الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
تعليق: الانتقال السياسى الصعب فى مصر
بكين 29 مايو 2012 (شينخوا) اعلنت نتائج الانتخابات الرئاسية فى مصر ظهر امس الاثنين حيث دخل محمد مرسى مرشح جماعة الاخوان المسلمين واحمد شفيق اخر رئيس الوزراء فى حقبة الرئيس السابق حسنى مبارك جولة اعادة حاسمة.
يعد تقدم ممثل التيار الاسلامى والمرشح المحسوب على النظام القديم فى نتائج الجولة الاولى صورة مصغرة للانتقال السياسى الصعب فى مصر بعد سقوط مبارك، وفى الوقت ذاته، يعكس خلافات كبيرة فى المجتمع المصري .
لقد انتفض الشعب المصري ضد النظام السابق فى اوائل العام الماضى املا فى حياة كريمة وأفضل، بيد ان البلاد دخلت مرحلة انتقالية مضطربة اتسمت بالعديد من المطالب الفئوية والتظاهرات والانفلات الأمنى والتنافس القوى بين القوى السياسية على اظهار "العضلات"
على مسار تحقيق المطالب التى انتفض المصريون من اجلها فى 25 يناير 2011، عقدت انتخابات البرلمان ونجحت الكتلة الاسلامية التى تنادى بتطبيق الشريعة ممثلة فى جماعة الاخوان المسلمين والتيار السلفي والجماعة الاسلامية فى الاستحواذ على النسبة الأكبر من مقاعد البرلمان، لتصبح الكتلة الاكثر تأثيرا فى السياسة المصرية.
واثار صعود التيار الاسلامى قلق الليبراليين الذين تخوفوا من سيطرة القوى الاسلامية على مقاليد السياسة المصرية وتكرار عهد مبارك. وغذى عدم وضع جماعة الاخوان، التى تسعى الى السلطة، سياسات فعالة بعد الفوز فى الانتخابات البرلمانية، من مخاوف المجتمع مما يسمى بـ"ديكتاتورية الجماعة" فى السلطة. وقد وقفت القوى السياسية الليبرالية ضدها فى قضايا هامة مثل الدستور ليتأجل وضعه الى ما بعد انتخاب الرئيس.
وجاءت الجولة الاولى للانتخابات الرئاسية بمثابة جولة جديدة من خلط ورق اللعب للقوى السياسية في الفترة الانتقالية . قد فقدت جماعة الاخوان المسلمين ميزة مطلقة في الانتخابات التشريعية السابقة . فرغم ان مرشحها فاز بالمركز الاول ، إلا ان الفارق بينه وبين شفيق ليس كبيرا.
وتشير نتيجة الجولة الاولى الى ان التفوق القوى للسياسة الجديدة في مصر والتى يمثلها الاخوان بات أضعف قليلا . وتغيرت موازين القوى السياسية المصرية بعد تنحي مبارك تماما . كما تشير النتائج فى الوقت نفسه الى ان القوى السياسية القديمة ما زالت باقية وتحافظ على تأثير نسبي ولا توجد لديها رغبة في الانسحاب من المسرح السياسى.
لا غرو ان اجراء الجولة الاولى للانتخابات الرئاسية يشير الى ان المرحلة الانتقالية للسياسة المصرية قد دخلت مرحلة جديدة بغض النظر عن النتيجة، كما تعتبر نقطة ايجابية على الطريق من الفوضي الى النظام. ومع ان العديد من القوى الاجتماعية اعربت عن خيبة أملها ازاء نتيجة الانتخابات ، إلا ان النتيجة قطعا اعطت مؤشرا على موزاين القوى السياسية المختلفة في الفترة الانتقالية، وهذا له مغزى عميق.
ويتوقع ان تشهد الايام المقبلة قبل عقد جولة الاعادة فى 16 و17 يونيو تنافسا شرسا بين المرشحين وسيبذل احمد شفيق ومنافسه محمد مرسي قصاري جهودهما لكسب دعم الناخبين المستقلين والقوى السياسية الاخري .
ويري المحللون ان جماعة الاخوان المسلمين ستواصل رفع شعار "الدين" و"الثورة" لنيل دعم الاسلاميين ومنهم السلفيون الذين انحازوا للمرشح الاسلامى المعتدل عبد المنعم ابو الفتوح ، وشباب الثورة الذين ايدوا المرشح القومى حمدين صباحى. وعلى الجانب الاخر، فإن شفيق سيحافظ على شعاره "المدنية" و"الاستقرار" لكسب دعم الليبراليين واولئك الذين ينشدون الاستقرار بعدما ضاقوا ذرعا من مرحلة انتقالية مضطربة.
وسيتوقف نجاح كلاهما على قدرته على جذب التأييد الشعبى والدخول فى توافق مع القوى السياسية الاخرى .
غير انه لا يمكن استبعاد تزايد الخلافات بين المعسكرين فى العديد من القضايا بما فيها الحكم الدينى او المدني والمصالح الاساسية ، الامر الذي قد يؤدي الى مزيد من الانقسام فى المجتمع.
ربما يمثل اعلان الفائز نهاية لفترة فى التاريخ المصرى لكنه بطرق كثيرة فهو امام عمل صعب. ولن يضع بالطبع مجرد انتخاب الرئيس نهاية لمرحلة الانتقال الصعبة.
فالرئيس أيا كان امام موقف لا يحسد عليه حيث لا يعرف صلاحياته على وجه الدقة بسبب عدم كتابة الدستور. كما سيكون عليه ان يتعامل مع قضايا متشابكة ومعقدة تشمل من بينها العلاقة مع البرلمان والمجلس العسكرى والقوى السياسية الاخرى والاصلاح الدستورى والاقتصاد والعلاقات مع اسرائيل والولايات المتحدة وايران والاكثر من ذلك تحقيق طموحات الناخبين.
فرغم اسقاط نظام مبارك، الا ان العملية الانتقالية السياسية فى مصر تواجه عديدا من العوامل غير الواضحة ومشوارا صعبا.
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |