حتى ان هذه المناظر المخيفة داهمتني في الاحلام ، لدرجة انني بدأت اكره كل القوات الاجنبية، واكره اي شخص مدني يحمل سلاحا"، مبينا ان احد اصدقائه قتل بانفجار كبير عام 2008 وانه لايزال يتذكر صورة صديقه الذي مزق جسده واختلط دمه مع كتبه.
واعرب عبدالله عن أمله فى ان يصبح رساما في المستقبل لكي ينشر مناظر المحبة والسلام والازدهار ليس في العراق فحسب بل على مستوى العالم، قائلا "اتمنى عراقا نعيش فيه بسلام وامان وكل شيء متوفر فيه، لا نسمع فيه اي صوت اطلاق نار او انفجار، واتمنى ان يترك الاطفال الفقراء ساحات العمل ويتوجهوا إلى مدارسهم لكي يساهموا في بناء بلدهم بعد المعاناة الكبيرة التي لحقت باغلب العراقيين".
أما رعد سعيد ،12 سنة، فيخطط لكي يصبح ضابطا في الجيش العراقي حتى يوفر الأمن ويحقق الاستقرار ويقضي على الاشرار لانهم يقتلون الابرياء، وقال "عندما العب مع اصدقائي فأخذ دور الضابط الذي يهجم على الارهابيين ويقتلهم ويخلص الابرياء من شرورهم وجرائمهم".
ويأمل سعيد أن تحل مشكلة الكهرباء لأنها تؤثر على حياته وخاصة دراسته، وعلى صحة والده خاصة في فصل الصيف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، لافتا إلى أنه يشعر بالامان عندما يرى دوريات من الجيش العراقي تجوب منطقته.
وتابع سعيد "نريد ان نعيش مثل باقي اطفال العالم، نريد ان نفرح ونلعب ونزور المتنزهات والحدائق العامة ودور السينما، ونريد ان نرقص ونغني، ونتمتع بحياتنا".
بدورها ترغب تمارة عمار،13 سنة، أن تكون طبيبة في المستقبل لكي تعالج الاطفال والفقراء والمرضى، وتساهم في تخفيف آلام ومعاناة الناس بعد انتشار الامراض الكثيرة في العراق وقلة الخدمات الصحية.
وعن سبب اختيارها لمهنة الطب في المستقل، قالت تمارة "شاهدت العديد من التقارير في التلفزيون عن اطفال عراقيين مصابين بامراض يقولون عنها انها غامضة، وعلمت من التقارير ان سببها الاسلحة المحرمة التي استخدمتها القوات الامريكية في غزوها لبلادنا، لذلك اريد ان اكون طبيبة حتى اعالج هذه الامراض خاصة بعد ان علمت من التقارير ان هذه الامراض تستمر لسنوات عديدة.
واوضحت تمارة انها في بعض الاحيان تخرج مع عائلتها للتنزه بجولة في الاسواق، لكن في بعض الاوقات لاتستطيع بسبب بعض الهجمات الارهابية التي تستهدف الابرياء، مبينة انها تحزن كثيرا عندما تشاهد مناظر الدمار في بغداد نتيجة التفجيرات، محملة الولايات المتحدة مسؤولية ما جرى في العراق نتيجة سياستها الخاطئة التي اتبعتها في العراق.
وكان ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في العراق، مارزيو بابيل، قال في مراجعة للبرنامج الوطني لرعاية الاطفال العراقيين، الذي ينفذ بالتعاون مع وزارة التخطيط العراقية، بعد انقضاء نصف مدته البالغة ثلاث سنوات من 2011 إلى 2014 "إن من أهم المشكلات التي وجدناها خلال مراجعتنا للبرنامج الوطني مع وزارة التخطيط، هي حالة التقزم بين الأطفال والتي وصلت نسبتها الى 23 بالمائة من أطفال العراق، إضافة الى أن أكثر من 300 الف طفل في محافظة البصرة وحدها يعانون من الحرمان بجميع أنواعه".
