الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

صحيفة السفير اللبنانية : متى يتحالف العرب مع الصين؟


 

نشرت صحيفة السفير اللبنانية 14 يناير مقالا يكتبه سامي كليب، عنوان المقال:

 

متى يتحالف العرب مع الصين؟

 

لا شيء سينقذ العرب من براثن الولايات المتحدة الأميركية سوى تحالفهم الاستراتيجي مع الصين. ولو فعلوا لصارت إلى جانبهم أكبر قوة بشرية في العالم، وثاني قوة اقتصادية، وثالث قوة عسكرية، لا بل ربما ثاني قوة عسكرية إذا صدقت التوقعات بأن تتخطى الصين قريبا روسيا في هذا المجال.

نحن أمام دولة عظمى بكل المقاييس: ناتجها القومي الخام سيكون في العام المقبل أعلى من مثيله في كل منطقة اليورو. النمو الاقتصادي يتقدم 3 مرات على نظيره الأميركي. عدد الصينيين يفوق 4 مرات عدد الأميركيين. نسبة الناتج القومي الخام صارت 11 بالمئة عالميا بينما كانت لا تتخطى 5 في المئة مطلع السبعينيات. قيمة الاستثمارات الوطنية انتقلت من 35 في المئة عام 2000 إلى 50 في المئة في العام الماضي. وصارت الصين أول مصدر عالمي، وساهمت في جعل الدول النامية تتفوق على الدول المتقدمة في مجموع الصناعات.

وبما ان من يملك الاقتصاد سيكون سيد العالم في العقود المقبلة، فإن المارد الصيني مرشح لأن يلعب دورا كبيرا على المستوى العالمي، ذلك أنه أصبح القطب الثاني في التوازن العالمي، لا بل ان المصرف الصيني المركزي هو الذي ساهم في تخفيف عبء الأزمة الاقتصادية التي ألمّت بأميركا والعالم في العامين الماضيين.

وإلى الاقتصاد يضاف العامل البشري، ذلك ان شعوب أفريقيا وآسيا ستتخطى قبل عام 2050 عتبة 79 في المئة من شعوب العالم (حاليا 75,1 في المئة) بينما نسبة شعوب أميركا وأوروبا مجتمعتين ستتقلص إلى ما دون 20 في المئة من أصل 8 مليارات نسمة عام 2025.

وفي الأرقام أيضا فإن مجلة «فوربس» أحصت 64 مليارديرا صينيا عام 2009 مقابل 28 في العام الذي سبق. والصين أنتجت 40 في المئة من الإسمنت والحديد على مستوى العالم في الأعوام الماضية، وإنتاجها الصناعي تضاعف 3 مرات منذ 2002، واستهلكت فقط في العام الماضي 48 في المئة من معادن العالم و18 في المئة من المواد الغذائية الخام و10 في المئة من النفط، ولو سارت الأمور كما تشتهي بكين، فإنها ستطلق محطتها لغزو الفضاء قبل حلول العام 2020 بينما الولايات المتحدة الأميركية تتراجع في هذا المجال. وفي الصين 850 مليون مستخدم للهاتف سيصبحون عام 2012 ملياراً و200 مليون والدولة استثمرت 50 مليار يورو فقط لنشر شبكات الهاتف وقد نجحت إلى حد بعيد في منافسة كبريات الشركات العالمية في تسويق هواتف رخيصة الثمن في الدول النامية.

الصين تتقدم إذاً بينما أميركا تدفع تكاليف باهظة في ميزانيات دفاع لحروب فاشلة من العراق إلى أفغانستان.

ماذا تعني هذه الأرقام؟

تعني أن الصين صارت القوة العظمى الثانية عالميا، ولعلها ستصبح الأولى لو ألمّت بأميركا مصيبة اقتصادية كبيرة أو نكسة عسكرية خطيرة، وتعني أيضا ان الصين ستكون بحاجة إلى دولنا العربية والافريقية لاستيراد النفط والمواد الأولية ولتصدير بضائعها التي تلقى استحسانا كبيرا في الوقت الراهن، نظرا لتحسن جودتها وتضاؤل أسعارها.

ان مثل هذه الحاجات، تجعل العرب، (لو انتبهوا) قادرين على نسج تحالفات استراتيجية جدية مع الصين على مختلف المستويات، وهم بذلك يستطيعون التلويح بهذا التحالف للولايات المتحدة الأميركية، فإما تعدل واشنطن من سياساتها القابضة على قرارهم ومالهم واقتصادهم ونفطهم والداعمة على نحو مطلق وأعمى لإسرائيل، وإما يبدلون التحالف بواحد أقل خطراً منه. (على الأقل حتى الآن).

فالصين لم تعبر حتى اليوم عن نوايا استعمارية أو توسعية، وانما تقضم شيئا فشيئا مواقع الثقل التاريخية أميركيا وأوروبيا، وتقول جهارا انها تسعى لتطويق الهيمنة الأميركية في افريقيا، ولعل ما نسجته من علاقات استراتيجية في أميركا اللاتينية والقارة السمراء في السنوات الأخيرة خير شاهد على ذلك، كما أنها تقرن توسعها الدبلوماسي والاقتصادي بمشاريع إنمائية واجتماعية تخفف بعض فقر ومشاكل دول العالم النامي (إنشاء مدارس ومستشفيات، وبناء جسور ووزارات وبنى تحتية ومجمعات تجارية وسكنية... الخ).

والمهم في قضية التحالف العتيد بين العرب والصين، هو فتح الدول العربية على تعاون لا يقتصر فقط على الاقتصاد (التبادل التجاري تخطى 110 مليارات دولار) وبعض الشؤون الدبلوماسية، بل الشروع في استقدام مفكرين ومثقفين وأساتذة جامعات، وتوسيع مجال نشر الثقافة واللغة الصينيتين، لكي تصبح الصين حاضرة فعلا في مجتمعاتنا العربية...

 

 

شبكة الصين / 17 يناير 2011 /





تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :