الصفحة الأولى | حجم الخط    أ أ أ

قمة منتدى (أبيك) المقبلة فرصة أخرى لإظهار حكمة الصين وأفكارها

arabic.china.org.cn / 10:20:19 2017-11-07

بقلم: عباس جواد كديمي

7 نوفمبر 2017/ شبكة الصين/ ستعقد خلال يومي 11 و12 نوفمبر الحالي في فيتنام، قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والباسفيك(أبيك)، وهي قمة تحظى باهتمام عالمي كبير كونها تجمع أبرز قادة العالم سياسيا واقتصاديا، في وقت يشهد فيه العالم تحديات كبيرة، وعودة غير محمودة للحمائية. الصين ستشارك في القمة ممثلة برئيسها شي جين بينغ، الذي يحظى باهتمام عالمي كبير كونه زعيما أظهر صفات قيادية مميزة، تتجسد بقوة الشخصية القيادية والحكمة والبصيرة النافذة والأفكار الواقعية والشعور بالمسئولية. لقد أظهر حكمته وإدارته السياسية الفذة في الصين خلال السنوات الخمس الماضية، بعد أن تسلم منصب رئاسة البلاد عام 2012، وحققت الصين خلالها إنجازات مرموقة معترف بها عالميا، وأظهر حنكة سياسية فذة خلال ترؤسه قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والباسيفيك(أبيك) في بكين في نوفمبر عام 2014.وخلال تلك القمة، قُدّم كتابه المعروف (شي جين بينغ: حول الحكم والإدارة)، بعدة لغات من بينها العربية، ويضم أفكاره وأحاديثه وتوجيهاته بمناسبات مختلفة.وها هو يتوجه إلى القمة المقبلة لمنتدى(أبيك) ويؤكد مجددا أن حكمة الصين وأفكار زعيمها متاحة أمام الشركاء في العالم، لبناء مجتمع تعاوني متناغم ليس لأعضاء (أبيك) فحسب، بل للعالم أجمع.

-- أفكار الرئيس شي

منذ توليه مهام الحكم في الصين عام 2012، دأب الرئيس شي جين بينغ، على طرح أفكاره السياسية لتطوير عمل الحزب الشيوعي  الصيني، الذي يترأس لجنته المركزية، والتمسك بالاشتراكية ذات الخصائص الصينية وتطويرها، خاصة للمرحلة الجديدة التي تتطلب مواصلة التطوير بما يتلاءم وتطورات العصر والتغيرات العميقة التي تحدث في عالمنا اليوم. يمكن القول إن معظم أفكار الرئيس شي تصلح للقضايا الإقليمية والعالمية؛ فهو الداعي إلى مواصلة الإصلاح والانفتاح والتنمية المشتركة ذات المنفعة المتبادلة، وهو الذي طرح فكرة بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية، وهو الراعي للعولمة الاقتصادية والمعارض للانغلاق والحمائية الكابحة لتحرير التجارة والاستثمار وخلق فرص العمل، وهو المدرك تماما للأهداف الأساسية التي تأسس عليها منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا-الباسفيك، وأهمها تعزيز التعاون الاقتصادي وتسهيل التجارة وتحريرها وإزالة العوائق عن طريق الاستثمارات، وهذا يعني أنه سيكون محط اهتمام كبير خلال القمة المقبلة التي ستعقد في فيتنام، ليس لأنه رئيس أكثر بلد حيوية اقتصادية بالعالم، بل والمحرك للتنمية الاقتصادية، وليس لأنه رئيس ثاني أكبر اقتصاد بالعالم فحسب، بل لأنه مجهز بتفويض شعبي كبير حظي به خلال انعقاد المؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني خلال الفترة بين 18-24 أكتوبر 2017. ذلك المؤتمر جذب اهتماما عالميا واضحا لأنه يتعلق بقيادة الصين وخططها المستقبلية محليا وعالميا، سياسيا واقتصاديا، وها هو الرئيس شي يتوجه إلى منتدى قمة زعماء اقتصادات (أبيك)، ليكون محط اهتمام كبير آخر. أفكار الرئيس شي ودعواته حول التعاون الاقتصادي تحظى بتوافق وتأييد العديد من زعماء اقتصادات المنتدى، لأنها تنسجم تماما مع المبادئ الأساسية التي تأسس عليها المنتدى، وسيتركز الاهتمام على ما يطرحه خلال القمة لأنه سيؤثر على الخطط المستقبلية لهذا المنتدى.

