arabic.china.org.cn | 02. 11. 2019

3 أسباب تجعل شانغهاي "الأمثل" لاحتضان معرض الصين الدولي للاستيراد

بقلم حسام المغربي


2 نوفمبر 2019 / شبكة الصين / تتجه أنظار حكومات وشركات دول العالم مجددا إلى شانغهاي، مع اقتراب افتتاح الدورة الثانية لأعمال معرض الصين الدولي للاستيراد 2019. وبحسب خبراء، فإن البلدية الواقعة في شرق الصين تمتلك جميع مقومات استضافة ومواصلة زخم هذا الحدث الكبير، وبشكل خاص بعد نجاح نسخته الأولى العام الماضي.

وتبرز من ضمن هذه المقومات ثلاثة أسباب رئيسية تجعل من شانغهاي "الأمثل" لاستضافة أعمال المعرض، تتمثّل في البنية التحتية والخدمات اللوجستية، وموقعها كمركز مالي دولي، وطبيعتها العالمية.

 

البنية التحتية والخدمات اللوجستية

تتمتع شانغهاي ـ أحد أكبر البلديات المركزية الأربعة في الصين ـ بواحدة من أفضل البنى التحتية في العالم، وهو ما مكّنها من لعب دور محوري في جذب الاستثمارات الأجنبية، خصوصا وأن هذه البنية مربوطة بشبكة مواصلات عملاقة وخطوط لوجستية تجعلها قادرة على احتضان أنشطة اقتصادية أكثر عددا وأكبر حجما.

وبفضل البنية التحتية القوية هذه استفادت شانغهاي على الوجه الأمثل من موقعها الجغرافي الفريد المطل على ساحل شرق الصين، لتصبح مرفأ تجاريا هاما وأحد أكبر أقطاب الصناعة في البلاد. حيث يمنحها موقعها على نهر يانغتسي، أطول أنهار آسيا، ترابطا سلسا بمعظم مناطق الصين. كما أن تواجدها على الساحل الشرقي لآسيا، يعطيها الأفضلية كنقطة اتصال باليابان وجمهورية كوريا والساحل الغربي للولايات المتحدة ودول جنوب آسيا.

وكانت بلدية شانغهاي قد كثّفت العمل في مشروعات البنية الأساسية بما في ذلك خطوط السكك الحديدية السريعة والنقل الجوي والبحري وشبكة الكهرباء والاتصالات والمعلومات وإدخال تحسينات وخدمات جديدة عليها تتناسب مع القوة اللوجستية الآخذة في الازدياد بسبب تطوير منطقتها للتجارة الحرة. وتؤمن الحكومة أن تنوّع وانتشار مشاريع البنية التحتية يساعد المستثمرين على اكتشاف الفرص وتحفّزهم على توسيع أعمالهم ما يدعم النمو وينوّع موارد الاقتصاد.

فعلى سبيل المثال، يعد مطار شانغهاي بودنغ الدولي محورا رئيسيا للنقل والشحن الجوييْن في العالم، بحجم شحن يقارب أربعة ملايين طن متري في عام 2018، وما مجموعه 74.05 مليون راكب عبر المطار في العام نفسه ما يجعله بين المطارات الأكثر ازدحاما في العالم. وقد حسّنت خدماته بربطه بقطار ماجليف شانغهاي ما يوفّر النقل إلى وسط البلدية في 7 دقائق و20 ثانية.

وفي الوقت الذي يكتسب فيه النقل البحري أهمية تجارية كبيرة كونه ما يزال يستحوذ على 80% من نقل البضائع حول العالم، رفعت شانغهاي قدرات الموانئ والأرصفة من خلال إدارة تضم مراكز بحثية ومعاهد تدريبية من أجل تحقيق نمو مطّرد، ليصبح ميناء شانغهاي الذي يربط بين 26 ميناء محليا أفضلَ الموانئ المتصلة في العالم بحسب قائمة منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" لعام 2019.

 وفي أغسطس الماضي افتتحت منطقة لينقانغ الفرعية الجديدة التابعة لمنطقة شانغهاي التجريبية للتجارة الحرة، في توجّه لمواصلة انفتاح السوق الصينية وتسهيل حركة التجارة، حيث أطلقت منطقة لينقانغ 11 سياسة جديدة تهدف إلى توفير بيئة أفضل للمواهب الأجنبية في صناعات التكنولوجيا الفائقة الابتكارية.

