الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
صحيفة الشبيبة العمانية 25: الصين أكبر من ان تتحكم بها أمريكا
نشرت صحيفة الشبيبة العمانية 25 يناير الجاري مقالا بعنوان :
الصين أكبر من ان تتحكم بها أمريكا
سايمون تسيدال
مضى الوقت الذي كان بامكان أمريكا أن تملي على الصين ما يجب أن تفعله، فالصين أكبر من ان تتحكم بها أمريكا، وهي أذكى من ان يتم خداعها من قبل أمريكا، وأكثر تعقيدا حتى يتم تغييرها من الداخل
لقد كانت القمة الأمريكية الصينية الأخيرة، بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الصيني هاو جينتاو في الاسبوع الفائت، ليست كغيرها من القمم. فقد وصف مستشار الأمن القومي الامريكي السابق بريجنسكي هذه القمة، قبل انعقادها، على أنها اهم لقاء صيني – أمريكي على هذا المستوى منذ زيارة دينج كيساو بينج التاريخية قبل اكثر من 30 سنة؛ علما ان البعض في الصين وفي الولايات المتحدة الامريكية يعتقدون انه في نهاية المطاف، فإن الخيارات في العلاقات الصينية الامريكية المستقبلية هي إما الحرب أو السلام.
لقد وجدت الادارات الامريكية المتعاقبة أن من الصعوبة بمكان تحديد العلاقة بين اكبر قوة عظمى في العالم ونجمة آسيا الصاعدة. وقد شهدت السنة الفائتة بعض الصراعات في العلن بين امريكا والصين، مما عزز الاعتقاد الامريكي بأن الصين تستبدل دورها المعهود من شريك استراتيجي الى خصم استراتيجي، وهناك امثلة محددة على ذلك فلقد قامت الصين بالانخراط في ممارسات غير عادلة في مجال التجارة وسرقة الملكية الفكرية، بالاضافة الى مبيعات الاسلحة الامريكية لتايوان والنزاعات الامنية في بحر جنوب الصين، ومحاولة اسكات جوجل واستمرار احتجاز الحائز على جائزة نوبل للسلام لو شياوبو، وهذه الامور رفعت من درجة حرارة العلاقات واحيانا لدرجة الغليان.
ويدعي بعض المعلقين اليمنيين ان امريكا والصين تعتبران فعليا في حالة حرب، ولكن ليس بالشكل التقليدي حيث اتهموا اوباما بالسذاجة. ويقول ارفين ستيلزر في مجلة ويكيلي ستاندرد، ان الرئيس الصيني يشن حربا بوسائل اخرى من مثل التلاعب بالعملة، والاستنزاف التجاري وتوسيع الاستثمارات الخارجية، كما يقول ارفيين ان النظام الشيوعي ينظر الى السياسة التجارية على انها مجرد سلاح استراتيجي، في حرب تهدف الى أخذ مكان الولايات المتحدة الامريكية، كأكبر قوة اقتصادية وعسكرية على وجه الأرض.
وذكر كيف كان وزير الدفاع الصيني، الجنرال ليانج جوانجلي، يتبجح بأنه خلال السنوات الخمس المقبلة، فإن القوات الصينية سوف تزيد من استعداداتها لصراعات عسكرية في كل اتجاه استراتيجي. بينما يرفض البيت الابيض بثبات أية مقارنات تتعلق بالحرب، فإن البيت الابيض يعرف ان عليه ان يقاتل على عدة جبهات – اقتصادية وسياسية وايدولوجية -.لقد قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مؤخرا ان العلاقات مع الصين وصلت لمنعطف حاسم، واضافت "ان على الأمتين الصينية والامريكية ترجمة التعهدات على اعلى مستوى خلال القمم وزيارات الدولة الى افعال"؛ أي افعال حقيقية تتعلق بقضايا حقيقية.