-- رابطة المصير المشترك ومبادرة الحزام والطريق

كثيرة ومتنوعة هي أفكار الرئيس الصيني شي جين بينغ وطروحاته للتعامل مع الأوضاع المتغيرة محليا وعالميا، ولكن أبرزها وأكثرها تطابقا مع مناسبة انعقاد هذه القمة هي دعوته لدفع العولمة الاقتصادية بشكل تعم منافعها على الجميع، ومكافحة نزعة الحمائية والانغلاق، ودعوته لتضافر الجهود من أجل بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية جمعاء، حيث يشترك الجميع، بلا استثناء، لبناء عالم يتمتع فيه الكل بحقوق متساوية للتنمية والعيش الكريم، والتعلم ومشاطرة التجارب، بعيدا عن التمييز على أساس عرق أو طائفة أو لون، أو غني أو فقير، أو دولة كبيرة وأخرى صغيرة. هذه الدعوة ذات البعد العالمي، بالذات، وجدت صدى إيجابيا واسعا في أنحاء العالم، ومن الطبيعي أن تحظى بالاهتمام والقبول خلال منتديات كبيرة مثل (أبيك) كونها تمثل قاسما مشتركا يجمع أكبر عدد من التوافق. بناء مجتمع المصير أو المستقبل المشترك للبشرية جمعاء، يتطلب تضافر جهود الجميع، وتعاونهم، وليس الانغلاق على المصالح الفردية الآنية. ويرى الرئيس شي، أنه من أجل تهيئة الأساس العملي السليم لهذه الطروحات الفكرية الطموحة، لا بد من إسنادها بدعم ملموس اقتصاديا، فطرح عام 2013، مبادرة الحزام والطريق، وهي مبادرة كبيرة جدا وطموحة عالميا، بدأت بالفعل، وحظيت بتأييد وقبول ومشاركة من أكثر من 70 دولة بالعالم، بعد أن تأكد الجميع ولمسوا واقعيتها وقابلية تنفيذها واستدامتها. الرئيس شي يدرك جيدا أن مبادئ منتدى (أبيك) تعتمد على التعاون بين اقتصادات منطقة آسيا- الباسفيك، الأكثر حيوية في العالم، وهو الداعي إلى تكثيف الجهود للوصول لإقامة منطقة التجارة الحرة لآسيا – الباسيفيك( FTAAP) الواسعة التي تشمل كافة اقتصادات المنطقة، على أن تتوسع أكثر فتشمل مناطق أخرى بالعالم، بحيث تتعزز علاقات الترابط والتكامل وتتطور البنى التحتية بما يسهل التجارة والاستثمار والتبادلات الشعبية بين الناس، الأمر الذي يقلل كلفة الأعمال ويدفع فرص العمل ويحفز الاستهلاك ويحرك عجلة التنمية. هذه هي أفكار وطروحات الرئيس شي التي تضع الأساس المنطقي للقول بأنه سيكون الزعيم الأبرز بالقمة المقبلة لمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا-الباسيفيك(أبيك). قمة (أبيك) ستكون منبرا مناسبا يجدد فيه الرئيس شي دعوته ودعمه للتنمية الاقتصادية العلمية الابتكارية الخضراء الصديقة للبيئة، التي تحقق الانسجام بين البشر والطبيعة، وسيجدد الدعوة لضرورة الالتزام باتفاقية باريس لمواجهة تغيرات المناخ. ومن الأفكار التي طرحها الرئيس شي في مناسبات عديدة ويمسك زمامها في الصين حاليا، حملة مكافحة الفساد وإزالة البيئة التي تشجع على