 

مركز مالي دولي

على عكس الدول الأخرى، تدير الصين العديد من المراكز المالية (بكين ـ شانغهاي ـ شنتشن ـ هونغ كونغ)، فيما تعتبر شانغهاي أكبر مركز مالي في البر الرئيسي الصيني.

ويعكس التواجد الواضح للمؤسسات المالية الأجنبية في شانغهاي حجمَ الأهمية المتزايدة للبلدية كمركز مالي دولي، حيث أظهرت بيانات حديثة لمكتب شانغهاي للخدمات المالية أن هناك 1605 مؤسسات مالية مرخصة مسجلة في شانغهاي بنهاية العام الماضي، أي أكثر من ضعف العدد منذ عقد مضى، من بين هذه المؤسسات 501 من مقدمي الخدمات المالية من دول ومناطق أجنبية. وبنهاية مارس الماضي، كان هناك 21 بنكا شخصيا أجنبيا مسجلا في شانغهاي، أي أكثر من نصف الإجمالي في عموم البلاد. إضافة إلى تأسيس 227 مؤسسة مالية أجنبية مقرات عالمية وإقليمية في شانغهاي، بزيادة أكثر من أربعة أضعاف منذ عام 2001.

ويعد إطلاق سوق الأسهم الجديدة في شانغهاي "ستار ماركت" التي تركّز على العلوم والتكنولوجيا ببورصة شانغهاي في يونيو الماضي أحدث إنجازات البلدية لتعزيز دورها الريادي في الانفتاح الصيني وخطوة جديدة لدفع تحوّلها إلى مركز مالي دولي، حيث تمثّل تحوّل الصين التدريجي من نظام الاكتتاب العام القائم على "الموافقة" إلى "التسجيل"، وهو أحد القرارات الثلاثة التي أبرزها الرئيس شي جين بينغ في خطابه الرئيسي في حفل افتتاح النسخة الأولى لمعرض الصين الدولي للاستيراد في شانغهاي نوفمبر العام الماضي.

ووفقا لتقديرات بنك "جي بي مورغان" الرائد في مجال إدارة الأصول والأدوات المالية المشتقّة والأوراق المالية، فإنه من المرجح أن يزيد حجم سوق الأسهم الصيني بمقدار ثلاثة أضعاف حجم الناتج المحلي الإجمالي في الأعوام الـ15 القادمة، إذا حافظت الصين على سرعة الانفتاح المتواصل، وبحلول ذلك الوقت، قد يصل حجم سوق رأس المال في شانغهاي إلى 100 تريليون دولار، وهو ما سيكون غير مسبوق في جميع أنحاء العالم.

ويرى خبراء أجانب أن صناعة الخدمات المالية في بلدية شانغهاي تطورت بسرعة ملحوظة على مدار السنوات الخمس الماضية باحتضان أحدث التقنيات وتشييد البنية التحتية المطلوبة، الأمر الذي شجّع المزيد من المؤسسات المالية الأجنبية على التفكير في فتح فروع لها. مشيرين إلى أن "تدويل الرنمينبي" أمر ضروري عندما يتعلق الأمر بهدف شانغهاي المتمثّل في أن تصبح مركزا ماليا عالميا.

 

الطبيعة الدولية

بحسب تصنيف وترتيب المدن العالمية من قبل الشبكة البحثية للعولمة والمدن العالمية (GaWC) ومقرها المملكة المتحدة لعام 2018، جاءت شانغهاي في تصنيف "ألفا +" مع كل من بلدية بكين ومنطقة هونغ كونغ الصينيتين، وفرنسا وسنغافورة وسيدني ودبي وطوكيو. ويتناول التصنيف أبعاد العولمة في المدن ومدى ترابطها واندماجها في شبكة المدن العالمية، وهذا يشمل مدى انفتاحها واندماجها وكونها مركزا لمنظمات الأعمال الدولية والخدمات المالية والمصرفية والقانونية والدعائية والاستشارية، وتشابك هذه الخدمات في شبكة المدن العالمية.

وتتميّز شانغهاي على المستوى الاقتصادي باحتضانها مقرات العديد من الشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات المالية الدولية والمجموعات المصرفية ومكاتب المحاماة والشركات القابضة والبورصة التي لها تأثير على الاقتصاد العالمي، إضافة إلى قوة إجمالي الناتج المحلي.

