الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

حقيق: عائلة فلسطينية تتسلم رفات ولدها بعد بحثها عنه على مدار 23 عاما

arabic.china.org.cn / 10:41:34 2012-06-01

حمادة الحطاب وعماد الدريملي

نابلس 31 مايو 2012 (شينخوا) بالدموع والزغاريد تسلمت عائلة البوز الفلسطينية رفات ولدها ناصر اليوم (الخميس) بعد ان ظل مفقودا لأكثر من 23 عاما عندما خرج من منزله في حارة القيسارية القديمة شرقي مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية صيف عام 1989.

وبعد مراسم تشييع رسمية بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقر الرئاسة بمدينة رام الله في الضفة الغربية لرفات 79 فلسطينيا ضمن 91 سلمتهم إسرائيل صباح اليوم للسلطة الفلسطينية حمل ذوو ناصر البوز نعش نجلهم على الأكتاف لنقله إلى مسقط رأسه ليوارى الثرى.

ويقول وائل البوز الشقيق الأكبر لناصر لوكالة أنباء ((شينخوا))، منذ إبلاغنا بوجود ناصر ضمن الرفات التي أعلنت إسرائيل أول أمس الثلاثاء بأنها ستسلمها للسلطة الفلسطينية، ونحن نعيش في حالة صدمة وذهول وكنا نعتقد انه ما زال على قيد الحياة.

ويضيف وائل والحزن يغلب على ملامحه "كنت واخوتي في حفل زفاف أحد أقربائنا حين أبلغنا من قبل أحد موظفي محافظة نابلس بأن رفات جثمان ناصر كانت موجودة في مقابر الأرقام الإسرائيلية وستسلم لنا فوقع الخبر علينا كالصدمة وتركنا المكان راكضين".

ويمضي وائل قائلا "لم نشعر بما حدث لنا إلا أننا وجدنا أنفسنا نحتضن بعضنا ونحمد الله وأخذنا نبكي ونضحك من شدة المفاجأة ثم توجهنا إلى المحافظة للتأكد من صحة ما أبلغنا به".

وسلمت إسرائيل صباح اليوم السلطة الفلسطينية رفات جثامين 91 فلسطينيا قتلوا ما بين عامي 1969 و2006 كانت تحتجزهم لديها في مقابر سرية يطلق عليها مقابر الأرقام بعضها يعود إلى ما قبل أربعة عقود، وذلك كبادرة حسن نية تجاه الرئيس عباس.

وقال وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ، إن رفات 12 من القتلى الفلسطينيين تم نقلها إلى قطاع غزة، حتى تتم مواراتها الثرى، فيما وصلت رفات 79 قتيلا إلى مقر الرئاسة في رام الله بالضفة الغربية وأجريت لهم مراسم تشييع رسمية.

ويقول وائل "إلى حد الآن لم نعرف ظروف مقتل ناصر منذ خروجه من المنزل، وأجرينا على مدار 23 عاما اتصالات محلية وقابلنا المخابرات الإسرائيلية وطرح اسمه من قبل مسئولين فلسطينيين على وزراء إسرائيليين لكنهم نفوا وجوده لدى إسرائيل سواء داخل السجون أو في مقابر الأرقام".

ويروي ظروف خروج شقيقه من المنزل قائلا، في عام 1989 تلقى ناصر رسالة مكتوبة من الزعيم الراحل ياسر عرفات أثناء وجوده في تونس يقول له فيها "أنني احتاجك في تونس"، مشيرا إلى أن الرسالة مازالت محفوظة لدى العائلة.

ويضيف أن ناصر اجتمع في ذلك الحين مع أفراد العائلة داخل المنزل وعرض عليهم رسالة عرفات وكان ردهم "إذا كانت الطريق مضمونة وآمنة تستطيع أن تذهب اما في حال كانت خطرة فأسرتك وبيتك وبلدك تفديك وتحميك".

ويمضي وائل قائلا، هذا اللقاء كان الأخير الذي جمعنا بناصر حيث قرر في يوليو من عام 1989 الخروج من مدينة نابلس إلى تونس "بعد تشديد الإسرائيليين الخناق عليه ومنذ ذلك الحين لم نسمع عنه شيئا".

وعرف عن ناصر في بلدته بأنه كان الرجل الأول في المنطقة وأنه كان على تماس مباشر مع عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) خليل الوزير قبل أن تغتاله إسرائيل في منزله بضاحية سيدي بوسعيد في تونس في أبريل عام 1988.

ومع قيام السلطة الفلسطينية عام 1994 توجه أشقاء ناصر من الضفة الغربية إلى قطاع غزة للقاء عرفات في مقره آنذاك لمعرفة مصير شقيقهم المفقود منذ سنوات، يقول وائل.