الفساد. الرئيس شي يؤمن بأن الفساد خطر جسيم ينخر جسد الدولة والمجتمع، ولا أساس لتحقيق أي تنمية حقيقية المنافع، إلا بالقضاء على هذا الوباء. الرئيس شي طرح خلال قمة (أبيك ) في بكين في نوفمبر عام 2014، مقترحا لتعزيز مكافحة الفساد، ولاقى مقترحه هذا تجاوبا واضحا من الأعضاء الآخرين بالمنتدى، واتفق المنتدى على تأسيس شبكة مشتركة لهذا الهدف. ومن الأفكار الواقعية للرئيس شي رؤيته للتنمية السلمية، فلا يمكن تحقيق تنمية إلا في ظل بيئة سلمية آمنة تحمي الناس وحقوقهم، وتضمن الأعمال والاستثمارات وثمارها، وعلى هذا الأساس سيؤكد الرئيس شي مرة أخرى خلال قمة منتدى أبيك المقبلة على ضرورة الحكمة والعقلانية في معالجة النزاعات بكل أشكالها. قمة أبيك هذه المرة تنعقد في ظل أجواء معقدة قريبة من موقع انعقادها، حيث تعقد في فيتنام، وشبه الجزيرة الكورية ليست بعيدة عنها. حاليا، هناك توتر متصاعد في شبه الجزيرة هذه، بسبب خصام ممتد تاريخيا بين كوريا الشمالية من جهة، وبالجهة الأخرى تقف الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان. الصين جار وصديق لمعظم دول جنوب شرق آسيا، وشريك تجاري واستثماري بارز لها، وهي تتحمل مسئولية وعبء كبيرين في ظل هذه الأجواء الملبدة بالتوتر. القمة المقبلة للمنتدى ستكون فرصة للمزيد من تبادل الآراء حول هذه القضية سعيا لإيجاد حلول مناسبة تعمل من أجلها جميع الأطراف المعنية، وليس طرفا واحد أو طرفين فقط. والصين، شعبا وحكومة، تؤمن بعلاقات حسن الجوار وتثمنها كثيرا، تاريخيا وحديثا، وتقدر كثيرا البيئة السلمية. ولذلك، هي تسعى للسلام بكل ما أوتيت من إمكانيات، ليس لإقليمها فحسب، بل بكل مكان في العالم.وها هي تبذل جهودها في شبه الجزيرة الكورية، وفي الوقت نفسه، يساهم عسكريون صينيون بعمليات حفظ السلام الأممية في معظم بقاع العالم، أينما تدعو الأمم المتحدة لذلك. أفكار الرئيس شي ودعواته تحظى بتأييد وقبول واسعين ليس بين أعضاء (أبيك) فحسب، بل في معظم أنحاء العالم. وخير مثال على ذلك، المبادرة الكبيرة التي طرحها لإحياء طريق الحرير القديم، وتفعيل طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين، وهي ما باتت تعرف اختصارا بالعالم بمبادرة (الحزام والطريق)، حيث تهدف إلى بناء الروابط التجارية والاقتصادية والاستثمارية السلسة بين كافة الدول على طول الحزام والطريق في آسيا وأوروبا وآسيا الوسطى وغربي آسيا، وتعزيز البنية التحتية فيها لاسيما الطرق والجسور ومرافق المواصلات والاتصالات. أفكار الرئيس شي توفر رؤية وبصيرة نافذة ليس لأبيك فحسب، بل للعالم أجمع، ففيها من برامج وخطط العمل الواقعية الملموسة، الكثير جدا مما يخدم البشرية ويضمن مستقبلا آمنا للأجيال القادمة.