وفي الوقت الحالي، استقر في شانغهاي ما مجموعه 634 مقرا اقليميا للشركات المتعددة الجنسيات، كما نما الناتج المحلي الإجمالي لشانغهاي بنسبة 6.6% خلال 2018 ليصل إلى 3.27 تريليون يوان (480 مليار دولار)، مواكبا بذلك نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين البالغ أيضا 6.6%.

وبالنسبة للخصائص السياسية فتتمتع شانغهاي بمشاركة وتأثير كبيرين في المناسبات الدولية والشؤون العالمية، إضافة لتعداد السكان الكبير والتنوّع الديمغرافي من وسائل نقل ومستوى تحضّر ومعايير جودة معيشة وتواجد المغتربين والجاليات الأجنبية.

وكانت السياسات الجديدة التي تبنتها الحكومة المحلية قد وفّرت دعما أكبر لجذب المواهب الأجنبية رفيعة المستوى في مجال العلوم والتكنولوجيا والبحوث والابتكارات العلمية. لتصبح البلدية الواقعة في شرق الصين في الصدارة على المستوى الوطني من حيث عدد ونوعية الخبراء الأجانب، حيث وصل عدد الأجانب العاملين في شانغهاي في الوقت الحالي إلى 215 ألف شخص، ما يمثل 23.7 بالمائة من إجمالي عدد الأجانب العاملين بالبلاد.

وعلى المستوى الثقافي تتميّز البلدية بشهرة عالمية وتنوّع المؤسسات الثقافية من متاحف وأوبرا وأوركسترا واستوديوهات الإنتاج السينمائي ومسارح. إلى جانب المرافق الرياضية الكبرى والقدرة على استضافة أحداث رياضية دولية، وكذلك المؤسسات التعليمية من جامعات ومراكز بحوث.

وتمتلك شانغهاي بنية تحتية قوية تتضمّن نظام نقل متقدم يتضمن عدّة طرق سريعة وشبكة نقل عملاقة من مترو أنفاق وسكك حديدية وعبّارات وحافلات عامة، إلى جانب موانئ بحرية رئيسية ومطارين دوليين رئيسييْن، وقاعدة اتصالات حديثة تُمكّن الشركات الكبرى من الاعتماد عليها، وخدمات صحية متكاملة وعالية المستوى من مستشفيات ومختبرات طبية.

ولا تركز استراتيجية التنمية الأحدث للبلدية التي تمتد حتى عام 2040، على النمو الاقتصادي فحسب، بل ستوجّه كذلك للابتكار والحفاظ على الارتقاء. حيث تعتزم شانغهاي الانضمام إلى نادي "المدن العالمية" بحلول هذا العام، بأن تصبح مركزا دوليا للابتكار الاقتصادي والمالي والتجاري والعلمي، فضلا عن كونها عاصمة ثقافية، من خلال تنفيذ أفضل الممارسات التي تغطي جميع جوانب الحياة الحضرية من السكان إلى البيئة والنقل والخدمات العامة، مع الاستفادة من الدروس المستخلصة من أفضل مدن العالم.

 

وتتواصل أعمال معرض الصين الدولي الثاني للاستيراد لستة أيام، ويشارك في هذا الحدث العالمي الذي يمثل علامة مهمة في نمط الاقتصاد الصيني الجديد، 150 دولة ومنطقة ومنظمة دولية، وأكثر من 3000 شركة، بما في ذلك أكثر من 250 شركة مدرجة على قائمة أفضل 500 شركة في العالم، على مساحة عرض تبلغ 300 ألف متر مربع، مع توقعات باستقبال أكثر من 400 ألف من المشترين الصينيين والأجانب القادمين لاستكشاف صفقات الأعمال.

ويأتي المعرض برعاية وزارة التجارة الصينية وحكومة بلدية شانغهاي، وبتنظيم مكتب معرض الصين الدولي للاستيراد وشركة المعرض الوطني ومركز المؤتمرات (شانغهاي) المحدودة، بالشراكة مع منظمة التجارة العالمية (دبليو.تي.او) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (يو.ان.دي.بي) ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو) ومركز التجارة الدولية (آي.تي.سي).


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号