الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

جريدة «الأهرام» المصرية: الصين وشجاعة مواجهة الحقائق


نشرت جريدة »الأهرام« المصرية 3 إبريل مقالا لد. علي الدين هلال بعنوان:

 

الصين وشجاعة مواجهة الحقائق

بقلم: ‏د‏.‏ علي الدين هلال

المتابع لتطور خبرة التنمية في الصين وكيفية تعاملها مع المشاكل والأزمات التي تتعرض لها تنمو لديه مشاعر الاحترام والتقدير والإعجاب لجدية هذا الشعب‏،‏ فرغم إنجاز الاقتصاد الصيني المبهر بكل المعايير والذي رفعه إلي مصاف ثالث أكبر اقتصاد في العالم.

وثاني أكبر مصدر وأول دائن للولايات المتحدة وهي إنجازات غير مسبوقة في التاريخ‏..‏ رغم ذلك فإن الصينيين يتحدثون بكل تواضع عما أنجزوه ويرفضون وصف بلادهم بالدولة الكبرى ويؤكدون أنه مازال أمامهم طريق طويل بسبب ضخامة عدد السكان كما يرفضون آية مبالغة بشأن ما تحقق ويركزون علي التحديات والمشاكل‏.‏ ومناسبة هذا الحديث هو خطاب رئيس الوزراء ون جيا باو أمام البرلمان الصيني يوم‏3/9‏ والمناقشات التي تلته‏.‏ فمع أن الصين حققت نموا اقتصاديا بلغ ‏8%‏ في العام الماضي‏،‏ وزادت صادراتها في العام الماضي ‏45%‏ ويتوقع الخبراء إمكانية أن تصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم‏،‏ فقد أشار ون جيا باو إلي أن الاقتصاد الصيني يحتاج إلي إعادة هيكلة حتى يتمكن من المنافسة بشكل أكبر على المستوي العالمي‏،‏ وطالب الشركات الصينية بتطوير قدرتها على الابتكار والتجديد التكنولوجي وزيادة إنتاج السلع ذات التقنية والجودة العالية‏،‏ ودعا المواطنين إلي زيادة الاستهلاك والإنفاق في مجالات السياحة والصحة البدنية وغيرها من الخدمات‏،‏ ووعد بأن تتخذ الحكومة الإجراءات الكفيلة بمواجهة مشكلة ارتفاع أسعار العقارات‏.‏

وإذا كان ازدياد الفجوة بين الأغنياء والفقراء من المشاكل التي تواجه اقتصادات الدول في المراحل الأولي من النمو الاقتصادي فإن المسئولين الصينيين لا يتعاملون معها بمنطق الإنكار أو التجاهل وإنما يتحدثون عنها صراحة فيقول رئيس الوزراء الصيني إن من الضروري تقليص الهوة المتزايدة بين الفقراء والأغنياء في مستوى الدخول‏،‏ وأن المنافع والثمار المترتبة على تحقيق النمو يجب أن توزع بشكل أكثر تكافؤا وعدلا‏،‏ وأشار في خطابه أكثر من مرة إلى ضرورة جعل المجتمع الصيني أكثر إنصافا قائلا لن نجعل كعكة الثروة الاجتماعية أكبر عن طريق تطوير الاقتصاد وحسب بل بتوزيعه بطريقة أكثر عدلا كذلك‏،‏ وأكد أن الحكومة سوف تعمل على ردم الهوة بين الأغنياء والفقراء ورأب الصدع الاجتماعي‏،‏ وعد بإعادة النظر في نظام تسجيل المواطنين والذي يحرم سكان الريف من المزايا الاجتماعية في حال انتقالهم للعمل في المدن‏.‏

ووعد ون جيا باو بتحفيز النمو وذلك من خلال مزيد من خدمات الرعاية الاجتماعية وضخ الأموال في المناطق الريفية والتي يقل متوسط دخول سكانها إلي ربع دخول سكان المدن مؤكدا أن تحسين الرعاية الاجتماعية والصحية والخدمات الريفية لسكان الريف الذين يصل عددهم إلى ‏700‏ مليون نسمة هو أمر لازم لتأمين سلامة اقتصاد الصين وسيطرة الحزب على مجتمع منقسم اجتماعيا علي نحو متزايد‏،‏ وأن تحسين حياة الناس هي وحدها التي تضمن استمرار التنمية الاقتصادية وتوفير الأساس القوي للتقدم الاجتماعي والاستقرار الدائم للبلاد‏.‏ وهذا القول يشير إلى حقيقة أن التنمية الاقتصادية ليست هدفا في حد ذاتها ولكن الهدف هو حياة أفضل للمواطنين وأن عملية زيادة الثروة عبر التنمية الاقتصادية ينبغي أن ترافقها عملية توزع عائدها بشكل منصف وعادل‏.‏



1   2    




تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :