19 فبراير 2021 / شبكة الصين / في الثامن والعشرين من أكتوبر 2020، نشرت مجلة ((نيتشر)) البريطانية خلاصة بحث لمعهد بحوث الفيزياء الجوي التابع للأكاديمية الصينية للعلوم. تقول المجلة: "في الماضي، تم التقليل من قدرة الغابات الصينية على امتصاص الكربون"، مما أثار اهتمام وسائل الإعلام المحلية والخارجية. وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد أعلن في كلمته التي ألقاها خلال جلسة المناقشات العامة للدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة أن الصين تهدف إلى الوصول إلى ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2060. هذا التعهد جعل العالم يولي مزيدا من الاهتمام لأعمال الصين الخضراء.

نتائج جديرة بالاعتزاز

في عام 2007، ذكر تقرير المؤتمر الوطني السابع عشر للحزب الشيوعي الصيني بوضوح ولأول مرة بناء الحضارة الإيكولوجية، في المتطلبات الجديدة لهدف بناء مجتمع الحياة الرغيدة. وفي عام 2017، طرح التقرير المقدم إلى المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني ضرورة ترسيخ وتطبيق فكرة أن الجبال الخضراء والمياه النقية هي جبال من ذهب وجبال من فضة، وتنفيذ أكثر نظام صرامة لحماية البيئة الإيكولوجية. وفقا لأحدث بيانات مصلحة الدولة للغابات والمروج، بلغت مساحة الغابات الاصطناعية في الصين 80 مليون هكتار، وتحتل المرتبة الأولى في العالم. ووفقا لوثيقة موقف الجانب الصيني لقمة التنوع البيولوجي للأمم المتحدة، والتي أصدرتها وزارتا الخارجية والبيئة الإيكولوجية في الصين في الحادي والعشرين من سبتمبر 2020، استمرت زيادة مساحة الغابات وحجم المخزون الغابي في الصين خلال ثلاثين سنة متواصلة منذ نهاية ثمانينات القرن العشرين. وفي الفترة من عام 2009 إلى عام 2019، تم تحريج 307ر71 مليون هكتار في أنحاء البلاد، مما جعل الصين تحتل المرتبة الأولى بين دول العالم في موارد الغابات خلال تلك الفترة. كما كشفت بيانات الرصد بالأقمار الاصطناعية، خلال الفترة من عام 2000 إلى عام 2017، أن أكثر من 25% من الزيادة في المساحات الخضراء في العالم تحققت في الصين التي احتلت المرتبة الأولى في العالم من حيث زيادة التحريج.

النموذج الأبرز للتحريج الاصطناعي في الصين هو مزرعة سايهانبا. في بداية تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، وبسبب الإفراط في الرعي والزراعة والحرائق، كانت سايهانبا الواقعة في محافظة ويتشانغ الذاتية الحكم لقومية مان وقومية منغوليا بمدينة تشنغده في مقاطعة خبي، صحراء ذات بيئة إيكولوجية سيئة. من أجل تحسين البيئة الإيكولوجية للصين، في عام 1955 دعا الزعيم ماو تسي تونغ أبناء الصين إلى "تخضير الوطن الأم ". فتم إنشاء مزرعة سايهانبا للتحريج في عام 1962، وجاء أكثر من مائة شاب من أنحاء البلاد إلى هذه المزرعة تلبية لنداء الوطن من أجل زراعة الأشجار. الآن، أصبحت هذه البقعة من الأراضي بحرا من الغابات وموطن حيوانات مختلفة وجنة للزوار باعتبارها الغابة الاصطناعية الأكبر مساحة في العالم.

ذكر تقرير ((نيتشر)) منطقتين تم التقليل من قدرة الغابات فيهما على امتصاص الكربون؛ الأولى هي منطقة جنوب غربي الصين التي تضم مقاطعتي يوننان وقويتشو ومنطقة قوانغشي، والثانية هي منطقة مقاطعتي جيلين وهيلونغجيانغ في شمال شرقي الصين. في مقاطعة قويتشو على سبيل المثال، كانت الغابات تغطي 7ر10% من مساحتها في عام 1962، وبفضل الحملة التطوعية الوطنية لزراعة الأشجار التي شارك فيها كل أبناء المقاطعة لاحقا، تمت زراعة مساحات كبيرة بالغابات الاصطناعية، فبلغت نسبة الأراضي المغطاة بالغابات في قويتشو 4ر18% عام 1979. مع مواصلة الدولة تعزيز حماية البيئة الإيكولوجية بعد انتهاج سياسة الإصلاح والانفتاح، جرت في مقاطعة قويتشو أعمال إعادتها إلى وضع البيئة الإيكولوجية الأصلي بشكل مخطط، فبلغت نسبة الأراضي المغطاة بالغابات في المقاطعة 47% بحلول عام 2012. بعد ذلك، أولت الدولة مزيدا من الاهتمامات لمعالجة البيئة الإيكولوجية، فتطبق مقاطعة قويتشو فكرة "أن الجبال الخضراء والمياه النقية هي جبال من ذهب وجبال من فضة"، وتربط التنمية الاقتصادية بحماية البيئة الإيكولوجية بصورة عضوية، وتنفذ إعادة الأراضي الغابية إلى حالتها الأصلية وحماية الغابات الطبيعية ومعالجة التصحر الحجري وغيرها من المشروعات الهامة. في عام 2018، بلغت مساحة الغابات في مقاطعة قويتشو 6ر150 مليون مو (الهكتار يساوي 15 مو)، وبلغ حجم المخزون الغابي 468 مليون متر مكعب ونسبة الأراضي المغطاة بالغابات 57% بزيادة بلغت نسبتها 10% مقارنة مع عام 2012.

المفهوم الجديد يقود الحياة الخضراء الجديدة

في الصين ترتبط حماية البيئة الإيكولوجية بالتنمية الاقتصادية بصورة عضوية. في أغسطس عام 2005، قام الرفيق شي جين بينغ، وكان وقتها أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني لمقاطعة تشجيانغ، بزيارة تفقدية لقرية يويتسون في محافظة آنجي بمدينة هوتشو في تشجيانغ، حيث قال لأول مرة: "الجبال الخضراء والمياه النقية هي جبال من ذهب وجبال من فضة". في عام 2015، حددت الجلسة الكاملة الخامسة للجنة المركزية الثامنة عشرة للحزب الشيوعي الصيني التنمية الخضراء كواحد من مفاهيم التنمية الخمسة. وفي المؤتمر الوطني لحماية البيئة الإيكولوجية الذي عُقد في الثامن عشر من مايو 2018، قدم الرئيس شي شرحا أعمق للعلاقة بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة الإيكولوجية، وكشف حقيقة أن حماية البيئة الإيكولوجية هي حماية القوى الإنتاجية وتحسين البيئة الإيكولوجية هو تنمية القوى الإنتاجية، وأشار إلى الطريقة الجديدة لتحقيق التناسق والتعايش للتنمية وحماية البيئة.

على سبيل المثال، في قرية يويتسون بمحافظة آنجي التي زارها الرئيس شي في عام 2005، كانت هذه القرية المحاطة بالجبال من ثلاث جهات قد حققت الثراء اعتمادا على نهب الثروات الطبيعية وتخريب البيئة الإيكولوجية مثل بيع المعدن الخام وتشغيل معامل الأسمنت في تسعينات القرن الماضي. كان الغبار يحجب السماء وتلوثت بيئة القرية بشدة فتم تحديدها كمنطقة رئيسية لمعالجة تلوث بحيرة تايهو. في وقت لاحق، وضعت محافظة آنجي إستراتيجية "بناء المحافظة من خلال حماية البيئة الإيكولوجية"، وخلال بضع عشرة سنة بعد زيارة الرئيس شي، أغلقت قرية يويتسون المناجم ومعامل الأسمنت ونقلت المنطقة الصناعية بها إلى مكان آخر. وفي الوقت نفسه، تم تعديل هيكل الصناعات، وصارت القرية تسير على طريق التنمية اعتمادا على الاستجمام والسياحة. الآن، تستقبل قرية يويتسون آلاف الزوار كل يوم. وفي عام 2018، بلغ متوسط الدخل الصافي للفرد سنويا 41378 يوانا (الدولار الأمريكي يساوي 5ر6 يوانات)، وهو أعلى من متوسط دخل الفرد لسكان مدينة هوتشو بعشرة آلاف يوان، وأكثر من متوسط دخل الفرد لسكان مقاطعة تشجيانغ بحوالي 14000 يوان.

في ممارسات تخفيف الفقر في الصين، تم اكتشاف طريق أخضر لتخفيف الفقر اعتمادا على حماية البيئة الإيكولووجية وتنمية الصناعات الخضراء وإعادة توطين السكان لحماية البيئة الإيكولوجية. وفقا لإحصاءات مصلحة الدولة للغابات والمروج، تجاوز عدد من قاموا بالسياحة الغابية في الصين 6ر1 مليار فرد/ مرة في عام 2018، حققوا قيمة إنتاجية اجتماعية شاملة نحو 5ر1 تريليون يوان. وقد ذكرت جريدة ((الشعب اليومية)) في أغسطس عام 2020، أن 1ر1 مليون فقير مسجل في الصين زاد معدل دخلهم السنوي 3500 يوان اعتمادا على السياحة الغابية، وبلغت نسبة السكان الذين تخلصوا من الفقر من خلال تنمية السياحة 17%- 20% من إجمالي السكان الذين تخلصوا من الفقر في الصين.

في مزرعة سايهانبا الحرجية، والتي كانت مصدر الرمال الأقرب إلى بكين، بلغت مساحة الغابات الاصطناعية داخلها 12ر1 مليون مو، وارتفعت نسبة الأراضي المغطاة بالغابات إلى 80%، وتجاوزت القيمة الإجمالية للثروة الغابية 3ر15 مليار يوان. وقد تم بناء حديقة سايهانبا الغابية الوطنية التي ازداد عدد زوارها السنوي من 90 ألف فرد/ مرة في عام 2001 إلى 600 ألف فرد/ مرة في عام 2017، مع ازدياد دخلها السنوي المباشر من السياحة من 04ر1 مليون يوان إلى أكثر من 62 مليون يوان، وتوفر 25 ألف وظيفة للمجتمع كل سنة، وتخلق منافع اجتماعية شاملة قيمتها نحو ثلاثة مليارات يوان، مما يدفع بقوة السياحة الريفية في المنطقة الريفية حولها، والتنمية الاقتصادية للمحافظة، ولعبت دورها في مساعدة الفقراء وتحقيق الثراء من خلال السياحة.

في السنوات الأخيرة، تبنت مزرعة سايهانبا تجربة إنشاء آلية جديدة قائمة على السوق لتعويض المنافع البيئية للغابات، بحيث يتم تحويل الموارد البيئية للمزرعة الحرجية إلى فوائد اقتصادية. في أغسطس عام 2016، وافقت الدولة على الدفعة الأولى من مشروعات مصرف الكربون الغابي بحجم 8ر128 ألف طن لمزرعة سايهانبا، باعتبارها أكبر مشروع لمصرف الكربون الغابي لتخفيض حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الصين. سيحقق هذا المشروع بعد إنجازه دخلا أكثر من مائة مليون يوان لهذه المزرعة.

في الوقت الحالي، ما زالت الصين أكبر دولة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، وتشارك بنشاط في التعاون الدولي بشأن تغير المناخ، وتنفذ وعدها، وستبذل مزيدا من الجهود في تحسين البيئة الإيكولوجية ودفع تحول نمط الهيكل الصناعي وإقامة منظومة جديدة للطاقة لتحقيق الحياد الكربوني. مع انتشار مفهوم التنمية الخضراء وتطبيق مختلف السياسات والقوانين لتخفيض الانبعاثات ودفع التنمية الخضراء في السنوات الأخيرة، يزداد عدد "الأيام ذات السماء الزرقاء" في بعض المدن الصينية التي كانت تتعرض للضباب الدخاني، وتتحسن البيئة الإيكولوجية فيها، كل ذلك يجعل الناس مفعمين بالثقة بوفاء الصين بوعدها في الموعد المحدد.