30 أكتوبر 2024 / شبكة الصين / يواصل الاقتصاد الصيني إظهار مرونته وإمكاناته، في ظل ضعف تعافي النمو الاقتصادي العالمي وتصاعد الصراعات الجيوسياسية وتغيرات البيئة التجارية الدولية، حيث أظهرت أحدث البيانات أن الأداء الاقتصادي الصيني واصل تحقيق التقدم من خلال الحفاظ على استقراره، كما ارتفعت العوامل الإيجابية التي تسهم في دفع نموه. ويرى خبراء أجانب أنه في مواجهة البيئة الخارجية المعقدة والخطرة، تسهم تدابير الصين الاقتصادية في الحفاظ على استقرار النمو الاقتصادي وتحسين التوقعات تجاه الاقتصاد الصيني. ومع تنفيذ مجموعة من السياسات التحفيزية، تشهد الثقة في السوق الصينية إحياء فعالا، وتستحق التطلع إلي آفاقها.

الأداء الاقتصادي الصيني يحافظ على استقراره بوجه عام

أظهرت بيانات المكتب الوطني الصيني للإحصاء أن الناتج المحلي للبلاد في الأرباع الثلاثة الأولى من العام الجاري حقق نموا بنسبة 4.8% على أساس سنوي، وحقق الأداء الاقتصادي الصيني نموا مستقرا، وحافظ على تقدمه من خلال الحفاظ على الاستقرار. وفي ظل تباطؤ تعافي النمو الاقتصادي العالمي وتنامي الحمائية التجارية، سجل إجمالي قيمة الواردات والصادرات الصينية في الأرباع الثلاثة الأولى من العام الجاري رقما قياسيا، وعاد احتياطي النقد الأجنبي في الصين إلى مستوى 3.3 تريليون دولار مجددا.

ويرى هاري مورفي كروز، الخبير الاقتصادي في وكالة موديز أناليتيكس، أن بيانات سبتمبر الماضي شهدت تحسنا ملحوظا مقارنة مع نظيرتها في يوليو وأغسطس الماضيين، كما ارتفعت معدلات نمو قطاعات التجزئة والتصنيع وغيرهما بشكل سريع. ونظرا لأن السياسات التحفيزية التي تعتمدها الصين لم تنعكس آثارها على بيانات الربع الثالث من العام الجاري، توقع كروز أنه من المرجح أن تتمكن الصين من تحقيق أهداف نموها للعام الجاري.

وأظهرت الإحصائيات أن إجمالي مبيعات السلع الاستهلاكية الاجتماعية في الصين ارتفع بنسبة 3.3% على أساس سنوي في الأرباع الثلاثة الأولى من العام الجاري، ومن ضمنها زاد في سبتمبر الماضي وحده بنسبة 3.2% على أساس سنوي، بنمو 1.1 نقطة مئوية عما سجله في أغسطس الماضي.

وأعرب ناثان شيتس، كبير الاقتصاديين العالميين في سيتي جروب، أن السياسات التحفيزية المعنية التي أعلنتها الصين مؤخرا سوف تسهم في إحياء الطلب بشكل ملحوظ، متوقعا أن يصبح الاستهلاك قوة دافعة مهمة في تحفيز النمو الاقتصادي الصيني على المدى المتوسط والطويل.

ويرى رالف أوسا، كبير الاقتصاديين في منظمة التجارة العالمية، أن الصين حققت أداء ممتازا في التصدير، مضيفا أن السياسات التحفيزية التي تبنتها الصين مؤخرا سوف تسهم في إحياء الطلب الداخلي، وتؤدي دورا في تحقيق توازن في هيكلة التجارة الخارجية.

وقال ديزيريه كوامي، المسؤول في بنك الاستثمار الوطني بكوت ديفوار، إن الاقتصاد الصيني يظهر مرونة قوية رغم مواجهته تحديات عديدة.

السياسات التحفيزية الصينية تسهم في إحياء الثقة

مع طرح الصين مجموعة من السياسات التحفيزية، تزداد ثقة العالم في آفاق النمو الاقتصادي الصيني والسوق الصينية بشكل متواصل، حيث ارتفعت أسعار المنتجات المالية ذات الصلة بالاستثمار الخارجي في الصين، وتنامت أسهم الشركات الصينية المدرجة في بورصات الولايات المتحدة بشكل ملحوظ، فيما زادت التوقعات الإيجابية للمستثمرين الأجانب بشأن السوق الصينية بشكل ملموس.

وخلال الأسابيع الماضية، رفعت عدة مؤسسات دولية توقعاتها بشأن النمو الاقتصادي الصيني في العام الجاري، وقالت مجموعة "آي إن جي" في تقرير مفصّل إن دور السياسات التحفيزية الصينية سوف يتواصل في العام المقبل.

وأوضحت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا على هامش الاجتماعات السنوية للصندوق ومجموعة البنك الدولي لعام 2024، إن صندوق النقد الدولي تابع إعلان الصين عن مجموعة من السياسات التحفيزية، مؤكدة أنه مع نمو الاقتصاد الصيني إلى حجم ضخم مثل هذا، يشكل الطلب الداخلي مصدرا أكثر موثوقية للنمو.

وقال روني لينز، مدير المركز البرازيلي للدراسات الصينية، إن السياسات التحفيزية الصينية سوف تضخ ثقة وديناميكية في الأداء الاقتصادي، وتسهم في تقوية دور الصين الأساسي بوصفها قوة محركة للتعافي الاقتصادي العالمي، وبرهن على أن الصين تتمتع بقدرة على الاستجابة السريعة للطوارئ والحفاظ على استقرار اقتصادها، في ظل السوق العالمية المشبعة بالتحديات.

وأشار راي داليو، مؤسس شركة بريدج وتر الأمريكية للإستثمار، إلى أن السوق الصينية تشهد ازدهارا بفعل عدة عوامل، متوقعا أن التدابير والسياسات المعنية سوف توفر مزيدا من الدعم للسوق.

التنمية الصينية العالية الجودة جديرة بالمتابعة

أظهرت بيانات المكتب الوطني الصيني للإحصاء أن إنتاج السيارات الكهربائية والدوائر المتكاملة ومنتجات الطباعة ثلاثية الأبعاد في الصين زادت بنسبة 33.8% و26% و25.4% على التوالي خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الجاري. ويرى خبراء أجانب أن السياسات التحفيزية الصينية سوف تطلق العنان لسيولة طويلة الأمد، وتسهم في خفض تكلفة المؤسسات والشركات في الحصول على التمويل بشكل متزايد، وتدعم خطوات الصين الراسخة نحو التنمية العالية الجودة.

وقال ديزيريه كوامي، المسؤول ببنك الاستثمار الوطني في كوت ديفوار، إن الصين، بوصفها مصنع العالم، يمكنها إنتاج البضائع والسلع بكافة أنواعها بتكلفة تنافسية. كما تتحول الصين حاليا إلى ريادة عدة قطاعات خاصة بالتقنيات الحاسمة في العالم، مثل الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس والطاقة المتجددة.

وفي مواجهة المشاكل المستعصية المشتركة التي تواجه عمليات التنمية الخضراء في العالم، قدمت المنتجات الصينية المتوفرة في أنحاء العالم، إسهامات ملحوظة في التصدي للتغير المناخي والتنمية المستدامة للاقتصاد العالمي. وبحسب إحصائيات الجمارك الصينية، فقد بلغت صادرات الصين من السيارات الكهربائية وبطاريات أيون الليثيوم والمنتجات الكهروضوئية 757.83 مليار يوان خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الجاري، لتمثل 4.1% من إجمالي قيمة الصادرات الصينية.

وأكدت مارسيلا فيلا، الخبيرة الاقتصادية بجامعة سانتياغو في تشيلي، أن السياسات التحفيزية التي تعتمدها الصين سوف تسهم في تحرير مزيد من رؤوس الأموال، وخفض تكلفة الشركات في الحصول على التمويل، ودفع تحقيق التقدم في قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا الفائقة قدما، وتشجيع التنمية العالية الجودة.