share
arabic.china.org.cn | 13. 02. 2025

ترامب لا يزال غير قادر على كسب حربه التجارية ضد الصين في فترة رئاسته الثانية

arabic.china.org.cn / 13:39:02 2025-02-13

وانغ ون*

12 فبراير 2025 / شبكة الصين / بعد ثلاثة أيام من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض تعريفة جمركية إضافية على السلع المستوردة من كندا والصين بنسبة 25% و10% كل على حدة، اختارت كندا الرضوخ لمطالب ترامب مقابل تأجيل الولايات المتحدة تطبيق القرار لمدة شهر.

وفي المقابل، سرعان ما أعلنت الصين عن تدابير مضادة، من بينها فرض رسوم جمركية إضافية على الفحم والغاز المسال والنفط الخام والمعدات الزراعية والسيارات ذات المحركات الكبيرة والشاحنات الصغيرة الأمريكية، وبدء تنفيذ ضوابط تصدير على مجموعة من المعادن النادرة منها التنغستن والتيلوريوم إلى الولايات المتحدة، ووضع شركات أمريكية على قائمة الكيانات غير الموثوقة، وفتح تحقيق لمكافحة الاحتكار مع شركة غوغل.

ولم ترضخ الصين أمام "عصا" الولايات المتحدة، بل ردت بمجموعة من التدابير المضادة أكثر صرامة واستهدافا وتنوعا. ويرجع السبب الجذري لذلك إلى أن الصين أصبحت أكثر ثقة في نفسها وقدرة على الصمود.

ومنذ إشعال ترامب حربه التجارية ضد الصين خلال فترة رئاسته الأولى عام 2018، ظل مستوى الرسوم الجمركية الأمريكية على الصادرات الصينية من السلع عند حوالي 19%. وبالنظر إلى آثار الحرب التجارية التي امتدت لأكثر من سبع سنوات، من الواضح أن ترامب لم يحقق أهدافه خلال فترة رئاسته الأولى.

وبالمقارنة مع عام 2018، زاد إجمالي حجم تجارة الصين الخارجية في عام 2024 بنسبة قدرها 44%، وارتفع إجمالي حجم التبادل التجاري بين الصين والولايات المتحدة بنسبة 8%، ونما إجمالي الفائض التجاري بين البلدين بنسبة 13%.

ولم تفك الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الارتباط التجاري بين البلدين، بل على العكس من ذلك، زاد الفائض التجاري بينهما.

وهناك بيانات أخرى مثيرة للاهتمام تشير إلى أن نسبة حجم التبادل التجاري الصيني الأمريكي من إجمالي حجم التجارة الصينية انخفضت من 14% في عام 2018 إلى 11% في عام 2024، ما يظهر تراجع أهمية الولايات المتحدة للأنشطة الاقتصادية والتجارية الصينية.

الأهم هنا أن الجهود الأمريكية لفرض حصار تكنولوجي على الصين شجعت ابتكار بكين المستقل، حيث ارتفع معدل الاكتفاء الذاتي من الرقائق في الصين إلى 30% في عام 2024، بزيادة أكثر من الضعفين عما كان عليه الوضع في عام 2018. وفي الوقت نفسه، بلغ هذا الرقم 100% لشركة هواوي حيث تعافت مبيعاتها لتتجاوز ما سجلته في عام 2018. علاوة على ذلك، ظهرت مزيد من الشركات الجديدة العاملة في قطاع التكنولوجيا الفائقة، مثل تيك توك وديبسيك وغيرهما.

وأصبحت الصين أقوى في الوقت الراهن، وربما يمكن لترامب تهديد كندا والمكسيك أو حتى أوروبا بعصا الرسوم الجمركية، ولكن من المستبعد أن يرهب الصين التي تتمتع بتجارب ناجحة عمرها سبع سنوات.

وترجع ثقة الصين إلى قطاعات التصنيع القوية لديها، حيث تأتي الصين في المركز الأول عالميا من حيث حجم قطاعات التصنيع لمدة 15 عاما متتالية، حيث شكلت قطاعات التصنيع في الصين 31.6% من الإجمالي العالمي.

وتشمل صادرات الصين الرئيسية إلى الولايات المتحدة الماكينات والإلكترونيات والأثاث والألعاب والمنتجات البلاستيكية والمنسوجات وغيرها من المنتجات الصناعية التي تتمتع فيها الصين بقدرات تنافسية عالية، إضافة إلى القطاعات الاستهلاكية التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الأمريكيين، حيث 70% من الهواتف المحمولة الأمريكية مصنوعة في الصين، كما تأتي نحو 95% من واردات الولايات المتحدة من الألعاب التي تكتسب شعبية كبيرة من الصين أيضا.

لذلك، في حين أن التعريفات الجمركية الإضافية التي فرضتها إدارة ترامب على المنتجات الصينية تفاقم الصراعات بين المصدرين الصينيين والمستوردين الأمريكيين، فمن الحتمي أن يكتسب المصدرون الصينيون قوة تفاوضية أكبر تُمكنهم من إجبار المستوردين الأمريكيين على دفع تكاليف الرسوم الجمركية الإضافية، وبالتالي سيتحمل المستهلكون الأمريكيون هذه التكاليف في نهاية المطاف.

وبالنظر إلى هياكل الصادرات الأمريكية في عام 2024، فقد ارتفعت نسبة الموارد بشكل متزايد، فيما لم يتجاوز إجمالي قيمة صادراتها إلا 40% من نظيرتها الصينية.

وفي المقابل، لا تأتي السيارات والدوائر المتكاملة والرقائق التي تُعتبر من الصادرات الأمريكية القوية إلا في المركز الرابع والخامس على قائمة صادراتها، كما أن هذه القيمة لم تسجل نصف مثيلتها من الصادرات الصينية. ففي عام 2024، وصل حجم صادرات الصين من السيارات الكهربائية إلى 11.74 مليون دولار، فيما بلغ حجم صادراتها من الدوائر المتكاملة والرقائق 15.95 مليار دولار، ما يجسد بشكل واضح القدرة التنافسية الصينية الجبارة في التصدير، ويمثل انعكاسا نموذجيا لتردي الصناعات الأمريكية.

وانطلاقا من هذه الزاوية، فإن السياسات التعريفية التي يعتمدها ترامب تحت شعار إنقاذ الصناعات الأمريكية لا تقابلها إلا تردي الصناعات الأمريكية المتزايد وارتفاع الأسعار المتواصل. وتعوز الولايات المتحدة التي تعتمد على بيع الموارد، القدرة التنافسية الكافية في التصدير.

وفي حال رفعت دول العالم تعريفاتها الجمركية على المنتجات الأمريكية بشكل مشترك، بمجرد إدراك تهديدات ترامب في فترة رئاسته الثانية، فسوف تتضرر الصادرات الأمريكية من الطاقة بكل التأكيد، فيما سيظهر تضخم خطير داخل الولايات المتحدة مجددا بسبب التعريفات الجمركية الإضافية، حتى يقع الانهيار الاقتصادي.

ويمكن القول إن ترامب لن يجعل الولايات المتحدة عظيمة مجددا، بل سيجعلها تتردي بشكل متواصل. وتعكس السياسات التعريفية التي يعتمدها ترامب في فترة رئاسته الثانية مجددا أن الولايات المتحدة لم تعُد قائدا عالميا، بل تتردي تدريجيا لتصبح دولة إقليمية عادية تتسبب في صراعات ثنائية أو اختلال النظام العالمي.

*عميد معهد تشونغيانغ للدراسات المالية بجامعة الشعب الصينية والمدير التنفيذي لمركز التبادل الثقافي الصيني الأمريكي

-الآراء الواردة في المقالة لا تعكس بالضرورة موقف موقع شبكة الصين الإخباري


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号