ويضيف التقينا عرفات والذي كان يشغل منصب رئيس السلطة الفلسطينية وتحدثنا معه لساعات طويلة حول مصير شقيقنا المفقود وتغرغرت عيناه بالدموع حينها لمحبته لناصر وما كان يتمتع به من قوة وقدرة ووعدنا بالرد خلال أسبوعين.

ويتابع وائل "بالفعل بعد أسبوعين تلقينا الجواب من عرفات عن طريق القيادي في حركة فتح أمين مقبول وأبلغنا بأن القيادة الفلسطينية قررت تشكيل لجنة تحقيق وقد أيقنا حينها بأن شقيقنا ضائع".

ويمضي قائلا "لم نيأس والتقينا عرفات في أكثر من مدينة بالضفة الغربية وكان يعدنا وكله أمل بأنه مع قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس سنشاهده برفقته على شاشات التلفاز".

لكن وائل بحسرة وألم يقول "مات عرفات ولم يعلن الدولة ولم نشاهد شقيقنا، واليوم عرفنا أنه كان رفات في مقابر الأرقام الاسرائيلية".

ولم يقتصر بحث العائلة عن ولدها لدى المستوى الرسمي الفلسطيني والإسرائيلي بل قصدت والدته جميع مؤسسات حقوق الإنسان الدولية والمحلية ورصدت جوائز مالية لمن يدلها على طريقه وطرقت أبواب "العرافات" علهن يفدنها بشيء عن مكان فلذة كبدها، بحسب ما يقول نائل الشقيق الأصغر لناصر.

ويضيف نائل لوكالة أنباء ((شينخوا)) وقد بدت عليه الحسرة "توفيت والدتي منذ خمسة أعوام، وهي تنتظر لحظة لقاء ناصر ولا أدري كيف كانت ستستقبل نبأ وجوده في مقابر الأرقام الإسرائيلية منذ 23 عاما".

ولفت نائل إلى أن العائلة أقامت لناصر بيت عزاء منذ إبلاغها بنبأ تسليم رفاته وأنه قد مات فعلا، إضافة إلى استعدادها وجيرانها لإقامة تأبين له وسط مدينة نابلس بعد الطواف به في حارات وأزقة المدينة.

لكن نائل يؤكد أن العائلة "لن تدفن رفات ناصر إلا بعد إجراءات فحوصات الحمض النووي (دي- ان- ايه) عليه في مشفى رفيديا بالمدينة للتأكد من أنها تعود له لأن إسرائيل كانت ترفض وتماطل بالإدلاء بأي معلومات عنه، فلماذا أعلنت أنه موجود لديها فجأة؟".

وعلى الرغم من الألم الذي انتاب عائلة البوز بخبر وجود رفات ناصر، إلا أن نائل أعرب عن ارتياحه لمعرفة مصيره أخيرا، متمنيا "خروج كافة الجثامين من داخل مقابر الأرقام الاسرائيلية وتسليمها لذويها".

ويقول "الكثير من العائلات الفلسطينية مازالت لا تعرف مصير أبنائها المفقودين".

ويشير منسق الحملة الوطنية لاستعادة جثامين القتلى الفلسطينيين سالم خله، إلى إن إسرائيل ما زالت تحتجز 226 جثمانا بعد تسليم رفات91 جثمانا اليوم، ومازال هناك 48 جثمانا مفقودا، كما أنه لا يوجد اعتراف رسمي من قبل إسرائيل بعدد الجثامين التي تحتجزها لديها.

وذكر خلة ل((شينخوا)) أن إسرائيل تحتجز جثامين القتلى الفلسطينيين والعرب في أربع مقابر هي: مقبرة الأرقام الواقعة في المنطقة العسكرية المغلقة بين مدينة أريحا وجسر الملك حسين في غور الأردن، ومقبرة الأرقام المجاورة لجسر بنات يعقوب التي تقع في منطقة عسكرية عند ملتقى الحدود الإسرائيلية - السورية - اللبنانية، ومقبرة (ريفيديم) في غور الأردن، ومقبرة (شحيطة) في قرية وادي الحمام شمال مدينة طبريا.

ويمضي خلة قائلا إن هذه المقابر تحتوي على أرقام من 5003 إلى 5107، مشيرا أنها قد تكون أرقاما تسلسلية لجثامين في مقابر أخرى، أو أنها مجرد إشارات ورموز إدارية لا تعكس العدد الحقيقي للجثث المحتجزة في المقابر الأخرى.





تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :