share
arabic.china.org.cn | 29. 10. 2024

خفض أسعار الفائدة يبرز ضغوط تراجع اقتصاد منطقة اليورو

arabic.china.org.cn / 09:11:37 2024-10-29

بقلم: شيوي شيويه ماي*

24 أكتوبر 2024 / شبكة الصين / خفض البنك المركزي الأوروبي مؤخرا أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار ربع نقطة أساس للمرة الثالثة في العام الجاري، بعد خفضها في يونيو وسبتمبر الماضيين، في خطوة تبرز أن البنك المركزي الأوروبي يمتلك مزيدا من الثقة بإعادة معدل التضخم إلى المستوى المستهدف.

وبعد فترة الجائحة، شهد معدل التضخم في منطقة اليورو ارتفاعا متواصلا، ليبلغ المؤشر المنسق لأسعار المستهلك في أكتوبر عام 2022 إلى مستواه القياسي الذي سجل 10.6%.

وبعد رفع أسعار الفائدة لعشر مرات متتالية وإبقائها مستقرة لتسعة أشهر على التوالي، تراجع معدل التضخم في منطقة اليورو بشكل كبير. ونما المؤشر المنسق لأسعار المستهلك في سبتمبر العام الجاري بنسبة 1.7% على اساس سنوي، وهي المرة الأولى التي انخفض فيها هذا المؤشر إلى ما تحت الهدف المستهدف الذي حدده البنك المركزي الأوروبي عند 2%.

وأظهرت توقعات البنك المركزي الأوروبي في سبتمبر الماضي أن معدلات التضخم في منطقة اليورو قد تبلغ في الأعوام الثلاثة المقبلة 2.50% و2.20% و1.90%. وأسهم تحسين التوقع لوضع التضخم وصدور البيانات ذات الصلة في منطقة اليوروفي تخفيف مخاوف البنك المركزي الأوروبي وتقوية ثقته وعزمه على تيسير القيود على السياسات النقدية. وأعربت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، في مؤتمر صحفي عُقد بعد انتهاء جلسات البرلمان الأوروبي، أن البنك المركزي الأوروبي قرر خفض أسعار الفائدة بناء على التقييم الأخير بشأن توقعات التضخم وديناميكيته ومدى تنفيذ السياسات النقدية، متوقعة نمو معدل التضخم في منطقة اليورو في الأشهر المقبلة، ثم يشهد انخفاضا ليبلغ المستهدف في العام المقبل.

ويبدو أن تنامي ضغوط التراجع الاقتصادي في منطقة اليورو هو سبب رئيسي آخر وراء تحول المركزي الأوروبي إلى اتخاذ السياسات النقدية التيسيرية. وتعثر طريق التعافي الاقتصادي الأوروبي بعد الجائحة، وخاصة بعد تبني السياسات النقدية الانكماشية لضبط ارتفاع معدل التضخم، وشهدت الدول الأوروبية ضعف ديناميكية نمو الطلب، وأظهرت مزيدا من الركود الاقتصادي، وواجهت ألمانيا، بوصفها عاملا قياديا في النمو الاقتصادي الأوروبي، مخاطر ضعف النمو الاقتصادي. وأجبر الأداء الاقتصادي الأوروبي المتدهور البنكَ المركزي الأوروبي على تسريع تعديل سياساته النقدية، ليتحول إلى السياسات النقدية التيسيرية، بهدف إنهاض ثقة المؤسسات في الاستثمار وإحياء رغبة الناس في الاستهلاك، ودعم التعافي الاقتصادي الأوروبي.

وبالنظر إلى المستقبل، سوف يواصل المركزي الأوروبي "تعديل السياسات حسب الظروف"، ويعتمد قراره وسياساته استنادا إلى تحليل البيانات والمعلومات وعقد جلسات، ومن المرجح أن يواصل تعديل سياساته النقدية من خلال خطوات خفض أسعار الفائدة بمقدار قليل  على نحو متتال. ويعتمد ذلك على عدة عوامل، الأول هو أن يشهد الوضع الاقتصادي في منطقة اليورومزيدا من التدهور، فيما يشهد تضخمها مزيدا من الضبط، فأصبحت المهام السياسية الأكثر إلحاحا وأهمية لدى المركزي الأوروبي هي الحفاظ على استقرار الاقتصاد، وصارت خطوة مواصلة خفض أسعار الفائدة خيارا وحيدا له لتحسين الوضع الاقتصادي في منطقة اليورو. والثاني، تعاني دول منطقة اليورو حاليا من ارتفاع عجز الميزانيات ومستوى الديون، وتعتزم تكثيف الجهود لضبط الأوضاع المالية، لذلك، لا خيار أمامها سوى الاستناد إلى السياسات النقدية التيسيرية للمركزي الأوروبي، وفي ظل أن خطوات تحفيز الاقتصاد من خلال السياسات المالية التوسعية تواجه ضغوطا وعراقيل، كما أن خفض أسعار الفائدة يساعد- إلى حد ما- على تخفيف أعباء فائدة الديون المفروضة على حكومات الدول الأوروبية، وتقليل الضغوط المالية. والثالث، خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لأول مرة أسعار الفائدة منذ 4 أعوام في سبتمبر الماضي، ويٌتوقع مواصلته خطوات خفض أسعار الفائدة في المستقبل. ومع تحويل بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى دورة خفض أسعار الفائدة، تتوسع مساحة المركزي الأوروبي لتشغيل سياساته النقدية، مما خفف مخاوف المركزي الأوروبي بشأن خفض أسعار الفائدة.

وعلاوة على ذلك، سوف تطرأ تغيرات على أوضاع الإمداد الطاقي في منطقة اليورو بعد حلول الشتاء، ومن المحتمل أن تواصل أزمة أوكرانيا والصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأزمة الملاحة في البحر الأحمر وغيرها من العوامل الجيوسياسية تشويش أسعار الطاقة ومرونة سلاسل إمدادها في منطقة اليورو، وفي الوقت نفسه، قد يشكل الارتفاع السريع لأسعار الخدمات ونمو متوسط الرواتب المعنية بها عراقيل على تراجع معدل التضخم. ولذلك، لا تزال هناك متغيرات في التضخم والاتجاه الاقتصادي في منطقة اليورو، ويوجد احتمال عودة ارتفاع التضخم. فلا تزال هناك عناصر غير متوقعة في توقيت ومدى خفض المركزي الأوروبي أسعار الفائدة. وقال مسؤولون أوروبيون معنيون إنهم لا يقدمون وعودا باتجاه نمو أسعار الفائدة بشكل مسبق.

* شيوي شيويه ماي، باحثة بمركز الاقتصاد العالمي والتنمية التابع لمعهد الصين للدراسات الدولية.


الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة موقف موقع شبكة الصين الإخباري.


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号