لقد انضم تيم جايثنر وزير المالية الامريكي وروبرت جيتس وزير الدفاع الامريكي، واوباما نفسه، الى هيلاري كلينتون في شرح ماذا تتوقع الولايات المتحدة الامريكية من الصين. ان ما يريده هؤلاء من الصين يتضمن تعاونا أكبر في ما يتعلق بالانتشار النووي والتغير المناخي ودعم صيني أقوى في ما يتعلق بمشاكل محددة، مثل ايران وكوريا الشمالية، وسياسة اكثر مسؤولية في ما يتعلق بسعر الصرف؛ كما قال مساعدون في البيت الابيض ان اوباما يخطط ايضا لزيادة الضغط في مجال حقوق الانسان.
لقد التقى أوباما مؤخرا بنشطاء حقوق الانسان الصينيين المقيمين في الولايات المتحدة الامريكية، وناقش معهم افضل الوسائل من اجل التأثير في الاساليب المتبعة في هذا الخصوص، من داخل الصين نفسها، وطبقا لصحيفة واشنطن بوست، فإن اوباما تذكر طفولته في اندونيسيا والتي كانت في تلك الفترة تحت الحكم الدكتاتوري، واشار الى كيف أثر وجود الدولة المكثف والفساد على حياة الناس الحقيقيين، كما كان هناك الكثير من الحديث عن كيفية استخدام النفوذ الامريكي، من أجل التأثير على الصين.
ان مقاربة امريكا التي تعتمد على الوعظ في ما يتعلق بحقوق الانسان وغيرها، من المسائل نادرا ما تأتي بثمارها. وقد اعترفت هيلاري كلينتون ان بيجين ترفض مثل هذه التدخلات، وتعتبرها تدخلا في السيادة. كما ان محاولة نشر رسالة الحريات المدنية على الطريقة الايرانية، من وراء ظهر الحزب الشيوعي هو اسلوب خطر، مما قد يفاقم المشكلة ويضر بمن يحاول أوباما مساعدتهم، فالصين لديها متشدديها ايضا وهم بلا شك سوف يستغلون مثل هذه الافعال من اجل اضعاف الرئيس الصيني هاو، والجناح الاصلاحي في الحزب.
ان هذا الواقع البغيض يعكس حقيقة اكبر، وهي ان الولايات المتحدة الأمريكية يجب ان تتوقف عن محاولة اخبار الصين ماذا يتوجب عليها ان تفعل، فقد مضى الوقت الذي كان بامكان امريكا عمل ذلك، فالصين أكبر من ان تتحكم بها امريكا، وهي اذكى من ان يتم خداعها من قبل أمريكا، واكثر تعقيدا حتى يتم تغييرها من الداخل، في حين لا يمكن ان نلوم الصين على الانحدار في النفوذ الامريكي العالمي.
إن ادراك القدرات الذاتية والتركيز على الاجراءات العملية والمفيدة للطرفين وبعض الحذر، هو خيار افضل من اجل محاولة منع حرب الكلمات هذه من أن تسوء، وهذا لا يعني ان نتجاهل اية انتهاكات في حقوق الانسان. ولكن ليس من المفيد ان نلجأ الى المزايدات.
ان نجاح القمة مهم للرئيس الصيني هاو، الذي يتقاعد في السنة المقبلة، وهو سياسي يريد ان يكون له ارث جيد، ولكنه لا يريد ان يتنازل؛ علما انه نصح اوباما قبل القمة الاخيرة بينها ان يخطو خطواته بحذر، او المخاطرة بعزلة اكبر حيث قال: "ان الصين وامريكا سوف تستفيد من علاقات صينية امريكية طيبة وسوف تخسران من اية مواجهة. ان على كل بلد احترام خيار البلد الاخر على درب التنمية".
ان القمة الصينية الامريكية هي نقطة تحول استراتيجي؛ علما أن القاعدة الجماهيرية التي ينطلق منها الرئيس الصيني تتألف من الحزب الشيوعي وجيش التحرير الشعبي والشعب الصيني، الذي تتزايد مشاعره الوطنية؛ وعليه فإن خطط الصين للقرن الحادي والعشرين لا تتضمن على وجه التأكيد الانحناء لأمريكا.
شبكة الصين / 26 يناير 2011 /
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |