الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
جريدة ((الأهرام)) المصرية: العالم العربي بين رسالتين أمريكية وصينية
ألقى رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيا باو خطابا في مقر جامعة الدول العربية 7 نوفمبر، فكتب أول سفير لجامعة الدول العربية لدى الصين السفير د. محمد عبد الوهاب الساكت مقالا ونشرته جريدة ((الأهرام)) المصرية 8 نوفمبر.
العالم العربي بين رسالتين أمريكية وصينية
السفير د. محمد عبدالوهاب الساكت
بادر الرئيس الأمريكي أوباما في يونيو سنة 2009 إلي توجيه رسالة إلي العالم الإسلامي من مقر جامعة القاهرة في إشارة واضحة إلي اهتمام الولايات المتحدة بتحسين علاقاتها وصورتها بين شعوب الأمة الاسلامية التي يبلغ عدد أفرادها مليارا ونصف المليار نسمة يوجد 60% منهم في آسيا،20% في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا،20% في باقي أنحاء العالم.
وقد تعهد الرئيس أوباما في رسالته بالعمل علي فتح صفحة جديدة مع العالم الاسلامي الذي أساءت إليه الادارة الأمريكية السابقة لاسيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنة 2007 ومارست ضده الكثير من أنواع الضغوط والتدخلات بل والممارسات القمعية التي تراوحت ما بين الغزو العسكري واحتلال الأراضي بالقوة كما حدث في العراق وأفغانستان إلي التهديد باستخدام القوة وإثارة القلاقل الداخلية وتشجيع إسرائيل كما يحدث في لبنان وباكستان علي ممارسة احتلالها للأراضي العربية وقتل المدنيين من أبناء الشعب الفلسطيني كل يوم وآخرها ما حدث من مذابح وحشية في غزة ومنذ إلقاء الرئيس أوباما لرسالته لم يحدث أي تغيير جوهري في سياسة الولايات المتحدة تجاه العالم الاسلامي فالمبعوثون الأمريكيون والمسئولون من البلاد الاسلامية يتبادلون الزيارات والتصريحات الوردية ولكن لا جديد بالفعل بل وتزداد الحالة سوءا في العالم الاسلامي ومظاهرها المختلفة من تمزق وصراعات داخلية وخارجية وترد في الأوضاع الاقتصادية بسبب تخصيص المزيد من الموارد علي شراء الأسلحة أو محاولة تملك أسلحة نووية.
وعلي العكس من ذلك وجه رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو أمس خطابا وديا إلي العالم العربي والاسلامي من مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة التي تعتز بالقيادة العربية والاسلامية لأكثر من ألف عام مستندا إلي خلفية تاريخية من التعاون المستمر والبناء تمتد إلي مئات السنين وزادت وتوطدت بعد إنشاء جمهورية الصين الشعبية في أكتوبر سنة1949 وحيث حرصت الحكومات الصينية المتعاقبة علي تأييد حقوق الشعوب العربية والاسلامية في الحرية والاستقلال والوحدة داعية إلي عدم التدخل في شئونها الداخلية والتعامل معها علي أساس مبادئ التعايش السلمي الخمسة مؤيدة الخصوصية الثقافية والدينية للأمة الاسلامية والعربية، كما قدمت الصين الكثير من القروض والمشروعات والمنح والخبرات التي تساهم في حل المشاكل الاقتصادية للجماهير الغفيرة من أبناء الأمة العربية والاسلامية بل وأسقطت الكثير من الديون التي كانت علي الدول الاسلامية والعربية الأقل فقرا إحساسا منها بالمسئولية الدولية المشتركة وأنه لكي يتحقق السلام في العالم لابد أن ينتهي الفقر فيه.
كما شارك الجانبان الصيني والعربي والاسلامي في توطيد العلاقات بينها منذ بداية القرن الحادي والعشرين من خلال منتديات مشتركة تجمع بينها وفي مقدمتها منتدي التعاون الأفريقي الصيني الذي انشيء عام 2000 الذي يشارك في أعماله رئيس الوزراء الصيني ويفتتحه الرئيس حسني مبارك وكذلك منتدي التعاون العربي الصيني الذي انشيء عام 2004 فضلا عن المنتديات الآسيوية المختلفة التي تشارك فيها الصين مع عدد من الدول الاسلامية في آسيا بل وأن هناك من يدعو الآن إلي إنشاء منتدى للتعاون الاسلامي الصيني يجمع بين ربع سكان العالم المسلمين وربع سكان العالم الصينيين ويحقق حركة كبيرة من التضامن الفعال الذي يضمن أن يكون القرن الحادي والعشرون قرن سلام وتنمية بالفعل لا بالقول.
وهكذا فان درس التاريخ يذكرنا بأن السياسة التي كانت تتبعها الأمة العربية بالاتجاه شرقا هي سياسة ناجحة وإيجابية ومحققة للآمال. وقد كان من أثر هذا التمازج العربي الصيني وجود آثار ومآثر عربية في معظم المدن الصينية بل ووجود أجيال عديدة مازالت تتمسك بقيمها العربية والاسلامية وتشارك مشاركة فعالة في نهضة الصين وتطورها حيث تبادل العرب والصينيون المخترعات التي تفيد البشرية كالطباعة وعلم الفلك وغيرهما بل ودخل كثير من الكلمات العربية في مفرداتها للغة الصينية، كما سجل المؤرخون العرب الذين زاروا الصين منذ مئات السنين شواهد علي هذا التقارب العربي والاسلامي الصيني وأشاروا إلي أن أول مسجد بني في خارج الجزيرة العربية بني في الصين.
ولعل الرسالتين الأمريكية والصينية تدعونا الي الاهتمام بالروابط الاسلامية والعربية الوثقي والتي سبق للرئيس الراحل جمال عبدالناصر أن وضعهما في المرتبة الأولي والمرتبة الثانية من درجة الاهتمام الخارجي لمصر في كتابه فلسفة الثورة، وفي التطبيق العملي لذلك فقد اهتم بتطوير دعم الجامعة العربية وأجهزتها كما أنشأ المؤتمر الاسلامي الذي كان أول من رأسه الرئيس أنور السادات في سنة1954 والذي كان يفتخر بأن أحد ألقابه الرئيس المؤمن وعملت مصر علي دعم منظمة المؤتمر الاسلامي.
كذلك فان هاتين الرسالتين تدعونا إلي القول بأنه قد آن الأوان لمصر التي حملت لواء الدعوة الاسلامية والوحدة العربية لقرون عديدة وتخرج في أزهرها العتيد قادة الرأي ومنارات الهدي في كل أنحاء العالم العربي والاسلامي أن تنشأ علي الفور وزارة للوحدة العربية والاسلامية تهتم بكل مايساعد علي توطيد هذه العلاقات في جميع المجالات وبرهانا علي التصميم الجاد لتخليص العالم العربي والاسلامي من الجهالات والصراعات حتي يكون مرة أخري خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر.
شبكة الصين / نوفمبر 2009 /
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |