بقلم تشانغ ده يوانغ*

21 يناير 2025 / شبكة الصين / تجاوز الناتج المحلي للصين 130 تريليون يوان عام 2024، بزيادة نسبتها 5.0% على أساس سنوي، حسب تقديرات أولية رسمية. وكان عام 2024 استثنائيا بالنسبة إلى الصين، إذ إنه شهد جهود الصين الرامية للتغلب على عدة تحديات وصعوبات، لتنجح في تسجيل مستوى جديدا في النمو الاقتصادي من حيث الحجم الإجمالي والنوعية وحققت إنجازات مرموقة، في ظل الوضع المعقد المتمثل في تشديد الضغوط خارجيا وزيادة الصعوبات داخليا. وتربعت الصين بمعدل نمو اقتصادها البالغ 5% على مكانة متقدمة من بين الاقتصادات الرئيسية في العالم، لتصبح قوة مهمة لتحفيز النمو الاقتصادي العالمي.

وعلى مدى العام الماضي، ألقت الظروف الدولية المتشابكة والمعقدة بظلالها على الاقتصاد الصيني، في ظل تفاقم الصراعات الجيوسياسية وتنامي الأحادية والحمائية وتعرضت العولمة الاقتصادية لموجة معاكسة وأظهرت سلاسل الصناعة والتوريد العالمية مزيدا من صفات التفتت وضعفت ديناميكية نمو الاقتصاد العالمي نسبيا، حينما تبنت بعض الدول إجراءات "بناء ساحة صغيرة ذات سياج مرتفع" و"فك الارتباط وقطع السلاسل"، في محاولة لاحتواء النمو الاقتصادي الصيني من حيث العلوم والتكنولوجيا والتجارة الخارجية والاستثمار.

وبينما تواجه الصين مهام شاقة وثقيلة في الإصلاح داخليا للحفاظ على الاستقرار والتنمية، فمن ناحية، تعاني الصين من المشاكل المؤقتة الناجمة عن تحول ديناميكيتها التنموية من القديمة إلى الجديدة، إذ إن اقتصادها يمر بمرحلة حاسمة لتعديل هيكله وتحسينه وترقيته، ومن ناحية أخرى، يعاني تشغيل وإنتاج بعض الشركات وتوظيف الجماهير وزيادة دخلها من ضغوط كبيرة نسبيا، بسبب أن افتقار الطلب الفعال المحلي أربك الأداء الاقتصادي.

ورغم التداخل والتشابك بين الصعوبات والتحديات داخليا وخارجيا، أظهر الاقتصاد الصيني مرونته القوية، وحقق هدف نموه المحدد في ظل الوضع الصعب. ولم يسجل نموا معقولا من حيث الكم عام 2024 فحسب، بل حقق ارتقاء فعالا في نوعيته وإنجازات كبيرة في تنميته العالية الجودة أيضا. وأظهر ذلك مجددا بقوة أن الاقتصاد الصيني الذي يتميز بأساس ثابت ومزايا عديدة ومرونة قوية وإمكانات هائلة، لم تتغير الظروف الداعمة والزخم الأساسي لتطوره صوب التحسن على المدى الطويل.

ويواصل الاقتصاد الصيني تعزيز تحسين هيكله وترقيته بخطوات راسخة لدفع عجلة تنشئة الديناميكية الجديدة. وزاد إنتاج السيارات الكهربائية في الصين عام 2024 بنسبة 38.7% عما كان عليه في السنة الماضية، ليتبوأ المركز الأول عالميا لـ10 سنوات متتالية، وأصبحت الصين بذلك أول دولة يتجاوز إنتاجها السنوي للسيارات الكهربائية 10 ملايين. وتواصل المنتجات التي تحمل علامة "صنع في الصين" وتتميز بجودة عالية كسب قبول عالمي، مما أظهر القدرة التنافسية والابتكارية المتنامية للصناعات الصينية.

وفي الوقت نفسه، تبذل الصين جهودا كبيرة لحل المخاطر في القطاعات الرئيسية بشكل منظم وفعال، والحفاظ على الخط الأدنى لتجنب وقوع مخاطر مالية قطاعية. ومنذ سبتمبر عام 2024، ظهرت تغيرات إيجابية في سوق العقار الصينية، وفي الربع الأخير من عام 2024، زادت مساحة المساكن المبنية حديثا المباعة وحجم مبيعاتها بنسبة 0.5% و1.0% كل على حدة، مما عكس اتجاه التراجع المتواصل إلى حد ما. واتخذت الصين أيضا تدابير هادفة لتعزيز إدارة المخاطر الكامنة المتمثلة في ديون الحكومات المحلية والمؤسسات المحلية المتوسطة والصغيرة، وحققت نتائج ملموسة، مما ضمن التعافي الاقتصادي المتواصل وتطوره نحو التحسن بشكل فعال.

وعلاوة على ذلك، حققت الصين نتائج مرموقة في ضمان وتحسين معيشة الشعب، لتمكّن نتائج النمو الاقتصادي من العودة بالخير على مئات الملايين من الأسر. وهناك قول شائع في الصين مفاده أن كل ما يتعلق بمعيشة الشعب أمر كبير لا يستهان به، إذ إن كافة تفاصيله تشغل بال الشعب. وكثفت الصين عام 2024 جهودها لتنفيذ السياسات الموجهة لتحسين معيشة الشعب والمتمثلة في الحفاظ على استقرار سوق التوظيف وتشجيع زيادة الدخل، حيث نفذت استراتيجية "منح الأسبقية للتوظيف" بعمق، وحافظت على استقرار وضع التوظيف بشكل عام. وبلغ متوسط نسبة البطالة القائمة على المسح في المدن والبلدات 5.1%، بانخفاض 0.1 نقطة مئوية بالمقارنة مع عام 2023، وأقل من الهدف المتوقع البالغ نحو 5.5%، وبينما زاد الدخل القابل للتصرف في عموم الصين بنسبة 5.1%، مما حافظ على نمو مطرد يتماشي مع النمو الاقتصادي. وبالإضافة إلى ذلك، حققت أوجه تقدم في مجالات التعليم والخدمات الطبية ورعاية المسنين وحضانة الأطفال وغيرها من شتى المجالات المتعلقة بقضايا معيشة الشعب.

وخلاصة القول، فإن الاقتصاد الصيني حافظ على استقراره وأحرز أوجه تقدم على أساس صون استقراره، وحقق هدف نموه الرئيسي بشكل سلس، في ظل الوضع الخطير والمعقد المتمثل في تشديد الضغوط خارجيا وازدياد الصعوبات داخليا، بفضل اعتماد مجموعة من السياسات لتحفيز النمو الاقتصادي. وبعد تحقيق نمو معقول من حيث الكم وارتقاء فعال في النوعية، يختتم الاقتصاد الصيني عام 2024 بنتائج باهرة.

_________

*يعمل الكاتب باحثا في معهد الاستراتيجية المالية والاقتصادية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية

*الآراء الواردة في المقالة لا تعكس بالضرورة موقف موقع شبكة الصين الإخباري