الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

تحقيق إخباري: بعد عشر سنوات من التغيير...عراقيون فقدوا ذويهم يحلمون بمستقبل أفضل

arabic.china.org.cn / 14:44:28 2013-03-18

بغداد 18 مارس 2013 (شينخوا) أسفرت العمليات العسكرية وأعمال العنف والتفجيرات، التي شهدتها مختلف المدن العراقية بعد عام 2003، عن فقدان الكثير من العوائل لشخص أو أكثر من أفرادها وهو ما انعكس على عوائلهم التي تستذكرهم بعد عشر سنوات من التغيير الذي حصل في البلاد بمزيد من الحزن والاسى، في وقت تؤكد أنها تعيش في حالة من الضيق المادي والنفسي، وترنوا عيونها إلى مستقبل يحمل لها بارقة أمل بوطن أمن وحياة أفضل.

وقالت علياء حسن (45 عاما) وهي أم لخمسة أبناء ثلاث بنات وولدان، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن مسلحين مجهولين اختطفوا زوجها وهو ضابط برتبة نقيب في الجيش العراقي أثناء توجهه إلى مقر عمله في منتصف عام 2006، وطالبوها بفدية مالية كبيرة لإطلاق سراحه، فقامت ببيع كل ما تملك واستدانت من أقاربها ومعارفها، لاستعادة زوجها، إلا أنها فوجئت بعد دفع الفدية بأن المسلحين لم يفوا بوعدهم وقاموا بقتل زوجها ولم يسلموها حتى جثته إلى اليوم.

وأضافت أنها ومنذ ذلك التاريخ تتحمل مسؤولية إعالة أبنائها الخمسة وهم جميعا في سن الدراسة، مبينة أن الراتب التقاعدي الذي خصصته الحكومة لها ولأطفالها لا يكفي للوفاء بمستلزمات دراستهم ومفردات حياتهم اليومية، وهو ما دفعها إلى الاستعانة بابنها الأكبر وهو طالب في المرحلة الإعدادية ليعمل بشكل جزئي خلال العطلات لمساعدتها في تدبير شؤون الأسرة.

وأكدت أنها وبرغم صعوبة الظروف التي تعيشها مع أفراد أسرتها إلا أن ثقتها بالمستقبل كبيرة، وأنها تأمل بأن تشرق شمس الأمل من جديد على العراق وتزيح غيوم العنف والقتل عنه.

ووصف بهاء، ابنها البكر، فقدان والده بالكارثة التي حلت بالأسرة وإحالة أفراحها إلى أحزان قائلا " لقد حطموا أحلام طفولتي البسيطة بالعيش في كنف والدي كبقية أطفال الحي، أشعر بالأسى كلما أرى طفلا في أحضان والده يلاعبه ويرعاه".

أما ريام صالح (35 عاما)، والتي قتل زوجها بنيران القوات الأمريكية أثناء دخولها العراق عام 2003، فتقول "ما زلت اذكر تفاصيل تلك اللحظة العصيبة التي قتل فيها زوجي أمام عيني بينما كنا نلاعب طفلنا الذي يبلغ من العمر عام واحد في باحة منزلنا، بعد أن اخترقت جسده طلقات دورية أمريكية تعرضت لهجوم مسلح بالقرب من منزلنا."

وأضافت والدموع في عينيها "لقد أصيب إصابات مباشرة بعدة طلقات ولم أتمكن من إنقاذه ما زلت أعيش فصول تلك المأساة التي غيرت مجرى حياتي وحولتني إلى أرملة تسعى جاهدة لرعاية ابنها الوحيد الذي حرم من حنان والده مبكرا".

وتواصل الأم المكلومة في زوجها حديثها قائلة "ولدي احمد بالنسبة لي هو المستقبل والأمل الذي أعيش به ومن أجله، أتمنى أن يعم السلام والأمان هذا البلد الجريح الذي لازال ينزف دما، كما أتمنى أن تلتفت الحكومة إلى الأسر التي فقدت أحبتها خلال السنوات الماضية وان تنصفهم وتأمن لهم سبل العيش الكريم، وتنتشلهم من الواقع الصعب الذي يعيشونه."