وأضاف بابيل أن "اليونيسيف ستبحث خططا جديدة للنهوض بواقع الأطفال والشباب في سن المراهقة، والمساواة بين الجنسين، من خلال تنمية قدراتهم المعرفية ومساعدة عائلاتهم"، موضحا أن المنظمة ستضع خططا جديدة لتنفيذ المدة المتبقية للبرنامج الوطني العراقي.
وأظهرت نتائج مسح ميداني موسع نفذته وزارة التخطيط بالتعاون مع اليونيسيف، وأعلنته نهاية العام الماضي، أن الخدمات والحقوق لا يتمتع بها إلا 10 بالمائة من الأطفال في العراق، في حين يحرم 5.3 مليون طفل عراقي منها، وفيما عدت المنظمة المسح بمثابة "خارطة طريق" للمعالجات المطلوبة، بينت الوزارة أنه أوقد "إشارة الخطر" لتنبيه الحكومة بشأن إيجاد حلول سريعة لأوضاعهم.
كما أشارت النتائج إلى أن 1 من كل 4 أطفال يعاني من تأخر في النمو الجسدي والذهني نتيجة لنقص في التغذية، ويسجل وينتظم بالدوام 9 من كل 10 أطفال في المدارس الابتدائية، ويتخرج 4 فقط من هذه المرحلة في الوقت الصحيح. كما يتعرض 1 من كل 3 أطفال- نحو 3.3 مليون طفل- الى العنف الشديد كأسلوب للتهذيب وضبط السلوك.
وكانت صحيفة ((الأندبندنت)) البريطانية قد نشرت منتصف اكتوبر الماضي، تقريرا يضم دراسة حديثة عن مدينة الفلوجة، شملت أيضا الأطفال في مدينة البصرة التي تعرضت لهجوم من قبل القوات البريطانية عام 2003 وأظهرت أن هناك أكثر من 20 طفلا من كل آلف قد ولدوا بعيوب خلقية طبقا لقول مستشفى الأمومة في البصرة عام 2003، وهي نسبة أعلى بـ 17 مرة عما كانت عليه قبل عقد من الزمان، أما خلال السنوات السبع الماضية فان عدد الأطفال الذين يولدون مشوهين هي بنسبة 60 بالمائة حيث يولد الآن سبعة أطفال من مجموع آلف بعيوب خلقية.
وأظهرت الفحوص التي أجرتها الدراسة أن نسبة مادة الرصاص في شعر الأطفال المشوهين في الفلوجة أعلى بخمسة أضعاف عن بقية الأطفال العاديين كما كانت نسبة الزئبق أعلى بست مرات عند الأطفال المشوهين في البصرة، كما وجدت الدراسة أن نسبة الرصاص في أسنانهم أعلى بثلاث مرات عن الأطفال في المناطق غير الملوثة.
وكشفت دراسة قامت بها مجموعة السلام الهولندية أن استعمال القوات الامريكية والقوات المتحالفة معها لاسلحة اليورانيوم المنضب ضد الاهداف العسكرية والمدنية على نطاق واسع جنوبي ووسط العراق شكل اثارا كارثية على الإنسان العراقي وبيئته، مبينة ان تلك القوات استخدمت 400 طن من الاسلحة التي يستخدم فيها اليورانيوم المنضب، والتي يبلغ تأثيرها أكثر بمائة مرة من تلك التي سببتها كارثة التسرب الاشعاعي من مفاعل (تشيرنوبل) زمن الاتحاد السوفيتي السابق، لافتة إلى أن ما يفاقم خطر الاسلحة المشعة هو ضعف قدرة العراق على معالجتها والتقاعس الدولي لاسيما الأمريكي والبريطاني في هذا الشأن.
وما بين هذا الواقع المؤلم والمعاناة الكبيرة يبقى اطفال العراق يحلمون احلاما كبيرة، واعينهم ترنو الى مستقبل زاهر يتمكنون به أن يحققوا احلامهم المؤجلة، التي كانوا يحلموا بها في الزمن الصعب.
انقلها الى... : |
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |