الصفحة الأولى | حجم الخط  

تغير المناخ: طريق الصين إلى عام 2060

arabic.china.org.cn / 14:52:58 2021-02-19

جوليا تاس

 

في الوقت الذي يظل فيه التزام الولايات المتحدة الأمريكية بتغير المناخ غير مؤكد على الرغم من فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تضع الصين نفسها كقائدة في مكافحة تغير المناخ. في كلمة عبر الفيديو إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثاني والعشرين من سبتمبر 2020، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ إن الصين تهدف إلى بلوغ ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فيها قبل عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2060. هذا الهدف الطموح أثار الآمال في أن يكون مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرون المعني بتغير المناخ "COP26" المزمع عقده في نوفمبر عام 2021 أكثر نجاحا من مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ الذي عقد في باريس سنة 2015 "COP21". وقد أشاد خبراء ومراقبو تغير المناخ بهذا الإعلان باعتباره قفزة كبيرة نحو تحقيق أهداف اتفاق باريس.

 

وبالنظر إلى أن هذا الهدف يأتي من الصين، وهي أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، يمكن اعتباره بادرة هائلة على حسن النية تؤدي إلى نتائج هامة. وفقا لتقديرات مجموعة تعقب العمل المناخي (CAT)، فإن تحقيق "الحياد الكربوني" في الصين في عام 2060 يمكن أن يخفض توقعات الاحتباس العالمي بحوالي من 2ر0 درجة مئوية إلى 3ر0 درجة مئوية بحلول عام 2100. في حين أن هذا قد لا يبدو هاما للغاية، لكن يجب وضع هذا الرقم في الاعتبار مع الزيادة الحالية في متوسط درجة الحرارة العالمية. أظهرت الأبحاث أنه منذ بداية العصر الصناعي، ارتفعت درجات الحرارة العالمية بمقدار 1ر1 درجة مئوية (اعتبارا من عام 2017). ولذلك فإن الانخفاض في انبعاثات الصين يعتبر أكبر مساهمة من دولة معنية في الحد من تأثير الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض. لذلك يعتبر إعلان الصين خطوة أولى هامة نحو توسيع نطاق الأهداف قبل مؤتمر "COP26" الذي سيلعب دورا كبيرا في تحقيق أهداف اتفاق باريس. تستند عملية التفاوض وتحديد الأهداف الكمية التي تم تبنيها في عام 2015 إلى التزامات غير ملزمة لكل دولة على حدة لبناء الثقة المتبادلة. وبدلا من فرض أهداف تعسفية على أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، على أساس ما يجب تحقيقه (مع قيام الأطراف بإلقاء اللوم على بعضها البعض أو التنافس من أجل أهداف أضعف وأكثر قابلية للتحقيق)، فإن الفكرة وراء اتفاق باريس هي: إعطاء كل الدول والأطراف، الوسائل لبناء التزاماتها الخاصة. في مؤتمر المناخ "COP21"، لم يسمح مجموع هدف كل بلد في منع ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض إلى ما دون الحد المستهدف، أي 2 درجة مئوية فوق متوسط درجة حرارة الأرض في حقبة ما قبل الصناعة. ومع ذلك، من المتوقع أنه كل خمس سنوات، ستزيد كل دولة من أهدافها التي تتناسب مع الظروف الوطنية من أجل تحقيق هدف خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في نهاية المطاف للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 2 درجة مئوية.

 

جاء اقتراح الرئيس شي في كلمته إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أسابيع قليلة من إعلان الاتحاد الأوروبي في سبتمبر 2020 أنه سيقدم مشروع قانون المناخ إلى البرلمان الأوروبي. قانون المناخ في الاتحاد الأوروبي، الذي ينص على أن جميع الدول الأعضاء يجب أن تصبح محايدة مناخيا بحلول عام 2050، تم إقراره في الثامن من أكتوبر 2020.

 

 

تمثل الصين والاتحاد الأوروبي ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، مما يجعل هذه الإعلانات أكثر تشجيعا. ومع ذلك، على الرغم من أن الأهداف الأوروبية قد تم الإعلان عنها إلى حد كبير، كان خطاب الرئيس شي في الأمم المتحدة غير متوقع، وأثار موجة من الالتزامات من دول أخرى. فقد أعرب رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا، ورئيس جمهورية كوريا مون جيه إن، بعد أيام قليلة، عن رغبتهما في تحقيق حيادية الكربون بحلول عام 2050. وبوضع هذه الالتزامات جنبا إلى جنب، سيكون من الممكن الحد من الانبعاثات بما يكفي لوقف ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية حتى يمكن للبشرية الاستمرار في الازدهار والتقدم.

 

لتحقيق هذا الهدف، الثقة والتعاون أمران حاسمان. تقف فرنسا والصين معا في الدفاع عن سبل مكافحة تغير المناخ وحماية التنوع البيولوجي، في المنظمات الدولية. في السادس من نوفمبر 2019، وقعت فرنسا والصين على دعوة بكين للعمل بشأن حفظ التنوع البيولوجي وتغير المناخ لإعادة تأكيد استعدادهما للعمل معا من أجل حماية أكثر صرامة للتنوع البيولوجي في مناطق معينة وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية وكذلك الامتثال لالتزامات المناخ الدولية. أظهرت فرنسا والصين قيادة عظيمة في هذه القضايا العالمية. مثل هذا الالتزام هو جزء من إستراتيجية الصين لبناء "حضارة إيكولوجية"، وهو مفهوم تم طرحه في مطلع هذا العقد. من خلال تصور نموذج جديد، مع زيادة كفاءة الطاقة واعتماد أقل على الهيدروكربون، تكتسب الصين تدريجيا الوسائل لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام في عالم يعاني من قيود مناخية شديدة. ستقلل الدولة من اعتمادها الإستراتيجي على إمدادات النفط: ستتحول إلى رائدة عالمية في كهربة قطاع النقل وستكون قادرة على تمويل مشروعات محطات الطاقة النووية المدنية الضخمة قيد الإنشاء أو في طور التصميم. نتيجة لهذه الجهود، سيتمتع جميع الصينيين بحياة أفضل وأكثر صحة.

 

بعد إعلان الرئيس شي، سلط العديد من المراقبين الضوء على التحديات التي ستواجهها الصين لتحقيق الحياد الكربوني. أحد الأسباب التي تجعل الصين مصدرا رئيسيا لانبعاثات غازات الدفيئة هو أن الفحم لا يزال المصدر الرئيسي للطاقة في مناطق معينة. اعتبارا من يوليو 2020، كانت محطات الطاقة الجديدة التي تعمل بالفحم لا تزال قيد الإنشاء ويتم تصميمها.

 

من خلال الالتزام بهذا التعهد تجاه الصين وتجاه المجتمع الدولي، فإن على الصين واجب الأداء والتنفيذ. مع العلم أن 50% من الطاقة التي تنتجها محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في جميع أنحاء العالم موجودة في الصين، فإن إغلاق تلك المحطات سيكون بلا شك له آثار إيجابية في مكافحة تغير المناخ وكذلك مكافحة تلوث الهواء العالمي.

 

عندما يتم الكشف عن الخطة الخمسية الرابعة عشرة، سيعرف العالم كيف ستترجم التزامات الصين إلى إجراءات ملموسة.

 

--

 

جوليا تاس، زميلة باحثة في المعهد الفرنسي للشؤون الدولية والإستراتيجية (IRIS).

(المصدر: الصين اليوم)

 

 

 

 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين

 
انقلها الى... :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号