-- جولة الرئيس ترامب بالمنطقة

قبيل انعقاد منتدى (أبيك) قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بجولة شملت عدة دول آسيوية هي اليابان وكوريا الجنوبية والصين، وفيتنام والفلبين. وفي الدول المذكورة أعلاه، عدا الصين، يبدو واضحا أن الوضع في شبه الجزيرة الكورية، وتطوراته الحالية والمستقبلية، هو الشاغل الكبير في جدول زيارات الرئيس الأمريكي. ولكن زيارته للصين تحظى بأهمية خاصة،لأن الصين والولايات المتحدة حاليا هما أكبر اقتصادين بالعالم، ولهما دور مؤثر على الساحة الدولية، وعلاقاتهما تشكل أساسا للعلاقات الدولية في القرن الـ21. الصين تستعد لهذه الزيارة، التي ستكون من 8 نوفمبر الحالي إلى 10 منه، بترحيب حار يفوق مستوى الزيارة الرسمية، وهو ما تصفه العديد من وسائل الإعلام الصينية بـ(زيارة رسمية+)، وعلامة الزائد هنا تعني المزيد من الترحيب لإظهار الرغبة الصادقة للصين بتوطيد أسس العلاقات بين البلدين، لتسير بشكل صحي سلس ومستقر، وكذلك لإظهار الصين الحقيقية، بما يبدد الأفكار المسبقة التي دأبت بعض وسائل الإعلام الغربية على اتباعها في الحديث عن الصين بعقلية تتشبث بفترة الحرب الباردة. الضيف الأمريكي الكبير سيحظى بالاستقبال الكريم ليطلع عن كثب على حقيقة الصين وشعبها وتقاليدها بما بعطيه فكرة حقيقية عنها، ويساعد في كبح توجه الإدارة الأمريكية الذي غالبا ما يلوم الصين ويحملها مسئولية العجز التجاري لصالحها، وكذلك مسئولية ما يجري في شبه الجزيرة الكورية.

مما لاشك فيه أن القضية النووية في شبه الجزيرة الكورية ستكون محورا رئيسيا للنقاش سواء في قمة منتدى(أبيك) أو زيارات الرئيس ترامب لدول المنطقة، ومنها الصين. الصين تدعو دوما إلى معالجة هذه القضية بصورة سلمية، وصولا إلى هدف إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية، وهذا هدف يتفق عليه معظم المجتمع الدولي، وينبغي أن يكون الهدف الأساسي للعمل في هذا الصدد. الصين تبذل كل ما في وسعها لتخفيف التوتر بالمنطقة ودرء الخطر عنها، حتى أنها فرضت عقوبات صارمة على بيونغ يانغ تماشيا مع قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، ولكنها تأمل أيضا أن يلتزم الجميع بقرارات مجلس الأمن، خاصة ما يتعلق بضرورة السعي لحل هذه القضية سلميا، بعيدا عن التهديدات وويلات الحروب ومآسيها. ومن الضروري أن يعمل الجميع لتحقيق هذا الهدف، حيث لا يمكن للصين وحدها أن تتحمل مسئولية ذلك. أفكار الرئيس شي التي يطرحها خلال قمة هامة مثل منتدى أبيك، تستند إلى مبدأ أساسي هو التعايش السلمي واحترام السيادة وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، وإفساح المجال للدول،ولاسيما النامية، بأن تختار طرق التنمية الملائمة لواقعها.

الرئيس الأمريكي ترامب قال قبيل زيارته للصين، إنه يتطلع للقاء الرئيس الصيني "الرائع". العلاقات بين الرئيسين مهمة جدا لتوطيد الصداقة بينهما وتعزيز سلاسة الحوار بينهما. وعلاقات البلدين واسعة وفيها من المشتركات أكثر من الاختلافات، ولا بد من النظر إليها نظرة واسعة، وليس من زاوية واحدة فقط. ومن الأفكار البارزة للرئيس شي، رؤيته لبناء علاقات دولية على أساس الاحترام وتعميق التعاون بما يسهم في إزاحة الاختلافات جانبا، وتشجيع المشاركة، وليس التحالفات. فالمشاركة تعني علاقات على قدم المساواة، خالية من التدخل في الشئون الداخلية والإملاءات، ومحاولة احتواء هذا الطرف أو ذاك. من المعروف أن دول جنوب شرق آسيا تتمتع بعلاقات ودية تقليدية طيبة، ولديها أسس مشتركة تساعدها في تسوية أي اختلافات محتملة أينما وجدت. وعلى هذا الأساس، لا بد أن تكون مقاربة الإدارة الأمريكية الجديدة مبنية على هذه الحقيقة. من الضروري أن يعمل الجميع- منتهزين فرصة القمة المقبلة لأبيك، وغيرها من المناسبات، للحفاظ على حالة السلم والاستقرار في منطقة آسيا- الباسفيك، لأنها المحرك الحيوي للتنمية الاقتصادية بالعالم، وهذه الضرورة مطلوبة لكل أنحاء العالم.


-------------------------------------

الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، وليس الشبكة



   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين

 
انقلها الى... :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号