ولم يكن رياض سعدون، وهو طفل في الـ15 من عمره قتل والديه بانفجار سيارة مفخخة في أحد الأسواق الشعبية شرقي بغداد قبل نحو عام، أفضل حالا، إذ انتهي مصيره إلى الوقوف في احد التقاطعات المكتظة بالسيارات ليبيع قطع الحلوى. وقال سعدون آسفا على حاله "مازلت صغيرا على تحمل المسؤولية، ولكن ما إذا افعل فأنا الشقيق الأكبر ولدي أختين اصغر مني وعلي أن أدبر معيشتهما".

ومضي قائلا "بعد مقتل أبي وأمي انتقلنا للعيش في منزل عمي وهو رجل مسن وبالكاد يوفر أسباب الحياة البسيطة لعائلته، ولذلك توجهت للعمل وتركت مقاعد الدراسة، وأنا أقف اليوم من الصباح إلى المساء في الشارع وأتحمل برودة الجو في الشتاء ولهيب الشمس في الصيف لأعيل نفسي وشقيقتي".

وبسؤاله عما إذا كان يتلقى أي مساعدات حكومية أو حتى من المنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني، قال سعدون انه مازال ينتظر التعويض الذي تقدمه الحكومة لضحايا العمليات العسكرية والتفجيرات، ولم يحصل عليه حتى الآن، وان ما يقدم من قبل المنظمات الإنسانية قليل ولا يفي بمتطلبات الحياة اليومية.

وشاركته الحديث زميلته في العمل، رباب فاضل (13عاما) قائلة "أبيع المناديل الورقية وامسح زجاج السيارات لمساعدة والدتي المريضة في تدبير حاجات المعيشة لأسرتنا المؤلفة من خمسة أشخاص أنا ووالدتي وثلاث شقيقات اصغر مني".

وتابعت "قتل والدي بنيران إحدى المليشيات المسلحة عام 2007 وسط بغداد، ومنذ ذلك التاريخ تولت أمي أمر رعايتنا وأنا أحاول مساعدتها بكل ما استطيع، فراتب الرعاية الاجتماعية الذي تتلقاه شهريا ويبلغ 130 ألف دينار، حوالي 100 دولار، لايكفي أصلا لشراء الأدوية التي تحتاجها، واصفة حال عائلتها بالصعب جدا، متمنية أن يعم الأمن والأمان كافة أنحاء العراق، وان لا ترى أبنائه يضيعون أجمل سنين عمرهم في العمل الشاق.

ورأت ابتسام عبدالرزاق، ناشطة اجتماعية في مجال حقوق المرأة والطفل، أن ما تقدمه الحكومة عبر دائرة الرعاية الاجتماعية من دعم مادي للعوائل التي فقدت بعض أفرادها خلال العمليات العسكرية والأعمال الإرهابية من تفجيرات واغتيالات خلال السنوات العشر الماضية وهو ما بين 120 إلى 150 ألف دينار شهريا، قليل جدا ولايفي إلا بجزء قليل من احتياجات هذه العوائل.

وأضافت أن "برنامج الرعاية الاجتماعية على بساطته لم يشمل إلا عددا محدودا من العوائل وتشوبه الكثير من عمليات الفساد والمحسوبية ومحاولة بعض الأطراف السياسية تجيير البرنامج لأهدافها الخاصة".

ودعت عبدالرزاق الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني إلى العمل الجاد من اجل إنصاف اسر ضحايا العمليات العسكرية وأعمال العنف، وتقديم العون المادي والمعنوي لهم، حتى لا يضطر أفراد هذه العوائل إلى ممارسة التسول وإرسال أبنائهم الصغار إلى ساحات العمل الشاق.

وعبرت عن أملها في ان يترك السياسيين صراعاتهم على السلطة والمال وان يوجهوا بعض جهودهم لخدمة المواطنين الذين عانوا الكثير بسبب نقص الخدمات في مختلف نواحي الحياة، وان يلتفتوا بشكل خاص لضحايا العنف وغالبيتهم من النساء والاطفال.

ومع اطلالة الذكرى العاشرة للغزو الامريكي للعراق وما تبعه من تغيير للنظام السياسي فيه، فان ضحايا العمليات العسكرية واعمال العنف ما زالوا يشكون صعوبة الظروف التي يعيشونها، وعيونهم ترنوا الى المستقبل ويحلمون بما هو افضل لهم ولبلدهم، فلعل النور يسطع في نهاية النفق وتنقشع غمامة العنف وتشرق شمس الأمل في ربوعهم من جديد.




 
انقلها الى... :

تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :